تجاوز المحتوى

الشهر: ديسمبر 2005

أيها الشعب المطحون.. المرض ممنوع !

حينما تقرر أن تمرض في هذه البلاد السعيدة دون أن تكون ابن فلان أو أن تكون فلانًا ذات نفسه، فإن ذلك يكون غير صحي بما تحمله الكلمة من معنى..

بداية، يستقبلك حارس بوابة المستشفى الحكومي بأشنع تكشيرة دبلوماسية ممكنة! ولن تفتح لك البوابة قبل أن تشرح له دوافع زيارتك الموقرة للمستشفى محاولاً إقناعه أنك مريض حقًا ولست هناك للسياحة أو لركوب الخيل قطعًا.. هكذا تروي ظمأ الشعور بالأهمية لديه..

تجتاز اختبار القبول بنجاح، وها أنت تتقدم غير عالم بأن ما ينتظرك هو الأشنع.

يستقبلك ممرض الاستعلامات.. وكأي ضابط استجوابات محنك، يسأل عن اسمك ومهنتك ومحل إقامتك، وربما يطلب بطاقة هويتك للتأكد من أنك أنت ذات نفسك ولست آخرًا.. حاول أن لا تنسى أن تسأله عن وجهتك لأنه لن يفعل بالتأكيد، بل يكتفي بإعطائك ورقة عليها رقم ما ويتركك تحاول استنباط العلاقة الرياضية الفذة التي تربط بينه وبين المكان المراد التوجه إليه..

ورغم توجيهات الاستعلامات الوجيهة، لا مفر لك من الضياع وسط الأروقة المتشابكة كأي متاهة تحترم نفسها. والمشكلة في الأمر أنك طيلة فترة البحث في الأروقة قد لا تصادف ممرضًا واحدًا ينير عتمة مسارك المجهول.

وبعد أن تغرق في التوغل في مجاهل إفريقيا تلك، ستنتبه حتما بعد فوات الأوان إلى تلك العلامات و العبارات الموجهة التي تذكرك بالطرق السيارة :

مختبر.. (للفئران قطعًا)

غرفة العمليات.. (عمليات النصب و الاحتيال قطعًا)

مركز تحاليل الدم (حيث ستجد مصاصي دماء بالتأكيد)

ولا تفاجأ إن وجدت علامة تقول: احذر التساقطات الصخرية على حافة الطريق.. فكل شيء مقبول في مثل ذلك المكان.

تصل أخيرًا أمام غرفة الطبيب العام، وهناك من المؤكد أنك ستجد الشعب كله بين الجالس والواقف بانتظار الدور.. تقف بدورك، و بمرور الوقت تجد نفسك جالسا فوق شي ما لا تدري كنهه.. ربما هي الأرضية الباردة .. تنام، وتستيقظ.. بجانبك امرأة حامل.. تضع حملها.. يكبر الطفل..يلعب بجانبك و أنت تتثاءب بملل..

أخيرًا يأتي دورك.. لا تدري كم قضيت في هذا المكان لكنك داخل غرفة الطبيب أخيرًا..

يسألك بضجر: ماذا لديك؟

تجيب: لدي حمى و غثيان و أحيانًا أشعر بـ…

يقاطعك أن “اصمت فقط فهمت”.. فهم ماذا من مجرد كلمتين؟ هذا ما يعلم به الله فقط.. يكتب فوق ورقة الدواء تشكيلة متنوعة من الأدوية.. تشكيلة كافية لعلاج نزلاء مستشفى كامل على ما يبدو..

تتذكر قول صديق لك في ميدان الصحة: إن الأطباء لا يعطونك الدواء الأرخص أو الأكثر مناسبة.. بل يعطونك الدواء الذي يرون وجه ممثل شركته بكثرة، حيث يتلقون المزيد و المزيد من العينات، والمزيد من الهدايا كالأوراق والأقلام و ما شابه، بمجرد أن يرسلوا المزيد والمزيد من المرضى المطالبين بنفس الدواء في الصيدليات..

