تجاوز المحتوى

التصنيف: نافذة ساخرة

تجميع مقالاتي الساخرة

أسرار الكائن الأنثوي: عن المستحضرات والملابس

يبدو أنه قاد حان الوقت لمشاركة الشباب الذكور بعضا من خبرات الحياة الزوجية، وتقنيات التعامل مع الكائن الأنثوي عبر سلسلة تدوينات خفيفة، نسأل الله تبارك وتعالى أن يجعلها في ميزان الحسنات، وأن يقينا من شر بعض التبعات.
لي رجاء بسيط هو أن يتطوع بعض القراء العزاب – وشرط العزوبة ضروري- بتوفير حق اللجوء السياسي للعبد الضعيف، والله يا يضيع أجر المحسنين.

ومن باب احقاق الحق، ومحاولة تدارك مكان قار بالمنزل، أقول أن زوجتي قد تخلصت لأسباب سأشرحها لاحقا من العديد من هذه الحقائق.

أما بعد،

يعد الكائن الأنثوي ثامن عجائب الدنيا. فلا تحاول فهمه أو تحليل منطقه بالمعايير الذكورية لمتعارف عليها.

أول اكتشافاتك حينما تتزوج هو أن الكائن الأنثوي لا يتوفر على حد أقصى من المستحضرات والكريمات ومواد التجميل، والتبييض والتسوييد، والتنحيف والتمديد. فهنالك الوصفات الاصطناعية والوصفات الطبيعية.

أما الاصطناعية فحالها سهل. يمكنك أن تتعرف عليها بسهولة إذ أنها تحتل مكانة بارزة في غرفة النوم. جزء منها فوق الكومود، وجزء فوق أي أثاث تخزين، وجزء آخر فوق أي سطح أفقي مستقر بالغرفة. وتبقى الوصفات الطبيعية هي أصعب ما في الموضوع: فأنت ككائن ذكوري تعرف أن الخضر والفواكه والأعشاب وظيفتها الأساسية هي ملء البطون. هذا خطؤك التكيكي الأول. فذلك الخيار المقطع مثلا، وذلك السائل الرغوي الذي تظنه قشدة، وذلك السائل المتماسك الذي تظنه عسلا حلالا طيبا، إن هي إلا مستحضرات تجميل طبيعي يحرم عليك كل التحريم مجرد التفكير في استخدامها للغرض الذي خلقت له أساسا.

أنت ككائن ذكوري تتساءل حتما عن أين ومتى وكيف يتم استعمال كل تلك المستحضرات. أقول لك. كل تلك المستحضرات تستعمل بدون استثناء. منها ما يستعمل في الصباح الباكر بعد الاستيقاظ، ومنها ما يستعمل قبل النوم، وحينما يختفي الكائن الأنثوي لساعة بعد أخده حمام من عشر دقائق تعرف أنه يدهن جسده بعشرة أنواع من الكريمات على الأقل، وبمعايير محددة تحتاج منك أنت إلى دليل استعمال من مائتي صفحة على الأقل.

ثاني درس تتعلمه بعد الزواج، هو أنك مجرد ضيف في خزانة الملابس. فمن ستة أمتار مربعة من المساحة، عليك أن تكون سعيدا بتوفرك على متر واحد لملابسك.

الحل المناسب هو أن تصنع خزانة ملابس بحجم حائط غرفة النوم، وتضع مناطق غير قابلة للتقسيم عادة، ثم تتفقان على معاهدة سلام بتقسيم الحدود، ثم تبدأ بالتنازل عن مناطقك مربعا بمربع. ثم تجد نفسك في النهاية بنقطة الانطلاق. الخلاصة: لا تحاول رجاء!

الكائن الأنثوي لا يصدق أنه يملك ما يكفي من الملابس بالفطرة. فحينما يفتح الخزانة تظنه أنت حائرا في اختيار ما سيلبسه من كثرة الخيارات. خطأ. إنه حائر وقلق – وهو دوما قلق بالمناسبة – لأنه يظن أنه لا يملك اللباس المناسب للخروج. أنت تفتح الخزانة، تغمض عينيك، وتسحب قميصا وسروالا. مبروك عليك. بنسبة تسعين بالمائة أنت تملك لباسا متناسقا مناسبا. في نفس الوقت الذي أنهيت فيه لباسك، كان الكائن الأنثوي يفكر في أن هذا اللباس الذي لن يظهر أساسا، لا يتناسب مع أي من حقائب اليدوية العشر التي في حوزته حاليا.

وبمناسبة العبارة الأخيرة، فالكائنات الأنثوية تتبادل كثيرا الملابس والاكسسوارات فيما بينها. خصوصا لو كانت في داخل دائرة الأخوات.

يتبع في تدوينة لاحقة إن بقي لنا تدوين.

5 تعليقات

المُرَمضِنون

Capture

استيقظ على صوت منبه الهاتف النقال كعادته. ألقى نظرة على الساعة. أضاف نصف ساعة للمنبه، وعاد للنوم شاكرا التوقيت الرمضاني.

أغمض عينيه لثانية، فدوى صوت المنبه مجددا. رمق الشاشة الصغيرة بعينين نصف مغلقتين. لم يصدق أن نصف ساعة قد انقضت في رمشة.

بحث بجانب السرير عن قارورة المياه المعتادة. كبح الفرامل في جزء الثانية الذي سبق الجرعة. لم يألف الموضوع بعد، لكنه غير مستعد لتعويض صيام اليوم.

يأخذ حمامه الصباحي ليزيل أطنان العرق اللزج، العلامة المميزة لارتفاع درجة حرارة مدينة ذات درجتي رطوبة وتلوث خرافيين.

يستقل سيارة أجرة صغيرة. يبدو السائق صامتا هادئا عكس عادتهم جميعا. يبدو أنه يحتفظ بطاقته للصبر على اليوم الطويل.

