تجاوز المحتوى

الشهر: مايو 2006

فن تضييع الوقت

يا الله كم نحن محترفون في تضييع الوقت. أنا أعترف أنني خبير عالمي في هذا المجال. هذه التدونية مثلا مناسبة فذة لتضييع بعض الوقت هروبا من ضغط امتحان الغد الذي لم أنته بعد من المراجعة له، لكنني وجدت الوقت الكافي لآتي إلى مركز الحاسوب، وأتصفح مدونة سردالالتي لم أزرها منذ فترة، وأقرأ بها جديد المواضيع، محاولا إقناع نفسي أن لا ضرر من ذلك إذ أنني أفعل شيئا مفيدا.

في الكتاب الشهير إدارة الأولويات لستيفن كوفي نجد حديثا عن أربعة نطاقات للمهام التي علينا تنفيذها: العاجل والهام، غير العاجل والعام، غير الهام والعاجل، وغير العاجل غير الهام..
كتشفت مؤخرا أنني ألعب بكفاءة في نطاقين من أسوإ النطاقات الممكنة: الهام والعاجل، وغير العاجل غير الهام. بمعني أصح، أنا مدمن طوارئ ومدمن ممارسة فن تضييع الوقت فيما لا يفيد. وبالتأكيد مادمت هكذا فلن أكف عن الصراخ بأن لا وقت هنالك.

لم أضف جديدا في الفترة السابقة للمدونة بسبب دخولي في دوامة الامتحانات، لكنني لو كنت قد استثمرت وقت المجال الرابع (غير العاجل غير الهام) في المجال الصحي الثاني (العام غير العاجل) لما وقعت في مأزق الطوارئ الذي يرمي في النطاق الأول.

سأنهي الكتاب لاحقا حتما، وحينها سأقدم ملخصا عمليا في سلسلة مقالات لأفيد وأستفيد، علي وإياكم نفر من حاجز السلبية الخانق الذي يعاني منه الغالبية العظمى.

10 تعليقات

صحافتنا الجريئة تختبىء خلف ظهر الحصانة البرلمانية

من الرائع أن نرى بعد مرور أيام ان جريدة مستقلة كجريدة الصباح قد بدأت تتحدث عن السلب والنهب الذي حصلا في واقعة السويسي، ومن المفرح حقا أن نسمع الحديث عن خلع لملابس القاطنات وتهديدهن بالاغتصاب وكل هذه الحقائق التي مللنا من تكرار الصراخ بها..
كل هذا بعد ثلاثة أيام من الحوادث، وفقط بعد تفضل نائب برلماني بقص شريط البداية بالحديث المباشر عن الموضوع بعد ان طرح سؤالا كتابيا عن الموضوع على وزير الداخلية..
ولكني كاتب الموضوع السيد (رضوان الرمضاني) لن ينسى قط أن يدخل عبارة جوهرية في السياق… تلك العبارة العتيدة التي ألفناها من الوسائل الإعلامية البصيرة والتي يقولون بها ما يريدون دون أن يستطيع أحد يعرضهم لاختبار البيبسي.. عبارة “على حد تعبيره”.
وطبعا لن ينسى الكاتب الجريء أن يضع الجملة المعنية بالتعبير، وهي (التدخلات القمعية)، بين علامتي اقتباس..
المعنى واضح ومباشر: النائب البرلماني من قال وليس أنا.. فأرجوكم لا تقولوني ما لم أقله.. انا مجرد ناقل أمين للأخبار..

ويبدو أن الجريدة المذكورة ستستمر بالاعتماد على الصحفي الساخر (رشيد نيني) لأجل ضمان استقرار مبيعاتها، إذ أن الشعب المغربي كله يشتري الصباح لأجل عمود ثابت في صفحتها الأخيرة، يتمتع بقراءته، ويضحك على واقعه المر، ثم يرمي الجريدة لتستعمل في الأغراض التي تعرفونها جيدا..

على العموم، لا زلت من قراء نيني، ولا زلت أراه أجرأ صحفي بالبلاد، رغم تأخره بدوره في النشر، وانتظاره للصفارة البرلمانية.. لكن لا بأس.. كلنا في المغرب مكرهون..

42 تعليق

حادثة السويسي تعرض في البرلمان..

وصلني من مصادر متطابقة أن واقعة الحي الجامعي السويسي قد تم طرحها أمام البرلمان من طرف نائب من حزب العدالة والتنمية..
الشهود يؤكدون متابعتهم لهذا المقطع من جلسة النواب الذي يبث يوم الأربعاء مساء على الهواء مباشرة بالقناة الأولى..

النائب البرلماني الذي لم يتذكر أحد اسمه، تحدث عن الواقعة ببعض تفاصيلها، وطالب بالمساواة في التعامل مع المواطنينن سواء كانت شخصيات سامية أو مواطن عادي، ومعاقبة المخطىء وفقا للقانون الملزم للجميع..
وبعد تدخل النائب البرلماني انقطع البث كما يحدث دائما قبل انتهاء الجلسة المطولة، ولكن هذه المرة تبدو المسألة مثيرة حقا لأننا نجدها مباشرة قبل ان يجب الوزير المعني بالأمر عن السؤال..

طبعا لا أؤكد رؤيتي الشخصية لهذا الحدث، لكن الشهود أثق بصدقهم..

12 تعليق

بدون عنوان

قبل قليل كنت قد حذفت التدوينتين الأخيرة وكلي خزي وأسف.. وذلك لسببن اثنين:

– عوامل شخصية لست في حل من ذكرها..
– معلومات مغلوطة على ما يبدو حصلت عليها من احد طلبة المعهد..

جالسا في غرفتي أفكر، اتصل بي احجيوج والزبد يقطر من شدقيه..
الحقيقة انني كنت قبل ذلك مباشرة ممزقا بين البقاء في الغرفة والعودة لإعادة الموضوعين..

الأمر ليس خوفا كما يمكنك متذاكين منكم أن يستنبطوا، بل هو يتعلق بالدرجة الأولى بالأسباب الشخصية التي قلت انني لن أذكرها..

على العموم لم يكن ضميري ليرتاح، لولا انني عدت الآن لاعادة الموضوعين..

وإيكم وصلة ثورة احجيوج بدوره على الأحداث: http://mshjiouij.blogspot.com/

10 تعليقات

أحداث السويسي.. صور ومقاطع فيديو وتعليق..

قبل أن تقرؤا بقية المقال، حملوا هذا الملف أولا .. واقرأوا المقالة السابقة: فيلم أكشن مرعب واقعي
شاهدو الصور والأفلام، ثم تعالوا لتكملوا القراءة..

ملحوظة: تستطيعون قراءة الأفلام ذات الصيغة .3gp باستعمال برنامج QuickTime..

الصور ملتقطة من الحي الجامعي بمخدع الفتيات.. وضعوا ألف سطر تحت كلمة الفتيات هذه.. فكل التخريب الذي ترونه استطاع رجال أمننا البواسل فعله في مخادع الفتيات فقط..
من الواضح أن مسمى “قوات مكافحة الشغب” لم يعد يناسبهم حاليا.. ما رأيكم بأن نحذف كلمة مكافحة من العبارة.. هكذا سيبدو الأمر مقبولا تماما..