تتوجه لأقرب صيدلية.. وبمجرد أن تطالع فاتورة الأدوية التي ستقـتـني سوف تشعر بالتحسن بالتأكيد.. وستتأسف عن عدم أخذك للدواء لأن الحاجة إليه انتفت..

لقد أصبحت منيعًا ضد جميع الأمراض..لن تمرض بعد الآن..

هذا وعدّّ

3 تعليقات

داء الشعر والخاطرة..

كل من يراك جالسا، والقلم والورقة بين أناملك، يبتسم..
ربما بإعجاب.. وهذا نادر..
ربما بسخرية.. وهذا وارد..
ربما بمزيج منهما.. وهذا الأرجح..
ثم يقترب من مجلسك ليتحفك بالسؤال الكلاسيكي المحتم:
-“شعر؟”
فحسب تصور الزملاء الأفاضل، كل من يختلي بنفسه، أو الأشنع من هذا يجلس بمقهى كي يكتب، فهو حتما يكتب شعرا.. هذا لو كان ذو مكانة رفيعة.. و إلا فمن المؤكد أنه يكتب خاطرة.. وهذه مكانة أوضع..
هكذا تنقسم الأجناس الأدبية في التفكير الطلابي المتداول إلى: شعر أو خاطرة..

لست أدري هل تساءل أحدهم يوما عن مصدر ما يقرؤونه أو يسمعون عنه من قصص أو روايات أو مقالات؟
برأيي كتابها أشخاص عاديون مثلي ومثلك.. لا يطيرون، ولا تخرج النيران من أنوفهم مثلا.. فما المانع من أن تكون أحدهم؟ أحد أولائك الخرافيين الذين يستطيعون تحقيق معجزة إنتاج شيء آخر غير الخواطر والأشعار..

الحقيقة أن الشباب معذورون.. ففي الوسط الطلابي، أغلب من يكتب أو يدعي الكتابة، فهو ينتج أحد هذين الجنسين الأدبيين..
أنا لا أبخس الشعر قدره مثلا، لكنني أجد ان أغب من يدعون كتابته هم مجرد متحذلقين لا يستطيعون حتى ضبط الموسيقى الشعرية كما يجب.. فلا هم يكتبون شعرا حرا، ولا هم يكتبون شعر النثر.. إنهم في برزخ ضائع بين الإثنين..
أما الشعر العروضي، فلم يعد أحد يتحدث أصلا، في الوسط الطلابي، عن إنتاجه منذ مدة لا بأس بها.. وفي نفس الوقت، قليلون هم من يجسرون على اقتحام عوالم القصة القصيرة، ناهيك عن الرواية.. أما المقالات، فيمكنك مسحها من خريطة التفكير بضمير مرتاح، اللهم إلا من رحم ربك ممن أتيحت لهم فرص أجبرتهم إجبارا على كتابتها لهذه المجلة الطلابية أو تلك..

لهذا أقولها عالية:
شباب.. أنا أكره كتابة الشعر..
ربما اكتب خواطر وهذا نادر..
لكن حينما تجدونني جالسا أكتب، أرجو فقط ان ترحموني من ذلك السؤال الكوني.. وكونوا على يقين أنني أكتب أي شيء عدا الشعر..
قصة قصيرة.. رواية.. مسرحية.. مقالة..
اختاروا ما تشاؤون..

6 تعليقات

عن!

