سابقا في مذكرات طالب بالأقسام التحضيرية:
مذكرات طالب باﻷقسام التحضيرية
مسار الأف ميل:خطوة البداية (1)
مسار الألف ميل: خطوة البداية (2)
جولة سياحية معتبرة(1)
جولة سياحية معتبرة(2)
جولة سياحية معتبرة(3)
يوم أول!!
سمير.. سمير.. أشياء مشابهةاقتباس من حلقة سابقة:
الحقيقة أن لا شيء يهم حينما تكون هنا.. فبعد يوم دراسي حافل، ومع تأثير أطنان الصودا التي يصرون على وضعها في الطعام، يكفي أي وضع أفقي أو حتى عمودي، كي تغرق في سبات يتفوق على عمق سبات الدببة القطبية.. (يقول (بعد الله) أنه يغرق في النعاس بمجرد وضع رأسه على المخدة.. أما أنا فلا أذكر يوما متى وضعت رأسي على المخدة مما يجعلني أظن أنني أغرق في النعاس ورأسي في الطريق إليها..
إن النوم هو الخصم اللدود والمرض الشعبي بالمركز.. يمكنك أن تظن، وأنت مرتاح الضمير، أن المركز مليء بمستعمرات ذبابة تسيتي، ولن يخالفك أحد الرأي.. لكن التأثير المميت يختلف فقط من شخص لآخر..
ذات يوم قررت و(عبد الله) أ ن نأخذ قيلولة من النوع الطويل.. قيلولة من النوع الذي يستمر حتى الساعة الرابعة بعد الزوال.. ضبطنا كل شيء.. منبهات الهواتف المحمولة.. منبه ساعتي اليدوية.. وآلة إيقاظ الموتى التي يصر (عبد الله) على تسميتها بمنبه.. تعرفون ذلك النوع من المنبهات الذي يمكنه أن يكسر الزجاج بصوته؟ هو ذاك..
سبحنا في ملكوت الله حتى الرابعة.. فطفق كل شيء يرن.. زلزال صوتي لا يبقي ولا يذر..
وهناك، بجانب كل هذا الضجيج كان مخلوقان متمددان لا يحركان ساكنا، وكأنهما ينامان تحت صوت موسيقى كلاسيكية هادئة..
صدقوني.. لقد حاولت أن أقوم.. لكنني فشلت فشلا ذريعا..
انطفأت منبهات الهواتف بعد أن ملت، ولم يجد منبه الساعة اليدوية، بصوته الضعيف، مكانا وسط الصخب المدوي، فخرس بدوره.. لكن آلة إيقاظ الموتى كانت مصرة على الاستمرار.. والمشكلة أننا وضعناها في منتصف المسافة بيننا كي لا نخرسها ونعود للنوم..
تمكنت بصعوبة من أن أفهم أن الصوت المزعج هو صوت المنبه.. وحينما قررت أن أقوم لأخرسه انطفأ الضوء الإلهي من أمام عيني.. ثم أحسست أن هناك صوتا مزعجا بالمكان.. وحينما فهمت مجددا أنه صوت المنبه كنت قد غرقت مرة أخرى في النعاس..
ما فهمته بعدها هو أن المنبه بقي يرن لربع ساعة، لابد أننا حصدنا فيها كل اللعنات الممكنة من طرف الجيران، قبل أن يتمكن (عبد الله) بمعجزة ما من أن يقوم بمجهود خرافي ليصل إلى المنبه ويخرسه، قبل أن يعود ليواصل النوم حتى الليل..
هناك حكايات أخرى من هذا النوع لدى العديد من الأصدقاء، أتركها للتفصيل في حلقة أخرى..
دعونا ننزل.. فهذا وقت وجبة العشاء..
اليوم.. حديثنا عن النوم..
كنت أظن النوم واحد.. في كل مكان وكل زمان..
كنت أظنه تلك الحالة البيولوجية التي يستكين فيها الإنسان إلى حالة من السلام والهدوء، حيث يغمض عينيه ويكف عن الأذية والكذب والنفاق ولو إلى حين..
إلا أن الأقسام التحضيرية قررت مشكورة أن تضرب بهذا الإعتقاد عرض الحائط قبل طوله..
