تجاوز المحتوى

التصنيف: تخاريف حرة

مواضيع وخزعبلات عامة

كم لايك تستحق هذه التدوينة

 

المبحر في عالم الشبكات الاجتماعية يكتشف بين الفينة واﻷخرى مجموعة من الكائنات أحاديات الخلية الدماغية التي بدأت تغزو هذا العالم.البعض هناك يكتب رأيا عميقا عما يحدث سياسيا أو مجتمعيا، فيجد عفريتا نفريتا يطل عليه بوصلة صفحة نصرة المصابين بالبواسير، ويضيف تعليقا من طراز “كم لايك تستحق هذه الصفحة؟”. لست أدري، لكن عدد اللايكات سيتناسب اطرادا مع عدد المصابين بالبواسير حتما، إضافة إلى مجموعة من الفضوليين الذين يركزون دوما على حجم هذه البواسير (باسورة باسورة)، ولربما يدخلون نقاشا حاميا عن أفضل المراهم وأقوى وضعيات الجلوس المريحة للشخص (المبوسر). ينظر صاحب الرأي العميق أعلاه إلى الصفحة، ولربما (دز لايك) بدوره من مبدأ نصرة حرية التعبير.

هنالك مخلوقات أخرى من نوعية الموصلات النحاسية رفيعة المستوى، وهم مخلوقات صالحة لنقل أية فكرة أو إشاعة. هم نوع ينشر ليُؤجر، وينشر ليُضحك، وينشر ليَنشر. دين أو سياسة أو فكاهة أو فضيحة كانت، تجدهم يمررونها للأصدقاء كما هي، دون تمييز أو تفيكر أو حتى تأنيب ضمير. هذا النوع من المخلوقات لا يصح فيه وصف أحاديات الخلية، وإنما منعدمة الخلايا الدماغية. إن هما إلا سلكان نحاسيان موصلان، واحد موجب واﻵخر سالب.

ثم هنالك نوع جديد متطور. هذا النوع قوامه نصرة الدين والحرب على الفساد، بنشر صور فتيات عاريات، وفيديوهات مخلة بالحياء، لا لشيء لا سمح الله سوى لفضح هذا الفساد وتخليص المجتمع منه. هذا النوع الذي قد يكون اعتصر لترات بيضاء وحيدا أمام هذه الصور والفيديوهات قبل نشرها في صفحات (التموسيطش والسكوبات) إياها، ولكنه يصر إلحاحا على أن الهدف هو القضاء على هذه الممارسات. هذا النوع من الكائنات معقد محروم غالبا، يمارس هذا النشاط بنسبة عالية من الغل والحسد، في حين يبحث بعنف عن (موسطاشته) الخاصة.

وأنا إذ أكتب هذه التدوينة بعد غياب، ودون أن أفتح لها صفحة خاصة على الفيسبوك، أدعوكم بدوري إلى (دعس لايك) أو (جام)، حسب لغتك. والله لايضيع أجر المحسنين.

6 تعليقات

معضلة أن تصبح باكر الاستيقاظ

 قهوة الصباح.. هي خزعبلات قصيرة أكتبها وانا ارشف قهوة الصباح في المكتب !

coffe
وصلت للعمل باكرا اليوم.. وحينما أتحدث عن باكرا فأنا اتحدث عن الثامنة صباحا.. وأنا أرشف القهوة الصباحية التي لم تعد صباحية جدا في الفترة الماضية، تذكرت بشكل من الأشكال أن لدي مدونة ما على الأنترنت، وتذكرت بطريقة من الطرق أن المدونة قد استقت اسمها من التدوين الذي يختلف كثيرا عن الفراغ الذي تعيشه المدونة حاليا.. تذكرت أنني في فترة ما، كنت في مثل هذا الوقت – على غرار برامج “حدث في مثل هذا اليوم” – أرشف القهوة الصباحية وأكتب في نفس الوقت في باب بالمدونة أسميته قهوة الصباح يحمل الوصف الذي قرأتموه أعلاه. بحثت قليلا فوجدت موضوع الاستيقاظ على مراحل هذا، واكتشفت انني عدت شيئا ف شيئا إلى هذه العادة السعيدة وبأشكال أكثر وقاحة.

قبل سنتين تقريبا، حينما اتفقت أنا و(فاضل) على الاستيقاظ يوميا في السادسة والنصف صباحا، انقلب (محمد) * على ظهره ضاحكا لأنه يعرفني من جهة، ولأنه يعرف (فاضل) أكثر مني من جهة أخرى. لكنني لم أكن أعرف (فاضل) بما فيه الكفاية. كانت البداية ممتازة.. كنت أستيقظ كالزومبي في السادسة والنصف صباحا، وجسدي يجر نفسه تحت الرشاشة، ويتدفق الماء الساخن المنعش الموقظ للحواس، محاربا عمش العينين واللعاب السائل بجانب الشفتين. وحينما أخرج أجد (فاضل) وقد خرج وأحضر خبزا ساخنا شهيا.. نتناول فطورنا سوية بالقرب من الشرفة، ونرشف القهوة الفرنسية الممتازة المذاق وكل منا يقرأ في كتابه المفضل. كانت أحد أروع لحظات اليوم. يستمر الأمر بضعة أيام في انتظام حتى يقرر (فاضل) لأول مرة انه لم يسمع صوت المنبه، وأقرر أنا لأول مرة أنني أصبت بالصمم الجزئي، ونفقد يوما في السلسة.. ثم نستعيذ بالله من الشيطان الرجيم في الأيام الموالية، فيستقوي علينا الشيطان بسلطان النوم في يوم آخر.. ثم في يوم من الأيام نجد نفسنا نستيقظ في الثامنة والنصف أو التاسعة صباحا، ونهرول هنا وهناك، ونحن نضع فرشاة الأسنان في ركن فمنا الأيسر وشطيرة في الركن الأيمن، بينما تقاتل اليد اليمنى لتجد متنفسا لها في مخرج رأس القميص وهلم جرا.