تقول الشهادات الحية لفتيات تعرضن للهجوم، أن هؤلاء اقتحموا المخادع بدون إنذار، والحجة طبعا هي أنهم يتعقبون الفتيان الهاربين..
اقتحمت الأبواب بقوة هرقلية كما ترون في الصور، والفتيات بالداخل مرعوبات.. بعضهن تم جرهن من شعورهن، وهذا منظر رآه طلبتنا من شرفات المعهد.. بعضهن تمت محاولة سرقتهن، سؤاء ساعات او ما شابه..
فتاة حاولت منع رجل من أخذ جهاز كمبيوترها المحمول فرماه هذا الأخير من النافذة.. وهذا رآه شباب المعهد أيضا حيث قذف العديد من الكمبوترات المحمولة من النوافذ..
ثم إن الصور توضح لكم ما كان مصير الحواسيب الكبيرة..

تحدثت بالأمس عن الفتى الذي رمي من الطابق الرابع.. الحقيقة أنني كنت مخطئا.. فقد قفز المسكين بإرادته من بعد ما حاصره مجموعة من الوحوش الضارية وانهالوا عليه ضربا..
ما أنا مأكد منه الآن، هو أن هناك فتى آخر تم رميه حقا من الطابق الثالث.. شيء عادي طبعا..

من الأكيد أن السبب الوحيد للحركة التخريبة الواسعة من طرف رجال الأمن سببها المباشر إيجاد سبب مقنع لاختراق لاقتحام الحرم الجامعي الذي لم يعد حرما بل أصبحا خُرما تخترقه إبر السلطة متى أحسوا بالملل..

تلاحظون في أفلام ذات الصيغة 3gp ما تم تصويره من شرفات السويسي 1 الخاص بالذكور، حيث يظهر عجز القوات المساعدة عن التقدم السريع داخل الحي بعد المقاومة العنيفة للطلبة بالحجارة..

الأفلام غير واضحة لأن التصوير ليلي بأجهزة المحمول فقط.. لدي الكثير من الأفلام التي لا يمكن ن يستنبط منها شيء..

تلاحظون أيضا في بعض الصور أن القوات المساعدة بقيت متأهبة في اليوم التالي، أي أمس، راكنة سياراتها بانتظار بداية المرح مجددا..

وقد قامت مع بداية المساء بفرض حضر تجوال حقيقي على طرقات مدينة العرفان بأكملها، وذلك بعد أن حاول الطلبة تنظيم بعض المظاهرات..

وطبعا كان هناك معتقلون.. سأحاول أن أصل إلى معلومات عما حصل معهم لاحقا..

أما الصحافة الوطنية فلست ملما بما نشر بها، اللهم إلا من ما نشرته جريدة الصباح في هذه الصفحة، والذي مر برأيي مرور الكرام بعبارات بسيطة على بشاعة الاقتحام الذي حصل لغرف الطالبات.
حملوا المقالة هنا.

15 تعليق

فيلم أكشن مرعب وواقعي

رغم أن السينما المغربية قد أثبتت هزالة مستواها في (الأكشن)، إلا أن سينما الواقع المغربي أعلنت عن طفرة خرافية أمس بمدينة العرفان الجامعية بالرباط..
لا زلت لحد الآن لا أستطيع تصديق مجريات الأحداث الأخيرة.. ولا يزال الجميع يتحدثون تحات تأثير الصدمة..
بدأ الأمر، بعد صلاة العشاء، بحادثة سير من النوع الذي لا نراه سوى على شاشات السينما.. سيارة مرسيدس يقودها صبي لا يجاوز السادسة عشر من عمره، مرافقا بأصدقائه، قامت باختراق أسطوري لسيارة أجرة صغيرة أمام الحي الجامعي.. ففي الوقت الذي استغرقته المرسيدس للوقوف وإخراج أكياس الحماية الهوائية، كانت سيارة الأجرة قد أخذت وقتها الكافي في أن تطير في الهواء لتلتف مرات عديدة، ويخرج الطالب الراكب من النافذة طائرا بدوره.. قبل أن تستقر السيارة في وضع كارثي، بعد أن توفي سائقها، وبقي راكبها خارجا في طور الاحتضار..
إلى هنا يمكن اعتبار الأحداث عادية قد تحصل في أي مكان رغم شناعتها.. لكن صدقوني.. لقطات (الأكشن) الأروع لم تبدأ بعد..
فبسرعة لم نألفها قط في وسائل امننا، كان المكان قد أحيط برجال الشرطة والمفتشين.. وكان والد الصبي السائق قد وصل ووسط ذهول الجميع تم استبدال السائق الطفل كمتهم بمرافق للوالد.. وذلك أمام عيون عشرات بل مئات الطلبة الذين يشاهدون المشهد.. وبع المشاهدين أكدوا أنهم رأوا الشرطة تخرج بعض قنانين الخمر من السيارة، في حين تجاهلوا تماما حالة الصبي السكران الذي خرج من السيارة بعد الفعلة مبتسما كأن شيئا لم يكن..
ولأننا في العرفان، ولسنا في منطقة شعبية ذات سكان بسطاء لا يحركون ساكنا، قامت ثائرة الطلبة، وبدؤوا يرشقون الشرطة بالحجارة في محاولة منعهم من نقل السيارة وإتمام المر بهذا الشكل..
فماذا حدث؟
بسرعة كبيرة، وبدون إضاعة وقت، تم إنزال جيوش من رجال مكافحة الشغب الذين لم يكتفوا بالسيطرة على الوضعية أمام الحي، بل قاموا بعملية هجوم مكثف على الحي ذاته، يصافحون كل من وصلتهم أيديهم وهراواتهم وأقدامهم.. ولم يكن ذلك كافيا.. فقد تم اقتحام الأروقة والغرف، وتكسير كل الأبواب.. واختلط الحابل بالنابل، كي تبطش يد (((حماة القانون)))) بكل من تواجد هناك سواء له علاقة بالموضوع أم لا..
وطلبة المعهد واقفون نراقب المشهد من داخليتنا من بعيد رأينا ما لم نفهمه على الاطلاق.. أجل! تم اقتحام حرمة الفتيات في غرفهم أيضا، وتم تكسير كل ما وجد بها حتى انك ترى أجهزة الكمبيوتر تطير محلقة بقدرة قادر.. ثم المشهد البديع لرجل أمن يمسك ثلاثة فتيات من شعورهن دفعة واحدة.. اثنتان في يد والأخرى كي لا تبقى اليد الثانية شاغرة.. ثم المشهد المؤثر لطالب معاق قفز بمعجزة عبر حائط عال ليصل إلى معهدنا طالبا الرحمة من هراوات لا تميز..
قفز مئات الطلبة غيره فارين من الاجتياح الغريب غير المفهوم، والكل لا يزال يصدق أن كل هذا بسبب صبي سكران في السادسة عشر من العمر!
كل هذا حدث بين التاسعة ليلا والخامسة من صباح اليوم.. ولخيالكم الواسع أن يتصور فداحة الأحداث..
ولا يزال الوضع متوترا حاليا في الأجواء، ولا احد يدري كيف ستكون ردود الأفعال..
هذا لو لم يتم كتمها..

أشعر ان هذا المقال أتى متخبطا.. لكن ذلك يعكس حالتي النفسية الحالية..
انتظروا بقية التفاصيل حالما يصلني جديد..
هذا لو لم تصل يد أحدهم إلي لتبطش بي بدوري..
من يدري فبعد ما رأيناه أمس، لا زلنا نتساءل عن كنه الصبي وعن رفعة مكانة أبيه في البلاد..

تحياتي..