إن برنامجنا اليومي باعتبار عامل النوم الحيوي يكون كالتالي:
ندخل الفصل في الثامنة.. وكنت قد توقفت منذ فترة عن نقل الدروس على كراستي بحجة الرغبة بمتابعة أفضل. كما أنني لم أحب يوما أن أنضم إلى جيش التحرير كما نسميه، وهم مجموعة نت طلبة الفصل الذين لا يمارسون سوى عملية تحرير ما يكتب امامهنم، على كراساتهم، والسواد الأعظم منهم لا يفقه الألف من الياء فيما يكتب.. إن المسألة بالنسبة إليهم تعتبر نوعا من الرسم الفوتوغرافي الذي يمارسونه كأي نشاط فيزيولوجي كالهضم او التنفس.. وفي غالب الأحيان تجد الأيادي والأعين تعمل باستقلال تام عن وظيفة التفكير والمتابعة..
إن صبيب الدرس مرعب حقا. و الأساتذة بالأقسام التحضيرية يحتاجون إلى لياقة بدنية عالية ليستطيعوا إنهاء المقرر في الوقت المناسب. ففي لمح البصر تمتلىء الصبورة بأطرافها الأربعة، فتمسح من جديد ليعاد ملؤها. يخيل إلي أحيانا أن الأستاذ يكتب بالطباشير بيد ويتبعه الممسحة مباشرة بيد أخرى توفيرا للوقت والمساحة، فلا يستطيع مجاراته في الكتابة سوى المحررون الأفذاذ. وترحمت غير مرة على أيام الدراسة الثانوية، حيث كنا نكتب ونفهم، ثم نجد من الوقت ما كفي لنحلم أحلام اليقظة.
مع بداية توقفي على الكتابة، كنت فعلا أسطيع متابعة الدرس بشكل أفضل، و أحصل بذلك على وقت إضافي لفهم البراهين ومتابعة المجرى المنطقي للدرس. لكنني بدأت، لسبب كنت أجهله، بالشعور بجالة من الاتوازن بالقصل: عظام مهشمة كل صباح، ورأس ثقيلة، وجفنان أثقل.. جفنان من النوع الذي لا يستطيع أن يبقى مفتوحا إلا بأشرطة لاصقة تشجده إلى الجبهة. وأصبح معتادا بين الفينة والأخرى أن تجد رأسا قد سقطت على الطاولة وصاحبها يغوص في أغوار النوم منافسا هوض كوستو لأعالي البحار.. ولا بأس بين الفينة والأخرى بأن نسمع بداية سمفونية الغطيط الخامسة، قبل أن يتداركها الطالب المجاور لمصدرها بلكزة محترمة من النوع دفن الكوع في البطن، فيستيقظ النائم وهو لا يعرف الشمال من الجنوب.
نحرج من الفصل في الثانية عشر زوالا.. طبعا لا وقت للتفوه كفرس النهر، فقد بدأ الماراثون الدولي الرابط بين الفصول والمطعم.. الكل يمشي بسرعة، وقد يركض، عسى أن يجد لنفسه مكانا بالصفوف االأمامية، مختصرا وقت انتظار شنيع، ورابحا دقائق إضافية في قيلولته المرتقبة.
نلتهم المزيد والمزيد من الصودا، تلك المادة التي يضعونها سرا في الطعام لأنها تسرع من نضجه بوتيرة كبيرة.. إن الصودا يا سادة هي ذبابة تسيتسي المركز. إن تأثيرها المنوم لا يختلف فيه اثنان، ولاتتناطح عليه شاتان..
أصعد بسرعة إلى غرفتي لسرقة ما قدرني الله عليه من نوم قبل أن يصل وقت الحصة المسائية.. وهناك، أجد (عبد الله) رفيق غرفتي إن كنتم تذكرونه، ممدا فوق سريره وقد وصل إلى الشوط الثاني من مباراة السبات النهاري. تجرأت ذات يوم وتمنيت أن أصل قبله إلى السرير في منتصف النهار، لكنني لم أستطع قط تحقيق هذا الإنجاز لأن (عبد الله) صاحب رقم قياسي في الألعاب الرباعية: الخروج من الفصل.. الوصول إلى المطعم.. الأكل السريع بدون حواجز.. الصعود إلى الغرفة..
أتطلع إلى سريري بعينين مغرورقتين بالدموع.. دموع الفرحة والسعادة طبعا. فمن عاداتي بداخلية المركز أن أبكي وأصرخ مستمتعا بتلك اللحظات الأولى التي يلامس فيها ظهري السرير ويغوص به. طبعا كان شكلي يصلح كلوحة كوميدية فذة كانت تضحك (عبد الله) بالبداية، قبل أن يملها خصوصا حينما أبدأ بالصراخ وهو نائم أصلا..