يفكر في أنه سيكون  أطول يوم رمضاني منذ 23 عاما. ثم يتذكر أن هنالك بلدانا كروسيا فيها مناطق تصوم أكثر من 20 ساعة حاليا، ثم…

-“أين تعلمت السياقة أيها الحمااااار؟”

كان هذا السائق الذي قرر فجأة التخلي عن صمته الاستراتيجي.

يصل إلى العمل. يقرر أن اليوم يوم معادلة ضغط. لا عمل! يقول زميل عمل متحمس أن المسلمين قد جاهدو في رمضان، فيجيبه آخر أن المسلمين حينها كانوا أكثر إيمانا بما يقوومون به،في حين أن حماس الزملاء للوظيفة و إيمانهم بها لا يمكن القول أنه مضرب المثل.

ينتهي الدوام بعد سنتين من الانتظار.. حكم مؤبد بالجلوس محملقا أمام شاشة الكمبيوتر، مقاوما أطنان النعاس التي تضغط على جفنيه.

ينزل متجولا بين الأزقة لعله يجزي الوقت. لكنه يفاجأ بأن عليه ممارسة رياضة غض البصر بشكل أعنف مما توقع. الملابس كانت أقصر مما توقع، ومساحيق التجميل كانت أكثف مما توقع. هنالك فاصل بين التجميل والصباغة لم تتعرف عليه الكثيرات دوما، ولكنه لم يعول على استمرار  ذلك في رمضان.

يرمي نفسه في أول سيارة أجرة عائدا إلى بيته. إنه المساء، لذا لم يكن السائق هذه المرة بحاجة إلى تخزين للطاقة، فقد انطلق يعدد في الأنشطة الجنسية لأمهات كل السائقين الذين يحتك بهم. وقف لمرتين أو ثلالثة وخرج من السيارة ليمارس رياضة البصاق بالرذاذ المتبادل مع أحدهم، مهددا إياه بالويل والثبور وعظائم الأمور، ثم عاد إلى السيارة، بصق من النافذة وهو يقول:

-“اللهم إني صائم!”.

14 تعليق

أحلام صيفية

camp

حينما تسمع النشيد الرسمي بالتلفزة المغربية “بونضيف أنا بونضيف”، فأعلم أن الصيف قد حل. فرغم أن كلمات الأنشودة تقول “بونظيف شتا وخريف” إلا أن الإعلام لا يرفع علم النظافة إلا صيفا.

لقد حزمت زوجتك الحقائب منذ شهر أبريل، وأولادك يتقافزون بجوارك كالبراغيث منذ شهر فبراير وهم يسألون “متى سنذهب إلى العطلة؟”. أنت طبعا قد قدمت طلب الحصول على شهر يوليوز كعطلة سنوية منذ نهاية العطلة السنوية السابقة، لأن تلك هي المدة الكافية لتضمن أن لا أحد من زملاء العمل سيزاحمك في الحجز.

تقرأ لافتة تحمل عبارة من طراز: “قرض العطلة الصيفية، تبرع وأرا ليا!”. تقرر أن عليك بالفعل أن تتمتع، وأن تقدم لهم ما تيسر من أجرك لأربع سنوات القادمة.. والسنة القادمة ستضيف ما تيسر إلى ما تيسر هذه السنة.. وهكذا دواليك حتى يتيسر طريقك إلى أقرب زنزانة تقضي بها ما تبقى من عطلتك السنوية.

تعبئ سيارتك الأثرية بأطنان من الأواني والملابس وخيمة عملاقة، وتصنع جبلا فوق سقفها المتهالك. تتأكد أنك عبأت خزان الوقود تماما لأن سيارتك، على قدمها، من النوع الذي يشفط البنزين شفطا. تتأكد من أنك عبأت زوجتك وأولادك بالكراسي، وتأكد من أن تنطلق في الخامسة صباحا، لأن حماتك في الشقة المقابلة لا تغط في نوم عميق إلا في وقت مماثل.. إنه الوقت الوحيد الذي تتعطل فيه رادارات المراقبة خاصتها.

تمشي بسرعة خمس سلاحف في الساعة، وبجانبك تمر خمس صواريخ بعلامات ترقيم أجنبية. تستنتج بصعوبة أنهم مواطنونا القانطون بالخارج، والذين يأتون ليفرجوا عن قنوطهم على حساب أعصابك. هؤلاء هم من يُستقبَلون بالأغاني ويُوَدعون بالصمت الإستراتيجي. هؤلاء هم من يدخلون البلاد محملين بأطنان من الصابون الذي سيستعمل لاحقا لزحلقتهم خارجا بعد انتهاء أرصدة عطلهم.

تصلون بعد عناء إلى المصيف.. تصلون بعد أن توقفت بكم السيارة خمس مرات، وذكرتك زوجتك ألف مرة بأن عليك شراء سيارة أحدث، وذكرتها ألف مرة بأن بئر البترول خاصتك لم تبدأ بعد بتحقيق أرباح. تقاتلون لنصب الخيمة بشكل مقبول فيزيائيا، وتنزل وأولادك إلى الشاطئ بعدها تاركين زوجتك لأعمال الطبخ والكنس لأنها تستمتع بذلك كالعادة. تجاهد كي لا تفقد أصبعا من أصابعك أو أصابع أولادك في الطريق غير الممهدة التي تصرون على سلكها حافيي القدمين لأنكم في مصيف طبعا.