تعالوا الآن لنحلل الإيجابيات والسلبيات في ما فعلناه:

1- النشاط المحبب:

الشيء الإيجابي الوحيد في طريقتنا هو أننا كنا نقوم بعمل محبب إلى النفس نستيقظ لأجله، وهو القراءة الصباحية.. هنالك دافع لا بأس به للاستيقاظ، شريطة أن يكون ما تقرأه ممتعا.. لو لم نكن نقرأ لكان علينا البحث عن نشاط محبب آخر.

2-خطأ التغير الكبير:

كنا نألف الاستيقاظ على الساعة الثامنة والنصف فما فوق، وقررنا فجأة الاستيقاظ في السادسة والنصف.. ساعتان مباشرتان من الفرق دون تقسيم.. الحقيقة أنك  في بداية أي قرار ستظن أنك سوبرمان قادر على التحليق وتهشيم الصخور بيديك، ولكن مع مرور الوقت تفتر العزيمة، ويتصبح الصخرة جبلا، وتفشل مجددا. لذا من الأفضل إن أردت أن تغيير شيء ما أن تبدأ رويدا رويدا.. ربما لو بدأنا بربع ساعة أبكر كل أسبوع لكان ذلك أفضل.

3- عدم الاستمرار لفترة كافية:

العادة، أي عادة، لا تصبح كذلك إلا حينما تمارس لفترة لا بأس بها، وتصبح روتينا تعود عليه الجسد والعقل. لذا كان خطأ انعدام الاستمرارية هو ما قضى على آمال تكوين العادة.

4- إعطاء العقل فرصة للتعليل:

وربما هذه أخطر السلبيات.. فعوض أن تستيقظ مباشرة بعد رنين المنبه، تعطي نفسك فرصة للتعليل:

– خمس دقائق لن تصنع فارقا. (بالتأكيد لن تصنع فارقا في الثلاث ساعات التي ستضيفها)

– سأغمض عيني قليلا فقط. (حينها ستستيقظ في الظهيرة طبعا)

– لا بأس إن لم أستيقظ اليوم باكرا.. أيام الله كثر…

حسنا.. الآن، كم مرة حاولتم ممارسة الاستيقاظ المبكر ؟ وما هي الطرق التي اتبعتموها؟ وما هي نسبة نجاحكم من فشلكم؟

* محمد وفاضل شخصيتان لا تهمانكم في شيء غير ما قرأتم.. ما هذا الفضول؟

18 تعليق

برامج الزمن الجميل (يا ليت البطيخ يعود يوما!)

للذكريات مذاق ممتع حزين دوما.. سعيدة كانت أم حزينة.. أما الحزينة فالسبب واضح، وأما السعيدة فلأننا نفتقدها.. النكد والحزن هواية محببة دوما، وممارسة على أعلى مستوى من طرف البشرية ككل.

حاول أن تتحدث مع أي شخص يكبرك عن ذكرات ماضيه.. ستجد العبارات الأثيرة دوما: ” أين أيام زمان، وأين حلاوتها؟”.

voltron-02.jpg3-2naruto7753ln.jpg

حاول أنت نفسك أن تتذكر مثلا كرتون أيام زمان.. ستذكر أنه كان رائعا حالما خرافيا لا ينشق له غبار، بينما الكرتون الحالي ليس له مذاق ولا رائحة.

القدماء يصرون على أن برامج القناة التلفزيونية المغربية والراديو كانت رائعة، وأن المستوى في انحطاط. لست أدري ماذا سيقولون لو استمعوا أو شاهدو نفس البرامج الآن، وقارنوها ببرامج الفضائيات المتنوعة التي تجمع السخيف والممتاز. لا يمكنك أن تحكم بموضوعية على ذكريات.

منذ فترة شاهدت بالصدفة كرتون (فولترون) الذي كنت أعتبره فلتة زمانه في صغري، فصعقت من بدائيته. بغض النظر عن بعض الكرتونات الإنسانية ذات القصص المتميزة، يبقى البقية في مستوى بدائي بالفعل犀利士
. وهنالك مستوى مذهل وتنوع في الفئات العمرية المستهدفة في الرسوم المتحركة الحديثة لا يمكن أن ينكره سوى غير المتابع، أو من يقبع في مملكة “يا ليت البطيخ يعود يوما”.

11 تعليق

إدخال عنوان للنشر

 

penfifالعنوان معبر كما ترون.. إنه العنوان الافتراضي الذي يضعه برنامج الكتابة الذي أستعمله، وهو يعبر بوضوح عن الفكرة.. لأن العودة لممارسة نشاط ما بعد الابتعاد عنه مدة طويلة صعب دوما، والعودة إلى الكتابة بعد انقطاع تسبب لي نفس عسر هضم الأفكار كل مرة، لو لم تكن العودة بسبب موضوع استفزني للكتابة فإن نفس الأفكار الفارغة تتسارع للتزاحم على مقدمة تفكيري.

المشكلة أنك حينما تكون منقطعا عن الكتابة تستفزك العشرات من الأفكار يوميا، بنفس منطق الحليب الذي يفيض فقط حينما تغفل عنه. ما دمت محملقا في الاناء فلن ينضج حتى تقوم القيامة، ولكن ما أن تشيح بعينيك بعيدا عنه حتى تنفجر الرغوة البيضاء.

في كل مرة أقول أنني سأحمل مذكرة أكتب فيها الأفكار التي قد أحولها إلى مقال أو فكرة من أحد الأعمال السنيمائية التي أهواها، وبالتأكيد هي فكرة أنساها مع ذات الأفكار التي أردت تدوينها.

