تجاوز المحتوى

الرياضة المغربية.. الضربة القاضية..

marocghana.jpg

كنت قد قررت مشاهدة آخر مباريات المنتخب المغربي في جو جماعي يذكرني بأيام ماضية.. أيام الدارسة، حيث كتبت سنة 2004 :

الكرة.. تلك الساحرة المستديرة التي لطالما حركت الأفئدة و أهاجت المشاعر..
اليوم اقتنعت أنها أكثر من مجرد لعبة أخرى..
أكثر من مئة زوج من العيون متعلقة بشاشة واحدة.. بكرة واحدة.. بفريق واحد..
حجزت المقاعد في مقهى العهد منذ الثامنة صباحا..
الكل يضع وريقة صغيرة فوق كرسي ما كنوع من الحجز المسبق..
حتى كراسي المقصف المجاور لم تعد كذلك.. و انتقلت إلى حرم المقهى..
و حتى الطاولات لم ترحم، و تحولت إلى مقاعد إضافية بقدرة قادر..
الثانية عشر و النصف.. المقهى ممتلىء عن آخره..
الأوكسجين منعدم، و الواقفون أكثر من الجالسين..
و لو كان بإمكان البشر التعلق بالسقف كالخفافيش لفعلوا..
و تبدأ المباراة..
و تتحرك المشاعر مع كل محاولة تهديف..
و تهتز الافئدة مع كل محاولة ضائعة..
لحظات رعب فائق و الكرة في منطقة خطر فريقنا..
يخيل لك أن الكل هناك.. يلعب على أرضية الملعب..
الكل يلعب بصراخه .. بهتافه.. بتصفيقاته الحارة..
و فجأة.. و كحلم طائر.. أتى الهدف..
تزعزعت الجدران من هتاف الحناجر..
يخيل لك أن لهيب العناقات الحارة يلفح وجهك في ضراوة..
حينها.. حينها فقط، تكتشف حلاوة اللعبة..
تنفض عنك مظاهر الرزانة لترقص فرحا..
و تدمع عيناك و انت تصفق و تغني مع الاخرين بصوت واحد و نفس واحد..
فيال روعة الفرجة الجماعية..

فتعالوا الآن نتحدث عن الهراء الجماعي الذي عشناه جميعا في مقهى بالدار البيضاء..
كان الجميع يجلسون ممنين أنفسهم بصحوة الأسود (المدللة) لتعود إلى المنافسة من جديد. والحقيقة أن أسودنا تحولت إلى قطط وديعة أمام إصرار فريق يلعب ولا يمزح.
في البداية وجدت كل الكراسي ممتلئة والواقفون أكثر بمراحل من الجالسين..
مع الهدف الأول الذي مني المنتخب به، وجدت نفسي جالسا متمتعا بأربعة مقاعد فارغة بجواري..
مع الهدف الثاني، كان الأوكسجين قد ملأ المقهى مجددا ووجدنا متنفسا لنا..
تزايد الحماس مع تسجيل أول هدف لنا، ثم قتل تماما مع تلقينا للهدف الثالث، ليتحول اللقاء بالنسبة لي على الأقل إلى مهزلة تستحق الفرجة وتثير هستيريا من الضحك..
أجل، تحولت على معتوه آخر يضحك مع كل جرة كمان تعزفها قدم لاعب من لاعبينا، ومع كل محاولة خرقاء..
وحينما تحول الأمر إلى مباريات للخيال العلمي، كاد يسجل بها الخصم بضربة مقض خلفية، ولقطة أخرى اخترق خلالها المهاجم (أغوغو) دفاعنا كالورق، هنا كدت أستلقي على الأرض مهلكا بالضحك.. ناهيك عن مشهد لاعب غاني يخرج محمولا على نقالة بسبب ضربة من مؤخرة أحد لاعبينا.. (الحصول.. ضحكنا مزيان!)..

لا بأس إذن.. بعد وفاة التنس منذ مدة، والانتحار الأخير لألعاب القوى، تأتي كرة القدم لتنهي المجزرة وتعلن رسميا أن المغرب أصبح صفرا كامل الاستدارة في المنافسات الرياضية..

المهم في هذا كله، هو أنني أعجبت جدا بتلك الروح العربية القومية العالية التي يتمتع بها المعلق التونسي الرائع (عصام شوالي) والتي لا أدري لماذا لا يتمتع معلقونا بعشرها حينما يتعلق المر بالمنتخب التونسي أو المصري مثلا.. حيث تجدهم يعلقون وكأن فريق العدو هو من يلعب.
هناك توجه منتشر بكثرة هنا في المغرب مفاده أنه من الأفضل أن تنهزم مصر وتونس أمام أي منتخب إفريقي أو عالمي آخر.. والسبب، حسب مزاعم المعتنقين هو أنهم (فيهم العياقة)، وخصوصا المصريين..
يا سيدي الفاضل.. إذا كنت تعتبر التعبير، وإن كان مبالغا، عن الحب للوطن والانتماء مجرد “عياقة”، فأتمنى لو كنا “عايقين” بدورنا.. ولو كان منتخبنا كذلك لما خسر بهذه الطريقة التي تدل على اتعدام روح الوطنية.. (بالدارجة.. ما فيهومش النفس لي عند المصريين)..
على العموم سأعود لموضوع الإحساس الوطني هذا في تدوينة مفصلة لاحقة، لأنه يحتاج تفصيلا أكبر، ووقتا لا املكه حاليا للأسف..

