تجاوز المحتوى

الكاتب: عصام

حرية التعبير على الطريقة الفرنسية

حرية التعبير لدى الغرب مفهوم عسير على الهضم والاستيعاب..
عندما يتعلق الأمر برسومات مسئية تمس مشاعر أمة كاملة، فالمسألة عبارة عن حرية تعبير لا تناقش..
أما لو كان الأمر يتعلق بمس بأصبع صغير للصهيونية أو اليهودية، فالقصة تنقلب بقدرة قادر إلى مبدأ أن للحرية حدود، وأن شعبا عانى من الحرق يجب أن تراعى مشاعره، وبلابلابلا…!
لدي هنا مقطع فيديو ذكي لشخص لم يعاني كثيرا ليثبت انفصام شخصية واضح لدي مذيع فرنسي في حلقتين مختلفتين من حلقات برنامج حواري..

ملحوظة1: شكرا لضياء على هذا المقطع..
ملحوظة2: أعتذر لمن لا يفهم الفرنسية..

7 تعليقات

سنة خديجة 2008 (أعرف أنها دعابة أثرية!)

2008.jpg

سألني صديقي جمال عبر google talk اليوم: “كيف كان هذا العام؟ هل أنت راض؟”
تطلعت إليه، عبر الشاشة طبعا، بذهول وسألته: “هل أنت بخير؟ مصاب بالحمى أم أنك تخرف فقط بدون حمى؟”
أخبرني أنهم سألوه هذا السؤال في العمل اليوم..
تنفست الصعداء إذ لا يزال الفتى بخير على ما يبدو..
لست أفهم سياسة نقاط الوقوف المرتبطة بتواريخ كهذه: واحد ينتظر رأس السنة كي يتوقف عن التدخين، وهو قراره رقم 7580 بالتوقف.. وآخر يمني نفسه باتباع حمية قاتلة ويبدأها بشراء أدسم حلوى بالقشدة في العالم للاحتفال.. وثالث ينتظر أن يحقق المعجزات السنة القادمة دون أن يجهز شيئا يسمح له بالتغيير.. والسبب في تفاؤله هذا هو انه “هو” وليس شخصا آخر.. فالجميع يرى نفسه عبقرية رائعة وتواجده هدية للبشرية.. وهنالك رابع يمني نفسه بالشفاء من “البواسير” لأن هواء 2008 سيختلف حتما عن هواء 2007..
ما الذي يحدث بالضبط؟ ولماذا تربط حياتنا بمجموعة من المواعيد المتعاقبة التي سنصبح ((بعدها)) أفضل؟
ما الذي سيميز بالضبط الدقيقة الأخيرة قبل منتصف الليل من سنة 2007 عن الدقيقة الأولى من سنة 2008؟
اسمحوا لي أن أخيب آمالكم وأجيب: لا شيء على الإطلاق!
من الجميل دوما أن نضع نقاطا لمراجعة أنفسنا وخططنا، والتخطيط للقادم بشكل أفضل مع مراعاة أخطائنا السابقة.. ولكن، لماذا ترتبط هذه اللحظات دوما بتواريخ كبداية السنة الجديدة، أو الفاتح من رمضان، أو ما بعد الحج، أو موسم حب الملوك (المثال الأخير على سبيل السماجة فقط)..
حسنا.. بعد تفكير بسيط، لماذا لا ألعب نفس اللعبة.. لربما اكتشفت شيئا مثيرا لم أفهمه في هذه المسألة..
كيف كان هذا العام؟
على الصعيد الشخصي كانت النتائج حسنة على الأرجح.. تخرجت أخيرا وحصلت على وظيفة جيدة! أصبحت أقل ثرثرة، وهذا هدف كنت أسعى إليه منذ فترة طويلة.. وأصبحت أكثر رزانة، وهذا ما فرضته الظروف وتقدم السنين ولم أبحث عنه قط! بالمقابل لم يعد المستقبل واضحا بحدة أمامي إذ أنني أفكر في خيارات مترامية البعد، بين شرق وغرب!
على صعيد المنطقة، فأظن الأحداث بالبلد غنية عن الذكر والتعريف والوصف والرثاء:
انتخابات فاشلة وصلة نسبة التصويت بها إلى 37 بالمائة من لائحة المسجلين.. ما يعني تقريبا لا شيء يذكر من مجموع المواطنين..
حكومة معاقة مكونة من أروع تشكيلة ممكنة حتى أصبح مجرد ذكر مصطلح حكومة أشبه لتفجير نكتة وسط الجماهير..
إنجازات خرافية من طراز:
فقدان فرصة تنظيم مهرجان طنجة الدولي 2012 بسبب عدم استطاعة السادة أعضاء لجنة التفتيش إيجاد مكان صالح للتبول بالمدينة..
تبوء مكانة مرموقة على صعيد الدول الممارسة لسياسة الحجب على الإنترنت حسب ما قرأته في مدونة mashable العالمية..
تراجع المغرب في ترتيب التنمية البشرية مع الميزانية الخرافية الموضوعة لدعم مشروع التنمية البشرية، أو التنمية الفنكوشية، على رأي الأخ هشام منصوري، الذي كتب مقالة جميلة عن الموضوع، وإن كان قد نسي نفسه في وقت من الأوقات وقلبها مقالة سينيمائية..

