تجاوز المحتوى

التصنيف: انكتابات

شذرات الذات

عصبية

anger

لقد أصبحت عصبيا مؤخرا.. لست أدري ما الخطب! لكنني أصبحت كزيت المقلاة أنفجر دون سبب. هذا يذكرني بفترة الصبى حيث كنت بطل العالم في العصبية.

كنت قد نجحت في أن أشفى من هذا المرض بعد مجهودات عويصة، من ضمن مجموعة من التغييرات التي عملت عليها في فترة من الفترات.. تغييرات كداء السماجة مثلا. أجل! أعترف أنني كنت سمجا وضعيف الدعابة، لكن هذا سر حربي يجب أن تحتفظوا به لأنفسكم. (ما رأيكم بهذه الجملة السمجة؟ هاهاهاهاهاهاهاه!! هذا مثال;) ).

حاليا أعود تدريجيا لهذه العادة القبيحة، العصبية لا السماجة. صحيح أنني حاليا أتحكم بوعي أكبر في تصرفاتي، وردود أفعالي، لكنني أجد الأدرينالين يسبح في عروقي مجرى الدم، وأكبت دواخلي حسب الاستطاعة.

المشكلة العويصة هي أن بعض الأشخاص لا يتركونك في حالك تنعم بالصفاء النفسي. هنالك من يشتم حالة السكينة بداخلك، ويصر كإبليس على تدميرها.

السؤال الآن يتعلق بكيفية تحاشي التأثر بشخصيات كهذه، وتفادي العودة إلى العهد المجيد الذي كنا نكسر فيه الأشياء، ونصرخ ممزقين أحبالنا الصوتية؟

مؤخرا قرأت فقرة مثيرة لستيفن كوفي:

منذ عدة سنوات وبينما كنت أتجول بين أرفف الكتب في مكتبة الجامعة ، وجدت…كتابًا عندما فتحته وجدت بداخله واحدة من أهم وأقوى الأفكار التي قابلتها في حياتي كان فحوي هذه الفكرة هو: هناك مساحة بين المثير والاستجابة ، داخل هذه المساحة توجد قوتنا على اختيار الاستجابة المناسبة ، ومن هذه الاستجابة توجد فرصتنا على النمو والحرية، إن القوة أو القدرة التي تنبت داخلنا في تلك المساحة هي ملكات خاصة بالضمير والإدراك للذات والخيال المبدع والإرادة المستقلة ، وكل ذلك بمثابة ميلاد للحرية الذاتية المطلقة وهي القدرة على الاختيار والاستجابة والتغيير ، وكل هذه الملكات تشكل البوصلة الداخلية التي تمنحنا القدرة على توجيه حياتنا تجاه الشمال الحقيقي"

لقد ذكرتني هذه الفقرة بالمبدأ الذي عملت عليه سابقا دون وعي:  أخذ الوقت الكافي للتفكير قبل الرد على الاسفزاز.

المسألة تبدو صعبة في البداية، لكنني مع الوعي الذاتي والممارسة تمكنت بالفعل من التحسن في الأمر، وما تراجعي إلا لتراجع وعيي الذاتي بهذه النقطة.

في الأفلام الأمريكية تعرفنا على ما يسمى بجلسات السيطرة على الغضب، حيث يطلبون منك أن تعد من واحد إلى عشرة حينما تنتابك موجة غضب، أو أن تتنفس بعمق عشر مرات، وحلول مشابهة.. أظن أن هذا كله مجرد هراء تقريبا، لأنه بانعدام الوعي الذاتي بضرورة التفكير قبل إطلاق ردة الفعل سيجعلك تجد قبضتك في وجه أحدهم وأنت لم تتجاوز الرقم واحد في العد بعد.

5 تعليقات

أن تكون مهندسا

deception

ستدرس حتى تصاب عيناك بالحول.. وفي الطريق تضع زوجا من النظارات الطبية لتصبح بأربعة عيون حولاء.

شيئا فشيئا ستركز على دراستك أكثر.. وفي الطريق ستسقط كل الهوايات والمواهب التي جعلت منك إنسانا مختلفا يوما ما.