23 تعليق

ظلال في جدران الزمن (5) (النهاية)

الفصلان السادس والسابع

الفصل الثامن
——————-

وجلسَت وحيدة على طرف المقعد, واعتراني الحنق منها ومن تصرفاتها الصبيانية. لكني لم أكن غاضبا حقا, لماذا أغضب مادامت هي الوحيدة التي تمكنت من إحياء روحي الذابلة. ومضيت أبحث عن زهرة بين الأعشاب الصفراء الجافة, وعثرت على واحدة فعدت أدراجي..
-أغمضي عينيك!…
-لماذا؟
-لا تكوني لحوحة, أغمضي عينيك فحسب..
ومددْت يدي إلى شعرها, وأدهشها ما فعلت بعدها. جثوت على ركبتاي ومددت يدي نحوها بطريقة مسرحية وتراخت الزهرة في قبضتي كأنها جسد ميت.
-ماذا تفعل؟
-انتظري!..
وزرعت الزهرة في شعرها, دنوت من خدها فلثمته. ولما تقابلت عينانا أدركت أن الأمر قد راقها حقا, وهمسْت حينها:
-لا تغضبي مني!.. تعرفين أني أحبك, لكني بالمقابل لا أريد أن تختبريني على هذا النحو..
-معنى هذا انك ترفض دعوتي..
-كلا, الحقيقة أنني أجهل تماما أين أصحبك!
-لا تقلق, سأدلك على مكان هادئ سيعجبك..
أحيانا تمنحنا الحياة قطرات من المتعة, لكنها للأسف لا تمنحنا ما يكفي لنطهر أنفسنا من بقايا الحزن.
لطالما فكرت أن القلوب المرهفة لعنة بقدر ما هي هبة, فالدموع التي يمنحها هؤلاء الحالمون الرومانسيون ليست سوى طريقة لتفريغ أزماتهم العاطفية, فحين يظهرون تعاطفهم بهمسات حنون أو دموع زاخرة فهم بذلك يريحون أنفسهم دون أن يتجرؤوا على منحك النصيحة الذي يعرفونه جميعا.
لا تبك لأن البكاء يجعلك تضعف!
وقد علمتني أمي ذات الشيء, فحين أخطأ أو أؤذي نفسي لم تكن تهتم بجرحي فتضمني, بل كانت تضربني حتى أني كنت أنسى ألم الجرح وأندم على ما فعلت, فلا أعاود الكرة من جديد, لأنني أدرك حينها سأذوق ألما مضاعفا. ألم الجسد والروح..

——————–

فاجأتني ذات مرة وقالت:
-هل تكره والدك؟
وتجمد الزمن لبرهة, فقد أذاب سؤالها المباغت ثلوج الحيرة في روحي.. أغرقت شواطئ نفسي واجتاحت كياني كله..
قلت بعد فترة:
-لست متأكدا!..
-وهل عرفت سبب انتحاره؟
-كلا! لطالما أخبرتني أمي أنني السبب وراء انتحاره, ولا زلت أجهل كيف.. كيف يمكن أن أتسبب في ذلك مادمت قد ولدت بعد انتحاره؟.. ماتت أمي قبل أن أعوام, لكنني لم أكن قريبا منها كفاية لتخبرني.. أنا متأكد أنني السبب حتما, فلطيفة تكن لي الكثير من الكره أيضا…
-يجدر بك أن تسألها إذن!.
-لا, لا أستطيع!..

—————–

كم أكره الوحدة في هذه اللحظات الكئيبة من حياتي! تلك اللحظات اليتيمة التي أشعر فيها برغبة في مصالحة الأشياء.. لا أستطيع أن أعيش حياتي وحيدا, لا أستطيع أن أكمل الدرب بروح منطوية وحيدة, لأنها ستموت في أية لحظة!..
لا أريد من الدنيا سوى الشعور بالسعادة, لست سعيدا هكذا! ولن أجد السعادة في اختلاطي بالآخرين, فماذا أفعل؟.
وتشردت أفكاري على قارعة الملل, وتشربت منه روحي فشلها كما الصدأ, واحتشدت في رأسي أفكار كثيرة, وتمنيت لو أتقياها فأرتاح. ونزلت إلى الشارع ابحث عن لذاتي الكريهة عن متنفس..
جلست في أحد المقاهي لأول مرة.. رحت أنصت لضحكات الآخرين وشكواهم, لأصواتهم الصاخبة وهمساتهم المنكسرة..

—————–

وصلتني رسالة شكر من لطيفة. وجدتها تحت الباب لذا عودتي, ألقيتها على الطاولة بجوار التلفاز, والغريب أن الأمر لم يدهشني بقدر ما بث الذعر في نفسي..
كنت قد اشتريت للمولود المنتظر مهدا وأرسلته, لكني لم أتوقع أن تراسلني لطيفة وهي التي لم تشعرني أبدا بشيء.. رحت أرمق المظروف بكثير من الحيرة. لا أذكر أن أختي لعبت معي يوما, حتى أنني لم أكن أناديها باسمها.. ولما رفعت المظروف من جديد تفحصت كتابتها الرقيقة, حروف صغيرة متلاصقة..
ثم فطنت إلى أمر آخر, هذا الخط يشبه خطي تماما!..
وترددت بحيرة: هل أفتحه؟
وفي وقت متأخر من الليل تلقيت اتصالا من زوجها, أخبرني أنها ماتت وهي تلد..
-والمولود؟
-لم تكتب له الحياة!!

——

الفصل التاسع
—————
كنت استحم عندما هالني مظهر الندوب على صدري, جروح قديمة تعود إلى طفولتي.. بعضها بسبب أمي, وأخرى تعمدتها لعل الألم يعوض ما أحس به من كراهية حيال نفسي!.. والغريب في الأمر أن الألم كان يتلاشى بسرعة مما دفعني لأزيد جرعة التعذيب.. لكن, هل يستطيع الألم أن يحل مكان المتعة؟
ربما يكون الألم مصدر المتعة, فالألم في حد ذاته تعبير عن إحساسنا بشيء ما, شيء لا نستطيع وصفه بكلمة أخرى غير الألم.. فالأسماء مجرد كلمات من قاموس جاهز مسبقا, ولا ننسى أننا من يمنح الأشياء أسمائها..
كنت أخرج في الليل لأتسكع في طرقات مدينتي النائمة. أحاول أن أحصي النوافذ القليلة التي يتسرب منها النور. واعتقدت في البداية أن ساكنيها يحبون السهر, وفكرت ذات مرة أنهم ربما نيام, وبسبب خوفهم من الظلام كانوا يتركون الأنوار مضاءة كما كنت أفعل صغيرا..
كنت أخشى الظلام في صغري, وأدركت حينها أن السواد لا يعني الخوف فحسب بل الحزن أيضا. لكني لم أمتلك الشجاعة الكافية لأعترف بذلك, كنت خائفا من إظهار خوفي ومشاعر مركبة مربكة لذاتي الصغيرة التي لا تستطيع أحلامها أن تتجاوز الحصول على قبلة نوم..
فكل ما أردته من أمي هو القليل من الإهتمام, القليل من الحب.. لكن وحين نفتقد أشيائنا الصغيرة نعوضها بأشياء أكبر وأضخم وأكثر أهمية. والأيام منحتني أكثر مما رغبت به يومها..
منحتني الاستقلال!..
فلماذا لا أشعر بالندم على أيامي الماضية؟ ألأنني لم أفق بعد أم لأنني كنت مستيقظا طوال فترة غيبوبتي..

————-

“أدرك يا حبيبي أنك إلى كلمات العشق..
يحملك الشوق..
كما إلى مروجها, تحن الزهور
كما إلى أعشاشها, تحن الطيور
لكني أخطها هنا, لتضيع بين السطور..”

