حينما كنت طفلا صغيرا في مدينتي الأم تزنيت، المدينة السوسية الأصيلة، لم أكن أمازيغيا بما فيه الكفاية كي يعتبرني الأطفال هناك كذلك. رغم أن والدي أمازيغي جدا. لكن كون والدتي مراكشية جعل لغة الحديث بالمنزل هي الدارجة المغربية. هكذا كنت هناك نوعا من”أعراب إجان” وهي جملة أمازيغية تعني “العربي كريه الرائحة”. حينما انتقلت للدراسة بالرباط، كانت لهجتي الدارجة تشوبها لكنه أمازيغية واضحة. هكذا أصبحت هناك “شلح غربوز”، بمعنى “أمازيغي مغفل ساذج”. (موصيبة كحلا صافي).
مشكلتي أنني أقع في المنطقة الرمادية بين الإثنين، ليس بين الكريه الرائحة والمغفل الساذج طبعا، بل بين الأمازيغي والعربي. ولكل منهما مصيبته:
مصيبة العربي هي أنه يعتبر الأمازيغي مواطنا من الدرجة الثانية. يعتبره مواطنا لمهن البقالة والخدمة في المقاهي والجزارة وغيرها من المهن المحترمة التي لا أحط من قدرها، إنما يعتبرها العربي المتعصب مهنا من الدرجة الثانية. لو خرجت قليلا عن نطاق الشركات والقطاعات العمومية إلى الشارع فهنالك من لن يصدق أن هنالك محامون ومهندسون وأطباء أمازيغ. وأنا لا أبالغ هاهنا. الأمازيغي بالنسبة له دوما هو شخص بخيل ساذج، لا يمارس سوى نشاط جمع النقود ليبعثها إلى قريته. يرتدي البلوزة الزرقاء أبدا حتى في فراشه، كما يصوره التلفاز المغربي، ويتحدث بلكنة قاتلة مثيرة للضحك والسخرية.
مصيبة الأمازيغي، وأنا أتحدث عن المتشددين هنا ، أنه يفضل أن نصبح كلنا فرنسيين نتحدث لغة موليير، إضافة إلى الأمازيغية إن أمكن، على أن نتحدث العربية إضافة إلى الأمازيغية. مشكلته أنه يعتبر المواطن غير الأمازيغي عبارة عن محتل. مشكلته أنه قد يقبل التعامل مع إسرائيل أو الشيطان ذاته لو أخبرته أن هذا سينسف العرب من خريطة العالم. مشكلة الأمازيغي أنه ينصب متحدثين عنه أشخاصا كأحمد الدغنري (في الفيديو) لا يعرفون حتى كيف يتحدثون أو يدافعون عن معتقداتهم دون أن يبدوا سذجا.
الموضوع يدعو للأسف حقا! لدي الكثير من الأمثلة والكثير مما أود الاستفاضة في الحديث عنه، إلا أن الموضوع مؤلم بالفعل.
freedom to berber
freedom to berber
الغباء الحقيقي هو عدم تجاوز قراءة عنوان الموضوع.