ستتخرج بشهادة ما.. وستجاهد ككل زملائك لتجد وظيفة ما بمكان ما.. الوظيفة تكفل لك الأمان والاستقرار.. هكذا علمك المجتمع، هكذا وجدت أقرانك.. هذا ما وجدت عليه آباءك.

ستخلص في عملك، وستضيف الساعات، وستزيد من مهامك، وستحسن من مردوديتك.. هكذا ستضيف إلى راتبك الشهري بعض العلاوات التي لا تساوي جزءا من الألف مما أدره نشاطك. لكنك ستفرح بالعلاوة لأنك لم تكن تتوقعها.. وستزيد من ساعات السهر، ومن الإنضباط، ومن الإتقان، لعل العلاوة تتضاعف المرة القادمة.

ستبحث عن فتاة ما، في مكان ما.. قد تكون حولاء هي الأخرى فتقبل بك. ستدفع كل مدخراتك في حفلة زواج لا معنى لها، وستعود بعد ذلك من مدينتك الأم بسعيدة الحظ التي لم تكتشف بعد أنها تعيسته. حينها ستكتشف أن راتبك سينكمش تلقائيا عكس ما كنت تظن..

ستبحث عن شقة للكراء بثمن مناسب.. ثلاثة أضعاف أو أربعة أضعاف نصيبك في الكراء في الشقة التي كنت تتقاسمها مع أصدقائك.. ستدفع للوسيط (السمسار)  شهرا من الكراء، وستدفع لصاحب الشقة ثلاثة أشهر كضمان.. حينها ستكتشف حجم الورطة.. أنت بحاجة إلى زيادة في الراتب. وفوق هذا قد تكتشف أنك سعيت إلى تهلكتك دون مكابح..

ستسمع أن هنالك مذبحة تجري في غزة، وستقوم بدورك الأزلي في التألم والتعبير عن السخط.. ولربما خرجت في مظاهرة أو اثنتين.. ثم تعود إلى بيتك شاعرا بالرضى لأنك أديت واجبك في الحياة. وفي كل مناسبة مماثلة تمارس دورك بالصراخ على المجموعات البريدية.

كل صباح ستجول على النت قبل أن تبدأ عملك.. ستبحث عن أخبار تربطك بعالم الواقع.. ستقرأ الكثير من الهراء.. ستكتشف أن المستوى الصحفي ببلادك لا يرقى حتى إلى مستوى الهواة (إلا من رحم ربك).. حينها ستبحث عن صحافة حقيقية بجرائد حقيقية ببلدان حقيقة.. ستعيش معهم آمالهم، وتقرأ معهم معاناتهم.. وستعلم عن أوضاعهم الداخلية أكثر مما تعلمه عن أوضاع بلادك.. وستشكر الأنترنت.

ستسمع عن المصائب التي تتناثر هنا وهنا، وستحمد ربك لأن كل هذا يبدو بعيدا جدا عن حياتك الصغيرة المقتصرة على وظيفتك وبيتك.

ستعيش دوما على هاجس المستقبل الأفضل، وأنك يوما ما ستحقق كل ما تطمح إليه. يوما ما ستنشىء شركتك الخاصة، ولن تبقى عبدا براتب كبير. إن أسوأ يوم يمر عليك وأنت رب عملك أفضل من أفضل يوم يمر عليك وانت مجرد موظف عند غيرك.. ستؤمن بهذا المبدأ كثيرا، وحينما تصل سن التقاعد ستنظر خلفك غير مصدق أن كل ما عشته كان مجرد وهم، وأنك رزحت تحت خدر الوظيفة والاستقرار . هذا إن وصلت هذا السن دون أن تصاب بالعمى أو بالشلل أو بالعصاب.

ستتذكر أنك كنت مشروع كاتب يوما ما.. وستتذكر بالمناسبة أنك كنت ترسم أو تعزف أو تمثل.. ستتذكر أن ذكاءك لم يكن اعتياديا، وأنك كنت تملك جميع مقومات النجاح نظريا.. ولكنك ستبقى تحت خدر إيقاع حياتك الرتيب تمارس نشاط السخط بين الفينة والأخرى..