حسنا.. فلنقل إن هذه تدوينة لإخبار الأصدقاء والقراء ببعض المستجدات، خصوصا الذين لا يتابعونني على الفيسبوك، أو الذين يملكون عددا مهولا من الأصدقاء عليه مما لا يسمح بمتابعة أي منهم.

أول خبر هو أنني، و يا للهول، قد تزوجت.. من قرأ لي من قبل “أن تكون عريسا” و”أن تكون زوجا” يكون قد كون فكرة خاطئة لا بأس بها عن أنني من النوع الذي سيتأخر زواجه كثيرا جدا.. لكنني كما أقول دوما أعبر في بعض التدوينات عن أفكار متنوعة لا تمثل بالضرورة نظرتي الموضوعية كشخص، بقدر ما تعبر عن اتجاه فكري.

ثاني خبر هو أنني تركت مدينة الدار البيضاء الشنيعة، وتركت العمل في القطاع الخاص. واتجهت إلى أكادير، المدينة التي تبعد عن مسقط رأسي بأقل من مائة كيلومتر.

لدي العديد من المشاريع والعديد من الأفكار بخصوص الخبر الثاني والتي قد تتعرفون على بعضها مع الوقت.

أهم ما في الأمر هو أنني سأدون بشكل لا بأس به. لكن لا أستطيع أن أعدكم بمعدل أكثر من حرف أو اثنين في الأسبوع، لأن المثل يقول: قد تعود ريمة إلى عادتها القديمة. ابتسامة عريضة

15 تعليق

امتحانات الباكلوريا على الهواء مباشرة

التكنولوجيا في خدمة الشعب.

ولأننا مغاربة، شعارنا الدائم “الوضع المغربي المختلف”، فلا بد أن نبدع في استخدام التكونوجيا أيما إبداع.

فوجئت أول أمس في صفحة فريدة على الفيسبوك بامتحانات الدورة الاستدراكية لباكالوريا 2011 توضع بعد دقائق من بداية الامتحان ليحلها أعضاء المجموعة بسرعة ويرسلون الحلول على شكل صور.

2011-07-20 12h09_12 2011-07-20 12h08_48

 

لست أدري من أعضاء المجموعة ولا بأي منطق يجلسون لإضاعة وقتهم ومجهودهم في عمل من هذا النوع، لكن هذا يشير إلى أن تعليمنا في وضع عويص حقا.

المذهل في الأمر هو السماح للمتبارين باستعمال هواتفهم النقالة خلال الامتحان لتصوير المواضيع نقل الحلول على ورقة الامتحان بعدها.. لكن الممتع في الموضوع هو أن المصحيحن سيجدون العديد من أوراق الامتحان وكأنها خرجت من آلة ناسخة!

وسلم لي على المستقبل العلمي للجيل!

20 تعليق

لماذا لا أكتب عن الأحداث الراهنة؟

social

لدي ملاحظة بسيطة: ما أن أنقطع عن التدوين حتى تتسارع الأحداث الوطنية والعالمية في إغراء صريح بالكتابة، وتبدأ النكت اليومية تتهاطل بغزارة تغري بعض الأصدقاء عن التساؤل عن سبب عدم كتابتي عن الموضوع الفلاني، وانتقادي للموضوع العلاني، على نفس الطريقة التي يألفونها في العديد من المواقع والمدونات العربية.

البعض ينتظرون منك أن تسارع للتعليق ما إن يخرج مسؤول ما ليعطس على الملأ بقرار ما. ينظرون منك أن تضع أنفك في كل شاردة وواردة، وتدلي بدلوك الحكيم الذي يجب أن لا تحرم منه البشرية، ما دمت تملك منبرا للحديث.

لهذه الفئة أقول: مع احترامي لآرائكم، وسعادتي لاهتمامكم ومتابعتكم، لست من هذا النوع الكلاسيكي المريح للأسف. تلك الطبقة التي تسبق موقع قناة الجزيرة بنقل الخبر من الشاشة إلى النت. كل هؤلاء الحكماء الذين لديهم نظريات لا يشق لها غبار حول ما يحدث وكيف يجب له أن يحدث. بالتأكيد لدي رأي في كل ما يحصل، لكنني لا أجد أنه من المحتم علي أن أمتع البشرية بصوت آخر ينضم إلى الكم المهول من المتحدثين.

بالمناسبة، أنا لا أسخر من أحد هنا ولا أحط من قدر أحد.. بل إنني من المتابعين النهمين لآراء بعض المدونين والمتوترين والمفسبكين (إن سمحتم لي بالكلمة)، لكنني لا أجد في نفسي كل تلك الحكمة التي تسمح لي بأن أغرق العالم حديثا بدوري.

أعيد وأكرر: هذه مدونة شخصية، أكتب فيها عن الأشياء التي تدفعني للكتابة. قد يحدث حدث جلل على المستوى الوطني أو العالمي، وتجدني أخرج عليك في اليوم الموالي بموضوع عن دمل الأصابع الذي يؤلم كثيرا. ربما بعد ذلك أتحدث في موضوع عميق عن معاناة الجيل، وبعده مباشرة أتحدث من جديد عن دمل الأصابع الذي لا ينفك يعود.

ليس لدي تصنيف للمواضيع بين السخيف والمفيد والممتع والكئيب والكوميدي. إن هو إلا مزاج شخصي لا أقل ولا أكثر. على الأرجح أجد أنني لن أضيف كثيرا إلى الأحداث بالتعليق عليها، وأكتفي بالمراقبة وقراءة المواضيع والمتابعة، وربما بتعليق أو اثنين على تويتر أو فيسبوك.

ولكن بما أن لكل قاعدة استثناء، ولأنني بشري آخر لا يمكنه أن يتحمل أن يبقى في الظل كثيرا، فلا بد أنني قد أخرج بين الفينة والأخرى بتعليقات ومواضيع وآراء تحليلية عبقرية، لكنني أعدكم انني لن أفعل ذلك كثيرا.

