عندما يقترب عيد الأضحى، تبدأ الخرفان بالشعور بالأهمية أولا، ثم الخطورة لاحقا.. الأعلاف تتزايد بشكل غير طبيعي، والزيارات البشرية تتوالى بشكل مثير للريبة، والكل ينظر إليهم بنظرة غير مريحة، والمباحثات والمشاورات مع صاحب المزرعة تدور على قدم وساق..
لذا فمن الطبيعي أن يحس الأكباش بالخطورة، ولا أحد يلومهم إن بدءوا بتسنين قرونهم استعدادا للدفاع عن النفس.. ويبدو أنهم قد يقيمون اجتماعا سيفضي بهم بعد مباحثات طويلة، وبعد تكوين لجان تنبثق عنها لجينات، إلى اتخاد قرار خطير بالإضراب عن الطعام، وذلك كي يقضوا على آمال أكلة لحوم الأغانام (الكانيبالات البشرية)..
لماذا أضع مثل هذه التصورات؟ لأننا حينما فتحنا بطن الكبش أمس وجدنا معدته شبه خاوية، وقد يبس البراز على جدران (الكرشة) كأنه لم يأكل منذ قرون.
طبعا لن أتهم صاحب المزرعة بشيء، فالرجل يؤكد أنه يقدم العلف الممتاز لقطيعه دوما، وهو –زيادة على ذلك- علف مستورد.. فالأغنام عنده تربوا على العز.
الحقيقة أن العديد من الظواهر غير الصحية تنتشر قرابة عيد الأضحى.. فمن نفخ الكباش بالملح والمياه، إلى نفخها الفعلي بمنفاخ العجلات، وقفل الفتحات بالأشرطة اللاصقة (وأنا لا امزح هاهنا)..
هذا من جهة الباعة.. فماذا عن الزبائن؟
لقد تحول العيد من فريضة وشعيرة دينية إلى مأدبة لملء البطون، والبحث عن الأكباش ذات القرون:
-“من فضلك عزيزي.. لن أقبل بكبش أصغر من الذي أحضره زوج خديجة.. أنا أحذرك من الآن! لا أريد أن يقال عنا فقراء أو معدمون..”
-“حاضر!”
-“لا تنسى أن يكون من النوع البلدي الممتاز!”
-“حاضر!”
-“ثم يجب أن يكون ذا قرون طويلة ملتوية.. فهذا دليل على الصحة!”
-“هذا الوصف يناسب جديا أكثر مما يناسب كبشا.. ما رأيك بعجل وننهي النقاش؟”
-“حقا! العجل سيكون أفضل.. فليكن!”
يمتع الزوج نفسه بضرب رأسه بالحائط، ثم يفر هاربا..
هذا مشهد مألوف حاليا.. وأنا لا أقصد أن أنتقد الزوجات هنا، فهناك من الذكور من هو أكثر ولعا بالتفاخر وملء البطن..
ووسط هوس شراء الأضحية بأي ثمن كان، تفشت ظاهرة غريبة مؤخرا تتمثل في الإستدانة بالربا لشراء الأضحية.. هذا يشبه من يتوضأ بالخمر وهو معجب بنفسه..
في ملصق كبير بإحدى اللوحات الإشهارية بالرباط، رأيت عرضا من إحدى الأبناك يتلخص في قرض لشراء كبش العيد مقابل مئتي درهم شهريا.. وبغض النظر عن عن الرأي الشرعي في الأمر يبدو العرض مغريا.. فقط لو كنت تجيد الحساب ستكتشف أنك مع نهاية مدة السداد ستكون دفعت ثمانية آلاف درهم فقط.. هكذا تكون اشتريت خروفا بثمن عجل صغير بالفعل..
السلام عليكم
بالفعل، إن موضوع عيد الأضحى لموضوع دسم، أدسم من مأدبة العيد نفسها..ومع ظهور التقنيات الجديدة كان لزاما على طقوس العيد أن تتبع الموضة.
قرأت في إحدى المقالات أن صاحب إحدى المزارع يقوم بعرض أغنامه للبيع على شبكة الأنترنت، تختار الكبش الذي يعجبك وهو سيتكلف بإيصاله إلى منزلك إن كنت في الرباط أو البيضاء.
مارأيك يا عصام أن نطور هذه الفكرة ونعممها على المغرب بحيث نمكن الزبائن من تحميل الخروف على حواسيبهم؟
شيء آخر، لم يعد الأزواج يستطيعون شراء الكبش إلا بعد أن يرسلوا MMS بصورته إلى زوجاتهم وتصلهم الموافقة
تحياتي
أحيانا قد يفوق سعر كبش العيد سرعته التي يجري بها بين الأغنام وأحيانا يكون سعره بسعر كبش لحمه كله كبده .