يبدو أنه من المحتم أن يكتب كل مدون في صفحة سيرته الذاتية أشياء من قبل أنه يكره هذه الصفحة ولا يجد لها معنى أو فائدة.. ولكنه مجبر على كتابتها لسبب من الأسباب، أو لأن الضرورة تحتم ذلك، أو أي خزعبلة من هذا القبيل..
لذا فأنا لن أحدثكم عن نفسي هنا كنوع من التجديد.. سوف أتحدث عن برنامج جديد فقط:

عصام إزيمي 1.0

الإصدار الأول والأخير من هذا المخلوق غريب الأطوار..
نسخة 01 فبراير 1983 بمدينة تيزنيت.. المغرب

المميزات:

– غير قابل للنسخ أو القرصنة.. فهو، على كل حال، عبارة عن برنامج مجاني (Freeware)..
– يدعم اللغة العربية والفرنسية.. وبشيء من التسامح يمكنه أن يقبل الإنجليزية..
– مهندس دولة تخصص معلوميات..
– يلقبه بعض أصدقائه ب”قلم الرصاص ذو الممحاة”.. وهو اسم أثير لديه، لكنه مقتصر على أصدقاء النت..
والسبب في هذه التسمية أنه إنسان ذو بعد وحيد: ارتفاع فقط..
– هو عبارة عن مجموعة مشاريع وأحلام يحتاج تحقيقها إلى خمس حيوات لا واحدة: مشروع مخرج سينيمائي.. مشروع عازف ملحن.. مشروع روائي.. مشروع مصمم (ليس على الإنتحار طبعا)..مشروع ممثل مسرحي (…)
– مقيم حاليا بسيرفرات الدار البيضاء..

هممم.. ماذا أيضا؟
قد أعود بالجديد لاحقا..


8 تعليقات

لمحة من عذاب..

نادرة هي القصص القصيرة التي كتبتها.. ربما لأنني ثرثار كبير يميل إلى التطويل والطابع الروائي، وهو الشيء الذي لا تتيحه القصص القصيرة التي تحتاج إلى تكثيف بالأسلوب والمعنى..
فقط تبقى هذه القصة من العمال الأثيرة لدي.. الأثيرة جدا
!!