قلت لها ذات مرة:
-ألا تجدين هذا غريبا؟
-ماذا؟
-أليس أنا من يجدر به أن يكتب لك شعرا؟
وهزت كتفيها بلامبالاة, وقالت:
-وماذا عساني أفعل؟ لا حيلة لي, ثم إن هذا ليس عيبا!
ولوحْت بالورقة في يدي, وقلت متظاهرا بالضيق:
-هل تحسبين أنك الوحيدة القادرة على هذا؟
-لم لا تريني ما تستطيع فعله إذن؟
وفطنت أن كل عباراتنا السابقة أسئلة, مجموعة من الأسئلة الخرقاء طبعا. لكنها تحدتني ولا أريد أن أفشل.. صحيح أنني لا أجيد الكتابة مثلها, لذا فكرت أن أعزف لها قطعة من القطع المفضلة لدي..
وجال بصري عبر الحديقة بحثا عن أولئك الصبية الذين رأيته قبل قليل, كانوا يعزفون في الركن البعيد..

——————-

ترددت كثيرا قبل أن أدخل. كانت هناك صالة صغيرة تتوسطها طاولة زجاجية, جلست على الأريكة ورحت أقلب المجلات بكثير من الملل.. الجدران مطلية بلون برتقالي, لون دافئ جميل أشعرني بالإسترخاء, وكانت الموسيقى الهادئة تتردد عبر المكان لتروي قلقي..
ثم انفتح الباب, رآني فأشرق وجهه بابتسامة كبيرة ودعاني لأدخل..
-يجدر بك أن تملأ الاستمارة!..
قالها بحزم بعد أن مزْقت الورقة, ولكن صوته الحاد لم يتمكن من محو ابتسامتي. ظل يحدق بي من وراء نظاراته الطبية لبرهة ثم اتكأ على كرسيه الكبير. وتابع بعد أن عجز عن فهم سر صمتي:
-كيف تريدني أن أساعدك مادمت أجهل كل شيء عنك؟
-أريد شخصا يسمعني فحسب..
-ولم أنا بالذات؟ لست مضطرا لتحمل كلفة استشارتي, بإمكانك أن تكلم أي شخص آخر, أحد أصدقائك مثلا!..
-ليس لي أصحاب!..
ومضت نصف ساعة وأنا أتكلم, وفي النهاية استوقفني وقال:
-ولماذا تستغرب الأمر؟
-لأنه من غير المنطقي أن تموت لطيفة في ذات اليوم الذي تسلمت فيه رسالتها.. اعتقدت في البداية أنها صدفة ربما, كأنها استشعرت الأمر ورغبَت عبر رسالتها في مصالحتي.. تماما كصحوة الضمير التي تصيب المرء وهو يحتضر, لكني فطنت إلى السبب أخيرا… أنا قتلتها!
ظل يرمقني بهدوء مصطنع, لكني عرفت أن عبارتي قد صدمته, فلماذا ارتعشت يده إذن؟
وهنا أخرجت صورة لي وأنا صغير, كنت أفق فيها إلى جوار أمي بينما أختي في حضنها.. والغريب أن أختي كانت أكبر من أن تُحمل على عكسي, فقد كنت صغيرا جدا, فرحت أتشبث بفستان أمي وأحدق فيهما!
منحته الصورة, وقلت:
-هذه أختي..
-لا أراها!
-ماذا تعني؟ إنها هنا في حضن أمي..
ورأيت نظرة الغضب التي لمعت في عينيه, وبعدها صاح:
-هل تسخر مني؟ لا يوجد سواك في هذه الصورة!
-أعرف!أردت أن أتأكد من صحة ظني فحسب..

—–

الفصل العاشر

———————

لم أكن يوما راضيا عن نفسي, وكأن حياتي كلها في النهاية ندم كبير, وتمنيت لو تلعق كلمات ناهد كل اللحظات المريرة التي عشتها..
واحتضنتها برفق, ولما رفعت وجهها نحوي قبلتها.. وشربت من نبيد شفتيها حتى الثمالة, لكن القبلات الأولى التي سرقناها من الزمن ومن الناس لم تسقني بل تركت في روحي عطشا أكبر..
ركبت الباص لأول مرة هذا الصباح, وجلبت وردة حمراء وضعتها على مكتب ناهد. انتظرتها طويلا لكنها لم تحضر. وطال غيابها هذه المرة, أربعة أيام مضت دون أن أعرف عنها شيئا. وبقيت في المكتب وحيدا, ولم تكن الوحدة تزعجني بقدر ما يزعجني غيابها..
ربما كانت مريضة!
قالت لي آخر مرة:
-هل ستفتقدني؟
-ماذا تقصدين؟
-لو قررت أن أرحل يوما, هل ستحزن؟
-بالتأكيد! لكني لن أجرؤ على منعك, والدك رحل دون أن يودعني بدوره.. كنت أحبه حقا!. وربما كان تعلقي به محاولة يائسة مني لأذوق مشاعر الأبوة التي لم احظ بها قط..

———————–

-أخبرتَني في البداية أنها ماتت وهي تلد, فلماذا تقول أنك قاتلها؟
-لأنها موجودة هنا! في رأسي وحسب.. لقد اختلقتها!!.. لقد لقيت معاملة قاسية من قبل أمي. لم تشعرني بأنني ابنها يوما, كانت تضربني وتسيء إلي طوال الوقت.. لكن وبدل أن أكرهها كرهت لطيفة أختي, فكانت الشماعة التي علقت عليها حقدي وكرهي كله..
-أهكذا تفسر ما حدث إذن؟
-لا تنس أنك الخبير هنا.. أنا أخبرك بما اعتقده فحسب, ما رأيك أنت؟
لم يجب, خلع نظارته وحك أسفل عينيه, ثم سألني:
-وماذا عن انتحار والدك؟
-ليس غريبا أن ينتحر أبي! كان مجنونا ولم يتوقف يوما عن أذية نفسه, بل تعدى ذلك وصار يضرب أمي.. ولما علم بحملها اعتدى عليها وكاد يتسبب في إجهاضها, لكني نجوت بأعجوبة, لذا خيرها بيني وبين حياته..
-وكيف عرفت ذلك؟
-قرأت ملفاته الطبية!..

———————–

وجاءني طلب من المدير, صعدت الدرجات المؤدية إلى مكتبه. طرقت الباب فدعاني للدخول.. ولوهلة ظل يحدق بي كأنما يراني لأول مرة, ولم استغرب الأمر فهو لم يرني منذ زمن.
-منذ متى وأنت تعمل في الأرشيف؟
-منذ ست سنوات ونصف سيدي!
-جيد! معنى هذا أنك تملك خبرة كافية لتتولى مهاما أخرى.. لكن أخبرني أولا, كيف تمكنت من تحمل العمل في ذلك المكان لوحدك؟
وحين غادرت مكتبه كنت قد تلقيت ترقية, لن أعود إلى الأرشيف بعد اليوم.. هناك مكتب بانتظاري, مكتب أوسع ذو نوافذ كبيرة ويعج بالموظفين!..

———————-

ماتت أمي في ذات اليوم الذي غادرت فيه المنزل لألتحق بالعمل, حين أخبرتها برحيلي لم تنبس ببنت شفة, فقد حسبت أنها سترفض ولم تفعل..
ولم أكن أقرب غرفتها في حضورها, وفكرت أن أودعها لكني خشيت أن أوقظها من النوم. وعرفت أنها ستضربني قطعا لو فعلت, فمزاجها يكون متعكرا في الصباح, ولن تهدأ قبل أن تدخن لفافتين أو ثلاثا فقد كانت تدخن بشراهة!..
فتحت غرفتها, تسللت بهدوء إلى السرير.. ولما دنوت من جبينها ولثمته أدركت أمرا.. كان جسدها باردا, وعلى شفتيها ابتسامة شاحبة!.
حملت حقيبتي وغادرت, وبعد أسبوع اخبروني بوفاتها.. قالوا أنها ماتت قبلها لكن أحدا لم يكتشف الأمر, ليس قبل أن تفوح رائحة جثتها وتزعج الجيران!..