مهمتك بسيطة الآن: يجب أن يلعب أطفالك هنا وهناك دون أن يختطفهم أحد أو تستخرج جثة أحدهم من المياه. في سبيل ذلك تسترخي في مقعدك تحت الشمسية التي كدت تهشمها وأنت تثبتها في الرمال.. تحمل جريدتك اليومية، وتبدأ القراءة بعين عليها وأخرى على الأطفال. أمامك شهر من هذا الاستمتاع، تمارس فيه دورك العائلي والوطني بمكافحة النظافة في الشواطئ، وتدمر ما تيسر من ميزانيتك. وتعود في النهاية إلى البيت سعيدا بالإنجازات التي تتفاخر بتحقيقها مع زملاء العمل.. إنجازات من قبيل سمرة اللون والصندل ذو الأصبع الذي اشتريته بنصف ثمنه الأصلي.

لقد تراجع حاجز الأحلام كثيرا في هذه البلاد!

7 تعليقات

أن تكون زوجا

مقال الأسبوع بجريدة المساء

egalite-homme-femme

يفتح العريس عينيه صباح اليوم الأول، فيقفز من سريره فزعا. يفكر أن عليهم أن يؤسسوا بندا إجباريا قبل الزواج يقضي بأن يرى العريس شكل العروس وهي تستيقظ من النوم، قبل أن يقرر إن كان سيتحمل قلبه هذا المشهد المرعب بقية حياته.

تفتح العروس عينيها في صباح اليوم الأول، فتزيل قطعتي القطن اللتين تسد بهما أنفها. تفكر أن عليهم أن يؤسسوا بندا إجباريا يقضي بأن تشم العروس رائحة فم العريس في منتصف نومه، قبل أن تقرر إن كانت تستطيع أن تقضي بقية ليالي حياتها بجانب رائحة قبر منبوش.

لقد تغير كل شيء في مغامرة المفاجآت هذه. لن تعرف شخصا قبل أن تعاشره.. لن تعاشر شخصا قبل أن تتزوجه.. حلقة مفرغة يسقط فيها عشاق رومانسية الأفلام الهندية. أن تفاجأ بأن شريك حياتك هو محرك بشري لا يكف عن الشخير كدراجة بخارية، وتكون أنت ذا نوم خفيف.. ليس هذا من الرومانسية في شيء. أن تكتشف أن كل الأنوثة التي كانت تعاملك بها زوجتك قبل الزواج عبارة عن قناع، وتكتشفين أن كل الحنان والاهتمام الذي يوليك إياه زوجك في فترة الخطوبة عبارة عن إشاعة.. ليس هذا من الرومانسية في شيء. حينما تبدأ سيمفونيات الصراخ بالعزف، وتصبح أعصاب كل منكما عبارة عن أنبوبة غاز سريع الاشتعال.. فليس هذا من الرومانسية في شيء. حينما تصر هي بإلحاح أنك شاهدت ما يكفي من المباريات اليوم، تلح أنت بإصرار أنها تملك ما يكفي من الأحذية والحقائب لعشرين سنة قادمة.. فمرحبا بكما في عالم المتزوجين.

في هذا العالم تتمنى الزوجة لو يعاملها زوجها كما يعامل سيارته الجديدة، ويتمنى الزوج أن تكون زوجته سندا يخفف عنه متاعب لم يكن ليقع فيها لو لم يتزوج. في هذا العالم تصبح الصراحة وقاحة حينما توجهها إلى زوجتك، ويصبح عليك تذكر عيد ميلادها دون أن تتذكر سنها. في هذا العالم يتظاهر زوجك بالصمم والشلل حينما يصرخ ابنكما الرضيع في الثالثة صباحا، ويتساءل في اليوم الموالي بكل براءة: «لقد كان الطفل هادئا هذه الليلة على ما يبدو؟». ويوما وراء يوم يطفو السؤال محلقا في سماء الاستقرار الزوجي:«هل اخترت الشريك المناسب؟».

أقول هذه الكلمات وأحكي هذه القصص.. أستظرف وأسخر.. ولكن يأتي دوما يوم نصاب فيه بفقدان ذاكرة جزئي في كل ما يتعلق بالموضوع، ونقابل فتاة مصابة بنفس المرض. ونقترف نفس الجريمة سعيدين بهذا الإنجاز. نستيقظ هانئي البال، ونتحمل مصاعب الاختلاف في سبيل الاستقرار. يفكر كل منا بالأمر ويقول لنفسه: لقد كنت ساذجا! ساذجا!
سوف يأتي هذا اليوم حتما.. فإلى ذلك الحين دعونا نستمتع بكوننا سذجا!

17 تعليق

أن تكون عريسا

 

مقال الأسبوع بجريدة المساء المغربية

 

لقد قال عبقري ذات يوم: «إن الإنسان يتزوج حينما لا يجد شيئا آخر يفعله». لست أدري سر تلك القوة الخرافية التي يتمتع بها هؤلاء الشباب الذين يقررون بسهولة أنهم سوف يغيرون حياتهم تماما إلى غير رجعة. حتى إن الواحد منهم ليبدو وكأنه بطل يمضي قدما في مأساة إغريقية قديمة. السؤال الحقيقي هو هل تستحق الحياة الزوجية كل تلك التضحيات التي عليك تقديمها كي تعيشها؟ يتساءلون عن عزوف الشباب عن الزواج. الأحرى بهم أن يتساءلوا عن السبب الذي يجعل الشباب لا يزالون يتزوجون.

كيف يمكن لشاب أن يتحمل جحيما كجحيم يوم العرس؟ في ذلك اليوم يتحول الفتى إلى مركز الكون، ويمارس تمارين رياضية من الوزن الثقيل من طراز بوس وعناق وتهنئة مليون مواطن حضروا عرسه ليملؤوا بطونهم دجاجا.. تلك التهنئة التي استحقها حتما بعد أن استطاع تدبير مصاريف خرافية ليطعم أفواه الشعب من المعارف الذين يتقاطرون عليه كالذباب من كل مكان.. التهنئة التي استحقها بعد أن تجاوز عقبة أب العروس الصارم، وأمها المتشككة، واستطاع أن يدبر عشا يقطنه مع مجموعة متنوعة من التجهيزات التي ستحطم قروضها ميزانيته مدى الحياة.