——————————————————————–

إن البياض يخنق البصر على مدى الأفق. و الحيرة تسد أنفاق الأفكار..
رداء أخضر طويل يكسو الأرض حتى الأفق، و حملان تحاول أن تطاول بأنوفها السماء..
حيث الحمام يفرد أجنحته أسرابا تطغى ببياضها على زرقة السماء..
ابتسمت ساخرا.. كيف تراقب الحملان الحمام و تهفو إليه و الذئاب بجانبها تتربص حينا، و تطبق على كواحلها أحيانا.. بل و يختفي بعضها بين الفينة و الأخرى تحت غياهب الأنياب و الآخرون لا يزالون مبتسمين للحمام..
أدرت ظهري للمشهد الأزلي الساخر، و رنوت إلى ذلك المبنى المنزوي و حيدا في ركن الشارع وقد دعاني إليه سكونه..
في إحدى الغرف استقرت براءة الربيع غافية بسكينة.. طفل لم يجاوز بعد ربيع عمره الثامن مسحت ملامح براءته سموم ذكرى الذئاب.. تطلعت على جفنيه المسدلين، وتمنيت لو أوقفت الزمن فوق المشهد ما حييت.. لكنني لم أملك سوى مداعبة خديه بأشعة الشمس البكر الوليدة، دافئة متسللة من خصاص النافذة. انكشف سواد العينين الصافي عن بياضهما الناصع، و حملني سحر نقاوتهما أميالا جاوزت كل كرب الدنيا وتعاستها…
تدفق الحبر من جديد، فاخترقت امرأة جزعى الغرفة. و لم تمهل الصغير فرصة الاحتجاج أو الصراخ، بل اختطفته من فراشه و هي تثبت خمارها فوق خصلات شعرها المتناثرة. انفتحت البوابة بعنف مزق صفحة الهدوء الذي لف المكان منذ لحظات.. و فتح الصبي عينيه الناعستين على أجساد ضخمة ببذلها الخضراء و أسلحتها السوداء، و صوت أحدهم يجلجل في أذنيه..
كان هناك الكثير من الصراخ و العويل من طرف المرأة، لكن الجندي لم يمهلها، و رمى بها و بحملها خارج البيت وسط دموع أغرقت وجنتيها و قلبها معا..
لم يفهم الصبي قط.. قالت له أمه ذات يوم أنهم يستولون على الأراضي.. أنهم يهتكون الأعراض.. أنهم يسلبون البيوت. و لم يفهم حينها ما تعنيه.. فهل هؤلاء يدخلون في نطاق “هم” تلك؟
التقطت مقلتاه فجأة مشهد الآلة الضخمة التي بدت كوحش أسطوري، و شدت انتباهه حركة تلك الكرة الحديدية العملاقة المعلقة في مقدمتها بسلسلة فولاذية ضخمة.
ثم هزت الصفعة كيانه.. كانت أول مرة يشاهد أمه تصفع… تطلع إلى الخمار المتطاير حتى استقر أرضا، فاتجه نحوه و هو يمشي الهوينى و نحيب والدته يخترق أذنيه كآلاف القنابل التي تنفجر في ذهنه العاجز عن الفهم.
كم يفتقد أباه الآن و هو يتذكر ذلك اليوم الذي عانقه فيه بحرارة غير عادية.. و خرج و لم يعد بعدها.. أمه تقول أنه استشهد… و كلنه لم يستوعب المعنى قط. كل ما اكتشفه مع الوقت هو أن أباه لم يعد معهما، و اختفى إلى الأبد.
حمل الخمار، و دثر به شعر أمه المكشوف..
اتكأت على نصف جدار مهدم و أنا أراقب المشهد من بعيد.. و كانت الحملان قد انتبهت للمشهد بدورها.. فأطلقت ثغاء استنكار و شجب قوبل بابتسامة ذئبية واضحة الأنياب..
ابتسمت متهكما بدوري، و غضضت البصر و السمع عنها كما فعل الجنود.. وواصلت أرجحة القلم للتتواصل أرجحة الكرة الفولاذية استعدادا لتحيل البيت إلى أنقاض..
حملق الطفل فيها لوهلة.. حملق في الجنود المقيتين.. رمق الحجارة المتناثرة.. والبقية خلاصة فقدان كرامة..
عين تنزف دما أسود.. ثور هائج ذو خوار يطارد طفلا صغيرا.. يمسكه من تلابيبه و يرفعه عاليا، و يحمل خنجره ..
تشد صرخات زملائه انتباهه و دهشته.. ثم يكتشف مصيره مع صرخات الأم الملتاعة، ومع صوت الكرة الفولاذية التي وقف في مسارها عن غفلة منه.. الكتلة المدمرة على بعد سنتيمترات من الثور و الطفل في يده، و… وكف قلمي عن الكتابة ليتجمد المشهد..
تحركت في الساحة و حيدا.. و حتى الحملان كفت عن ضجيجها المستنكر كالعادة.. حملت ملامح الأم كل خلجات الفزع و اليأس.. و حملت ملامح الجنود رهبة لا تدانيها رهبة.. و انقلبت سحنة الثور لتناسب طابعه.. أشبعت رغبة التشفي الكاملة في ملامحه المرعوبة لهنيهة، ثم شدتني ملامح البراءة من جديد.. براءة لا تدري مصيرها المحتوم..
أطلقت زفرة حيرى.. هل يجوز لدماء الطهر الاختلاط بدماء الفساد؟
من المعهود في مثل هذه المواقف أن يقفز بطل ما من مكان ما لينقذ الموقف في آخر لحظة.. لكنني لم أكن من هواة الخيال العلمي للأسف.. شعرت بحرارة الأفكار تلهب ثنايا دماغي.. و صارعت الأنفاس المحمومة لتغادر سجنها الصدري. فرميت بالقلم في الهواء، و أعملت رأسي تحت صنبور المياه الباردة عساه يطفئ نار غضب مستعر.
تطلعت للقلم المتحدي من جديد.. استشعرت سخريته و هو مرمي أرضا.. إنه يهزأ من ضعفي.. و بياض الورقة يسخر من نفسه.. فحملت القلم بأصابع مرتجفة من جديد، وكتبت عبارة: تمت بحمد الله

2 تعليقان

خالف تعرف!