ستكتشف أن كل هذا ينتمي إلى ماض سحيق، وأن الحياة لا تمنحك ترف ممارسة ما تحب.. لأنك حينما كنت قادرا على التغيير لم تفعل.. لأنك أردت يوما أن تصل إلى كل شيء دون أن تغامر بأي شيء.. وكما قال افنان الساخر الجزائري فلاج، محرفا مثلا فرنسيا شهيرا : “من ليس لديه شيء، فلن يخسر شيئا..”.. لقد كنت خاسرا من البداية يا صاحبي.

27 تعليق

عن التدوين نتحدث

وصلتني منذ أيام رسالة إيليكترونية تقول:

إسمي صهيب و أنا طالب سنة ثانية ماستر علوم سياسية بجامعة محمد الخامس أكدال – الرباط، في إطار تطبيق لي في مجال السوسيولوجيا السياسية، أنا بصدد صياغة دراسة حول ظاهرة التدوين في المغرب، في محاولة لمعرفة ” إلى أي حد تشكل المدونات لمجال عمومي في المغرب” معتمدا على نظرية ” المجال العمومي Public Sphere ” لـ Jurgen Habermas لمحاولة إيجاد تفسير لهذه الظاهرة؟

و باعتبار أن كل تطبيق أو دراسة ذات طابع علمي، لا بد لها من استعمال التقنيات، كأدوات عملية، صارمة و محددة، يمكن تداولها و نقلها في نفس الظروف، و تطبيقها على ظواهر مختلفة، ارتأيت أن أقوم معكم باستجواب بسيط و مفتوح حول الموضوع

أجبت عن الأسئلة بالفعل.. ولما وجدت أنني لم أتحدث عن الموضوع بالمدونة من قبل، فقد أردت أن أشارككم إجاباتي عن الموضوع لأرى وجهة نظركم، بعد موافقة صهيب المهذبة..
بالتأكيد لا تخلو إجاباتي من تحذلق، لكن هذه طبيعة بشري ضعيف مثلي.. فتحملوني..

pen.jpg

  • هل لك انتماء سياسي؟

إطلاقا.. لا ولم ولن يكون لي..

  • لماذا المدونات؟

أظن أن هذا السؤال والسؤال الموالي يحيلون على نفس الأمر..
يمكنك أن تعتبر المدونات نوعا من الاعلام البديل.. نوع من الإعلام الشعبي، لو سمحت لي بالتعبير.. إنها متنفس من لا يجد مكانا يقول فيه ما يريد بالشكل الذي يريد..
يمكنك أن تعتبر المدونة بيتا فكريا للمدون.. نوعا من التفريغ الذاتي أو الثرثرة بصوت مرتفع، أو محاولة إشباع رغبة الظهور.. أو محاولة لعرض أو فرض أطروحات أديولوجية معينة.. إن من يتحدث عن الخصوصية في المدونة لشخص يعاني من فصام أكيد.. فحتى لو امتنعت عن ذكر معلومات شخصية عنك، فأنت تعرض فكرا خاصا في حد ذاته.. والفكر هو أكبر الخصوصيات الممكنة..

  • إلا ما تهدف في نظرك؟

راجع السؤال السابق..

  • هل لها من تأثير؟

بكل تأكيد.. لكن دعنا فقط نتحدث عن المكان أولا.. هل تتحدث عن المغرب بالضبط أم عن مناطق أخرى؟
أظن أن تأثير المدونات بالمغرب لم يصل بعد إلى المستوى المنشود، إلا أن الأمر حتمي مستقبلا.. نحن نمشي في طريق سلكها الآخرون.. وسنصل لنتائج وصلها آخرون..

  • ما كان دافعك من وراء إنشاء مدونة؟

أنا شخص ملول جدا.. كسول جدا.. لو لم أكن كذلك لكنت قد أصدرت كتابي الرابع أو الخامس الآن.. لقد أنشأت المدونة كنوع من اختبار رد الفعل حيال ما أستطيع كتابته، وكنوع من إجبار النفس على الكتابة.. ربما يكون جوابي محبطا مخالفا لما تنتظره، لكن هذا هو السبب الرئيسي..