حينما يحمل الشاب على الأكتاف فوق (العمارية) بجوار عروسه، ويبدؤون بهزهما كآنية لبن يتم رجها، فلا أظن أن العروسين يكونان مستمتعين تماما بإحساس الدوار الذي يتقاسمانه. أول إحساس مشترك كزوج وزوجة رسميين هو إحساس بالدوار والاختناق! هذا يبشر بخير..
كل هذا الكم من التصنع والتقاليد التي يجب احترامها على المقاس.. هذا الكم من الأموال المهدرة في حفل يتبادل الجميع فيه الابتسامات على سبيل الواجب.. هذا اليوم المجيد الذي يعتبر يوم حداد معلن عند شعوب الدجاج والخراف التي تقوم مجازر في حقها بدون سبب منطقي مقبول سوى الاحتفال بشكله التقليدي الذي ألفناه. إن المغاربة شعب غريب حقا.. نحن نعيش لنأكل.. في الأفراح نأكل.. في الأحزان نأكل.. ولائم العزاء عندنا تفوق ولائم الأعراس في بعض الأحيان. «هي شي زردة!».. عبارة تسمعها حينما تنجح في دراستك.. تسمعها حينما تتخرج.. تسمعها حينما تحصل على وظيفة.. تسمعها حينما تخطب.. حينما تتزوج.. حينما تنجب.. حينما تحج.. حينما تتوفى.. ربما في الحالة الأخيرة لن تسمع أنت العبارة، ولن تكون بنفس الكلمات، لكن التقاليد تفرض على أبنائك القيام بها بنفس الشكل لأن هذا ما علمهم إياه المجتمع. لن تكون صدقة يجمع فيها الفقراء ليأكلوا، وإنما تجمع آخر للعائلة والأصدقاء والمعارف والجيران ليأكلوا حزنا على روح الفقيد.

وحينما نعود إلى عريسنا، نجده جالسا وهو يبتسم مجبرا بجانب خيمة يتضح بكثير من العسر أنها عروسه، وقد ألبسوها لباسا ضخما آخر من النوع الذي على النساء التمرن بالحديد الخفيف لتحمل وزنه في اليوم الموعود.

ويتساءلون عن عزوف الشباب عن الزواج! يوم العرس ما هو إلا البداية.. سنتحدث عن بقية القصة الرائعة.. لكن هذه قصة أخرى..

19 تعليق

جنة المواصلات

مقال الأسبوع بجريدة المساء المغربية

car

إن أفضل وأسلم وسيلة للسفر بهذا البلد السعيد هي الطائرة، كيفما كان نوعها: نفاثة، أو طائرة ركاب، أو مروحية. وحتى لو تم إطلاقك شخصيا في الهواء بواسطة مدفع ما، وكُفِلت لك سلامة الهبوط، فذلك أسلم لك من محاولة استعمال وسيلة أرضية. يبقى العائق الوحيد هنا هو السلامة المادية التي تقف في مواجهة السلامة الصحية. لذا يتجاهل المواطن العادي وسيلة التنقل هذه، محاولا إقناع نفسه بأن الأخوين (رايت) لم يولدا قط، والطائرة لم تخترع قط، أو أنها مجرد خيال علمي أو أسطورة من أساطير الأولين!

حينما تهوي في السلم الاجتماعي، فيمكنك أن تقرر المرور إلى القطار كوسيلة بديلة تكفل حدا أدنى من السلامة والراحة.. يمكنك أن تهنأ بقدر لا بأس به من الراحة في الأوقات العادية.. تلك الراحة التي ستدفع ثمنها غاليا في أوقات الذروة. أما لو كان الزمن عيدا أو مناسبة من هذا القبيل، فلن أضمن لك أن تجد لأصبعك الأصغر مكانا غير أنف أحد الركاب المجاورين، أو يجد هو لكوعه مستقرا ببطنك.

ثم إن ترف ركوب القطار هذا مقتصر على منطقة المغرب النافع كما يسمونها، حيث لو أردت أن تذهب بالقطار أبعد من مدينة مراكش جنوبا، فعليك أن تصنع بجسدك وجسد المواطنين الوطنيين رفقائك تتمة للسكة الحديدية، لو كنت من المتحمسين لتقدم البلاد، وذلك بعد أن يئسنا من المشروع الذي سمعنا عنه منذ بداية التسعينيات، والذي يتحدث عن سكة حديدية تصل إلى مدينة العيون.. نتمنى أن يتمكن أحفادنا من أن يروا هذه الأسطورة تتحقق يوما.

حينما تهوي مجددا في السلم الاجتماعي، فأنت تستقل الحافلة. عليك فقط أن تنسى خطوط شركة النقل الشهيرة تلك التي تجعلك تتصور أنك اشتريت تذكرة صاروخ، حينها يمكنك الحديث عن الوسيلة الأنجع من الناحية الاقتصادية. تجاهل فقط أن الحافلة قد تتحول في أية لحظة إلى سوق بلدي يعج بشتى أنواع الباعة الذين يكادون يهشمون رأسك بتلك الصناديق الضخمة التي يحملونها معلقة على كروشهم.. تجاهل أيضا أؤلك الذين يأتونك بقطعة واحدة (ساعة/هاتف…)، فهم على الأرجح يبيعونك باليسرى شيئا سرقوه منك باليمنى، ولا عزاء لـ(أرسين لوبين) في ذلك. تجاهل أيضا ذلك الكم الخرافي من المتسولين الذين يضيع بينهم أصحاب الحاجة وسط كم محترم من النصابين.. أبناء بطوطة الذين يأتون دوما من أقصى البلاد ويـتوجهون دوما إلى أقصى البلاد من الناحية المقابلة.. محافظ نقودهم لا تكف عن ممارسة عادة السقوط القبيحة وسط هذه الرحلات.. وهم كالعادة أبناء أناس محترمين، لذا تجدهم متأنقين نوعا ما ليحبكوا القصة.