إن أسرة الداخلية لعجيبة.. نوابضها تعاني من هزال شنيع، مما يجعلك تغوص بداخلها وكأنها تمتصك تماما.. ويتمركز هذا الضعف بنوابض المنطقة الوسطى بالأساس، مما يجعلك تنام في وضعية مقوسة مشابهة لوضع أرجوحة القيلولة الشهرية..
* * *
هنالك عادة شهيرة في طلبة الأقسام التحضيرية، تتلخص في جملة بسيطة: “أيقظني في (…)”.. ويمكنك أن تملأ بين القوسين هنا بأي توقيت متأخر يروق لك.. الثانية عشر ليلا.. الواحدة صباحا.. الثانية صباحا.. كان العديدون ينامون في العاشرة مساءا مثلا كي يستيظوا ليدرسوا لساعتين أو ثلاث ويعاودوا النوم.. وبعضهم قد لا يفعل..
بعضكم قد لا يفهم سبب كل هذه الإجراءات المعقدة والتي تستمر طيلة السنة.. الجواب البسيط يا سادة هو أننا كنا دوما في جو من التحضير والامتحان طيلة السنة، ومن تقاعس وتراخى تفوته محطة القطار كلها لا القطار وحده.. هذه نظرية الأقسام التحضيرية العتيدة: عمل مستمر، سهر مستمر..
أما صديقنا (مصطفى) فقد كان مدمنا على هذه العبارة، وإن كان يستعملها بنوع من الخشونة والتلاعب يسمحان له بإتمام النوم حتى الصباح.. نوع من التنويم المغناطيسي للضمير..
أذكر يوما إحدى طرائف الموضوع، حين طلب منا كالعادة إيقاظه في الحادية عشر مساءا. ذهبت لألبي رغبته في الوقت المحدد، وحينما ناديت عليه فتح نصف عين وهو يتطلع إلي كأنني كائن مريخي:
– قم يا (مصطفى)!
– هه!! (بصوت ناعس)..
– أنظر كم الساعة الآن..!
– هه!!!؟ (بصوت أكثر نعاسا)..
– يا بني! كم الساعة الآن؟!
إلى هنا قرر (مصطفى أن يخرج كلمة واضخة غير الـ(هه!!) العتيدة فقال:
– أظن أنها n تربيع..
و حرف النون الفرنسي يدل على عدد صحيح طبيعي رياضيا..
طبعا لم يكن الفتى يمزح، بل هو تأثير النوم ممزوجا بحمى الرياضيات.. وطبعا توفيت و(عبد الله) ورفيق غرفة (مصطفى) من الضحك بعد العبارة الفذة، والفتى ينظر إلينا بعته ذهولي غير فاهم لما يحدث.. واتضح أنه لم يكن يعي ما يقوله أصلا.
هناك حوادث كثيرة من هذا النوع، وأحيانا تميل إلى كفة الرعب الليلي حينما يستيقظ أحدهم ليسبب رعبا لشريك غرفته وينام.. والطرق هنا مبتكرة..
لكن هذه حلقة أخرى!
[…]دخل الفصل في الثامنة.. وكنت قد توقفت منذ فترة عن نقل الدروس على كراستي بحجة الرغبة بمتابعة أفضل. كما أنني لم أحب يوما أن أنضم إلى جيش التحرير كما نسميه، وهم مجموعة نت طلبة الفصل الذين[…]
salam..on attend que tu continues ,aissam,cette superbe histoire qui décrit l’une des plus belles expérience de notre vie..c’était dur..pleine et émouvante..nous l’avons vécu tous d’une maniere similaire(a oujda)..finalement j’attend avec impatience que tu renouvelles nos souvenirs différentes et similaires au meme temps
salam..on attend que tu continues ,aissam,cette superbe histoire qui décrit l’une des plus belles expérience de notre vie..c’était dur..pleine et émouvante..nous l’avons vécu tous d’une maniere similaire(a oujda)..merci ..encore une fois continues..
ممرحبا إيمان..
آسف لتأخر الرد..
تأتي فترات ينشغل فيها الإنسان كثيرا او لا ينشغل حتى، وإنما يشعر بالقرف ولا يريد ان يكتب شيئا..
امر حاليا بفترة مشابهة أحاول إنهاءها سريعا..
وطبعا لا بد من الاستمرار في كتابة هذه الملحمة 😎
مررت بمركز وجدة، وتدرسين أو درست بأي مدرسة؟
تحياتي
بسم الله الرحمان الرحيم..