—————–

وهنا قررت أن أنهي هذا الحوار الذي بدأ يثير أعصابي, فقلت:
-هل استطيع الإنصراف الآن؟
وظل يرمقني لوهلة..
-ليس قبل أن تعدني بالعودة!..
-لا تقلق يا دكتور!.. لن انتحر لو كان هذا قصدك! انتحر أبي لأنه لم يرغب بمجيئي إلى هذا العالم, وبعدها انتحرت أمي لأنها لم تتحمل ابتعادي عنها.. ربما كانت تحبني رغم كل شيء, لكنني كنت أذكرها طوال الوقت بأبي الذي كرهَته! وكل هذا يبقى مجرد احتمالات أحاول أن أضمد بها جراحي لأنني لن أعرف.. لن أعرف الحقيقة أبدا!!

———————–
النهاية
بوالخورص جمال
22/03/2006

1 Comment

شذرات(3) : أنصاف دوائر

إنهم في كل مكان..
ما إن تقف بجوار حجر المغناطيس حتى تجدهم..
افتح الباب يطل لك خمسة منهم..
افتح الصنبور يهرج لك عشرة منهم..
أغلق عينيك ترى الملايين..

منهم خيال المآتة..
يجلس كالأمانة لا يتحرك..
تسمعه نادرا لو كنت وافر الحظ..
لكنه دوما هناك ملتصق كالعتة..

منهم اللزج..
وهم كثر..
يتخذون الأخ كازانوفا مثلا أعلى..
يحاولون يائسين التفوق عليه..

منهم السمج..
يظن نفسه فلتة في المزاح..
أو كما يقال: “يقتل ضحكا!”
الحقيقة أنه يقتل فقط..

منهم البهلوان..
أدهى وأمر..
قد يبدو جذابا..
قد يبدو مرحا..
ثم ماذا بعد ذلك؟

إنهم في كل مكان..
أنصاف دوائر مركزها واحد..

أنظر إلى القوس..
أخفض بصري..
أنسحب بصمت..
قبل أن أتحول إلى نقطة في نصف دائرة..

سؤال: ما ذنب المركز؟

11/05/2005

Leave a Comment

احجيوج في (((إعسار))) فكري..

م.س.احجيوج يسقط اخيرا.. (أين وجه الكول ذي النظارات؟)..

محمد العزيز يعاني من مشكلة غريبة بعض الشيء، اعترف بذلك، مفادها ما يلي:

طلب مساعدة!
مرحبًا.. ثمة مشكلة في الموقع لا أدري سببها. منذ أيام وأنا لا أستطيع الوصول إلى الموقع عبر المتصفح، وإن كنت أستطيع الوصول إلى بعض صفحاته بواسطة خدمات البروكسي. لكنها خدمات مؤقتة لا تفي تماما بالغرض في نسختها المجانية.

حاولت بشكل الطرق: تغيير السيرفر، حذف الموقع وبنائه من جديد، إعادة تثبيت المدونة، تثبيت نظام التشغيل في جهازي، الاتصال من أجهزة أخرى. ودائمًا بلا فائدة. لا أستطيع تصفح الموقع، رغم أن بعض الأصدقاء في المغرب قالوا أنهم يتصفحون الموقع بشكل سليم. لكن الغريب أنني جربت الأمر على أكثر من جهاز مختلف ومع ذلك نفس المشكلة. دومًا تظهر لي رسالة الخطأ 400. ولا أدري ما سببها

ولأنني لا أستطيع تصفح المدونة فمن الطبيعي أنني لا أستطيع تحديثها. وهذه الصفحة أضفتها بشكل مباشر من لوحة التحكم التابعة للسيرفر، ولا أدري كيف ستظهر.

أرجو منكم المساعدة في حل هذه المشكلة. لا أعرف سببها ولا ما تعني رسالة الخطا تلك. لو أن أحدكم سبق له المرور بهذه المشكلة أرجوه مراسلتي على بريدي بأي اقتراحات للحل لو هنالك.

بريدي:mshjiouij@yahoo.fr

حسنا.. هل من أحد أصحاب الحلال الذين وقع معهم مشكل مشابه كي ينقذ احجيوج من الصمت الفكري الإجباري..

Leave a Comment

كي تعرفوني أكثر!

لي مدة لم أضع شيئا كوميديا بالمدونة.. وهذا يشير إلى أنني بدأت أتجه نحو سوداوية احجيوج التي طالما تهربت منها..
لكن لا بأس! وجدت بالأمس في جهازي حوارا من أيام العز والروقان بلا حدود..
الحوار كان في إطار برنامج التوأم بقناة RNN بمنتدى شبكة روايات التفاعلية..
فكرة البرنامج متميزة، تعتمد على إرسال نفس الأسئلة إلى شخصين يريان أن بإمكانهما أن يكونا توأمين فكريا..

ستلاحظون أن نوع الأسئلة خرج عن هذا النطاق واتجه إلى سياق يضفي نكهة كوميدية بديعة للبرنامج، خصوصا وان المقدمين كانا مجنونين.. في البداية كان حسام رمضان، ثم تلاه بسووووووم.. وكل من كان عضوا بالمنتدى يعرف ميولهما المجنونة..

لكن الشرط الوحيد للنجاح الكوميدي كان أن يكون الضيوف مجانين..
وقد كنت أحد أعتى المجانين كما ستكتشفون بأنفسكم..
ولا يخفى على ذكائكم انني المدعو (كودو)..

بسم الله الرحمن الرحيم

الإصدار الثاني من برنامج الـ RNN التوأم

من جديد وبعد انقطاع الصديق العزيز حسام رمضان ، أقوم حضرتي بتقديم البرنامج بدلاً منه وإعداد الأسئلة بدلاً منه وفتح المواضيع بدلاً منه والاستظراف بدلاً منه وكل شئ كان يفعله أفعله أنا الآن بدلاً منه ..
أحب في البداية أن أنوه بالمعلومات التي كان الصديق العزيز حسام يصدّع رؤوسنا بها قبل الأسئلة :
– هذا البرنامج كوميدي بالأساس فلا تبخل بجزء ولو بسيط من روح الدعابة التي تتمتع بها
– فور أنتهائك من إجابة هذا النموذج أرسله لي على الفور في صفحة منسق الكلمات ( وورد )
– لاحظ أنني لو أحسست أنكما _ أنت وتوأمك يعني _ قد أجبتما هذا النموذج معا في نفس التوقيت على طريقة الحل الجماعي ، فسأضطر آسفا للتدخل بالتعديل في أجوبة كليكما .. وعلى الباغي تدور الدوائر

المجموعة الأولى ( أسئلة تقليدية جداً .. لهواة الرتابة ):

1- هل أنت كبير بما يكفي ؟.. إذن ما هو رقم بطاقة سيادتك ؟!..

كودو: لا أظن ذلك.. و إلا لما كنت هنا أجيب على أسئلتك السخيفة هذه..
فلنتفق أولا على معنى كبير هذه.. كبير بما يكفي لماذا؟ كبير بحيث لا أستطيع ولوج خرم الإبرة مثلا؟ أم كبير لدرجة أن أنظر في فتحة الباب بعيني الاثنتين في آن واحد.. و لا تقل لي ان هناك حجما في السوق اكبر من هذا..
رقم البطاقة: F 9 9 # # #
لكنها سرقت.. و يقولون و الله أعلم أن واحد- بسم الله الرحمان الرحيم – يجول حاملا إياها عبر الكواكب..