  • لماذا المدونات و ليس وسائل الإعلام الجماهيري التقليدية (الصحف – الراديو – التلفاز )؟

لأنك في المدونة تكون رئيس تحرير نفسك، ورقابة نفسك.. أنت الوحيد الذي تستطيع منع نفسك من أن تنشر ما تريد نشره.. المدون يعتبر المدونة شيئا أقل من الكتاب غالبا، كمن يدخل بيته.. أنت لا تحتاج في بيتك إلى ربطة عنق و بذلة كاملة، عكس مقرات العمل الرسمية.. في المدونة تحتاج إلى مجهود كتابة أقل.. لا مجال هنا لمراجعة الأسلوب، ومحاولة الخروج بمقالة أو قصة محكمة (متخرش المية) على رأي الأخوة المصريين.. ما قد تقرأه في مدونتي هو على الأرجح المسودة الأولى والأخيرة..

  • ما الذي تهدف إليه من خلال مدونتك؟

بغض النظر عن هاجس الثرثرة العتيد، وهاجس إجبار النفس على الكتابة، يمكنني ان أقول أنني أهدف إلى امتاع القارئ.. أرى أن هنالك خلطا شنيعا ما بين المتعة والتفاهة.. أنا أحاول محاربة هذا التصور.. أريد أن أجعل القارئ يقرأ فيضحك، وتدمع عيناه، ويشعر بالنشوة.. وفي النهاية يجد بعض الإفادة أيضا، أو معلومة جديدة، أو خبرا لم يسمع به.. لو استطعت تحقيق ذلك فسأكون سعيدا بمدونتي..

  • في نظرك، ما هو أكبر هدف قد تهدف إليه المدونات؟

في أحد الردود على قارئة للمدونة قلت:
يحب المدونون، وكل من يكتب عن نفسه عامة، أن يتحدثوا عن أنفسهم وكأنهم من وجد الحل الأكبر لكل شيء وأي شيء.. وكأن وجهة نظرهم هي الأسمى والآخرون مجرد حمير جر لا يفقهون شيئا.. يتحدثون عن الآخرين بصيغة هم(كما أفعل انا حاليا).. هذه طبيعة بشرية لا يمكن أن ننكرها.. وقد مللت من هذه الطبيعة.. مللت من هذه الطريقة.. مملت منها في نفسي أولا قبل الآخرين..
الفقرة تلخص نظرتي للموضوع: المدونون يهدفون من خلال مدوناتهم إلى أن تجد أطروحاتهم مستقرا خاصا لها، ولا ينفسها فيه أحد..

blog.jpg

  • في نظرك، ما هي إنجازات المدونة المغربية ؟

لو تحدثت عن الأمر فسأنافقك فقط.. لست متابعا جهبذا للمدونات المغربية.. ليس الأمراستعلاء بقدر ما هو مجرد انعدام وقت فقط.. لو كانت هنالك منجزات ما، فلربما هي- المنجزات- تفتقر إلى الدعاية اللازمة لها..

  • كيف تفسر العلاقة بين المدون و المعلق؟

في الغالب تكون العلاقة كعلاقة صاحب البيت بالضيف.. هنالك الكثير من الترحيب، الكثير من التواضع المدروس..
لو تسأل عن علاقتي الشخصية بالمعلقين فيمكنك أن تقول أنني بالجميع أسعد.. المعلق هو شخص بذل مجهودا كي خبرني انه يتابع، ولربما أبدى رأيا أو اثنين يهمانني كثيرا..
لماذا أظن أنني قد أختلف عن الآخرين في هذه النقطة؟ ربما لأن الغرور شيء بشري، وأنا بشري أحمق آخر..

  • هل من علاقة للمدونات و المدونين في المغرب؟ و إن يكن، ما نوع هذا الارتباط،( نقاش متبادل، نتسيق…)؟

لو تغاضينا عن التعليقات والزيارات المتبادلة، وهو ما يجب أن يكون أصلا، فقد ننظر إلى اتحادات المدونين التي أنشأت أو ستنشأ.. ولو أردت رأيي في الموضوع، فكل ذلك مجرد هراء يعوم على نمط البيروقراطية الشهير.. المدون حر بطبيعة التدوين في حد ذاته.. فكرة الانتماء والتنظيم للكتابة تهدم هذا الأساس من البداية.. ناهيك عن ان هنالك تياران متصارعان حاليا لاستقبال أكبر عدد من المدونين.. والخلافات بين التيارين كانت لأسباب تافهة على الأرجح.. أسباب تتعلق بتوزيع المسؤوليات..
كما ترى.. هراء في هراء.. مع احترامي للمتحمسين للفكرة..

