المتابعون منكم لما تخطه لطيفة، قد قرأ حتما تدوينتها الأخيرة فرشاة أسنان، والتي ليس بين عنوانها ومضمونها إلا الخير والإحسان.. لو شرحت لي لطيفة هذه العلاقة أكون لها شاكرا، لأن الفضول قتل القط، وأنا قط كبير..
تتحدث لطيفة عن هؤلاء المتعالين، الذين يمتنعون عن إلقاء التحية، وأولئك الذين لا يتورعون عن أن يحشروا أنوفهم حشرا في خصوصياتك بطريقة فجة، دون مراعاة لأسلوب تقديم النصح بروية..
حديث لطيفة يجعل مجموعة من الأسماء تتقافز إلى ذهني من هواة الظاهرة الثانية.. الفصيلة الأولى لا تضايقني، فهم الذين يضيعون أجر إلقاء التحية على أنفسهم، وهم بذلك لا يضرونني في شيء.. إنما القبيلة الثانية هي التي تثير الأعصاب فعلا.. وأفراد هذه القبيلة يمكن تقسيمهم إلى مجموعات محدودة:
- مجموعة القيء: تقوم هذه المجموعة بطرح آرائها في الحياة بشكل يتحول تدريجيا من الحديث عنك إلى الحديث عن ذواتهم الشخصية.. وهكذا بعد أن كنت تعاني من مشاكل خاصة، تصبح غارقا في مجموعة متنوعة من المشاكل التي لا تفهم لماذا تسمعها، وما علاقتها بقضيتك التي لم تطلب رأيهم فيها أصلا.. فائدة هذه المجموعة أنك مع مرور الوقت وارتفاع ضغط القيء الذي يمارسونه تنسى تماما كنه مشكلتك، وكيف انطلق الحديث؟ وكيف وصلتم إلى تلك النقطة المتقدمة التي بدؤوا يحدثونك فيها عن دمل في أصبع قدمهم الأصغر؟
- مجموعة هستيريا البكاء: وهذه امتداد للمجموعة الأولى، بالإضافة إلى كون عضوها يكون عادة فتاة تربطك بها علاقة ما.. وفي النهاية تجدها قد أجهشت بالبكاء لسبب لا يعلمه إلا الله.. المشكلة مع هذه المجموعة أنها قد تتمخط على كتفك لو كانت علاقتكما من النوع الذي يسمح بأن تعانقها للمواساة.
- مجموعة “كان غيرك أشطر”: هذه المجموعة تؤكد بعنف وبجنون أن لا تحاول! فمهما حاولت فمصيرك الفشل! يتلخص منهجهم في الحياة في أن يسببوا لك القرف في حياتك وأن يقنعوك أنك أفشل خلق الله.. وهم يصبغون كلامهم دوما بصيغة “أنا أريد مصلحتك فقط.. لا أريدك أن تصدم في النهاية..” .
- مجموعة يالك من حمار: هؤلاء هم علية القوم.. هم الكرزة فوق التورتة على رأي الأخوة الفرنسيين.. هؤلاء لا يضعون أي اعتبار لما قد تعنيه لك كلماتهم.. هم فقط يرونك مجرد حمار كبير لا يفقه في الدنيا شيئا، وأن عليهم واجب قومي يتلخص في أن يشرحوا لك مدى طول أذنيك: “اختيار سيء!”.. “ذوقك بذيء يا أخي!”.. “مستواك ضعيف في هذا الـمجال!”.. “عليك أن تتمرن أكثر إن كنت تريد أن تجارينا”.. إلخ إلخ إلخ!..
العباقرة موجودون في كل مكان.. في العمل.. في البيت.. في الشارع.. تحت السجاد.. عليك فقط أن تتعلم كيف تتجاهلهم!
5 تعليقات