أجل.. أنا أعلنها بكل جرأة وصراحة ووضوح: لم أعد أقرأ!
اعتراف لا بأس بدرجة فداحته كما ترون بالنسبة لعثة كتب قديمة.. لكن دعوني أتوقف قليلا عند هذه النقطة: أنا لا أقرأ.. ليس بالمفهوم المنتشر الذي يجعل حمل صاحبه لكتاب إحدى معجزات الدنيا السبع، ولكن بمفهوم القراءة لدى عثة كتب قديمة مثلي: أنا لم أعد أقرأ كما كنت سابقا فقط.. وهو أمر أحاول تداركه حاليا حسب الاستطاعة.
نحن مولعون بالحديث عن أنفسنا، ولست أدري ما الذي يجعل قارئا يتحمل قراءة كلمات شخص لا يكف عن الحديث عن نفسه سوى أن يكون ذا أسلوب مشوق يشفع له. الموضوع اليوم مختلف، حيث أن هذا الواجب التدويني يفيد الآخرين عن طريق التحدث عن أنفسنا. وهذه لعمري فرصة ممتازة.
الواجب التدويني، أو التاج هو كالتالي:
من أرسل لك الدعوة:
إنها سيرين. المدونة رقيقة الكلمات التي تنافسني في رياضة الاختفاء التدويني. ربما هناك أخرون لم أر موضوعاتهم. أرى انه من الضروري إخبار المدون الذي أرسل له التاج بريديا.
ما هي كتب الطفولة التي بقيت عالقة في ذاكرتك؟
كانت بداياتي مع القراءة بانتظام مع هدية قيمة من والدي بسنتي الابتدائية الأولى: قصص (العربي بين جلون) الحمراء للأطفال. كان أبي حينها يتوقع أنني ككل الأطفال سأحتاج إلى متابعة ومساندة لقراءة القصص.. لم يرد في البداية أن يعطيني المجموعة التي اشترى كاملة كي أستطيع التحكم في موضوع القراءة. لكن سرعة إنهائي للمجموعة كانت مذهلة بالنسبة إليه، فقرر أن يشتري لي المزيد والمزيد.
من ثم كانت البداية.. كتب عطية الأبراشي ثم كتب المكتبة الخضراء. عالم سحري من أمراء وأميرات وساحرات وحيوانات متحورة.
بعد ذلك اكتشفت عالم المغامرين الصغار الأذكياء: المغامرون الخمسة.. المغامرون الثلاثة.. فأغرمت بأدب الإثارة والمغامرات ذاك في سن صغيرة.
كنت في نفس الوقت أقرأ مجموعة خيالية من كل ما يقع تحت يدي من روايات مترجمة.. في سن الثانية عشر كنت قد قرأت كتبا كالفرسان الثلاثة (النسخة الأصلية الكاملة مترجمة) و ذهب مع الريح، و مجموعة من روايات أجاثا كريستي وأرثر كونان دويل، ومصائب كالبؤساء ونظرات وعبرات. كل هذا تحت دهشة أمين الخزانة التي كنت أقرأ بها الكتب، والذي لم يصدق أن (مفعوصا/ برهوشا) في سني يطلب كتبا مماثلة. حينما أنظر الآن إلى ما يمكن أن يكون طفل في هذه السن يقرأه في هذا الوقت، إن كان يقرأ، فأنا أصاب بالإحباط حقا.
تعرفت في نفس الفترة على روايات مصرية للجيب.. فالتهمت مجموعة رجل المستحيل بأكملها، ثم ملف المستفبل، قبل أن أدخل مجبرا حينها عالم د.أحمد خالد توفيق الساحر.
مَنْ أهم الكتاب الذين قرأتَ لهم ؟
د. أحمد خالد توفيق: رغم أن الرجل كان إلى حد قريبا متجاهلا من طرف النقاد نظرا لأن ما يكتبه كان مصنفا كأدب من الدرجة الثانية (أدب المغامرة)، إلا أن متابعيه قد اكتشفوا منذ عهد بعيد حرفيته الشديدة في صياغة شخصياته الممتازة، وطريقة سرده الأدبية التي تجعل المغامرة أدبا حقيقيا ممتعا إلى أقصى الحدود.
بعد إصداره لرواية يوتوبيا التي أحدثت ضجة كبيرة، وكتابته الثابة لمقالات رائعة عبر عمود أسبوعي بجريدة الدستور أصبح الرجل يحصل على المكانة التي يستحقها.