  • ما أبرز ما يمكن أن تحققه المدونة ( كظاهرة ) في المغرب؟

أظن أنه من الصعب تحديد جواب ما لسؤال مستقبلي كهذا.. فهذا يتوقف على المدونات في حد ذاتها، وعلى المواضيع التي تنشرها، ونضج كتابها.. لو وصلت المدونات إلى جعل القراء على علم بمختلف التوجهات الفكرية والسياسية، وما يحدث في المغرب وراء الستار لكنت شاكرا..

  • هل من صعوبات تحول دون ذلك؟

يبدو أن المسؤولين قد انتبهوا مؤخرا إلى الخطر الذي تمثله المدونات، لذا بدأت الرقابة تشتد، وبدانا نسمع عن عقوبات وسجن ما إلى ذلك.. الصعوبات تكمن في الحجب المستقبلي الذي سيحدث غالبا كما سبق وحدث في سوريا (بطلة العرب في مسابقة الحجب)، ودول أخرى.. هذا المستوى سنصل إليه عاجلا أم آجلا.. اللهم إلا إذا أخذت الأمور اتجاها آخر..

  • في نظرك، هل من علاقة للمدونة بالرأي العام؟ و إن يكن، ما نوع هذه العلاقة؟ (تفاعل متبادل، تأثير أحادي الجانب، متعدد الجوانب)؟

لا أظن المتابعة الحالية للمدونات تسمح بالتأثير على الرأي العام.. ربما في المستقبل.. المدونات حاليا تعبر عن الاتجاهات الفكرية الأساسية للرأي العام.. حينما تطالع عينة عشوائية من المدونات المغربية، ستستطيع تكوين فكرة عن الرأي العام الشبابي على الأقل.. وهو مستوى لا بأس به على الأقل.. حينما يأتي اليوم الذي يقرأ فيه الابن مدونة والده أو جده، حينها يمكننا التحدث عن الرأي العام العاااااااام..

6 تعليقات

أشياء مزعجة!!

noise

هذا أول تاج يصلني منذ بدات التدوين قبل سنتين ونصف..

أعترف أنني قليل التواصل مع المدونين، لأسباب خارجة عن إرادتي، وهي أسباب واضحة جدا مع وتيرة تحديث المدونة نفسها..

واجب من علوش منذ 25 فبراير، لم أنتبه إليه إلا قبل أيام.. لذا فالتأخير غير متعمد..

الواجب يطالبك بتحديد أشياء مزعجة بالنسبة لك.. هنالك دوما الكثير منها.. لدرجة أنك قد تلخص الدنيا في مجموعة أشياء مزعجة تحيط بالقليل من الأشياء المحايدة.. أما الأشياء المفرحة فتكاد تنعدم!

1- من المقرف أن تستيقظ صباحا وأنت تنوي أخذ حمام ساخن لتجد أن صبيب المياه لا يسمح حتى بإشعال جهاز التسخين.. فتكون مجبرا على اختيارين احلاهما مر: الاستحمام بالماء البارد مستمتعا بنزلة البرد المحتملة، أو تسكب على نفسك لترا من العطر في محاولة يائسة لإخفاء رائحة العرق التي ستطفوا حتما .

2- يزعجني جدا أن يكتشف أحدهم أنك مهندس كمبيوتر، فيظن أنك من صنعه، وأن أي مشكلة مع الويندوز لن تستعصي عليك لأنك، كالعادة، تفهم في هذه الأشياء.. يا جماعة الخير، لو كان مهندسوا مايكروسوفت أنفسهم يفهمون كل مشاكل ويندوز لما برمجوا نظام تشغيل كفيستا (VISTA) مثلا. مثل هؤلاء الأشخاص لا يقبلون منك أي شرح لسبب الخلل، ولا يفهمون إطلاقا لماذا لن تستطيع إصلاح جهاز معطوب.. كل ما يستخلصون إليه هو انك مجرد حمار كبير آخر حصل على شهادته من أقرب مزبلة على الأرجح.