23 تعليق

لو لم أكن مغربيا لوددت أن أكون مصريا

لا يوجد شيء يقال. كل ما يمكن قوله سيعد تكرارا باهتا لآلاف الأفكار والكلمات والعبارات التي خطت وقرأتموها في آلاف الأماكن.

بعد ما تحدث صوت الشارع الزين والشارع المبارك فلا صوت يعلوا فوق أصداء أصواتهما.

egypt_protest_08الصورة من هذا موقع

 

مع الثورة التونسية كان نقص إعلام ونقص تغطية ونقص في عدد السكان. كانت المرة الأولى، وكانت حلما لشعب لم يكن يستطيع فتح فمه في يوم من الأيام ولو للإشارة إلى موقع البرلمان. كانت هنالك حلة بخار مغلقة تحتها نار مشتعلة، ولا تملك منفذ تسرب واحد. الإنفجار كان محتما، لكننا لم نحس بقدومه. وقد حصل.. حصل في وجه الطباخ الغشيم.. والتصق الطعام بسقف المطبخ.

في الشارع المصري كانت هنالك منافذ كبرى. كانت هنالك حرية أبواق، وكل يزمر في مكانه. ولكن المزامير لم تطغ يوما على صوت النعاج وهي تسلخ حية في المطبخ. لذا لم يكن هنالك بد من انفجار بدون غاز مضغوط، لأن الدماء تكفلت بذلك.

لم يكن لدي أصدقاء من تونس تقريبا، لكن لدي العديد منهم من مصر. أولائك الذين ينقلون لنا ما يحصل أولا بأول، ويعيشوننا معهم في جو يتنفس الغضب. شممنا معهم رائحة شياط الطبخة التي تركت فوق النار لمدة طويلة جدا، حتى أن منافذ التنفس لم تعد كافية.

اللهم نجهم وقوهم وأدم صمودهم في طريق اللاعودة الذي وصلوا إليه.

13 تعليق

عن المغرب

هذا نص حوار أجراه الصديق محمد عبد القهار معي لبوابة بص وطل الإلكترونية على الرابط التالي: المغرب.. حوار على هامش الجغرافيا

نص الحوار:

يحتلّ المغرب مكانة على طرف العالم العربي والإسلامي جغرافيّاً، لكنه على عكس ذلك يقع بارزا في تاريخه الممتد لأكثر من أربعة عشر قرنا؛ حيث ارتبط ذكره بالأندلس، ومثّلا معا حلقة حضارية متميزة.
لكن اليوم ذهب التاريخ بكل أمجاده، وبقي المغرب مع دول أخرى يحتل مكانة الطرف الجغرافي والإعلامي في مصر، ولست أزعم أنني يمكنني أن أغيّر شيئا من هذا، كل ما يمكنني هو أن أنقل لكم إجابات صديقي المغربي عصام إزيمي؛ لنرى المغرب بعين أحد مواطنيه، وهو يؤكد لنا انطباعات ويصحّح لنا أخرى، وكان مما أثار دهشتي تأكيده على الانطباع المشارقي عن مكانة اللغة الفرنسية في المغرب، على عكس الأمر مع أصدقاء من تونس والجزائر..

maroc

– أريدك أن تحدّثني عن العلاقة الشائكة بين اللغتين العربية والفرنسية في المغرب بشكل عام والتعليم بشكل خاص.


العربية هي لغة التعليم الأساسية في المدارس العمومية حتى مستوى الثانوية العامة كما تسمّونها، بينما لا تحترم المدارس الخاصة خصوصا الابتدائية منها هذا المعيار، حيث إن اللغة الفرنسية تبقى طاغية. لا تزال عبارة أخي الصغير التي يعلن بها بكل فخر أنه يكره العربية ترنّ في أذني حتى الآن.
على مستوى التعليم العالي فهو فرنسي محض، إلا فيما يتعلق بتخصصات كالشريعة أو ما شابه، المشكلة أن فرنسا لا تحتاج لبذل مجهود كبير لإعلاء اللغة الفرنسية، مع وجود كل هؤلاء المغاربة الفرانكفونيين الذين شبّوا على اعتبار اللغة الفرنسية لغة الثقافة والدراسات العليا، والعربية لغة الصحف والمجلات الخشبية والخطب الرسمية التي تقتلك مللا.
اللغة العربية هي لغة المراسلات والتعاملات الرسمية فقط، في حين تبقى الفرنسية هي لغة الاقتصاد والدراسات والقطاع الخاص.

– هل هناك لغات محلية مُستخدمة غير العربية؟ وهل هناك مشكلات مترتبة على ذلك بين العرب والأمازيغ (البربر) في المغرب؟


بالطبع هناك لهجات عديدة متنوعة. اللهجات الرئيسية المعروفة للجميع هي العربية الدارجة، والأمازيغية. إلا أن الاثنتين تتوفران على تنويعات تدير الرأس! بالنسبة للعربية الدارجة فالتنوع في اللكنات وبعض المصطلحات، في حين أن الأمازيغية تنقسم إلى 3 فروع رئيسية: تريفيت (Tarifit) في المناطق الشمالية، تمازيغت (Tamazight) في الوسط، وتشلحيت (Tachelhit) في الجنوب.
الأمازيغ يعتبرون اللهجات الأمازيغية مهمّشة، ويعتبرون العرب مستعمرين للمغرب، والعرب -إن كان بإمكاننا تسميتهم بذلك- بدورهم يساهمون في ترسيخ هذه الفكرة بتهميش كل ما هو أمازيغي، واعتباره شيئا ثانويا يتم التعامل مع تواجده كحقيقة إجبارية. لقد نجح المستعمر في ترك هذا الصراع الأزلي منذ أصدر "الظهير البربري" وحتى الآن. الظهير البربري كان ظهيرا فرنسيا يجعل الأمازيغ المغاربة يحتكمون إلى أعراف ومحاكم مختلفة عن المحاكم المغربية العامة.