تجاهل كل هذا، وتمنى من الله تبارك وتعالى أن تمر الرحلة بعطب أو اثنين فقط، وتأخر لساعة أو اثنتين فقط.. وتمنى، وهذا هو الأهم، أن تصل سالما بعد سباق الرالي الذي يمارسه السائقون المتحمسون.

5 تعليقات

مسوطون

مقال الأسبوع بجريدة المساء المغربية

vote

أمسك بالورقة العذراء! هي ليست عذراء إلى هذا الحد. لقد دنسوها بشعاراتهم الحزبية الغريبة. رموز ورموز.. زخارف وقصص مصورة وحكايات وطنية.

رمز (القادوس): حزبكم المفضل.. (بلومبي) و(جعبة) لكل مواطن.

ادخل الحيز الضيق وحدك.. املأ الورقة سبابا، وأرسلها هدية مضمونة إلى النظام السياسي الحزبي. يتساءلون : لماذا يعزف الشباب عن الانتخابات؟ ربما لأنهم لم يجدوا قيثارة يعزفون عليها، فقرروا أن يعزفوا لحن الاستياء والثورة. السؤال الأجدى هو لماذا تعزف قنواتنا عن واقعنا؟ لماذا نقرأ أنهارا من الحبر فوق هكتارات من أوراق الصحف الصفراء والبيضاء والسوداء؟ انتخابات.. انتخابات.. صراعات وانتخابات.. في المقابل لا نرى شيئا على شاشاتنا.. أولئك الذين اخترعوا التلفاز وقنواته يؤخرون البث المباشر دقيقة أو دقيقتين، في حين تؤخر قنواتنا البث سنة أو سنتين. البث عندنا لا يزال في سنة 2008 يا سادة.

رمز (الخراز): حدد أفضل خياطة ممكنة لفمك الكبير، وانضم إلينا!

امسك بالورقة المدنسة وأضف رمزا جديدا.. فليكن رمز الهواء.. اترك المساحة فارغة واخترع لها حزبا! لن تغير من الأمر الشيء الكثير. هم أكثر من ثلاثين على أي حال.. أم الأحزاب عندنا ولود، ولا تمارس تنظيم الأسرة كما يجب.. أم الأحزاب عندنا أرنبة تخضع لرغبات الجمهور: ما يطلبه المشاهدون.. أم الأحزاب عندنا تلدهم بنفس شهادة الازدياد: برنامج حزبي متطابق.. يبدو أنهم جميعا قد دفعوا لنفس المؤلف أجر نفس الرواية.

رمز الحمار: ركب أذنين كبيرتين، وعش حياتك!

تسكع في الطرقات، وراقب المنصات والعربات! اصرخ بالهتافات واحفل بالولائم و(الزردات). احضر جميع المهرجانات وجميع الخطب وجميع اللقاءات! أدخل يدك في جيبك، وعد الأموال حسب الرموز! من قال إن ثمن البصل قد ارتفع؟ افتح مزادا غير علني! خذ العروض كلها من دون استثناء، وجهز صوتك للتسليم! ادخل قاعة الانتظار! تجاوز اللجنة واغمز بعين الخيال لكل ممثل حزب على حدة.. سيبتسم كل واحد منهم بداخله فرحا: هذا رجلنا! هذا صوتنا!

ادخل الحيز الضيق! أغمض عينيك! وضع أصبعا فوق الورقة.. مبروك! (جا لك) ولد..
لقد اختار القدر مصيرك! صوت تسوّط! (بفتح الواو وتشديدها).

2 تعليقان

مطاعم صفر نجوم

مقال الأسبوع بجريدة المساء المغربية

restau

تجربة المدارس الداخلية تكون ممتعة دوما، قاتلة في بعض الأحيان، مدمرة للمعدة على الأرجح. لا أذكر الكثير من التفاصيل الخاصة بأول مدرسة داخلية قطنت بها، لكنني حتما لن أنسى أدق التفاصيل الخاصة بالوجبات المقدمة هناك، على غرار هذه النوعية من المدارس في كل أنحاء البلاد.

الأطعمة المقدمة تكون دوما على غرار: قطع خيار ديناصورية الحجم منقوعة في مياه محلاة.. وشرائح لحم بقري (مع قدر لا بأس به من الارتياب)، ذات سمك شبه منعدم، ملتصقة بشرائح جلد ذات سمك وصلابة لا بأس بهما بما يكفي للإيحاء بالكم.. والهدف من هذا تقوية أسنان الطلبة وعضلات أذرعهم عبر حركات الشد التي تهدف إلى تجزئة الشرائح لتيسير المضغ.. طريقة الاستعمال: ضع جزءا بين أسنانك، وامسك بكلتا يديك بالجزء المقابل.. ثم شد بكل قوتك نحو الأسفل.. حذار أن ينزلق الطرف من بين يديك لأن اللسعة التي سيستقبلها وجهك لن تكون محببة إلى النفس. وحين تصل يداك إلى أقصى اتساع لهما دون نتيجة، يمكنك حينها الاستعانة بقدميك لمواصلة الشد.. لذا ينصح بغسلهما مع اليدين قبل الدخول.. كما يمكنك أن تبتلع الشريحة قطعة واحدة لو كنت لا تملك الوقت لهذا الهراء، وتترك للمعدة إكمال البقية..