تعليقات على الفيسبوك

Published inأنف في الحدث

8 تعليقات

  1. ممتفقش معاك منين قلت..”.. (بالدارجة.. ما فيهومش النفس لي عند المصريين)..”
    لأن آش عند النفس مدير قدام حكام عارف النتيجة قبل من تلعب المبارة …أتقول ليا ..” احنا فين ما متلعبوش تنديرو السبة فالحكام ..فالتيران….” .. أنقول ليك..إيه ملعبناش و لكن الحكام حيدو لينا جوج تلمرات التعدول..المرة الأولى محسبش ضربة جزاء ضد غينيا..و الثانية الهدف اللي محسبش فالماتش تاع غانا…
    أو فالأخر أنقول ليك…أن اللي عندو مّو فالعرس متيباتش جيعان…فهمها كيف ما بغيتي…هههه

  2. أوافقك الرأي وكلامك صواب مئتين في المئة ولن ننتظر شيئاً من كرتنا مادامت تتحكم بها أياد مخزنية

  3. trés véridique ton texte, je suis d’accord avec toi à 100%.

    cette question dial ” Ennafss c’est ce qui me fais mal le plus dans cette aventure dial la CAN, au moins qu’il considère les sentiments ed millions de marocains qui les regardent.

    Ellah yahdihoum aâlina

  4. لا تقلقوا . كلشي مزيان . أتسأل مالذي سنجنيه من منتخب يلعب من اجل المال وليس من اجل القميص

  5. اكره المباريات بالنسبة لي هي المباريات بين فريقين عربين أحس أن لا طعم لها، لا أستطيع تشجيع أي منهما..ههه

    حتى عندما يكون الفريق السوري مع عربي..نعم السوريين يشجعون الفريق السوري، لكن عندما يخسر تراهم كلهم يقولون مثلا مع مصر:

    واحد
    واحد
    واحد

    سوريا ومصر واحد.

    ههههه، يعني فايزين على الحالتين.

    يؤسفني سماع هذه الترهات عن المصريين والتونسيين، فعلاً يؤلمني ذلك 🙁 .

  6. أسامة:
    ردي عليك يا عزيزي بسيط جدا: هل غش الحكم لك مثلا يبرر أن تبدأ بالمشي فوق عشب الملعب بدل الركض؟
    اما عن المثل الذي تتحدث عنه فلن أحاول فهمه كما أريد لان هذا يتعلق بأم من المتواجدة بالعرس 🙂
    شكرا..

    :gnawi
    الأيادي المخزنية تتحكم في كل شيء.. “بقات غير فالكورة؟” 😀

    :radouane
    لا أظن الأمر متعلق بحسابات كإحساس المغاربة فقط.. الحسابات الوحيدة التي تثير حفيظتي هي التي تودع في حسابات المدربين أمثال الاخ هنري الذي خسرنا معخ دم قلبنا قبل هذا، ولا نزال نصر عليه، حتى بعد فضيحته السابقة معنا..

    اربح من الانترنت:
    لسنا قلقين يا عزيزي.. لا احد يقلق من الرماد بهد ان تنطفئ النيران.. ألم أقل أنني ضحكت كثيرا.. على الأقل استفدت شيئا..

    علوش:
    للأسف هنالك نحن بعيدون كل البعد هنا عن تلك الروح التي تتحدث عنها..
    بعيدون جدا..
    لكن هذا لا ينفي أن هنالك مغاربة مختلفون..
    لا عليك عزيزي..

    تحياتي للجميع

  7. تحياتي أخي عصام
    الوطن كتلة واحدة، إن صلُحت سياسته، صَلُح تعليمه وصحَته وررياضته… أما وأن الأمر غير ذلك (سياسة مخزنية “رَشَوية” فاسدة) فلا تنتظر نتيجة أحسن من نتائج 7 شتنبر الماضي. إن كرة القدم رياضة جماعية تتطلب استراتيجية وتكتيك جماعيين، وبما أن العمل الجماعي ثقافة وسلوك يُكتسب بالتجربة، فإن فريقا توجد به 4 عناصر تمارس في المغرب و 19 عنصرا خارج المغرب (فرنسا، اوكرانيا، الامارات …) لن يتواصل عناصره بالشكل الجيد.
    أضف الى ذلك الوضعية التي توجد عليها جامعة كرة القدم ورئيسها الأزلي الجاتم على صدرها ونهج أسلوب اللجن المؤقة الخ. فقد توقفت عن مشاهدة الفريق “الوطني” مند أيام الدراسة في الثانوي ولست نادما لكونه لم يحقق أي شيء مند ذلك الوقت. ولا يحز في نفسي غير عشرات الملايين الشهرية، من أموال المغاربة، التي يسحقها مدرب الفريق.
    تعازي لكل محبي هذه اللعبة

  8. لمياء لمياء

    اولا السلام عليكم مع انني فتاة فانني اعشق كرة القدم واتمتع بروح رياضية الا ان الحالة التي يمر منها منتخبنا الوطني لا تدعو للتفاؤل فعندما تكون مباراة ودية و ترى الاسلوب العالي واللعب الجماعي(كتقول صافي هادا هو المنتخب لغادي تعول عليه وفلمعقول كتلقا صوتك بح بلى فايدة اوا لاه يهديهم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.