صديقي العزيز عصام..
يوميات ساخرة إلى درجة لا تُطاق.. أرعبتني يا أخي بشعار الأقسام التحضيرية (عمل مستمر.. سهر مستمر).. فأنا من هواة النوم.. و لن تفرق بيني و بين جوال قمح إذا رأيتني نائما..
بالمناسبة.. سأكون في الجامعة بعد أسبوع ، إن شاء الله، و أظن أني سأحظى هناك بفرصة لم أحظ بها في المنزل قط.. إنها النوم حتى العصر..
في أي مدينة أنت بالمناسبة يا رفعت؟
ملحوظة لعشاق هذه المذكرات: سأستمر قريبا!!
أهلا عصام
أدرس بمدينة بني ملال، كلية العلوم، السنة الأولى (رياضيات، فيزياء، معلوميات
و أقطن بمدينة الفقيه بن صالح.. منبع المهاجرين السريين الأول في العالم !..
salut aissaml
Nta howa nta twehechtek a zine.
meziane melli ba9i katekteb
fenn lhe9ti?
chof ila kenti chi khetra dayz l agadir tassel netchawfo..
mab9eto katssewlo a ssahbi..
thella frassek..
رفعت خالد:
بني ملال!
ياااااه..
لا بأس.. قد نلتقي يوما!
(طبعا الأخ رفعت أعرفه في مكان آخر، لدا ا داعي للاستغراب، فلن أسعى للقاء كل قراء المدونة 😀 )
خالد:
يااااااه!!
خالد أخليل، وفي مدونتي، ويسأل..
من روابع المستحيلات..
يا بني، اتصلت بك في فترة سابقة أكثر من مرة، وأجد خارج التغطية..
على العموم، لن امر على أكادر قريبا لانني لن أذهب إلى تزنيت أصلا.. هذه هي فترة مشروع نهاية التخرج يا بني..
أعدك انني إن مررت هنالك فسصأسعى للقاء بك حتما..
تحياتي
كمل يا عصام
رمضان كريم
شكرا لكم جميعا..
والله يا عزيزة أنا متوقف حاليا عن العديد من الأنشة الحميدة، ومنها نشاط الكتابة للأسباب التي تعرفينها جيدا..
ما إن تتيسر الأمور حتى أعود للتدوين بنفس جديد..
bonsoir Mr issam merci pour cet histoire je souhaite que tu va continue d’ecrire tes expérience bay
السلام عليكم
لقد استمتعت كثيرا بقراءة هذه المذكرات .. و التي أتطلع الى قراءة المزيد منها .
لأني قد أرى نفسي فيها ..ذلك لكوني مقبلة على الدراسة بالأقسام التحضيرية ..لكن بمدينة كلميم .على الرغم من انني اقطن حاليا بمدينة أكادير …
بالتوفيق مليكة..
لست أدري إن كنت سأنهي هذه المذكرات يوما.. لكنها ليست في مخططاتي حاليا.. ولا أظن ان هنالك الكثير من المهتمين بالموضوع بعد كل هذه السنوات..
تحياتي
لقد استمتعت كتيرا بقراءة مذكراتك . لديك طريقة مميزة في الكتابة يضفي عليها حس دعابة تجعلك تدمن قراءتها . لقد كان من المفيد ان تشاركنا تجربتك . اتمنى لك كل التوفيق .
حتى بعد كل هذه المدة ستجد مهتمين فلا يزال العديد ممن يعانون من “ملحمة الأقسام التحضيرية ” كما تدعوها انت … لقد كان من الممتع فعلا متابعة مذكراتك لديك أسلوب جميل في السرد أتمنى أن تتم مذكرات لقد كنت متلهفة لمعرفة كيف تأقلمت مع الأجواء كيف كان تحصيلك ماذا فعلت بعد السنتين وما إلى ذلك … انا سلمى من مدينة سوق الأربعاء ادرس بمركز القنيطرة ثانوية محمد السادس.
الاخ عصام أنا طالب بالأقسام التحضيرية مدينة مكناس ، اسلوبك شيق و رائع و قصصك مذهلة و آسرة ، اشكرك و أقدر لك كرمك لتقاسك هذه التجربة مع الجميع ….. ثق بي فمعجبو كتاباتك كثر .. استمر و أعلم أنك لا تقل شأنا في نظرنا عن محمد درويش أو أحمد مطر .. اسلوبك راق يا صديقي و لاتبخل علينا بتتمة القصة 😀