3- أكره هؤلاء المزعجين الذي يتحدثون عن أي موضوع لا علاقة لهم به إلا الخير والإحسان، وبضعة أشياء سمعوها من شخص غير متخصص، فأصبحت قناعات شخصية. حسنا، يمكنني أن أقبل أن هذه طبيعة إنسانية مادام صاحبها يتراجع عن كلامه حينما تحدثه من منطق متخصص.. أما أن يصر كالخرتيت على أن رأيه صواب، وانه قرأه في مجلة ما، لا يذكر اسمها دوما، أو موقع فقد وصلته، كالعادة، هذا ما أسميه بعبقرية ابتكار كذبة والاقتناع الشخصي بها.

4- أكره أولائك النساء الملتحفات في مدينتي، واللواتي تجتاز الواحدة منهن الشارع وكأنها الملكة إليزابيث، أو أن الاختراع المسمى سيارات هو مجرد إشاعة ومحض هراء.. مع هؤلاء، يجب أن تقود سيارتك وأنت مسيطر على أعصابك كي لا تنفلت ولا ينفجر لك شريان أو تصاب بالجلطة لأن ما يفعلنه غير آدمي.. طبعا لو حاولت أن تطلق جرس التنبيه، فلا تلومن إلا نفسك.. لأنك ستتحول إلى فاسق زنديق لا يراعي النساء والراجلين عموما، ويكاد يدهسهن لمجرد انه، الحمار، يملك سيارة.

5- أنا أحب الأطفال. هذا شيء لا أنكره صراحة، فهم أحباب الله. لكنني اكره نوعا معينا من الأطفال ناقصي التربية.. اولائك الذين لا يتورعون عن البصق في وجهك لانك تحاول منعهم من القفز من على (البلكونة).. أولائك الذين يحاولون في استماتة وضع ذيل قط المنزل الأليف في المقبس الكهربائي.. الذين يصرخون كالمجانين لأنك لا تريد أن تشتري لهم حلوى، وحينما يسألك أبوهم عن سبب صراخهم يجيبونهم بالنيابة عنك أن : “بابا! إنه يضربني لأنني لم ارد أن أذهب معه!”.. طبعا عليك أن تفسر قصة حياتك للأب الذي لا يعرف بمعجزة ما أن ابنه عبارة عن مؤلف قصص أسطوري.

هذا ما ساتحضره عقلي ومزاجي حاليا من أشياء تزعجني، قد أضيف تدوينة أخرى لاحقا لو شعرت بالقرف الكافي من مجموعة أشياء أخرى..

وأستغل الفرصة لإثقال من يؤجل تاجات اليوم إلى الغد: حامل شعلة المخلدين..
بالإضافة إلى كل من :
أوداد ، وفي قول آخر مسبار الروايات
لطيفة صوت المحيط
و…

فلنوقف المجزرة إذن..

10 تعليقات

شذرات(3) : أنصاف دوائر

إنهم في كل مكان..
ما إن تقف بجوار حجر المغناطيس حتى تجدهم..
افتح الباب يطل لك خمسة منهم..
افتح الصنبور يهرج لك عشرة منهم..
أغلق عينيك ترى الملايين..

منهم خيال المآتة..
يجلس كالأمانة لا يتحرك..
تسمعه نادرا لو كنت وافر الحظ..
لكنه دوما هناك ملتصق كالعتة..

منهم اللزج..
وهم كثر..
يتخذون الأخ كازانوفا مثلا أعلى..
يحاولون يائسين التفوق عليه..

منهم السمج..
يظن نفسه فلتة في المزاح..
أو كما يقال: “يقتل ضحكا!”
الحقيقة أنه يقتل فقط..

منهم البهلوان..
أدهى وأمر..
قد يبدو جذابا..
قد يبدو مرحا..
ثم ماذا بعد ذلك؟

إنهم في كل مكان..
أنصاف دوائر مركزها واحد..

أنظر إلى القوس..
أخفض بصري..
أنسحب بصمت..
قبل أن أتحول إلى نقطة في نصف دائرة..