ماذا عن العادات والتقاليد في الأعياد والمناسبات في المغرب كالزواج وغيره؟


هناك اختلاف في العادات والتقاليد والأزياء والأشعار والأهازيج من منطقة لأخرى، لكن هناك عامل مشترك وحيد هو الوليمة! ليس على شكل صدقة يُجمع فيها الفقراء ليأكلوا، وإنما تجمّع آخر للعائلة والأصدقاء والمعارف ببذخ أستهجنه جدا.
بالنسبة للزواج هناك عدة طقوس: هنالك هدايا العروس من ذهب ولباس. وهنالك مصاريف حفل العرس من أكل وشرب ولوازمه، ومصاريف الفرق الموسيقية سواء التقليدية أو العصرية حسب نوع الحفل ومنطقته. ومعروف عن أعراس بعض المناطق كفاس والرباط مثلا البذخ المبالغ فيه، حيث إن هنالك عائلات تتكافل فيما بينها كي يكون عرس أحد أفرادها في مستوى البذخ المطلوب، وهو ما يرفع تكاليف الزواج جدا.

وبعد أن تركنا الحديث عن اللغة والمجتمع، انتقلنا للحديث عن الحياة السياسية داخل المغرب، وكالعادة نثبت دائما أننا جميعا في الهمّ "عرب".


– هل هناك رضا عام عن أداء النظام من المجتمع المغربي، أم إن المجتمع المغربي لديه نفس حالة السخط التي توجد عند شعوب عربية كثيرة؟


حسنا.. لا أحد يُنكر أن المغرب قام بخطوات متقدّمة في هذا العقد على مستوى الورش الكبرى، ربما أكثر من أي بلد عربي غير منتج للبترول. هنالك حركية لا بأس بها، وهنالك نجاحات مقبولة. هنالك مبادرات للتنمية البشرية، وتحديث القطاعات. المشكلة أن غالبية هذه المبادرات والورش تُحسب للملك محمد السادس وحده تقريبا؛ حيث إنه المطلِق والمتابع الشخصي لغالبيتها، وكأن دور الحكومة يتلخص في التنفيذ حسب المطلوب فقط. على العموم أظن أن الشعب من هذه الناحية متحمّس لملكه الجديد، لكنه يبقى ساخطا على حكومته كيفما كانت الأحوال.
بالمقابل هنالك تراجع لا بأس به في مجالات حيوية كالتعليم، الذي تتحدّث نتائج طلبته عن نفسها.

– هل هناك معارضة مغربية نشطة خاصة في ظل انتخابات برلمانية وتعددية حزبية في المغرب، ونفقات كبيرة على العملية السياسية أم إنها معارضة ورقية ومنقسمة على نفسها؟


اللعبة السياسية بالمغرب متشعبة، ولها العديد من الخصوصيات التي لن تكفي المساحة للحديث عنها. يمكنني أن أقول بتركيز إن الانتخابات بالمغرب لا تعرف نفس مستوى التزوير بمصر مثلا. النتائج تفرز توجّهات الشارع بشكل لا بأس به. تبقى اللعبة كلها في كيفية التأثير على الرأي العام للطبقات الشعبية البسيطة، ودفعها للانتخاب.
بالنسبة للمعارضة صراحة لست أدري، بدأنا نسمع أسئلة عنيفة موجّهة للسادة الوزراء بالبرلمان، هذا كل شيء. هل هنالك نتائج ملموسة؟ مجددا لم أشاهد الكثير على المستوى العملي. على العموم لقد مللت هذه اللعبة ككل الشباب المثقف هنا تقريبا، لذا رمينا الطوب والأسلحة على طريقة "بلدهم يا عم" المصرية الشهيرة!

– للنظام المغربي خصوصية معينة؛ من حيث إنه نظام ملكي، وفي نفس الوقت تنسب العائلة الملكية نفسها لآل البيت رضي الله عنهم -مثل بعض العائلات التي حكمت المغرب في السابق- ويُلقّب الملك بأمير المؤمنين، فهل ملك المغرب يعدّ خليفة فعلا؟ وما هي حدود سلطاته في ظل وجود نظام يتبنى الديمقراطية والتعددية الحزبية؟

شجرة العائلة المالكة واضحة، ويمكن التحقّق منها بسهولة، ومسألة الخلافة قديمة منذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم. ربما هذا هو السبب في أنه لا أحد يناقش في شرعية الملكية بالمغرب.
أما بخصوص سلطات الملك فهي واسعة بالفعل بقوة الدستور، لذا تجد في غالبية أجندات الأحزاب المعارضة مطالبة كلاسيكية بتقليص هذه السلطات.
وبما أنك ذكرت التعددية الحزبية بالمغرب، فدعني أشر إلى اللمسة الكوميدية في الموضوع. أنا أدعوك لزيارتنا كي ندعم سويا سياسة حزب لكل مواطن!! في حدود آخر إحصائية لديّ هنالك ما يفوق 32 حزبا. هنالك أحزاب انبثقت عنها أحزاب أخرى. وهنالك مواسم انتقالات حزبية كمواسم الانتقالات الرياضية تماما! الخلاصة أن المشهد مثير للشفقة.

 

بالطبع لم أفوّت الفرصة للسؤال عن مشكلة البوليساريو، تلك المشكلة التي يحفظها أي طالب مصري يحترم نفسه قبل دخول امتحان الجغرافيا، لكنها بالطبع أكبر من ذلك عند أصحابها..