2- ما أنواع المأكولات المفضلة إليك سواء كانت طبيخاً ما أو فاكهة ما أو مخلل ما ؟..

كودو: كنت أتمنى أن أقول : وجبة الزبدة المشوية.. أو عصير قصب الملح.. أو أي شيء مبهج آخر.. إلا أن الأمانة العلمية تحتم علي أن أخبرك أنني أتبع نظام حمية مكثفة لتخفيف وزني من 50 كيلو إلى 80 كيلو .. لا يوجد خطأ مطبعي هاهنا.. هذا حلمي منذ الصغر و يبدو انني لن أحققه البتة..
هممم.. بعيدا عن المهاترات لا يمكنني حقيقة أن أخبرك بأكلتي المفضلة لأنك ستحتاج إلى معجم المحيط (الهندي أو الهادي.. كما تحب) كي تفهم معناها خصوصا و أن اللهجة المغربية بسيطة للغاية..
فهمت شيئا؟

3- هل تهوى متابعة أي من قنوات التلفاز أو مشاهدة أفلام السينما ؟.. وماذا يهمك متابعته أو مشاهدته وتحزن لو فاتك منه شئ بصفة عامة سواء كان برنامجاً أو فيلماً أو ماتش كورة ؟..

كودو: الشيء الذي يحزنني أن يفوتني حقا هو الأوتوبيس وقت الذروة (خصوصا و أن لدي بطاقة اشتراك)..
غير ذلك تهمني متابعة:
– أفلام الكرتون.. و هذا محرج..
– الإشهار.. و هذا محرج جدا..
– نهاية البث و تلك الموسيقى الخالدة: ششششششششششششش… و هذا هو الحرج ذاته..

4- أيهما تحب أكثر.. باباك أم مامتك ؟.. أعلم أنك تحب الاثنين، لكننا نريد أكثرهما ؟..

كودو: خالتي طبعا..

5- وأنت بالليل سهران، وحداني، مشغول البال وتفكر.. بم تفكر غالباً ؟..

كودو: بنت خالتي.. ظننت ذلك واضحا من جواب السؤال السابق..

6- عندما تنام ليلاً – المفروض أننا ننام ليلاً – هل تترك نور الغرفة مضاء أم تحبها سوداء كقرن خروب ؟.. ولماذا ؟..

كودو: بافتراض أنني أنام ليلا (واسعة شوية!! ) أحب أن أترك الغرفة………….. و أنام في الصالون.. و هناك أحب أن أترك الصالون….. و أعود إلى غرفتي كي أتركها سوداء (لا تخافوا لن أعود مجددا إلى الصالون..).. و لكن ليس كقرن الخروب (هذا لو كان للخروب قرون)، بل سوداء كغرفة نومي حينما أُطفئ النور.. (شفت التشبيهات العبقرية بحق؟) (سؤال للأذكياء: احزروا أين أنا نائم؟)

7 – هل أنت ممن يأكلون شيئاً ما قبل النوم ، فقط لكي تمتلئ معدتك وتراودك أروع الكوابيس وتتمتع ببطولة فيلم رعب من النوع الممتاز ؟.. أم ممن يحرصون على أن يكون طعم معجون الأسنان هو آخر مذاق في حلوقهم ؟..

كودو: لا يا شيخ!!.. لم أكنت أعلم أنكم في مصر تأكلون معجون الأسنان.. !!
أنا أكتفي بترك طعم الماء في فمي قبل النوم.. أجل.. إنه ذلك الطعم المالح الصدئ (لست بحاجة
إلى كوابيس رعب كما ترى)..

8- عندما تتاح لك كميات كبيرة من الكتب المتنوعة في شتى المجالات ، بأيها تبدأ ؟..

كودو: في العادة أبدأ بالسلطة.. ثم أغمس في الطبق الرئيسي.. و انا –بالمناسبة- أحب الغموس جدا..
و لكن إكراما لخاطرك.. و كي لا تصاب بالجلطة، فأنا أبدأ عادة بالذي يروقني منها.. سواء كان بطاطس، أو.. إحم.. أعني رواية.. او كتابا مشوقا .. و إذا دخلت الروايات المصرية للجيب فلا مجال للمنافسة..

9- أمتع لحظات حياتك.. ما هي..؟

كودو: حينما أجد هذا النوع من الأسئلة و أضطر إلى البحث في المعجم عن معنى كلمات من طراز: متعة.. سعادة.. و أشياء من هذا القبيل..

10- ماذا تتوقع أن يكون السؤال العاشر هنا ؟..

كودو: فين السؤال؟ أنا أحط إيدي على السؤال تلاقيني فريرة؟ فين السؤال؟
على العموم كنت اتوقع أن يكون السؤال هو : 10- ماذا تتوقع أن يكون السؤال العاشر هنا؟..
عبقري طبعا !!

المجموعة الثانية ( آدي دقني لو عرفت تجاوب ) :

1- علل : ماشربش الشاي ، أشرب أزوزة أنا ..

كودو: تريدني أن اعلل لك.. هذا يعني انك مش فاهم.. و مش فاهم لأنك مش قاعد كويس.. لو كنت قاعد كويس، كان الكلام حيكون على مستوى قعدتك..

2- إذا كانت الخضار والفاكهة تفيد في تخسيس الوزن ، فلماذا لم يستفد الفيل منها ؟..

كودو: ظننت الفيلة تأكل العشب.. لكن اتضح أن الفيلة تأكل الخضر والفاكهة.. من هنا تتضح أزمة المجاعة في الصومال..

3- إشارة ممنوع المشي على الحشائش ، كيف وضعت في مكانها ؟..

كودو: في البداية و ضعت الإشارة في صحراء مقفرة.. و بعد سنوات من الجفاف نبتت الحشائش بقدرة قادر.. ولا تسألني كيف!

4- متى نرى السماء باللون البدنجاني ؟..

كودو: هناك أربع حالات:
– الحالة الثالثة: أن تضع عوينات صفراء اللون بنفسجية الرائحة (جربها وادعو لي)
– الحالة الرابعة: وقت الغسق بين الشروق و خسوف الشمس بعد الظهر.. يعني الواحدة ليلا حينما تكون الشمس في بنكرياس السماء.. فاهمني طبعا..

5- أنت تركض للأمام لتقليل وزنك ، ماذا لو ركضت للوراء هل يزيد وزنك ؟.

كودو: عندما تركض للوراء يقل وزنك طبعا.. يا للسخف.. فقط لو ركضت نحو اليمين او اليسار حينها تتحول إلى فيل عن طيب خاطر.. و حينها قد تأكل الخضار و الفواكه كي يخف وزنك..

6- لماذا الصمغ الشديد الفعالية لا يلتصق بالأنبوب الذي يحتويه ؟.

كودو: شديد ؟؟ و فعالية؟؟ هل هناك من يصدق الإعلانات هذه الأيام؟
ربما يخاف من الأماكن المغلقة : أنبوبوفوبيا..

7- إذا كانت أسلاك التليفون بها حرارة، فلماذا لا تلسعنا ؟.

كودو: أسلاك التليفون فيها حرارة طبعا.. و لكن الذين يتكلمون في التليفون مش ناس؟ و الناس مش معادن..؟ والمعادن مش بتنشكح بالحرارة و تتبربر بالبرورة؟
هذا يعني اننا نكتفي بالانشكاح الحراري و لا نلسع..

