استيقظت في الوقت الضائع كعادتي مؤخرا. وبعد قضاء المسائل البيولوجية والروحية، وضعت القهوة الفرنسية على النار، وعدت إلى غرفتي أستبدل القشرة الخارجية التي يدعونها ملابس.
في العادة، أضع مرهما واقيا من الشمس على وجهي بسبب التعاطي لأحد الأدوية وضعف البشرة بسببه أمام أشعة الشمس. وضعت قطرات بيضاء ضخمة من المرهم في مختلف أنحاء وجهي، تذكرت القهوة فركضت إليها كي لا تحترق. عبأت الكوب الحافظ للحرارة، وارتديت سترتي الجلدية، وخرجت.
ما به هذا الوغد يرمقني ساخرا؟ نظرات البشر مختلفة هذا اليوم، وهنالك اهتمام لا بأس به بشخصي المتواضع.
أجل أجل.. ملاحظتك في محلها، وسؤالك أكثر من منطقي: “ماذا حل بالبقع البيضاء على وجهي؟” إنها لا تزال هناك طبعا. صاحبك يمشي الهوينى في الشارع مبرقع الوجه واثقا بنفسه. ومن محاسن الصدف أن سيارتي ليست لدي هذا اليوم.
هذا حادث بسيط من مجموعة حوادث فقدان ذاكرة المدى القريب والمتوسط التي أصبحت أعاني منها.
في أحد أيام مراهقتي، كنت فيه بمنزل العائلة أبحث عن كتاب كنت أقرأه للتو. لا زلت أذكر كم الصراخ واتهام أفراد العائلة باللعب في أشيائي الخاصة، وذلك الكم من العبارات من طراز :”حينما أترك شيئا بمكان ما أحب أن أجده بنفس المكان من فضلكم!” و”هذه متاهة وليست منزلا!”. لا داعي لأشرح ذلك الإحساس الذي انتابني حينما وجدت الكتاب في الثلاجة وقد وضعته هناك بنفسي وأنا أستخرج زجاجة مياه باردة، قبل أن أعود لغرفتي وأقيم الدنيا ولا أقعدها.
كانت حالة معزولة حينها، أصبحت الآن شبه قاعدة. أصبحت أربط الأشياء المهمة بتصرفات لا إرادية تذكرني بها. أوراق السيارة مثلا أحملها ومعها واجهة المذياع. هكذا كل صباح، مع ردة الفعل غير الإرادية التي تدعوني لتشغيل المذياع فور ركوب السيارة، أتذكر أنني لم أحمل الاثنين من المنزل. كما أصبحت أحتاج إلى جهاز التنبيه في هاتفي كي أتذكر المواعيد المهمة.
والمعضلة في ازدياد مستمر!
ماذا عن الزهايمراتكم؟
15 تعليق