تجاوز المحتوى

التصنيف: نافذة ساخرة

تجميع مقالاتي الساخرة

البريء متهم وإن ثبتت براءته!

تتقلد أجهزة المخابرات في العالم أجمع مهام الدفاع عن الوطن ضد المؤامرات الخارجية، كما تصنع لنفسها قاعدة عمل من عملاء وجواسيس تضمن من خلالهم مراقبة المتغيرات الدولية السرية وتجهيز ردود أفعال وسياسة البلد إزاءها.. أما في الدول العربية، فإن عشرة بالمائة من عمل أجهزة المخابرات عمل خارجي، والباقي داخلي..

يمكنك دخول أية جامعة أو كلية عربية، و لو كانت لديك الوسائل الكافية للتحقق، يمكنك أن تكتشف أن نصف الطلبة عبارة عن مخبرين، والنصف الآخر في طور التأهيل ليصبحوا كذلك.. لذا فهناك مراقبون يراقبون عمل المراقبين، وهناك مراقبون يراقبون عمل مراقبي المراقبين، وفي النهاية نجد أن الشعب بأسره يراقب بعضه البعض.. لا زلنا في عصر يخرج فيه طالب متحمس أكثر من اللازم، بعد أن ألقى خطبة سياسية في حلقة طلابية ما، ليجد في انتظاره سيارة أمن مسالمة يعرض عليه ركابها بكل لطف توصيله إلى البيت. ويتغير الوقت الذي تستغرقه (التوصيلة) حسب مستوى حماسة الطالب ودرجة صلابة رأسه.. لكنه في النهاية يعود إلى بيته، لو كان محظوظا، في حالة تجعل التمييز بينه وبين جثة لعب بها طلبة الطب في كلية ما أمرا مستعصيا بالفعل.. لكنك تطمئن إلى أنه لا يزال حيا حينما تسمع صراخه الحماسي: “بالروح.. بالدم.. نفديك يا (…)”.. يمكنك أن تملأ الفراغ بين القوسين بما يناسب.. إن الحلقات الطلابية في ساحات الكليات لنشاط مضر بالصحة حقا!!

لا زلت أذكر فترة كانت فيها التجمعات ممنوعة، وذلك لحكمة أمنية فذة لم يتم ذكرها قط لأنها تندرج تحت بند أمن الدولة.. و الدولة هنا هي كل شيء عدا المواطن. يخيل لي أنه لو دخل أحد رجال الأمن في تلك الفترة إلى حمام عمومي، ووجد الرجال مجتمعين على ساقية المياه بانتظار دورهم لنهرهم وفرقهم بدعوى منع التجمعات.

والظاهرة الغريبة التي استفحلت وخصوصا مع العمليات الإرهابية الأخيرة، هي استغلال الظروف للتخلص من كل المعارضين الذين كانوا يشكلون صداعا مزمنا لرجال الأمن، ووجد هؤلاء فرصة سانحة للتخلص من كل من تسبب في يوم من الأيام بلمس أصبع أحدهم الصغير، ابتداء من الجزار الملتحي الذي خرب بيته بكثرة المصاريف، وانتهاء بأي مواطن يطالب باحترام حقوقه و معاملته بآدمية.. و أصبحت الحكمة الجديدة لرجال الأمن هي: البريء متهم حتى تثبت براءته.

سأحكي لكم قصة حلوة صغيرة كنوع من كسر الروتين: “في إطار مسابقة لتحديد أكثر أجهزة المخابرات والأمن الداخلي كفاءة في العالم، تقدمت الـ(سي آي إيه) والمكتب الخامس و(…) .. يمكنك أن تختار هنا أي جهاز مخابرات عربي يروقك. وكانت المسابقة على الشكل التالي: تم رمي قط ما في إحدى أدغال إفريقيا، وكان المطلوب هو إيجاد القط في أسرع وقت ممكن.. فتمكنت ال(سي آي إيه) من إيجاده في ساعتين.. وتمكن المكتب الخامس من ذلك في يوم كامل.. وانتظر الجميع لأيام دون أن يظهر رجال جهاز المخابرات العربي المتبقي.. وبعد رحلة مضنية للبحث عنهم، ثم إيجادهم في أحد المناطق وأحدهم يمسك بأرنب بري يستجوبه: “هل رأيت القط؟” يومئ الأرنب برأسه أن لا.. فيصرخ الرجل قائلا: “إذن فلتقل (مياو)..”

و هذا بالفعل هو نظام عمل أجهزتنا الأمنية.. إذا لم تجد المذنب الحقيقي، فاشتر لك مذنبا من متجر الشعب..

هذه إذن إطلالة قصيرة من نافذة خفية.. و لنا إطلالات لاحقة..

7 تعليقات

أيها الشعب المطحون.. المرض ممنوع !

حينما تقرر أن تمرض في هذه البلاد السعيدة دون أن تكون ابن فلان أو أن تكون فلانًا ذات نفسه، فإن ذلك يكون غير صحي بما تحمله الكلمة من معنى..