أحلام مستغانمي: صاحبة أحد أكثف الأساليب التي قرأتها في حياتي.. في فقرة واحدة قد تصف لك خمسة أشياء وتتحدث في عشرة مواضيع بسلاسة انتقال مذهلة. لم أر المسلسل المبني على رواية ذاكرة الجسد، لكني أظن أن تحويل رواية كهذه إلى عمل درامي سيسطحها جدا. هذه الرواية خلقت لتبقى أدبية.
غسان كنفاني: “رجال تحت الشمس” كانت صدمة عاطفية لي في سن السادسة عشر. هذا الرجل برواياته القصيرة جدا قربني كثيرا إلى القضية الفلسطينية من منظور إنساني فير تقريري.
طه حسين: نسيت تماما روايته “الأيام”، لكنني أظن أنها رواية غيرت طابع الرواية العربية.
جورجي زيدان: الوصول إلى كتابة روايات تاريخية مشوقة.. لم أكن أتوقع ذلك في سني آنذاك إلى أن قرأت للرجل.. صحيح أنني اكتشفت لاحقا أنه كان مولعا بتحريف معطيات تاريخية، إلا أن الروايات لا بأس بها.
نجيب الكيلاني: رواياته مختلفة.. أذهلتني رواية “عمر يظهر في القدس” كثيرا حين قراءتها.
نجيب محفوظ: ذو العوالم الواقعية ذات الاسقاطات الممتازة. بالتأكيد لا يمكنك المرور دون قراءة ثلاث أو أربع روايات على الأقل للرجل.
علاء الأسواني: أظنه منافسا لا بأس به لنجيب محفوظ في غني شخصياته وتنوعها.. ربما يبدو أسلوبه سها، لكنه ممتع في ذات الوقت. المسألة مسألة حبكة وقوة بناء للشخصيات. ربما هنالك تحفظ كبير على طريقة توظيفه للجنس في الروايات خاصة شيكاجو، وانا أتفق ان بعضه مجاني وصريح أكثر مما يجب. من الأشخاص الذين اتابع مقالاتهم على الأنترنت.
بلال فضل: أحد رواد الكتابة الساخر حاليا. تعرفت على الرجل ككاتب قبل سنة، واكتشفت أنه صاحب سيناريوهات العديد من الأفلام المصرية الحديثة التي راقتني جدا. مجموعاته القصصية خصوصا الأخيرة منها ممتازة جدا. وأخص بالذكر “ما فعله العيان بالميت” و”ضحك مجروح”. وعيه السياسي وأراؤه العميقة تروقني جدا. يكتب عمودا يوميا بجريدة “المصري اليوم”.
يجب علي التوقف هنا لأن اللائحة طويلة جدا.
من هم الكتاب الذين قررت ألا تقرأ لهم مجددا؟
لا يوجد.. لا أظنني أستطيع أن أجزم يوما أنني لن أقرأ للكاتب فلان الفلاني، لأنه قد يصدر كتابا يثيرا جدلا كبيرا يستفزني لقراءته.
ما هو الكاتب الذي لم تقرأ له أبدا ، وتتمنى قراءة كتبه ؟
فهمي هويدي، وعبد الوهاب المسيري، وجابرييل جارسيا ماركيز. هم في قائمة الإنتظار بالفعل.
في صحراء قاحلة ، أي الكتب تحمل معك؟
سأحتاج هناك إلى متعة تامة في القراءة.. إذن سآخذ كتبا لأحمد خالد توفيق وبلال فضل وربما محمد عفيفي. هل نسيت ذكر محمد عفيفي سابقا.. (الله يسامح).
ما هي الكتب التي تقرؤها الآن ؟
ضحك مجروح لبلال فضل
العادات السبع للأشخاص الأكثر فاعلية (للمرة الثانية) لستيفن كوفي.
فيرتيجو للكاتب الشاب أحمد مراد.
أرسل الدعوة لأربعة مدوّنين:
– جمال النائم في العسل، والذي يضيع وقته بلعب PES في العرفة المجاورة حاليا.
– بثنية
– حمود الذي اشتقت لتدويناته.. عساه يجبر بخاطري ويكتب.
– محمد الساحلي عله يعود إلى صفوف المدونين بالأرض ويشاركنا لائحته التي أنا علي يقين انها خرافية الطول.
هذه أطول تدوينة كتبتها منذ سنوات.. ألم أخبركم أن الإنسان يحب التحدث عن نفسه كثيرا.. من وصل منكم إلى قراءة هذه الجملة فهو يستحق جائزة..