8- اذكر سبعة أنواع من الحيوانات يعيشون في شعر رأسك ..

كودو: أسدان و أربع زرافات و فيل فوق البيعة.. تنقصني الرخصة و أفتح حديقة حيوانات محمولة..

9- ما حجم آخر برغوث استخرجته من ثناياك ؟..

كودو: بعد أن استخرجت آخر برغوث من ملابسي و جدتني من غير هدوم.. المعنى واضح على ما أظن..

10- بصراحة شديدة .. متى كانت آخر مرة استحميت فيها بالصابونة ؟..

كودو: بصراحة؟ بصراحة؟.. آخر مرة زرت فيها خالتي.. بصراحة يعني..

المجموعة الثالثة ( مواقف ما ) :

1- أنت شخص حساس – بمعنى أنك مريض بالحساسية ولست بالطبع مرهف المشاعر – ولا تتحمل ضوء الشمس المباشر أو الأكلات الحريفة لأنها تصيب جلدك بالحساسية الشديدة .. ثم تجلس ذات مرة مع مجموعة محترمة من الناس تتناولون طعاماً ما تكتشف بعد أن تذوقته أنه مفعم بالشطة ، وأنت الآن جسمك مولع نار وعايز تهرش كالمصاب بالـ ( scabies ) ولامؤاخذة …… كيف تفعل ؟..

كودو: سأكتفي بالاستشهاد بما حصل للمطرب المعروف حكيم.. حين أصيب بنفس الأعراض فطفق يغني : نار .. نار .. نار.. و حبيبي مولع نار.. النار النار النار.. الشطة و البهار.. النار النار النار..

2- في حفلة ساهرة رائعة ، ترتدي سيادتك البذة الفاخرة – على رأي عمنا رفعت – وتتجول في ردهات المكان بكل شموخ وإباء ولا اللورد كرومر في أزهى عصوره .. ثم تسمع من الخلف من ينادي اسمك بصوت مسموع فتلتفت .. تلتفت لتصطدم بسيدة ليدي محترمة كانت تمر من ورائك حاملة كأس من العصير من النوع الغالي .. المشهد التالي هو : بذة فاخرة تقطر عصيراً من النوع الغالي ، فستان سواريه – من أبو من غير أكمام – عليه بقعة كبيرة من نفس العصير النوع الغالي ، وسيدة ارستقراطية أليطة تنظر نحوك في غيظ مكتوم …… فتتنحنح أنت ثم تقول : ………………..

كودو:
* “سوري يا هانم”
ثم تتوالى المشاهد كالآتي:
– البذلة الفاخرة – على رأي عمنا رفعت – لم تعد فاخرة.. أو بالأحرى لم تعد بذلة: هل تعرفون الهنود الحمر؟ لقد حصلت على جنستهم حينها بدون طلب لجوء سياسي..
– الليدي المحترمة – على رأي عمنا بسووووم- لم تعد محترمة.. و بالأحرى لم تعد ليدي: هل تعرفون عباس الجزار.. أجل صاحب المحل في آخر الشارع على اليمين؟ لقد تعرفت عليه حينها بدون الذهاب إلى مصر.. وبالمصادفة كانت الحفلة تنكرية، و كان متنكرا حينها في شخصية الليدي..
– ينزل بالبنط العريض: “مسحوق طاحن الكل للغسيل” حلك السلمي سيدتي للقضاء على البقع والملابس في آن واحد..

ملحوظة خاارجة عن الرد: طاحن الكل هو صديق بسووووم الصدوق.. وهذا مسماه في المنتدى..

3- صديقك يتشاجر !.. أنت ترى كمية الأجساد هناك عند ناصية الشارع كلٌ يحاول أن يكون له دور في فض هذه المشاجرة بينما أنت بالفانلة الداخلية ترمق المشهد من بلكونة داركم من بعيد وفي يدك كوب الشاي بعد الغداء .. الواد بينطحن فعلاً يعني ، وأنت البعيد واقف تتفرج !.. السؤال هو : هل تنظر في السماء مطلقاً صفيراً منغوماً بشفتيك وتدخل إلى داركم لأنك لم تر أية مشاجرات هذا اليوم ؟.. أم ترتدي شبشب من أبو صوبع وتجري مهرولاً لنصرة صديقك على الأعداء وكده ؟.. ها .. تعمل إيه ؟..

كودو: آخ.. آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآخ.. لو لم اكن بالفانلة لكنت قد سويت الهوايل..
هناك مشكل آخر: ليس لدي شبشب من أبو صوبع كي أجري به مهرولا..
– ينزل بالبنط العريض: ” بني آدم طاحن الكل” .. حلك السلمي سيدي للقضاء على كل من يطحن أصدقائك و أنت بالفانلة.. كما يساهم في طحن أصدقائك أيضا لو شئت ..
نصيحة: لا تقف في البالكونة فقد تمتد يد “مرافق بني آدم آدم طاحن الكل : بسوووووم ” إليك فتدخل في المعمعة..

ملحوظة مجددا: بسوووووم أطول من شجرة عيد الميلاد.

4- أنت – ولامؤاخذة – والموزّة بتاعة حضرتك تسيران في الشارع بعد الكلية مثلاً تتمختران وتقزقزان بعضاً من الترمس .. ثم يأتي شاب رقيع صغير – أنت لست شاب رقيع صغير بالطبع ، أنت فقط شاب رقيع كبير – ويعاكس الباشمهندسة بكلمتين ع الماشي كده ولا كأنك كوز بطاطا ماشي معاها .. فتنظر هي إليك لترى ردة فعلك تجاه هذا الموقف بينما فمك ملئ بالترمس .. كيف تتصرف ؟..

كودو: هو الواحد ميقدرش يتمشى مع الست بتاعته في البلد دي أبدا..
ثم السيناريو الشهير: الواد بينطحن فعلاً يعني ، و الموزة البعيدة واقفة تتفرج !.. السؤال هو : هل تنظر في السماء مطلقة صفيراً منغوما بشفتيها وتدخل إلى دارها لأنها لم تسمع أية معاكسات هذا اليوم ؟.. أم ترتدي شبشب من أبو صوبع وتجري مهرولةً لنصرة صديقها على الأعداء وكده ؟.. ها .. تعمل إيه ؟.. (لا يخفى عليكم انني من يتمتع بأنه يطحن)..
كنت أتمنى أن أستدعي: ” بني آدم طاحن الكل” .. لكن الولد مشغول بالمذاكرة يا حبة عيني.. و بيني وبينكم مللت هذا السيناريو..

5- هذ الموقف الأخير سأتركه لك – وأنفد أنا بجلدي بقى – احكي حضرتك موقف واحد كويس وابن حلال حدث معك ، واذكر كيف نجوت أو لم تنج منه في النهاية .. إذا ماكنتش فاكر يبقى أحسن ..

كودو: ستتركني وحدي.. يا للهول..
– ” تاكسي… السمبورة يا باشا لو سمحت”

إحم.. يبدو أنني لن أستطيع أن أنفذ بجلدي أنا أيضا..

مرة كنت في نت كافيه.. و حينما أردت الخروج لفت انتباهي تواجد أحد أصدقائي.. هرولت نحوه لأفاجئه بصفعة محترمة على قفاه.. قفز الفتى من مكانه مذعورا و استدار نحوي :

– وجه فتاة مسترجلة تتطلع إلي باستنكار شديد..
– وجه العبد لله يتحول إلى قوس قزح من فرط الألوان التي مرت على وجهه الكريم: ” سوري.. قفاك يشبه قفا أحد أصدقائي.. و يخلق من القفا أربعين..”
و احتجت إلى ربع ساعة كي أهدء من ذلك الاعصار المروع الذي تحولت إليه الفتاة..