بداية، يستقبلك حارس بوابة المستشفى الحكومي بأشنع تكشيرة دبلوماسية ممكنة! ولن تفتح لك البوابة قبل أن تشرح له دوافع زيارتك الموقرة للمستشفى محاولاً إقناعه أنك مريض حقًا ولست هناك للسياحة أو لركوب الخيل قطعًا.. هكذا تروي ظمأ الشعور بالأهمية لديه..

تجتاز اختبار القبول بنجاح، وها أنت تتقدم غير عالم بأن ما ينتظرك هو الأشنع.

يستقبلك ممرض الاستعلامات.. وكأي ضابط استجوابات محنك، يسأل عن اسمك ومهنتك ومحل إقامتك، وربما يطلب بطاقة هويتك للتأكد من أنك أنت ذات نفسك ولست آخرًا.. حاول أن لا تنسى أن تسأله عن وجهتك لأنه لن يفعل بالتأكيد، بل يكتفي بإعطائك ورقة عليها رقم ما ويتركك تحاول استنباط العلاقة الرياضية الفذة التي تربط بينه وبين المكان المراد التوجه إليه..

ورغم توجيهات الاستعلامات الوجيهة، لا مفر لك من الضياع وسط الأروقة المتشابكة كأي متاهة تحترم نفسها. والمشكلة في الأمر أنك طيلة فترة البحث في الأروقة قد لا تصادف ممرضًا واحدًا ينير عتمة مسارك المجهول.

وبعد أن تغرق في التوغل في مجاهل إفريقيا تلك، ستنتبه حتما بعد فوات الأوان إلى تلك العلامات و العبارات الموجهة التي تذكرك بالطرق السيارة :

مختبر.. (للفئران قطعًا)

غرفة العمليات.. (عمليات النصب و الاحتيال قطعًا)

مركز تحاليل الدم (حيث ستجد مصاصي دماء بالتأكيد)

ولا تفاجأ إن وجدت علامة تقول: احذر التساقطات الصخرية على حافة الطريق.. فكل شيء مقبول في مثل ذلك المكان.

تصل أخيرًا أمام غرفة الطبيب العام، وهناك من المؤكد أنك ستجد الشعب كله بين الجالس والواقف بانتظار الدور.. تقف بدورك، و بمرور الوقت تجد نفسك جالسا فوق شي ما لا تدري كنهه.. ربما هي الأرضية الباردة .. تنام، وتستيقظ.. بجانبك امرأة حامل.. تضع حملها.. يكبر الطفل..يلعب بجانبك و أنت تتثاءب بملل..

أخيرًا يأتي دورك.. لا تدري كم قضيت في هذا المكان لكنك داخل غرفة الطبيب أخيرًا..

يسألك بضجر: ماذا لديك؟

تجيب: لدي حمى و غثيان و أحيانًا أشعر بـ…

يقاطعك أن “اصمت فقط فهمت”.. فهم ماذا من مجرد كلمتين؟ هذا ما يعلم به الله فقط.. يكتب فوق ورقة الدواء تشكيلة متنوعة من الأدوية.. تشكيلة كافية لعلاج نزلاء مستشفى كامل على ما يبدو..

تتذكر قول صديق لك في ميدان الصحة: إن الأطباء لا يعطونك الدواء الأرخص أو الأكثر مناسبة.. بل يعطونك الدواء الذي يرون وجه ممثل شركته بكثرة، حيث يتلقون المزيد و المزيد من العينات، والمزيد من الهدايا كالأوراق والأقلام و ما شابه، بمجرد أن يرسلوا المزيد والمزيد من المرضى المطالبين بنفس الدواء في الصيدليات..

تتوجه لأقرب صيدلية.. وبمجرد أن تطالع فاتورة الأدوية التي ستقـتـني سوف تشعر بالتحسن بالتأكيد.. وستتأسف عن عدم أخذك للدواء لأن الحاجة إليه انتفت..

لقد أصبحت منيعًا ضد جميع الأمراض..لن تمرض بعد الآن..

هذا وعدّّ

3 تعليقات

خالف تعرف!

من المفترض أن يكون هذا باباً ساخراً.. لكنني أكره دخول البيوت من أبوابها.. لأن هذا يكون غير صحي في أغلب الأحيان كما تعلمون.. لا أحد يدخل بيت أحدهم من بوابته ليسرق أسراره ويفضحه على الملأ.. لذا فالدخول السري من النافذة يناسبني أكثر.. هذه إذن نافذة ساخرة.. والنافذة الساخرة غير النافذة الكوميدية.. فمن كان يتوقع أن ينقلب على ظهره من الضحك فلن يجد ضالته هنا.. لأن الواقع أشبه بكوميديا مبكية أكثر منه بكوميديا مضحكة.. فلنطل معا من النافذة ولنسترق الرؤية..

– – – – –

إن لنا فلسفتنا الخاصة في الحياة: فلسفة خالف تعرف!