من المفترض أن يكون هذا باباً ساخراً.. لكنني أكره دخول البيوت من أبوابها.. لأن هذا يكون غير صحي في أغلب الأحيان كما تعلمون.. لا أحد يدخل بيت أحدهم من بوابته ليسرق أسراره ويفضحه على الملأ.. لذا فالدخول السري من النافذة يناسبني أكثر.. هذه إذن نافذة ساخرة.. والنافذة الساخرة غير النافذة الكوميدية.. فمن كان يتوقع أن ينقلب على ظهره من الضحك فلن يجد ضالته هنا.. لأن الواقع أشبه بكوميديا مبكية أكثر منه بكوميديا مضحكة.. فلنطل معا من النافذة ولنسترق الرؤية..

– – – – –

إن لنا فلسفتنا الخاصة في الحياة: فلسفة خالف تعرف!

نحن نسعى إلى الاختلاف بأي شكل من الأشكال! أن نتملص من كل ما يمكن أن يلصق بنا شبهة تقليد الغرب.. كل هذا جميل ورائع.. و لكن الأكثر روعة هو أننا تمادينا في الأمر بشكل مفزع.. فقد نجحنا في تفادي تقليدهم في كل شيء إيجابي وتمسكنا بالسلبيات فقط.. الدنيا انقلبت عندنا رأسا على عقب.. فأصبحت الكتب المدرسية تستعمل كلفافات لبيع الفول السوداني بدل الدراسة.. وأصبحت الخزانات العامة ملتقى للعشاق.. عشاق أي شيء غير الدراسة طبعا.. وأصبحت الموبايلات تستعمل كأدوات زينة تعلق على الصدور كقلادات.. أما الطامة الكبرى، فهي أنهم أصبحوا يكتبون على علب السجائر: التدخين مضر بالصحة!!!

كل شيء أصبح مقلوبا ويسير بعكس الهدف المرسوم له.. خالف تعرف..

لقد بدأت الحياة تمزح معي في الآونة الأخيرة، فأشاهد مشاهد كاملة مجنونة وأنا جالس في مكاني.. لقد أصبحت أخرف.. أعيش في عالم معكوس.. معكووووووووس!!!

* * *

الطبيب يعطي لمدخن متمرس كتابا عن مساوئ التدخين وأخطاره، وحينما يقرأ المريض الكتاب ويعيده إلى الطبيب يسأله هذا الأخير عن رأيته بما قرأه وما قرر أن يفعل، فيجيبه المريض انه صدم بالفعل لما كتب في الكتاب، لذا قرر أن لا يقرأ مرة ثانية بحياته..

* * *

خالف تعرف..

* * *

أنا بحاجة لمجموعة من الوثائق لتتمة ملف خاص.. الموظف المسئول يطلب مني شهادة الحياة.. شهادة الحياة!! وهل تحتاج شهادة أكثر من وقوفي أمامه؟ أم تراها جثتي من تتحدث؟ أبتسم في تهكم.. إذن فعلينا بإحضار شهادة الحياة.. أخشى فقط أن تحتاج شهادة الحياة إلى إمضاء اثني عشر موظفا كالعادة.. والطامة الكبرى هي أن يحتاج كل منهم على شهادة الحياة كي يثبت أنه من ختم الورقة وليست جثته من فعل.. وهكذا سيحتاج كل من الاثني عشر موظفا إلى اثني عشر موظفا.. وهكذا دواليك!! ولكن ماذا عن آخر اثني عشر موظفا في الحلقة الكبيرة؟ من سيثبت أنهم أحياء..

* * *

حينما تمزح معك الحياة، فإن حجز سرير مريح في أقرب مستشفى للأمراض العقلية يصبح ضرورة ملحة..