ماذا أيضا؟
فلنكتف بهذا القدر لدواعي الاحتفاظ على صحة القارئ وارتفاع ضغط دمه!

سأذهب الآن لأحتفل برأس السنة كما يجب.. سأذهب رأسا إلى فندق “سوبيطان”، وهو فندق راق بالدار البيضاء بحي سيدي معروف تصادف وتواجد مباشرة ما بين غطائي وسريري.. من هنا أتى الإسم: « sous bitane ».. أو “تحت البطانية”..

بالمناسبة.. تم الإعلان عن سنة 2008 كسنة الدفاع عن الضفاضع التي يتوقع انقراض نصفها لهذه السنة نتيجة انحسار أمكان تواجدها الطبيعية..

grenouilles.jpg

نتمنى فقط سنة تخصص للدفاع عن حقوق العراقيين مثلا والذي هم مهددون بالانقراض بدورهم مع ما يجري هنالك منذ سنوات..
مع متمنياتي بضغط دم أقل ارتفاعا مع نهاية السنة القادمة..

6 تعليقات

أن تكون موسيقيا

أنصت للمقطوعة الموسيقية التالية وأنت تقرأ التدوينة:

[boomp3]http://boomp3.com/m/0fce5bfadbae[/boomp3]

كم هو رائع أن تستطيع العزف على آلة ما..
تندمج أصابعك وحواسك معها..
كل شيء يختلف..
تعزف..
وتعزف..
وتعزف…

تكون تعيسا فتعزف..
تكون سعيدا فتعزف..
والعزف يغري بالمزيد من العزف..
حتى تصل إلى إشباع نفسي لا مثيل له..
فتتمنى أن تبقى على تلك الوضعية مدى الحياة..

الرائع عندما تكون لديك ميول موسيقية أن الموسيقى لا تبقى بتلك السطحية التي كنت تسمعها بها..
وإن بدأت تمارس العزف فتسمع أشياء غير الأشياء..
تسمع تفاصيل لم تكن تنتبه إليها حتى لو استمعت إلى المقطوعة مليون مرة من قبل..
مقامات مختلفة..
توزيع موسيقي..
طبقات صوتية مركبة من آلات وآلات..
كل طبقة تضفي جمالية..
تفهم الان لماذا ينجح البعض في إنتاج روائع في حين يبقى البعض الآخر غارقا في مستنقعات “الجرة” الشعبية التي لا يلعب فيها إلا على وترين يتيمين..

تعزف وتعزف..
والأدهى أن أصابعك تتحرك مع سماع مقطوعات الآخرين..
ودون أن تعزف حقا!
تستمع تعزف..
تستمع وتعزف..
وتعزف..

المقطوعة التي تستمعون إليها الآن هي إحدى أروع مقطوعات الموسيقار الرائع Yanni، أحد عباقرة الموسيقى المعاصرين..

للاستماع لمقاطع من نفس الألبوم أو ألبومات أخرى: Ethnicity and Discography

yanni.jpg

ومن يريد الحصول على المقاطع كاملة فلن يعدم الوسائل..

حمود أيضا يحدثنا عن آخر أخباره وما سيقدمه قريبا

أرجو لكم أوقاتا ممتعة!

9 تعليقات

Kami Koulshi Kami Jouane (ثورة الفيلم الهندي!)

بعد موضة الطيران، واللكمات المشابهة للطبول، ومشي الأعرج على حبل ما بين عمارتين وهو يحمل طفلا (مشهد رأيته بالمناسبة).. أصحبت الآن الأفلام الهندية تلعب على وتيرة اخرى.. وتيرة الحب والمشاهر الملتهبة، والعزف على أوتار قلب المشاهد.. والتراجيديا التي تجفف دموعك تماما لانك استهلكت كل السوائل بجسمك وأصبت بالجفاف من كثرة البكاء (ننصحك باستعمال أكياس الأملاح المعدنية)..

“افتكاستنا” هذه تعلب على الوتيرة المعاصرة للفيلم الهندي..
تابعوا، وأخبرونا برأيكم..

13 تعليق

كرويلا (ثورة المسلسل المكسيكي!)

مرحبا..

منذ فترة لم أعرض بالمدونة فيديوهات راديو وتلفزيون INSEA

حسنا.. السبب الأول مرتبط بحاجز اللهجة.. فأنا انتظر أملاك بعض الوقت لوضع ترجمة على الأفلام والمقاطع، ويبدو أنني لن اجد هذا الوقت قط ما لم أخلقه!