نحن نسعى إلى الاختلاف بأي شكل من الأشكال! أن نتملص من كل ما يمكن أن يلصق بنا شبهة تقليد الغرب.. كل هذا جميل ورائع.. و لكن الأكثر روعة هو أننا تمادينا في الأمر بشكل مفزع.. فقد نجحنا في تفادي تقليدهم في كل شيء إيجابي وتمسكنا بالسلبيات فقط.. الدنيا انقلبت عندنا رأسا على عقب.. فأصبحت الكتب المدرسية تستعمل كلفافات لبيع الفول السوداني بدل الدراسة.. وأصبحت الخزانات العامة ملتقى للعشاق.. عشاق أي شيء غير الدراسة طبعا.. وأصبحت الموبايلات تستعمل كأدوات زينة تعلق على الصدور كقلادات.. أما الطامة الكبرى، فهي أنهم أصبحوا يكتبون على علب السجائر: التدخين مضر بالصحة!!!

كل شيء أصبح مقلوبا ويسير بعكس الهدف المرسوم له.. خالف تعرف..

لقد بدأت الحياة تمزح معي في الآونة الأخيرة، فأشاهد مشاهد كاملة مجنونة وأنا جالس في مكاني.. لقد أصبحت أخرف.. أعيش في عالم معكوس.. معكووووووووس!!!

* * *

الطبيب يعطي لمدخن متمرس كتابا عن مساوئ التدخين وأخطاره، وحينما يقرأ المريض الكتاب ويعيده إلى الطبيب يسأله هذا الأخير عن رأيته بما قرأه وما قرر أن يفعل، فيجيبه المريض انه صدم بالفعل لما كتب في الكتاب، لذا قرر أن لا يقرأ مرة ثانية بحياته..

* * *

خالف تعرف..

* * *

أنا بحاجة لمجموعة من الوثائق لتتمة ملف خاص.. الموظف المسئول يطلب مني شهادة الحياة.. شهادة الحياة!! وهل تحتاج شهادة أكثر من وقوفي أمامه؟ أم تراها جثتي من تتحدث؟ أبتسم في تهكم.. إذن فعلينا بإحضار شهادة الحياة.. أخشى فقط أن تحتاج شهادة الحياة إلى إمضاء اثني عشر موظفا كالعادة.. والطامة الكبرى هي أن يحتاج كل منهم على شهادة الحياة كي يثبت أنه من ختم الورقة وليست جثته من فعل.. وهكذا سيحتاج كل من الاثني عشر موظفا إلى اثني عشر موظفا.. وهكذا دواليك!! ولكن ماذا عن آخر اثني عشر موظفا في الحلقة الكبيرة؟ من سيثبت أنهم أحياء..

* * *

حينما تمزح معك الحياة، فإن حجز سرير مريح في أقرب مستشفى للأمراض العقلية يصبح ضرورة ملحة..

أنفصل عن العالم.. أتوه في دوامات تتقاذفني بين وهم شاحب ووهم بين.. وأستيقظ دوما على صوت ضحكات الحياة الجذلة معلنة عن نهاية الدعابة.. أ ربما عن بداية أخرى..

* * *

صراخ جنوني من حنجرة تحاول الاعتزال.. أسنان قاضمة مستعدة للإطباق على كل شيء وأي شيء، ابتداءً من منشفة ملفوفة بشدة، وانتهاء بيد زوج بائس لم يعي خطورة الاقتراب من زوجته وهي تعاني من آلام المخاض.. إن أسرع رقم هاتف يمكنك أن تحفظه هو رقم الإسعاف.. وأسرع رقم هاتف يمكن أن تركبه هو رقم الإسعاف.. لكنك حتما سوف تدفع ثمن هذه السرعة غاليا وأنت تنتظر وصول سيارة الإسعاف ذاتها..

وفي غمرة معاناة الزوجة، فإن الطفل ولابد خارج إلى الحياة.. خروج غير معتاد بالتأكيد.. ويعيش الفتى طفولة بائسة.. فأمه مشغولة عنه دوما.. لم تلاعبه كباقي الأطفال.. لم ينعم بتواجدها لتغير حفاظاته الغارقة في مستنقع آسن.. لم ترافقه ككل الأطفال في أول يوم دراسة. ولم تمسح دموعها حينما حصل على شهادته الدراسة الأولى.. ولا حينما تم قبوله في مباراة لاختيار سائقي سيارات الإسعاف..

نعم.. إن الفتى الآن خارج في مهمة معتادة.. إنها آلام المخاض التي لا ترحم..

لقد وصل الفتى ليقل أمه التي لا تزال تعاني من المخاض.. إحساس غريب حقا.. أول نظرة يلقيها على أمه.. إنه أول شخص يحضر ميلاد نفسه.. وياله من شرف.. إن خدمة الإسعاف لسريعة حقا!!

* * *

بدأت أمل هذه المشاهد المتكررة حقا.. لكنها تطل بي على نوافذ الحياة بشكل لم آلفه.. لذا فلأستمتع بهلاوسي

5 تعليقات