أنفصل عن العالم.. أتوه في دوامات تتقاذفني بين وهم شاحب ووهم بين.. وأستيقظ دوما على صوت ضحكات الحياة الجذلة معلنة عن نهاية الدعابة.. أ ربما عن بداية أخرى..

* * *

صراخ جنوني من حنجرة تحاول الاعتزال.. أسنان قاضمة مستعدة للإطباق على كل شيء وأي شيء، ابتداءً من منشفة ملفوفة بشدة، وانتهاء بيد زوج بائس لم يعي خطورة الاقتراب من زوجته وهي تعاني من آلام المخاض.. إن أسرع رقم هاتف يمكنك أن تحفظه هو رقم الإسعاف.. وأسرع رقم هاتف يمكن أن تركبه هو رقم الإسعاف.. لكنك حتما سوف تدفع ثمن هذه السرعة غاليا وأنت تنتظر وصول سيارة الإسعاف ذاتها..

وفي غمرة معاناة الزوجة، فإن الطفل ولابد خارج إلى الحياة.. خروج غير معتاد بالتأكيد.. ويعيش الفتى طفولة بائسة.. فأمه مشغولة عنه دوما.. لم تلاعبه كباقي الأطفال.. لم ينعم بتواجدها لتغير حفاظاته الغارقة في مستنقع آسن.. لم ترافقه ككل الأطفال في أول يوم دراسة. ولم تمسح دموعها حينما حصل على شهادته الدراسة الأولى.. ولا حينما تم قبوله في مباراة لاختيار سائقي سيارات الإسعاف..

نعم.. إن الفتى الآن خارج في مهمة معتادة.. إنها آلام المخاض التي لا ترحم..

لقد وصل الفتى ليقل أمه التي لا تزال تعاني من المخاض.. إحساس غريب حقا.. أول نظرة يلقيها على أمه.. إنه أول شخص يحضر ميلاد نفسه.. وياله من شرف.. إن خدمة الإسعاف لسريعة حقا!!

* * *

بدأت أمل هذه المشاهد المتكررة حقا.. لكنها تطل بي على نوافذ الحياة بشكل لم آلفه.. لذا فلأستمتع بهلاوسي

5 تعليقات

بداية مشجعة

كنت منهمكا في كتابة أول تدوينة لي.. ثم أصيب الجهاز بالعته وبدأ يصدر أصواتا شجية كلما حركت الفأرة.. حينها أدركت أن علي إعادة تشغيله، وأدركت أن كل ما كتبت قد ذهب هباءا كضحية من ضحايا ضعف (ويزندوز) كنظام تشغيل (سأعود للموضوع باستفاضة يوما ما كي أجعلكم تكرهونه 😀 )..

كذا ترون أنها بداية سعيدة مكللة بالأفراح مع أول تدوينة، مما يبشر بمستقبل زاهر معها ما دمت اتصل من مركز حاسوب المعهد السعيد الذي أدرس به..

ما علينا..

كبداية، هذا بث تجريبي للمدونة، سأجرب فيه كل ما يخطر ببالي من مواضيع وخزعبلات، كي أحاول حصر نوعية المواضيع المحببة أكثر، والتي تلقى شعبية لا بأس بها، كي لا أجد نفسي يوما القارىء الوحيد لما أكتب..
هي إذن مدونة نصف شخصية، تابعة لشبكة مدونات مجلة مدارات، وهي مجلة جمعت مجموعة من شباب الوطن العربي الذي يكتبون بأصوات حرة من أجلهم أولا، ومن أجل إيصال صوتهم إلى عالم يسعى فيه المحترفون إلى احتكار مجال الكتابة..

التصميم أيضا مؤقت إلى حين يسمح الوقت بتغييره، أو يسبقني تقني المجلة (الذي لن يعجبه النعت إطلاقا) إلى ذلك..

حسنا..
حان الوقت لإرسال هذه التدوينة قبل ان ينفجر الجهاز في وجهي، وهذا جد وارد.. 😀

6 تعليقات