لست أدري لماذا يصر من يسمون أنفسهم فنانين كوميديين مغاربة على أن يمارسوا أعتى فنون التعذيب على الشعب المغربي كل رمضان.
الشعب المغربي شعب كوميدي النزعة أصلا، ولست أفهم كيف يستطيع هؤلاء أن يمارسوا هذا الكم الفظيع من السماجة عن طيب خاطر ودون أن يؤنبهم ضميرهم الحي والميت..
لحد الآن، ولظروف تتعلق بالصحة النفسية لم أشاهد سوى بضعة حلقات من السيتكوم الفظيع “مبارك ومسعود” الذي يعرض على القناة الثانية.
(تنهيدة حارة)..
ماذا أقول لكم؟
انظروا إلى العبارة التي يستهلون بها المسلسل: “أسرة المسلسل غير مسوؤلة عن نحس يصيب المشاهدين بسبب مشاهدة المسلسل”..
طبعا بغض النظر عن الفصاحة اللغوية بالعبارة، والجزم المؤكد فيها، أظن أن صدقا كبيرا يغلفها، وإن كان ما سيصيب المشاهدين هو الجلطة وليس النحس.
التقى زعماء السماجة التلفزيونية في عمل واحد:
عبد الخالق فهيد: صاحب الأسلوب (العروبي) الذي لا يتغير إطلاقا مهما كان الدور.. لو طلب منه أداء دور رجل ميت لأداه بنفس الأسلوب.. لو طلب منه أداء دور امرأة حامل لما تغير في الأمر شيء.. التجديد الوحيد في الآمر أنه تخلى عن صوت الدجاجة الذي صدع به رؤوسنا السنوات الماضية.. هذا هو التجديد الحق..
محمد الخياري: هذا الرجل نجح في إضحاكنا بأسلوبه الجديد منذ سنوات من خلال مسرحيات مسرح الحي.. مشكلته الوحيدة أنه ظن أن استمراره على نفس المنوال هو معيار النجاح.. لقد أصبح الرجل رمزا للملل ذاته..
عبد القادر مطاع: أو قيس ذي الشعر الطويل في إشهار شامبو palmolive القديم لو كنتم تذكرونه… هذا الرجل لا علاقة له بالكوميديا إلا الخير والإحسان.. وهو من الأشخاص الذين يتمتعون بسماجة غير عادية في الداء..
وهناك مجموعة من السعلوات التي تظهر في كل مشهد..
سعلوة في البنك، تنتظر سعدها وأي رجل يظهر في المسلسل تريد أن تتزوج به..
وسعلوة في البيت تظن أن بعض الجمال في صوتها يسمح لها أن تشنف آذان المشاهد بمناسبة وبدون مناسبة بأغانيها العذبة..
وأم السعلوة السابقة، وهي سعلوة بدورها، لا دور لها بالمسلسل إلا أن تظهر بين الفينة والأخرى لتقول كلاما لا معنى له، وتبتسم برقاعة وتختفي..
المسلسل في حد ذاته هو محاولة يائسة لتجميع مجموعة من المواقف التي تدل على أن البطلين مسعود (فهيد) ومبارك (الخياري) منحوسان جدا..
تسمعون عن الحريرة؟ وهي شوربة مغربية ضرورية خصوصا في رمضان، على رأي أحدهم.. هذا المسلسل عبارة عن حريرة كبيرة من ضعف الأداء والمبالغة في التشخيص وفي التصورات وفي محاولة اعتصار الكوميديا..
الستكوم (Situation comedy ) أصلا عبارة عن مسلسل يعتمد على كوميديا الموقف.. هؤلاء يعتمدون تماما على كوميديا العبارات، ولا يوفقون فيها أصلا..
نأتي إلى المؤثرات البصرية يا جماعة الخير.. عيب كل العيب أن لا نستطيع إحراق كومة من التبن، وان نعتمد على برنامج After effects أو غيره لعمل مؤثر احتراق ضعيف جدا غير احترافي بالمرة.. لا ومشهد الاحتراق لا يتجاوز الثانيتين..
حلقة اليوم كانت قمة في البؤس حقا مع الإضافة الجبارة التي أتى بها تواجد (بن ابراهيم) بأسلوبه المفتعل الخارق.. حقا قمة في الإبداع مع إضافة مشاهد الإفتكاس على الأفلام الهندية والتي عولجت بأضعف طريقة ممكنة.. لا يمكنني تصور ما هو أضعف صراحة..
نصيحة لوجه الله لمن ينوي متابعة المسلسل: حضر مجموعة متنوعة من المهدئات والمسكنات وأقراص النيتروجليسيرين تحسبا للذبحات الصدرية..
وكل رمضان وأنتم محبطون من برامجنا..