هناك قطع الدجاج التي تعد أفضل ما كان يقدم، فقط لو وجدت قطعة يتفوق فيها وزن اللحم على العظم.. فقط عليك أن تتجاهل مشهد صدر العامل المشعر الغارق في العرق، والذي يصر على إبرازه وهو ينحني ليحضر لك قطعة الدجاج المطلوبة.. اعتبر قطرات العرق هذه كنوع من التوابل أو المخللات لتحسين المذاق، واحمد ربك أنك لم تلتق بذلك الكهل الذي كره الدنيا وكرهك معها.. لو كنت فعلت فلا تحاول اختيار القطعة التي تروقك لو كنت من النوع المسالم، فهو يقدم لك ما يريد هو فقط، ويرميه في صفيحتك كأنه يقتطعه من لحمه الخاص.. ولا بأس بنظرة ازدراء عابرة لإتمام اللوحة.. في فترة من الفترات اختفى العجوز لمدة لا بأس بها.. فتساءل أحدهم عن مصيره. وحينما لم يجب أحد، قال الفتى إنه يشك في أن اللحم الذي يقدمونه لنا مؤخرا هو لحم الكهل لأنه هرم بالفعل.

إن مادة الصودا عنصر أساسي في كل وجبة وذلك كي تطهى بسرعة، لكن الكمية التي يضعونها في (الحريرة) خرافية بالفعل.. وللصودا لمن لا يعرف تأثير منوم رهيب.. ففي المساء– ما إن تشربها – عليك أن تصعد إلى غرفتك بأقصى سرعة، وتحضر سريرك وتتمدد كي لا تسقط في غيبوبة النوم وأنت في الطريق..

وكما جرت العادة، لا بد أن تمتع أذنيك بدوي صوت سقوط العشرات من الصفائح الحديدية التي يوقعها عامل النظافة أرضا كنوع من التقاليد.. يمكننا بشيء من التسامح أن نشبهه بصوت قصف الرعد.. ماذا يفعل الرجل بالصفائح؟ طبعا يغسلها بالمياه الساخنة وبمكنسة.. نفس المكنسة طبعا هي التي يستعملها غالبا لكنس العنابر..

بالهناء والشفاء يا شباب!

4 تعليقات

قواعد الكاميكاز

مقال الأسبوع بجريدة المساء المغربية
kamikaze

كان (الكاميكاز) اليابانيون يقتلون أنفسهم في سبيل تدمير هدف عسكري، وحينما انتهت الحرب العالمية الثانية تحول أغلبهم إلى سائقي تاكسي بطوكيو يقتلون الزبائن بسرعاتهم الجنونية.

بالدار البيضاء يقتلون الزبائن والمشاة وأنفسهم دون الحاجة إلى تربية عسكرية أو حرب عالمية.. هم يفعلون ذلك بالسليقة فقط.

كل من يقود سيارة بالدار البيضاء عليه مراعاة مجموعة فريدة من القواعد الأساسية المتفردة، كي يستطيع العيش مع هذه العينة من السائقين الذين صدروا عدوى طريقتهم بالقيادة للجميع:

  • القاعدة الأولى: قاعدة (القمقوم).. هذه أول وأهم قاعدة.. في أي وضعية كنت، في المحور، في تقاطع طرق، في وضعية أسبقية أم لا، احشر أنف (قمقوم) سيارتك أولا! هذا يكسبك حق الأسبقية بدون نقاش. تجاهل الصراخ الغاضب.. تجاهل أبواق السيارات.. تجاهل السباب الساخط الذي يتعلق بأنشطة والدتك الجنسية.. الأسبقية لديك بحق قانون (القمقوم).
  • القاعدة الثانية: قاعدة السيارة الأقدم.. كلما كان موديل سيارتك أقدم، وكان طلاؤها أكثر امتلاء بالشروخ، كان احترام الآخرين لك أكثر. بنفس مبدأ البلطجي الذي امتلأت خدوده بندوب الجروح الدامية، تكتسب سيارتك هيبة الخطورة أمام السيارات الجديدة ناصعة الألوان.

هنالك استثناءات في هاتين القاعدتين: السيارات رباعية الدفع (الكات كات)، وبعض أنواع السيارات السماوية ذات الأحجام الضخمة. ركاب هذا النوع من السيارات، القاطنون بأعالي طبقات (الستراتوسفير)، لا يروننا إطلاقا. فلا تحاول أن تتذاكى معهم بإحدى القواعد سابقة الذكر لو كنت ممن يهتمون بالمحافظة على ما تبقى من عمرهم ليعانوا أكثر في هذه الحياة السعيدة.

  • القاعدة الثالثة: الشرطي دوما على حق! كان الضوء أخضر أو أحمر، أكانت سرعتك تحت الحد الأقصى أو فوقه، الشرطي حفظه الله وأدامه نعمة على المواطنين على حق في كل قراراته. حتى لو أخبرك أنه أمسك بك فقط كي تدفع ثمن قهوته الصباحية، فكن دوما متأكدا أنك المخطئ. جهز دوما مجموعة أوراق خضراء مدها مع الكف المصافحة وابتسم كي تخرج الصورة جميلة.
  • القاعدة الرابعة: الإشارات البرتقالية (السينيالات) رجس من عمل الشيطان، فاجتنبه. لا أحد يستعملها بالمناسبة، فلماذا تحيد عن الموضة؟ ولو لم تكن أضواء التوقف (السطوب) أوتوماتيكية لنصحتك بعدم استخدامها هي الأخرى. الاختراع الوحيد الصالح في السيارة هما، المقود والدواسة فركز عليهما وانس أي شيء آخر..
  • القاعدة الخامسة: السيارات الأخرى يقودها مجموعة من المعتوهين الأنانيين الأوغاد. نصيحتي لك: «كن وغدا! كن أشنع الأوغاد وأكثرهم أنانية على الطريق!».

هكذا فقط تضمن أن تكون قيادتك بمدينة كهذه متوافقة مع القواعد المتبعة من الجميع. الله يعفو علينا جميعا!

10 تعليقات

تراجيديا!

