تجاوز المحتوى

أن تكون عريسا

 

مقال الأسبوع بجريدة المساء المغربية

 

لقد قال عبقري ذات يوم: «إن الإنسان يتزوج حينما لا يجد شيئا آخر يفعله». لست أدري سر تلك القوة الخرافية التي يتمتع بها هؤلاء الشباب الذين يقررون بسهولة أنهم سوف يغيرون حياتهم تماما إلى غير رجعة. حتى إن الواحد منهم ليبدو وكأنه بطل يمضي قدما في مأساة إغريقية قديمة. السؤال الحقيقي هو هل تستحق الحياة الزوجية كل تلك التضحيات التي عليك تقديمها كي تعيشها؟ يتساءلون عن عزوف الشباب عن الزواج. الأحرى بهم أن يتساءلوا عن السبب الذي يجعل الشباب لا يزالون يتزوجون.

كيف يمكن لشاب أن يتحمل جحيما كجحيم يوم العرس؟ في ذلك اليوم يتحول الفتى إلى مركز الكون، ويمارس تمارين رياضية من الوزن الثقيل من طراز بوس وعناق وتهنئة مليون مواطن حضروا عرسه ليملؤوا بطونهم دجاجا.. تلك التهنئة التي استحقها حتما بعد أن استطاع تدبير مصاريف خرافية ليطعم أفواه الشعب من المعارف الذين يتقاطرون عليه كالذباب من كل مكان.. التهنئة التي استحقها بعد أن تجاوز عقبة أب العروس الصارم، وأمها المتشككة، واستطاع أن يدبر عشا يقطنه مع مجموعة متنوعة من التجهيزات التي ستحطم قروضها ميزانيته مدى الحياة.

حينما يحمل الشاب على الأكتاف فوق (العمارية) بجوار عروسه، ويبدؤون بهزهما كآنية لبن يتم رجها، فلا أظن أن العروسين يكونان مستمتعين تماما بإحساس الدوار الذي يتقاسمانه. أول إحساس مشترك كزوج وزوجة رسميين هو إحساس بالدوار والاختناق! هذا يبشر بخير..
كل هذا الكم من التصنع والتقاليد التي يجب احترامها على المقاس.. هذا الكم من الأموال المهدرة في حفل يتبادل الجميع فيه الابتسامات على سبيل الواجب.. هذا اليوم المجيد الذي يعتبر يوم حداد معلن عند شعوب الدجاج والخراف التي تقوم مجازر في حقها بدون سبب منطقي مقبول سوى الاحتفال بشكله التقليدي الذي ألفناه. إن المغاربة شعب غريب حقا.. نحن نعيش لنأكل.. في الأفراح نأكل.. في الأحزان نأكل.. ولائم العزاء عندنا تفوق ولائم الأعراس في بعض الأحيان. «هي شي زردة!».. عبارة تسمعها حينما تنجح في دراستك.. تسمعها حينما تتخرج.. تسمعها حينما تحصل على وظيفة.. تسمعها حينما تخطب.. حينما تتزوج.. حينما تنجب.. حينما تحج.. حينما تتوفى.. ربما في الحالة الأخيرة لن تسمع أنت العبارة، ولن تكون بنفس الكلمات، لكن التقاليد تفرض على أبنائك القيام بها بنفس الشكل لأن هذا ما علمهم إياه المجتمع. لن تكون صدقة يجمع فيها الفقراء ليأكلوا، وإنما تجمع آخر للعائلة والأصدقاء والمعارف والجيران ليأكلوا حزنا على روح الفقيد.

وحينما نعود إلى عريسنا، نجده جالسا وهو يبتسم مجبرا بجانب خيمة يتضح بكثير من العسر أنها عروسه، وقد ألبسوها لباسا ضخما آخر من النوع الذي على النساء التمرن بالحديد الخفيف لتحمل وزنه في اليوم الموعود.

ويتساءلون عن عزوف الشباب عن الزواج! يوم العرس ما هو إلا البداية.. سنتحدث عن بقية القصة الرائعة.. لكن هذه قصة أخرى..

تعليقات على الفيسبوك

Published inنافذة ساخرة

19 تعليق

  1. wa khalina netzewjo a ba 3isam

  2. وا لي بغا يتزوج ها الطريق! 😀

  3. سعيد سعيد

    حنا مخلوعين بوحدنا و نتا كملت علينا!!
    ماكين زواج هاد ساعة!!

  4. 3ejbni l’article mezyane a elakh aissam. Thnx!!

  5. مرحبا..لقد جربت الأمر..ماذا أقول؟
    تجربة عنيفة..حاول أن تجرب..

  6. من أصيب بالرعب من غير المتزوجين فليقرأ المقال الموالي.. 😉

    أما المتزوجون النوفليون فهم غالبا يعيشون ما أتحدث عنه :p

  7. laaa zedti fihom f had l article!!! wé makdbtichi f chi 7Ajat mais kaynin 7Ajat elli rwnti o safi… lmohim zwaj 9bel manhdro feih makhsnachi n7aydo l3Ameil d EDDINE men rassna … w had sujet kanfdel bnadem mayhdarchi feih 7Ta yfham ma3Na dyalo w l2Assel 3Lach kayen et merci …

  8. من الممتع دوما ان تسمع رأيا مغرقا في الخيال المثالي..

