المكان: الدار البيضاء
الزمان: الساعة العاشرة مساء
الحدث:
لم يكن فندقا دوليا، ولا سفارة أمريكية، ولا حتى مؤسسة حكومية.. بل كان مجرد مقهى للإنترنت لم يكن يطلب صاحبه الشاب سوى أن يترك وشأنه لمشروعه الصغير ولرزقه. في حين كانا اثنين.. لم يطلبا سوى ممارسة حقهما بالاتصال، بدون رقيب أو حسيب، بمواقع جماعات تدعوا نفسها بالجهادية. لكنهما نسيا تفصيلة بسيطة: فكما لا يقومان بالاتصال بهذه المواقع من جهاز خاص بخط اتصال شخصي مخافة المراقبة الدولية، لأن المحلية لا محل لها من الإعراب، فمسير المقهى لا يريد بدوره أن يجد يوما مبعوثي الأخ سام يرابطون أمام مقهاه متهمين إياه بالتطرف.. تلك التهمة التي عوضت تهمة الشيوعي، وأصبحت تلاك مع وجبات مسئولي اليوم، فيلصقونها بمن شاءوا.
لقد كانا متطرفان كما يجب للتطرف أن يكون. تعرفون ذلك النوع من الأشخاص الذين كتب على جباههم متطرف حريف؟ دعك من اللباس السلفي وإعفاء اللحية وما شابه! لم تخلط بين هؤلاء أو غيرهم وبين التطرف.. أنا لم أقل ذلك، فلا تقولني ما لم أقله!
أحدهما قد جاوز الثلاثين، في حين لم يتعدى الثاني الثامنة عشر.. المعلم والتابع على ما يبدو..
طالبهما صاحب المحل بالكف عن تصفح تلك المواقع المشبوهة، فطالباه بإغلاق فمه! أقفل باب المحل وهدد بطلب الشرطة.. لم يعيراه اهتماما.. وحينما بدأ التنفيذ، تحول الوضع إلى تضرع لفتح الباب.. هنالك شيء ليس على ما يرام إذن!
النتيجة: يرفض صاحب المحل فتح البوابة.. يتطور الأمر إلى شجار.. يصاب أحد الاثنين بحماس مفاجئ، فيفجر نفسه مباشرة دون إضاعة الوقت في نقاش لا يفيد! توفي المنفجر لأن هذا أمر طبيعي، وأصيب أربعة: صاحب المحل، ومرافق الانتحاري، وزبونان..
الحكمة المستفادة: لا تفتح مقهى إنترنت.. وإن فتحت واحدا فلا تناقش متطرفا!.. وإن فعلت فلا تقفل الباب!..
أسئلة مفتوحة:
- هل ستعوض الدولة صاحب المحل بسبب شجاعته، أم تكتفي بالتنويه بها؟
- هل كانت هذه الحادثة مجرد خطأ تقني تسبب في إيقاف مجموعة من التفجيرات المحتملة؟
- لماذا تحدث حوادث مشابهة دوما قبل الانتخابات التشريعية يا ترى؟ وما تأثير هذه الأحداث مجددا على المسار الانتخابي الذي كان يخدم الجهات الإسلامية المعتدلة نوعا ما، تماما كما حدث في 16 ماي 2003؟
أسئلة كهذه وأكثر أتركها معلقة فوق رؤوسنا تأبى تقديم إجابة..