مقالي بملحق الشباب الأسبوعي بجريدة المساء
targedi.jpg

صاحبنا موهوب.. أسرته أخبرته أنه موهوب.. أصدقاؤه أخبروه أنه موهوب.. (الكسال) في الحمام الشعبي أخبره أنه موهوب.. لم يتركوا له المجال إلا ليقتنع بأنه كذلك..

لم يكن موهوبا في الغناء، وإلا لكان قد أصبح مطربا حتما في زمن حولت فيه برامج المسابقات الغنائية الشعب كله إلى مطربين، وتركت نخبة بسيطة للعب دور المستمعين.
إنه موهوب لأنه يرسم البسمة على شفاه الجميع، ولا بأس بقهقهات بين الفينة والأخرى. صحيح أن الفنان الكوميدي بحاجة إلى ما هو أكثر من ذلك ليتميز احترافيا، ولكن حاول أن تقنعه بذلك بعد أن سجل اسمه في أول برنامج مسابقات كوميدي يقابله.

مقدم البرنامج يحاول جاهدا أن يكون ظريفا، ومتفرج في بيته يحاول جاهدا أن لا يخترق الشاشة ليهشم رأس المقدم. بينما يجلس الجمهور في الأستوديو على طاولات مستديرة مواجها المنصة بأسلوب الليالي الملاح الشهير. إنها محاولة ذكية لتهشيم انطباع جمهور الاستوديوهات الملقن الذي يعرف تماما متى يصفق، متى يصرخ، متى يضحك، متى يذهب إلى الحمام.

يجلس صاحبنا متوترا كقط، وصوت قلبه يكاد يصم أذنيه. أخبروه أن عليه، والمتسابقين معه، القيام بحركة حماسية خاصة كلما تركزت الكاميرا على طاولته، إمعانا في رسم جو مصطنع من الحماس. فكر في أن الحركة الحماسية الوحيدة التي يستحقها موقف كهذا هي حركة غير تربوية لن تروق المخرج كثيرا. وحينما تركزت الكاميرا عليه، ابتسم أشنع ابتسامة دبلوماسية ممكنة، ورسم بأصبعيه علامة الانتصار.. في حين كان بقية المتسابقين يتقافزون بجواره تعبيرا عن الحماس الشديد.

إنه دور صاحبنا.. لقد تخيل هذا الموقف كثيرا لدرجة أنه ظن أنه يمثل فوق الخشبة للمرة الألف. هنالك فقط مشكل بسيط: الجمهور لا يضحك في المواقف التي يجب أن يضحك فيها، ويضحك في مواقف لا علاقة لها بالكوميديا. لجنة التحكيم تبتسم في افتعال، والمتفرج الساخط في بيته يدعوا على البرنامج بأكمله.. وهو يتحرك في الخشبة كأفعى الجرس، ويتكلم بسرعة كأنه سيخرس إلى الأبد.. عرق وضحك وافتعال.. وفجأة سكت.. لحظات من الصمت، ثم ينتبه الجمهورإلى أن (الإسكتش) قد انتهى ويقومون بدورهم في التصفيق والصراخ.

لجنة التحكيم:
– (ابتسامة صفراء) زوين.. كلكم زوينين..
– (نظرة إلى ورقة تعليقات مجهزة مسبقا) تبارك الله عليك.. وسيم!
– (نظرة إلى الكرونومتر)عندك قدرات هائلة.. توقيت ممتاز..
كلكم رائعون.. كلكم أقوى من الهزيمة.. كلكم أطول من اليأس.. كلكم ناجحون.. كلكم أبو الحروف..
لكننا مضطرون إلى إقصاء البعض منكم.. هذا هو قانون المسابقة..

صاحبنا موهوب.. أصدقاؤه أخبروه أنه موهوب.. (الكسال) في الحمام الشعبي أخبره أنه موهوب.. لجنة التحكيم أخبرته أنه موهوب.. لذلك تم إقصاؤه من مسابقة (الزوينين).

7 تعليقات

المرض ممنوع!

مقالي بملحق الشباب الأسبوعي لجريدة المساء المغربية

medical.jpgنصيحة أخوية صادقة: إن لم تكن ابن فلان أو أن تكون فلانًا بنفسه، فلا تحاول أن تمرض في هذه البلاد السعيدة.
بداية، عليك أن تتعامل مع الشعور العارم بالأهمية، والذي يتمتع به حارس بوابة المستشفى الحكومي الذي تقصده. قد تحتاج في بعض الأحيان إلى شهادة طبية كي يقتنع هذا الأخير بمرضك، كي يسمح لك بالدخول للحصول على شهادة طبية.. حل أنت هذه الحلقة المفرغة!
حاول قبل كل شيء أن يكون مرضك في وقت مناسب.. لا تمرض في وقت الذروة، ولا في وقت المداومة الليلية ولا في وقت الغذاء، ولا بعد العصر، إلخ… امرض دوما في وقت مناسب.. مهمتك أن تبحث عنه..
لو وصلت في هذا الوقت، فربما وجدت ممرض الاستعلامات في مكانه.. وقد تحصل بشيء من العسر على ورقة عليها رقم ما، تاركا إياك تستنتج العلاقة الرياضية بينه وبين المصلحة الطبية المراد الوصول إليها..
وبعد أن تغرق في التوغل في مجاهل إفريقيا تلك، ستنتبه حتما بعد فوات الأوان إلى تلك العلامات و العبارات الموجهة التي تذكرك بالطرق السيارة، وقد تصل قبل أن تتوفى لو كتب لك عمر.
تصل أخيرًا أمام غرفة الطبيب، وهناك من المؤكد أنك ستجد الشعب كله بين الجالس والواقف بانتظار الدور.. تقف بدورك، و بمرور الوقت تجد نفسك جالسا فوق شي ما لا تدري كنهه.. ربما هي الأرضية الباردة .. تنام، وتستيقظ.. بجانبك امرأة حامل.. تضع حملها.. يكبر الطفل..يلعب بجانبك و أنت تتثاءب بملل..
أخيرًا يأتي دورك.. لا تدري كم قضيت في هذا المكان لكنك داخل غرفة الطبيب أخيرًا..
يسألك بضجر: «ماذا لديك؟»
تجيب: «لدي حمى و غثيان وأحيانًا أشعر بـ…»
يقاطعك أن «اصمت فقط فهمت».. يكتب فوق ورقة الدواء تشكيلة متنوعة من الأدوية.. تشكيلة كافية لعلاج نزلاء مستشفى كامل على ما يبدو.. لو كنت بحاجة إلى فحوصات أو ما شابه، فلا بد أن تكون قد حملت مذخراتك كلها معك لأنهم حذفوا كلمة العمومية التي كانت تلي «وزارة الصحة» من جهة، ولأنك بحاجة إلى (عصارة) قهوة كاملة لتحريك ملفك.. انتهى زمن القهوة الصغيرة يا أخي..
تتذكر قول صديق: إن الأطباء لا يعطونك الدواء الأرخص أو الأكثر مناسبة.. بل يعطونك الدواء الذي يرون وجه ممثل شركته بكثرة، حيث يتلقون المزيد و المزيد من العينات، والمزيد من الهدايا كالأوراق والأقلام وما شابه، بمجرد أن يرسلوا المزيد والمزيد من المرضى المطالبين بنفس الدواء إلى الصيدليات..
ستتوجه لأقرب صيدلية.. وبمجرد أن تطالع فاتورة الأدوية التي ستقـتـني سوف تشعر بالتحسن بالتأكيد.. وستتأسف عن عدم أخذك للدواء لأن الحاجة إليه انتفت..
لقد أصبحت منيعًا ضد جميع الأمراض..لن تمرض بعد الآن..