– من المشكلات المعروفة للمغرب مشكلة الصحراء المغربية التي تدعم الجزائر فيها جبهة البوليساريو، فهل هي مشكلة سياسية فحسب أم إنها كذلك مشكلة اجتماعية؟ وهل سكان الصحراء المغربية هم شعب مختلف له خصوصيته ويريد دولة مستقلة له؟ وما هو أثر هذه المشكلة على العلاقات المغربية الجزائرية؟


حسنا.. بكل وضوح ودون تحيّز يمكن لمن يشاء أن يعود لكتب التاريخ، وللخرائط التاريخية القديمة على يد مؤرخين أوروبيين "غير مغاربة" ليكتشف بكل سهولة أن الصحراء مغربية. المغرب إمبراطوية قديمة جدا، تم تقليمها شيئا فشيئا.. والمنطقة الرئيسية مصدر الصراع حاليا هي الصحراء.
فرنسا تكفّلت بالاقتطاع من مساحة المغرب التاريخية الشرقية لصالح الجزائر بعد تأسيسها للحدود الشرقية، وهذا ما خلق حالة من شبه الحرب غير المعلنة ما بين المغرب والجزائر حينها. وكان بعض الجنرالات في الجيش المغربي ينتظرون الإذن بغزو الجزائر تقريبا حسب بعض الروايات القديمة.
أما إسبانيا فقد تكفّلت باقتطاع الصحراء المغربية وعزل المناطق الجنوبية (جنوب الصحراء ذاتها) التي كانت ترتبط بقلب المغرب بجذور قديمة، وأتحدث هنا عن المحور الرابط بين قلب المغرب ومناطق من السنغال والنيجر. هكذا قطعت إسبانيا الجذور الإفريقية للمغرب. بعد انسحاب إسبانيا المتذبذب أرادت أن تترك قدما لها بالمغرب عبر إنشاء جمهورية صحراوية ضعيفة مرتبطة بإسبانيا إجبارا. وهو ما حدث تقريبا.

– ولماذا لا نسمع اهتماما مماثلا من النظام المغربي بالمشكلة الحدودية مع إسبانيا؟


المسألة مسألة احتلال مدن وليست مسألة حدود فقط. حلّ مشكلة الصحراء سيجعل المغرب يلتفت إلى مسألة الاحتلال الإسباني لسبتة ومليلية (مدينتان مغربيتان) لا محالة. لكن خصوصية العلاقة مع إسبانيا تتجاوز العلاقة المباشرة إلى علاقة المغرب بالاتحاد الأوروبي بمجمله كشريك اقتصادي مميز. يمكنك أن تفهم صعوبة الوضع لو نظرت من هذا المنظور.

9 تعليقات

الزهايمر

 

استيقظت في الوقت الضائع كعادتي مؤخرا. وبعد قضاء المسائل البيولوجية والروحية، وضعت القهوة الفرنسية على النار، وعدت إلى غرفتي أستبدل القشرة الخارجية التي يدعونها ملابس.

cerveauفي العادة، أضع مرهما واقيا من الشمس على وجهي بسبب التعاطي لأحد الأدوية وضعف البشرة بسببه أمام أشعة الشمس. وضعت قطرات بيضاء ضخمة من المرهم في مختلف أنحاء وجهي، تذكرت القهوة فركضت إليها كي لا تحترق. عبأت الكوب الحافظ للحرارة، وارتديت سترتي الجلدية، وخرجت.

ما به هذا الوغد يرمقني ساخرا؟ نظرات البشر مختلفة هذا اليوم، وهنالك اهتمام لا بأس به بشخصي المتواضع.

أجل أجل.. ملاحظتك في محلها، وسؤالك أكثر من منطقي: “ماذا حل بالبقع البيضاء على وجهي؟”  إنها لا تزال هناك طبعا. صاحبك يمشي الهوينى في الشارع مبرقع الوجه واثقا بنفسه. ومن محاسن الصدف أن سيارتي ليست لدي هذا اليوم.

هذا حادث بسيط من مجموعة حوادث فقدان ذاكرة المدى القريب والمتوسط التي أصبحت أعاني منها.

alzheimer في أحد أيام مراهقتي، كنت فيه بمنزل العائلة أبحث عن كتاب كنت أقرأه للتو. لا زلت أذكر كم الصراخ واتهام أفراد العائلة باللعب في أشيائي الخاصة، وذلك الكم من العبارات من طراز :”حينما أترك شيئا بمكان ما أحب أن أجده بنفس المكان من فضلكم!” و”هذه متاهة وليست منزلا!”. لا داعي لأشرح ذلك الإحساس الذي انتابني حينما وجدت الكتاب في الثلاجة وقد وضعته هناك بنفسي وأنا أستخرج زجاجة مياه باردة، قبل أن أعود لغرفتي وأقيم الدنيا ولا أقعدها.

كانت حالة معزولة حينها، أصبحت الآن شبه قاعدة. أصبحت أربط الأشياء المهمة بتصرفات لا إرادية تذكرني بها. أوراق السيارة مثلا أحملها ومعها واجهة المذياع. هكذا كل صباح، مع ردة الفعل غير الإرادية التي تدعوني لتشغيل المذياع فور ركوب السيارة، أتذكر أنني لم أحمل الاثنين من المنزل. كما أصبحت أحتاج إلى جهاز التنبيه في هاتفي كي أتذكر المواعيد المهمة.

والمعضلة في ازدياد مستمر!

ماذا عن الزهايمراتكم؟

15 تعليق

ماذا أقرأ؟ أو بالأحرى، ماذا كنت أقرأ؟

أجل.. أنا أعلنها بكل جرأة وصراحة ووضوح: لم أعد أقرأ!