    بالتأكيد لم اتحدث عن الموضوع من المنظور الديني، لسبب بسيط: ما نفعله في أعراسنا ليس من الدين في شيء.. لو كان لديك هذا الخلط فأنت في مشكلة عويصة حقا..

    شكرا لك..

  9. السلام عليكم
    سي عصام

    لقد اعجبني المقال لكني أختلف معك في جزئية بسيطة هي المخارج، فعوض ان نطالب بإلغاء التقاليد ( و سميت زورا تقاليد ) الاستهلاكية التي ما كانت يوما بهذا الشكل إذ كان العرس محطة تعاون و تيسير للحياة الجديدة، كان محطة نبذ للأنانية و الفردانية، كان محطة لبداية رحلة البناء، بناء الأسرة و المجتمع على أساس سليم، أساس الوضوح و المسؤولية.
    لكن اليوم أصبح العرس او الزواج بصفة عامة هو واجب اجتماعي او قل موضة يجب أن نؤديها بقوانين و نواميس محددة بدون أي عواطف، العرس فرصة للأنانية المطلقة، فرصة للإستهلاك بلا حدود.
    الزواج في أعرافنا التي اهملناها هو عمل مقدس يكسب صاحبه مزيد قيمة لكنا أصبحنا الأن نفر نمه فرار الصحيح من المجذوم بعد أن أصبح بفضل “الاستهلاك” و” الاستهلاك المركب” يشبه “البوعو” الذي لا نعرف حتى شكله لكنه بكل تأكيد يقتلنا من “الخلعة”

    اخي عصام أقول :
    نعم للزواج لا و الف لا للاستهلاك

    نعم للزاوج لا و الف لا للعادات الدخلية

    نعم للزواج لا والف لا للتكلف.

    اخي عصام الوليمة ليست هي هي 100 من الدجاج و خروفين و طريطور و جوق و و و و و و 100 ألف او يزيون من المدعوين، الوليمة اخي هي مائدة تجمع عليها عائلتك و عائلتها ليحصل التعارف و تحمي زواجك بهذا الترابط الاجتماعي و لتحقق غاية دينية أصيلة ” جعلناكم شعوبا و قبائل لتعارفوا..” الاية.

    اخي عصام تزوج فنعم متاع الدنيا الزوجة الصالحة التي تكون لك سكنا من كل شيء.

  10. […] قد تكون حولاء هي الأخرى فتقبل بك. ستدفع كل مدخراتك في حفلة زواج لا معنى لها، وستعود بعد ذلك من مدينتك الأم بسعيدة الحظ […]

  11. زدتي فيه عاودتاني
    ولكن ديما الضحك هههههههه
    المهم انا ايضا من مناصري عدم الاحتفال في عرس
    ضياع الفلوس بلا والو
    نكمل كلاكيت ههه

  12. نفس جوابي على موضوع الزواج.. لا توجد مبالغة في شيء، وفي هذا الموضوع بالضبط لم أتحدث عن كل شيء أصلا.. وهنالك أشياء أشنع تحدث..
    لكنني كنت مقيدا بطزل مقال محدد في الجريدة.. لهذا قمت بكتابة مقالتين واحدة عن العرس والثانية عن الزواج.. وهذه موضوعات تحتاج إلى كتب وليس إلى مجرد مقالات.

  13. أعجبني المقال و أود أن أضيف انني دوما أرى العريس و العروس على شكل دمى تتحرك وفقا لأوامر النكافة، فهي تبتسم طوال الحفل رغما عن انفها تضطر غلى السكوت و عدم المبالغة في الكلام لكي لا تحظى بتعقيبات الحاضرين … وهو يتحسر على عدم استمتاعه بزفافه كما يفعل الحاضرون ….باختصار العرس مقام ليفرح فيه الضيوف و يرقصون و ياكلون من كل ما لذ و طاب … العروس تخضع لانتقاذات جميع الفتيات و السيدات و العريس يمسك بيدها بامر من النكافة و كدليل على أنه تزوج …

  14. أعجبني المقال، وحقا هو يحكي الواقع المعاش، لكني ارى انه ليس بالضروري ان يخضع العروسين لهاته السلسة من التقاليد والعادات التي تخنق النفس وتجهد الجيب بل تفرغه تماما، لا اوافق الاعراس بهذا الشكل وتكفي حفلة متوسطة تحوي أقرب المقربين عوض عرس يجمع الاف البشر واشخاصا ربما هي المرة الاولى التي تتعرف اليهم و باسم القرابة تجد نفسك ملزما على استضافتهم.
    اجد ان المسألة مضيعة للمال وأفضل ان يستغل العروسان ميزانية العرس في جولة سياحية يستمتعان بها.
    على كل تظل مجرد تقاليد لسنا مجبرين على الخضوع لها خصوصا انها قد تكون سببا في زعزعة استقرار الحياة الزوجية بعد عملية الافلاس التي يتعرض لها العروسان او العريس ان صح التعبير 😉

  15. h hizour h hizour

    yalah fhamtt isstiyaak ayam al3orss

  16. […] تذكرت مقالة قديمة لي في جريدة المساء، حيث كان الاستهلال: ” إن الانسان يتزوج حينما لا يجد شيئا آخر يفعله”. […]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.