سؤال: ما ذنب المركز؟

11/05/2005

Leave a Comment

مواهب.. مشاريع.. دراسة.. تناقضات مشابهة..

إن تدوينة اليوم متخبطة لا محالة.. لذا اخترت أن أترك جلستي المعتادة في مقهى ديانا بالعرفان، وآتي لمركز الحاسوب لأكتب مباشرة بدون تزويق..
لقد كنت بحاجة إلى قسم خاص بدواخلي وبتخبطاتي النفسية منذ زمن.. وها قد أوجدته.. فكما يتجه م.س.احجيوج مثلا نحو الاحترافية في مدونته، أتجه أكثر نحو الطابع الشخصي لمدونتي، لأنني لا أطمح أن أصبح صحفيا في يوم من الأيام، ولأن هذا النوع من المدونات هو آخر ما أحتاجه حاليا..
برأيي هذا شيء جميل.. فعلى الأقل يضمن تنوعا حميدا في شبكة مدونات مدارات..
ذكروني في يوم من الأيام أن أكتب عن طابع كل مدونة في الشبكة على حدة..

سأقفز مباشرة إلى صلب الموضوع.. (أكره هذا النوع من التعابير المفصلة حسب مقاسات المواقف.. لكن ما من مفر!)

شكواي اليوم، ومتى لم أكن أشتكي، هي تعدد المواهب!
أرى أحدكم يبتسم بركن فمه، كناية عن التهكم..
وأرى آخر يتساءل ساخرا عن كنه هذا المغرور المثير للشفقة..
لا بأس.. لست آبه لذلك، لأنني أتحدث إليكم هنا بشفافية مطلقة وكأنني أحدث نفسي..
صحيح! إن تعدد المواهب ليس شيئا صحيا بالنسبة لي على الأقل.. بل هو الشناعة ذاتها..
المشكلة الكبرى تكمن في تشبثي بكل موهبة جديدة ترتمي أكتشفها، أو أسعى لاكتسابها.. وهو تشبث خبيث يتحول بفعل التكرار إلى نزوات خانقة لا تفارقني..

أنام اليوم وأنا اتصور نفسي مستقبلا ملحنا لديه فرقته ذات الصيت.. ثم أستيقظ لأجد نفسي أكثر في الأداء المسرحي، والعروض الفردية أو الجماعية.. آكل وجبة الغذاء وأنا أفكر في مستقبلي الأدبي في مليون فكرة تصلح لبداية رواية لا بأس بها.. وربما آخذ القيلولة وأنا أفكر في مستقبلي في اليابان وأنا أنتج أنيمي من النوع الفاخر الذي يروق الكبير قبل الصغير، وذلك في محاولة تناسي المشاكل الشنيعة التي يمكنني أن أواجهها لو فكرت في الإخراج السينيمائي، والذي يسبب مستواه المحلي أكثر من مجرد مشاعر الغثيان..

قبل أسبوع ونصف، قدمت أول عرض حقيقي لراديو وتلفزيون INSEA.. وهي إذاعة تلفزية صغيرة كوميدية موسمية خاصة بالمعهد العالي الذي أدرس به، قناة أردت منذ مدة إنجازها.. الحقيقة أن العمل لم يكن بالمستوى الذي طمحت إليه، لم أستطع أن أحقق في يومين فقط كل الأفكار التي كنت أريد تحقيقها.. فالمونتاج السينيمائي لوحده كان سيحتاج مني أكثر من أسبوع لأنفذ ما أفكر به..
وأتى يوم العرض لأصعق بالإعجاب الخرافي الذي لاقى به الجمهور العرض، ويلجم لساني تماما أمام موجة التصفيق الحاد والجمهور واقف، والذي تلى العرض وأنا واقف على المنصة شاعرا بأكبر خجل واجهته رغم تجربة سبع سنوات من العروض المسرحية والاسكتشات ببلدتي الصغيرة.. البعض يتساءل إن لم يكن علي أن أعمل بأفكار قوة كهذه في القناة التلفزية الثانية، وآخرون يطلبون مني أن لا أضيق أعمالي في أنشطة داخلية كهذه فقط.. كل هذا وأنا لم أحقق نصف ما طمحت إليه، سواءا لضيق الوقت أو لضعف الإمكانيات..