اعتراف لا بأس بدرجة فداحته كما ترون بالنسبة لعثة كتب قديمة.. لكن دعوني أتوقف قليلا عند هذه النقطة: أنا لا أقرأ.. ليس بالمفهوم المنتشر الذي يجعل حمل صاحبه لكتاب إحدى معجزات الدنيا السبع، ولكن بمفهوم القراءة لدى عثة كتب قديمة مثلي: أنا لم أعد أقرأ كما كنت سابقا فقط.. وهو أمر أحاول تداركه حاليا حسب الاستطاعة.

نحن مولعون بالحديث عن أنفسنا، ولست أدري ما الذي يجعل قارئا يتحمل قراءة كلمات شخص لا يكف عن الحديث عن نفسه سوى أن يكون ذا أسلوب مشوق يشفع له.  الموضوع اليوم مختلف، حيث أن هذا الواجب التدويني يفيد الآخرين عن طريق التحدث عن أنفسنا. وهذه لعمري فرصة ممتازة.

books

الواجب التدويني، أو التاج هو كالتالي:

من أرسل لك الدعوة:

إنها سيرين. المدونة رقيقة الكلمات التي تنافسني في رياضة الاختفاء التدويني. ربما هناك أخرون لم أر موضوعاتهم. أرى انه من الضروري إخبار المدون الذي أرسل له التاج بريديا.

ما هي كتب الطفولة التي بقيت عالقة في ذاكرتك؟

كانت بداياتي مع القراءة بانتظام مع هدية قيمة من والدي بسنتي الابتدائية الأولى: قصص (العربي بين جلون) الحمراء للأطفال. كان أبي حينها يتوقع أنني ككل الأطفال سأحتاج إلى متابعة ومساندة لقراءة القصص.. لم يرد في البداية أن يعطيني المجموعة التي اشترى كاملة كي أستطيع التحكم في موضوع القراءة. لكن سرعة إنهائي للمجموعة كانت مذهلة بالنسبة إليه، فقرر أن يشتري لي المزيد والمزيد.

من ثم كانت البداية.. كتب عطية الأبراشي ثم كتب المكتبة الخضراء. عالم سحري من أمراء وأميرات وساحرات وحيوانات متحورة.

بعد ذلك اكتشفت عالم المغامرين الصغار الأذكياء: المغامرون الخمسة.. المغامرون الثلاثة.. فأغرمت بأدب الإثارة والمغامرات ذاك في سن صغيرة.

كنت في نفس الوقت أقرأ مجموعة خيالية من كل ما يقع تحت يدي من روايات مترجمة.. في سن الثانية عشر كنت قد قرأت كتبا كالفرسان الثلاثة (النسخة الأصلية الكاملة مترجمة) و ذهب مع الريح، و مجموعة من روايات أجاثا كريستي وأرثر كونان دويل، ومصائب كالبؤساء ونظرات وعبرات. كل هذا تحت دهشة أمين الخزانة التي كنت أقرأ بها الكتب، والذي لم يصدق أن (مفعوصا/ برهوشا) في سني يطلب كتبا مماثلة. حينما أنظر الآن إلى ما يمكن أن يكون طفل في هذه السن يقرأه في هذا الوقت، إن كان يقرأ، فأنا أصاب بالإحباط حقا.

تعرفت في نفس الفترة على روايات مصرية للجيب.. فالتهمت مجموعة رجل المستحيل بأكملها، ثم ملف المستفبل، قبل أن أدخل مجبرا حينها عالم د.أحمد خالد توفيق الساحر.

مَنْ أهم الكتاب الذين قرأتَ لهم ؟

د. أحمد خالد توفيق: رغم أن الرجل كان إلى حد قريبا متجاهلا من طرف النقاد نظرا لأن ما يكتبه كان مصنفا كأدب من الدرجة الثانية (أدب المغامرة)، إلا أن متابعيه قد اكتشفوا منذ عهد بعيد حرفيته الشديدة في صياغة شخصياته الممتازة، وطريقة سرده الأدبية التي تجعل المغامرة أدبا حقيقيا ممتعا إلى أقصى الحدود.

بعد إصداره لرواية يوتوبيا التي أحدثت ضجة كبيرة، وكتابته الثابة لمقالات رائعة عبر عمود أسبوعي بجريدة الدستور أصبح الرجل يحصل على المكانة التي يستحقها.

أحلام مستغانمي: صاحبة أحد أكثف الأساليب التي قرأتها في حياتي.. في فقرة واحدة قد تصف لك خمسة أشياء وتتحدث في عشرة مواضيع بسلاسة انتقال مذهلة. لم أر المسلسل المبني على رواية ذاكرة الجسد، لكني أظن أن تحويل رواية كهذه إلى عمل درامي سيسطحها جدا. هذه الرواية خلقت لتبقى أدبية.

غسان كنفاني: “رجال تحت الشمس” كانت صدمة عاطفية لي في سن السادسة عشر. هذا الرجل برواياته القصيرة جدا قربني كثيرا إلى القضية الفلسطينية من منظور إنساني فير تقريري.

طه حسين: نسيت تماما روايته “الأيام”، لكنني أظن أنها رواية غيرت طابع الرواية العربية.

جورجي زيدان: الوصول إلى كتابة روايات تاريخية مشوقة.. لم أكن أتوقع ذلك في سني آنذاك إلى أن قرأت للرجل.. صحيح أنني اكتشفت لاحقا أنه كان  مولعا بتحريف معطيات تاريخية، إلا أن الروايات لا بأس بها.

نجيب الكيلاني: رواياته مختلفة.. أذهلتني رواية “عمر يظهر في القدس” كثيرا حين قراءتها.

نجيب محفوظ: ذو العوالم الواقعية ذات الاسقاطات الممتازة. بالتأكيد لا يمكنك المرور دون قراءة ثلاث أو أربع روايات على الأقل للرجل.

