سابقا في مذكرات طالب بالأقسام التحضيرية:
مذكرات طالب باﻷقسام التحضيرية
مسار الأف ميل:خطوة البداية (1)
مسار الألف ميل: خطوة البداية (2)
منذ قرون وأنا أتمنى أن أبدأ يوما بكتابة يومياتي..
لست هتلر.. ولست طه حسين.. ولست شعبان عبد الرحيم.. لذا لا أجد تدوين يومياتي سيعود بفائدة أكثر من أن أستطيع تقديم إحصائية دقيقة عن عدد المرات التي نسيت فيها غسل أسناني، أو عدد حالات الإسهال وعسر الهضم التي أصبت بها عبر سنوات حياتي.. وهذه معلومات لن تهم سواي ووزارة الصحة على أبعد تقدير..
أنا فقط أجد أن بعض الذكريات التي تستحق أن لا تنسى تبدأ بالذوبان بهدوء وراء خلفية تسارع الأحداث المستقبلية..
أعاني الآن لاعتصار ذكريات السنتين اللتين قضيتهما بمركز الأقسام التحضيرية بأكادير.. و يبدو أنني سأبدأ عما قريب بالاستعانة بالذاكرة الجماعية..
سنقوم الآن بجولة بالمركز.. ستكونون سياحا مزيفين، و سأكون دليلا أكثر زيفا.. هكذا لا مجال لأن يتابعني أحدهم قضائيا..
علي من الآن أن أبدأ باستعمال أسماء مستعارة لبعض من سيرد ذكرهم خلال هذه المذكرات.. هكذا أتفادى أن يشج أحدهم رأسي في أول فرصة..
فلنبدأ الجولة أعزائي من مدخل الداخلية..
لا داعي للقلق من ذلك المخلوق الكلبي الذي يقبع هناك.. لقد سبق وحدثتكم عنه.. سنمر بجانبه بكل هدوء، وسيقوم هو بدوره بالنباح على سبيل تأدية الواجب، وذلك كي يعطيهم سببا كافيا للإبقاء عليه بالمركز..
هذا المخلوق يروقني.. ذات مرة طارد قطيعا من الأغنام يمر بالجوار البوابة دون أن تعيره أية شاة أدنى اهتماما.. إنه عديم الشخصية بالفعل، رغم أنه مغرم بأفلام الويسترن الأمريكية على ما يبدو..
أول مبنى على اليسار هو غرفة (الحسن).. و (الحسن) هذا هو سدادة ثقوب المركز.. هو في الأصل حارس البوابة، لكنه يمضي أوقات فراغه بشكل إجباري في غسل أواني المطعم وكنس ومسح أروقة العنابر، وممارسة جميع انشطة التجسس والمراقبة على الطلبة والموظفين على حد السواء..
إن (الحسن) رجل مستحيل المركز بامتياز.. وفي الليل أو العطل لا مانع من أن يشارك الأخوة السياح في ممارسة الفساد المحلي.. والغرفة الصغيرة بجانب البوابة تفي بالغرض.
غضوا الطرف عن المبنى المجاور على اليمين، حيث كتبت عبارة “المصالح الاقتصادية”.. دعوني صامتا فقد أقبل أي اسم عدا المصالح.. ما رأيكم بالمفاسد أو الفضائح؟
دعونا أيضا نتجاوز هذه السلالم اللولبية التي لم يفهم المسئولون أهميتها في الحياة، فأقفلوا الأبواب المؤدية إليها..
نمر الآن بجوار مكتب من غرفة واحدة وردهة تفضي إليه، حيث كتب بخط عريض: “مصحة”..
هذا هو مكتب الحارس العام للداخلية (رمزه الكودي بعبول)، ولا داعي لأن تسألوني عن العلاقة.. فمن البديهي أن (بعبول) يمارس النشاطين.. وعلى العموم يعد نشاط المصحة بسيطا ثانويا لا يثقل كاهله، فهو يتلخص في تقديم قرص سحري يسمى (فوٌار).. لا وجود لاسم تجاري عملي على غرار (باراسيتامول) أو (أسبيجك).. فقط كلمة (فوار) تستفزك فوق الغلاف اللامع للقرص..
كيفما كان مرضك، ففي فوار علاجك.. لدرجة أن بعض الفتيات قرروا استخدامه بدل حبوب منع الحمل، لكنه فشل في هذه النقطة.. وسأتحدث عن التفاصيل فيما بعد..
وبما أن هذا عصر التجاوز، فسنتجاوز المطعم والخزانة والنادي إلى أن نعود إليهم لاحقا.. سنتجه مباشرة إلى العنابر كي نمدد أجسادنا قليلا..
أنا أقطن بالطابق الأول لحسن حظكم، لذا لن تتعبوا للوصول إلى الطابق الثالث.. ما بكم تنظرون إلي بهذه الطريقة؟ لقد نشأت في بلدة صغيرة تعد فيها المباني ذات الطابقين ناطحات سحاب!!
لا داعي لإطالة الوقوف في الردهة المقابلة لبوابة الطابق، فمفعول صواريخ الهواء هناك قاتل..
إليكم خارطة الطابق: 犀利士
a9-%d8%b3%d9%8a%d8%a7%d8%ad%d9%8a%d8%a9-%d9%85%d8%b9%d8%aa%d8%a8%d8%b1%d8%a9/mara7id” rel=”attachment wp-att-847″>
نصيحة أخوية صادقة: اقطعوا أنفاسكم على طول الرواق الرئيسي الذي يمر بالمراحيض.. إنها تنظف مرة كل أسبوع تقريبا، وهذا كاف لجعلها منطقة تلوث إشعاعي، خصوصا مع الشباب الواعي المثقف الذي يمارس رياضة التبول عن بعد، والتي تتلخص في محاولة التصويب على ثقب المرحاض وأنت واقف على بعد متر من الباب..
ها قد دخلتم جناح (تيزنيت)، وها أنتم الآن أمام باب الغرفة.. سنحاول فتحها بهدوء لأن المقبض بدأ بالتشقق رغم أننا اشتريناه للتو.. لا أنا ولا (عبد الله) نملك أصابع هرقلية لو كنت تفكرون بذلك.. فقط هذا مثال عملي حي عن المثل الشعبي الذي يقول: “عند رخصو تخلي نصو”..
تفضلوا بالدخول!….
تابع القراءة: جولة سياحية معتبرة(2)
12 تعليق