9 تعليقات

هؤلاء الرجال المحنكون

مقالي بالمحلق الشبابي الأسبوعي لجريدة المساء المغربية

mou7annak.jpg

الرجال المحنكون.. إنهم في كل مكان..
هم رجال وصلوا مرتبة اجتماعية أو سياسية أو أمنية لم يصلها أحد من وسطهم من قبل. وهم يعرفون هذه الحقيقة. لذا تجدهم يتعمدون التصرف ببراعة وحنكة دوما: يقفون بحنكة.. يتحدثون بحنكة.. يدخلون الحمام بحنكة..
الرجل من هذا النوع يبدأ يذاكر أبجديات السياسة الوصولية منذ بداية ظهور زغب شفتيه على استحياء. منذ كان يجلس في ذلك المقهى الشعبي المتهالك في رأس الشارع، ويضع قدما على قدم بخطورة، متجاهلا أن انقطاع الصندل ذو الأصبع الذي يرتديه ليس من الخطورة في شيء، اللهم إلا أن يسقط وتجش رأسه. لكنه رغم كل شيء يعرف أنه سيصل يوما. كل هذه الكائنات المتسخة المتخلفة التي تحيط به الآن هي السلم الذي سيتسلقه ليصل مبتغاه.
يجتمع بالطبقة البروليتارية الفقيرة، فيبدأ بالحديث عن أن الزمن زمن التغيير، وأن البروليتاريا في أوربا هي التي قامت بالثورة حتى وصلت إلى العدالة الاجتماعية. يخبرهم أنه قد آن الأوان لاختيار زعماء التغيير، ويقنعهم بشكل ما أنه أحد هؤلاء الزعماء.
يجتمع بطبقة التجار ليخبرهم بأن الطبقة المتوسطة هي مستقبل البلاد، وأن الحفاظ على مواردهم المادية وتطويرها هو المفتاح، وأنه بحنكته في المجالس البلدية سيحقق ذلك.
تجده داخل الحزب يصرخ والرذاذ يتطاير من شدقه بأن التنظيم أساس العمل الحزبي، وأن التشبيب ضروري للمشي قدما. يقولها وهو ينوي أن يعمر خالدا في المنصب الذي سيصله حتى يعتزل الدنيا.
أما الجهات الأمنية فتعاني على الأرجح من غزارة المعلومات التي يبعث بها متطوعا للحفاظ على أمن البلاد واستقرارها طبعا.
تجد الرجل عضوا بجمعيات لا تعرف لها نشاطا، وتحمل غالبا أسماء من طراز: “الجمعية الوطنية الديمقراطية لحماية الأطفال الرضع من التشغيل المتعسف والتنمية البشرية”. ففي هذا الزمن السعيد من الضروري إضافة “التنمية البشرية” لاسم الجمعية للحصول على الدعم المادي من المبادرة. كون جمعية “هواة جمع الطوابع البريدية والتنمية البشرية” وستكون لديك فرصة لا بأس بها بالحصول على الدعم.
الرجال المحنكون.. إنهم في كل مكان.. تجد الواحد منهم يتسلح بأعرض جبهة – )سنطيحة( في قول آخر – ويرتدي أكبرمقاس جزمة ممكن، على وجهه طبعا، و يطور لغة خشب أبنوسي معتبرة. فتجده في لقاء تلفزيوني يقول: “إن الإطار البنيوي للتنمية الديمقراطية بالبلاد ينبني على أسس من التواصل البيطبقي، خارج نطاق الحسابات الائتلافية”. هذا ما يسمى بالكلام الكبير! إنه يعرف تماما أن الإعلامية التي تستضيفه ستحرك رأسها علامة الموافقة، مع العلم أنه ذات نفسه لا يفهم كنه هذا “التواصل البيطبقي خارج نطاق الحسابات الائتلافية”.. ستتجاوز الأمر بسرعة لتسأله سؤالا آخر بعيدا تمام البعد.. فيجيب هو بمنتهى الحنكة والبراعة مجددا.
الرجال المحنكون.. إنهم في كل مكان.. لقد مللنا منهم حقا!

3 تعليقات