على العموم جات سليمة و ما فياش غير خمس كسور على مستوى العضل و المعي الغليظ.. لكن جات سليمة الحمد لله.. الكلية سليمة لكنها فقط غير موجودة.. بس سليمة الحمد لله.. هو صحيح حصلت على جنسية الهنود الحمر من جديد.. لكن سليمة الحمد الله..

بالطبع الفقرة الاخيرة لا تخلو من مبالغةلكن الموقف حصل فعلا.. وو الله سليمة الحمد لله.. هو صحيح… و لا بلاش.. كفاية كدة..
– “تاكسيييييي.. هل أنت ذاهب إلى المستشفى المركزي؟”
– ” آجل”
– ” انا لن أذهب إلى هناك لأنها جات سليمة الحمد لله..”

انتهت الأسئلة .. أرجو أن تجيب عنها بكل صدق وأمانة ومن دون إحراج ..

أنتظر إجابتك الآن في خلال أسبوع واحد من تاريخ وصول الأسئلة إلى صندوق بريدك ، وإلا تنتقل الأسئلة إلى التوأم المرشح للحلقة التالية لكما ..

خالص تحياتي
بسووم

25 تعليق

مواهب.. مشاريع.. دراسة.. تناقضات مشابهة..

إن تدوينة اليوم متخبطة لا محالة.. لذا اخترت أن أترك جلستي المعتادة في مقهى ديانا بالعرفان، وآتي لمركز الحاسوب لأكتب مباشرة بدون تزويق..
لقد كنت بحاجة إلى قسم خاص بدواخلي وبتخبطاتي النفسية منذ زمن.. وها قد أوجدته.. فكما يتجه م.س.احجيوج مثلا نحو الاحترافية في مدونته، أتجه أكثر نحو الطابع الشخصي لمدونتي، لأنني لا أطمح أن أصبح صحفيا في يوم من الأيام، ولأن هذا النوع من المدونات هو آخر ما أحتاجه حاليا..
برأيي هذا شيء جميل.. فعلى الأقل يضمن تنوعا حميدا في شبكة مدونات مدارات..
ذكروني في يوم من الأيام أن أكتب عن طابع كل مدونة في الشبكة على حدة..

سأقفز مباشرة إلى صلب الموضوع.. (أكره هذا النوع من التعابير المفصلة حسب مقاسات المواقف.. لكن ما من مفر!)

شكواي اليوم، ومتى لم أكن أشتكي، هي تعدد المواهب!
أرى أحدكم يبتسم بركن فمه، كناية عن التهكم..
وأرى آخر يتساءل ساخرا عن كنه هذا المغرور المثير للشفقة..
لا بأس.. لست آبه لذلك، لأنني أتحدث إليكم هنا بشفافية مطلقة وكأنني أحدث نفسي..
صحيح! إن تعدد المواهب ليس شيئا صحيا بالنسبة لي على الأقل.. بل هو الشناعة ذاتها..
المشكلة الكبرى تكمن في تشبثي بكل موهبة جديدة ترتمي أكتشفها، أو أسعى لاكتسابها.. وهو تشبث خبيث يتحول بفعل التكرار إلى نزوات خانقة لا تفارقني..

أنام اليوم وأنا اتصور نفسي مستقبلا ملحنا لديه فرقته ذات الصيت.. ثم أستيقظ لأجد نفسي أكثر في الأداء المسرحي، والعروض الفردية أو الجماعية.. آكل وجبة الغذاء وأنا أفكر في مستقبلي الأدبي في مليون فكرة تصلح لبداية رواية لا بأس بها.. وربما آخذ القيلولة وأنا أفكر في مستقبلي في اليابان وأنا أنتج أنيمي من النوع الفاخر الذي يروق الكبير قبل الصغير، وذلك في محاولة تناسي المشاكل الشنيعة التي يمكنني أن أواجهها لو فكرت في الإخراج السينيمائي، والذي يسبب مستواه المحلي أكثر من مجرد مشاعر الغثيان..

قبل أسبوع ونصف، قدمت أول عرض حقيقي لراديو وتلفزيون INSEA.. وهي إذاعة تلفزية صغيرة كوميدية موسمية خاصة بالمعهد العالي الذي أدرس به، قناة أردت منذ مدة إنجازها.. الحقيقة أن العمل لم يكن بالمستوى الذي طمحت إليه، لم أستطع أن أحقق في يومين فقط كل الأفكار التي كنت أريد تحقيقها.. فالمونتاج السينيمائي لوحده كان سيحتاج مني أكثر من أسبوع لأنفذ ما أفكر به..
وأتى يوم العرض لأصعق بالإعجاب الخرافي الذي لاقى به الجمهور العرض، ويلجم لساني تماما أمام موجة التصفيق الحاد والجمهور واقف، والذي تلى العرض وأنا واقف على المنصة شاعرا بأكبر خجل واجهته رغم تجربة سبع سنوات من العروض المسرحية والاسكتشات ببلدتي الصغيرة.. البعض يتساءل إن لم يكن علي أن أعمل بأفكار قوة كهذه في القناة التلفزية الثانية، وآخرون يطلبون مني أن لا أضيق أعمالي في أنشطة داخلية كهذه فقط.. كل هذا وأنا لم أحقق نصف ما طمحت إليه، سواءا لضيق الوقت أو لضعف الإمكانيات..

لا أخفي علكيم كم أثلج الأمر صدري ووضعني في نشوة لم أستشعرها من قبل.. لكنه قد خلق بداخلي صراعا رهيبا في نفس الوقت.. فطوال عمري لم أجرؤ على أن أذهب بعيدا في أي من المجالات التي أهواها.. صحيح أنني وصلت إلى مستوى يتراوح بين الجيد والممتاز في العديد منها، لكنني لم أقم بتجارب احترافية من قبل.. لقد بدأت أتساءل إن لم أكن قد خلقت للعمل الفني بدل الاتجاه التقني الذي اخترته كمهندس معلوميات..

هذا يجرني إلى نقطة أخرى: كيف يمكنني أن أمارس كل هذه الهوايات التي ذكرت، وغيرها مما هو أقل أهمية، وذلك محافظا على مستقبلي العملي كمهندس (مع ما يتطلبه من وقت خرافي للمارسة والاتقان)؟

على العموم، كنت قد قررت منذ فترة قرارا عجيبا، لكنه صحي بالنسبة لي حاليا: علي أن أستمر في اعتبار الهوايات مجرد هوايات، إلى أن أستطيع تأمين الاستقلال والاستقرار المادي عبر مشروع ما.. حينها سأتحول تماما إلى تحقيق المشاريع الفنية والأدبية التي أحلم بها منذ زمن..

وشكرا لمن صبر على قراءة هذه الأحلام النرجسية المهووسة..

18 تعليق

شذرات (2) : وجه ومرآة

طفقت أنتظر أمام المرآة..
أن يأتيني وجه جديد..
رمقت ذلك الشخص الذي يحدق بي شذرا..
هو محبوس هناك..
ينظر لي بتضرع القطط..
مددت يدي لأتلمس وجهه، ففعل المثل!
التقت يدانا في المنتصف..
لها ملمس بارد صقيل..
لها روح خاصة..
لها رائحتها حينما تنعدم الروائح..
هو..
بداخلها محبوس..
ينتظر بدوه وجها جديدا..
اقترحت عليه: فلنتبادل الوجوه، وليعش كل هنيا!
هو يروقني..
أنا أروقه..
فتبادلنا!

11/10/2005

2 تعليقان