علاء الأسواني: أظنه منافسا لا بأس به لنجيب محفوظ في غني شخصياته وتنوعها.. ربما يبدو أسلوبه سها، لكنه ممتع في ذات الوقت. المسألة مسألة حبكة وقوة بناء للشخصيات. ربما هنالك تحفظ كبير على طريقة توظيفه للجنس في الروايات خاصة شيكاجو، وانا أتفق ان بعضه مجاني وصريح أكثر مما يجب. من الأشخاص الذين اتابع مقالاتهم على الأنترنت.

بلال فضل: أحد رواد الكتابة الساخر حاليا. تعرفت على الرجل ككاتب قبل سنة، واكتشفت أنه صاحب سيناريوهات العديد من الأفلام المصرية الحديثة التي راقتني جدا. مجموعاته القصصية خصوصا الأخيرة منها ممتازة جدا. وأخص بالذكر “ما فعله العيان بالميت” و”ضحك مجروح”. وعيه السياسي وأراؤه العميقة تروقني جدا. يكتب عمودا يوميا بجريدة “المصري اليوم”.

يجب علي التوقف هنا لأن اللائحة طويلة جدا.

من هم الكتاب الذين قررت ألا تقرأ لهم مجددا؟

لا يوجد.. لا أظنني أستطيع أن أجزم يوما أنني لن أقرأ للكاتب فلان الفلاني، لأنه قد يصدر كتابا يثيرا جدلا كبيرا يستفزني لقراءته.

 

ما هو الكاتب الذي لم تقرأ له أبدا ، وتتمنى قراءة كتبه ؟

فهمي هويدي، وعبد الوهاب المسيري، وجابرييل جارسيا ماركيز. هم في قائمة الإنتظار بالفعل.

في صحراء قاحلة ، أي الكتب تحمل معك؟

سأحتاج هناك إلى متعة تامة في القراءة.. إذن سآخذ كتبا لأحمد خالد توفيق وبلال فضل وربما محمد عفيفي. هل نسيت ذكر محمد عفيفي سابقا.. (الله يسامح).

 

ما هي الكتب التي تقرؤها الآن ؟

ضحك مجروح لبلال فضل

العادات السبع للأشخاص الأكثر فاعلية (للمرة الثانية) لستيفن كوفي.

فيرتيجو للكاتب الشاب أحمد مراد.

 

أرسل الدعوة لأربعة مدوّنين:

جمال النائم في العسل، والذي يضيع وقته بلعب PES في العرفة المجاورة حاليا.

بثنية

حمود الذي اشتقت لتدويناته.. عساه يجبر بخاطري ويكتب.

محمد الساحلي عله يعود إلى صفوف المدونين بالأرض ويشاركنا لائحته التي أنا علي يقين انها خرافية الطول.

 

هذه أطول تدوينة كتبتها منذ سنوات.. ألم أخبركم أن الإنسان يحب التحدث عن نفسه كثيرا.. من وصل منكم إلى قراءة هذه الجملة فهو يستحق جائزة..

17 تعليق

عرب قذرون وأمازيغ مغفلون

حينما كنت طفلا صغيرا في مدينتي الأم تزنيت، المدينة السوسية الأصيلة، لم أكن أمازيغيا بما فيه الكفاية كي يعتبرني الأطفال هناك كذلك. رغم أن والدي أمازيغي جدا. لكن كون والدتي مراكشية جعل لغة الحديث بالمنزل هي الدارجة المغربية. هكذا كنت هناك نوعا من”أعراب إجان” وهي جملة أمازيغية تعني “العربي كريه الرائحة”. حينما انتقلت للدراسة بالرباط، كانت لهجتي الدارجة تشوبها لكنه أمازيغية واضحة. هكذا أصبحت هناك “شلح غربوز”، بمعنى “أمازيغي مغفل ساذج”. (موصيبة كحلا صافي).

مشكلتي أنني أقع في المنطقة الرمادية بين الإثنين، ليس بين الكريه الرائحة والمغفل الساذج طبعا، بل بين الأمازيغي والعربي. ولكل منهما مصيبته:

مصيبة العربي هي أنه يعتبر الأمازيغي مواطنا من الدرجة الثانية. يعتبره مواطنا لمهن البقالة والخدمة في المقاهي والجزارة وغيرها من المهن المحترمة التي لا أحط من قدرها، إنما يعتبرها العربي المتعصب مهنا من الدرجة الثانية. لو خرجت قليلا عن نطاق الشركات والقطاعات العمومية إلى الشارع فهنالك من لن يصدق أن هنالك محامون ومهندسون وأطباء أمازيغ. وأنا لا أبالغ هاهنا. الأمازيغي بالنسبة له دوما هو شخص بخيل ساذج، لا يمارس سوى نشاط جمع النقود ليبعثها إلى قريته. يرتدي البلوزة الزرقاء أبدا حتى في فراشه، كما يصوره التلفاز المغربي، ويتحدث بلكنة قاتلة مثيرة للضحك والسخرية.

مصيبة الأمازيغي، وأنا أتحدث عن المتشددين هنا ، أنه يفضل أن نصبح كلنا فرنسيين نتحدث لغة موليير، إضافة إلى الأمازيغية إن أمكن، على أن نتحدث العربية إضافة إلى الأمازيغية. مشكلته أنه يعتبر المواطن غير الأمازيغي عبارة عن محتل. مشكلته أنه قد يقبل التعامل مع إسرائيل أو الشيطان ذاته لو أخبرته أن هذا سينسف العرب من خريطة العالم. مشكلة الأمازيغي أنه ينصب متحدثين عنه أشخاصا كأحمد الدغنري (في الفيديو) لا يعرفون حتى كيف يتحدثون أو يدافعون عن معتقداتهم دون أن يبدوا سذجا.

الموضوع يدعو للأسف حقا!  لدي الكثير من الأمثلة والكثير مما أود الاستفاضة في الحديث عنه، إلا أن الموضوع مؤلم بالفعل.

53 تعليق