لا أخفي علكيم كم أثلج الأمر صدري ووضعني في نشوة لم أستشعرها من قبل.. لكنه قد خلق بداخلي صراعا رهيبا في نفس الوقت.. فطوال عمري لم أجرؤ على أن أذهب بعيدا في أي من المجالات التي أهواها.. صحيح أنني وصلت إلى مستوى يتراوح بين الجيد والممتاز في العديد منها، لكنني لم أقم بتجارب احترافية من قبل.. لقد بدأت أتساءل إن لم أكن قد خلقت للعمل الفني بدل الاتجاه التقني الذي اخترته كمهندس معلوميات..

هذا يجرني إلى نقطة أخرى: كيف يمكنني أن أمارس كل هذه الهوايات التي ذكرت، وغيرها مما هو أقل أهمية، وذلك محافظا على مستقبلي العملي كمهندس (مع ما يتطلبه من وقت خرافي للمارسة والاتقان)؟

على العموم، كنت قد قررت منذ فترة قرارا عجيبا، لكنه صحي بالنسبة لي حاليا: علي أن أستمر في اعتبار الهوايات مجرد هوايات، إلى أن أستطيع تأمين الاستقلال والاستقرار المادي عبر مشروع ما.. حينها سأتحول تماما إلى تحقيق المشاريع الفنية والأدبية التي أحلم بها منذ زمن..

وشكرا لمن صبر على قراءة هذه الأحلام النرجسية المهووسة..

18 تعليق

شذرات (2) : وجه ومرآة

طفقت أنتظر أمام المرآة..
أن يأتيني وجه جديد..
رمقت ذلك الشخص الذي يحدق بي شذرا..
هو محبوس هناك..
ينظر لي بتضرع القطط..
مددت يدي لأتلمس وجهه، ففعل المثل!
التقت يدانا في المنتصف..
لها ملمس بارد صقيل..
لها روح خاصة..
لها رائحتها حينما تنعدم الروائح..
هو..
بداخلها محبوس..
ينتظر بدوه وجها جديدا..
اقترحت عليه: فلنتبادل الوجوه، وليعش كل هنيا!
هو يروقني..
أنا أروقه..
فتبادلنا!

11/10/2005

2 تعليقان

شذرات (1) : النثرة الأولى

حسبتها مجرد فتاة..
فتاة كسائر الفتيات..
فإذا بها وردة حمراء..
وردة ذات بتلات..

بكلمها مرح العالم..
وبنظرها شوك ووخزات..
ببسمتها تشرق شمس..
وتصدح أنفاس وآهات..

خلتها مجرد فتاة..
فتاة تطوع الكلمات..
فإذا بها حورية..
تنافس بهاء الفراشات..

تبا لي!!
فقد ظننتها مجرد فتاة..

10/10/2005

2 تعليقان

مقدمة لما يلي من تدوينات في هذا القسم..

هل عاش أحدكم من قبل تجربة حب عميق حق؟
هل يعترف أحدكم أصلا بهذه الكلمة ذات الحرفين المستفزين: “حاء” و “باء”؟

تجاربي في حرقة المشاعر نادرة..
وكل مرة أقول هي الحقة!
وكل مرة.. تكسر الجرة..

وفي النهاية أخرج سليما من حرب الذات.. فأقول أن لا شيء قد حان ولا شيء قد فات.. وأن ما أحسسته كان مجرد نزوات!

وكي أثبت لنفسي، ككل مرة، أن جرتي لم تكسر بالمرة، أنشر كلمات احتفظت بها لنفسي لفترة..
تحكي القصة كلها..
لكنها لا تحكي شيئا بالمرة!
بأسلوب بسيط.. كنت اترك الكلمات تسيل مع القلم..
لا أحذف.. لا أشطب..
لا أغير..

في دفتر صغير أسميته شذرات..
وتحت الكلمة مسماها بخطوط لا تقرأ..
كتبت هذه الكلمات:

مفتاح:

شذرات

في النفس فجوات..
تملؤها كلمات..
للحب هفوات..
تخنقها عبرات..
فكي لا تنسكب الذات..
على كومة من رفات..
أكتبها كلمات..
على وريقات عذراوات..

5 تعليقات