هذا مقطع فيديو يعرض شيئا أشبه بتريلر لمسلسل ميكسيكي، بطريقة كوميدية.. أو ما يصطلح على تسميته “افتكاس” .. ومشكل اللهجة هنا غير مطروح لأن الجميع يعلم أن المكسيكيين يتحدثون اللغة العربية الفصحى..

أليس كذلك؟ 😀

3 تعليقات

داء التفنكيش

قهوة الصباح.. هي خزعبلات قصيرة أكتبها وأنا أرشف قهوة الصباح في المكتب!

debaras.jpg

حينما أتلفت مفتاحين من لوحة مفاتيح حاسوبي النقال، بعد محاولة خرقاء لإعادة تنظيم اللوح الألماني QWERTZ إلى لوح فرنسي AZERTY، تساءلت: لماذا نعاني نحن الذكور من داء “التفنكيش”؟ (*) (خلي باباه QWERTZ ولا حتى ZVERTZ .. مالك انت؟)..
بسبب داء كهذا شوهت منظر الجهاز، وأنا مضطر للبحث عن مفاتيح من نفس النوعية، وغالبا ساهمت في تقليص ثمنه لو أردت بيعه لان المشتري دوما من النوع الذي يخاف من ظله، ويحاذر بشكل مرضي أن يقوم أحد بخداعه.. (حتى واحد ما بغا يتقولب فهاد الزمان)..
الحقيقة أن هذه عادة موروثة من والدي.. إنه من النوع الذي يفتح أحشاء أي جهاز، ما إن يقول هذا الأخير “آي!!!”.. فإما أن يتم إصلاحه بمعجزة ما، أو يتم إعدامه بمعجزة أخرى.. كانت لديه حقيبة أدوات كاملة.. إلا أن والدتي كانت تصاب بالرعب من أداة واحدة : “الكواية”.. وهي أداة صهر الرصاص في الرقائق الإليكترونية.. والحقيقة أن “الكواية” ما إن تظهر حتى تقفز فرصة وفاة الجهاز إلى أعلى نسبها قاطبة..
هنالك أيضا عادة أخرى اكتسبتها، ولست أدري كيف أتخلص منها.. هي عادة وضع تلك الأشياء الصغيرة المتبقية بعد “التفنكيش” في مكان ما بالمنزل، على اعتبار أنني ولابد محتاج إياها في يوم من الأيام.. لقد تحدث (جاد المالح)، الفنان الساخر الرائع، في عرضه الأخير “L’autre c’est moi”، أو “الآخر هو أنا”، عن هذه الظاهرة باستفاضة وواقعية مثيرتان للإعجاب.. أجل! إنها علبة الأغراض القديمة التي نملكها جميعا، والتي نضع فيها أشياء من العصر الطباشيري الأول على اعتبار أننا سنستعملها لاحقا.. الفرق هنا هو أننا في البيت لم نكن نملك علبة كهذه، بل غرفة كاملة لهذا الغرض.. وحينما كنت أبحث عن شيء بالداخل، كنت امنع نفسي بصعوبة من ارتداء زي الكشافة وحمل معول صغير لتفتيت الصخور بحثا عن مستحثات..
هناك، تجد براغي مختلفة المقاسات والأنواع، ولكنك أبدا لن تجد برغيا واحدا يناسب احتياجك حينما تبحث..
تجد دوائر كهربائية تالفة.. تجد رقاقات إلكترونية بائسة.. تجد أسلاك صدئة.. تجد بطاريات انتهى عمرها الافتراضي يوم اغتيال (يوليوس قيصر).. أفهم الآن لماذا يسمون البطاريات في اللهجة الدارجة المغربية بـ “الحجر”..
لقد بدأت اتغير نوعا ما.. والتغيير بدأ من غرفتي بالمعهد الذي كنت أدرس به.. لقد تركت كل شيء ورائي ولم أحضر معي إلا الضروريات والملابس فقط.. إن هذا لتقدم عظيم بالفعل.. لكنني بين الفينة والأخرى أكتشف شيئا كنت أمكله ولم اعد أجده، فأقول لنفسي: “تبا! كان علي أن أحضر معي الغرفة ذات نفسها!”
لم أتعاف كليا كما تلاحظون..
—————————————————————–
(*) التفنكيش: البحث في كل شيء والعبث بأي شيء مهما كانت درجة علمك به..

10 تعليقات

الإنفجار الأوطوغرافي

قهوة الصباح.. هي خزعبلات قصيرة أكتبها وانا ارشف قهوة الصباح في المكتب!

auto-casa.jpg

قفزت تقريبا اليوم فوق سلالم العمارة وأنا انزل باكرا متحمسا..
وعند باب البناية أنقلبت مشاعري إلى الاحباط، ومنعت نفسي بصعوبة من التفكير بالانتحار..
السبب سيارة (بورش) رائعة، من النوع رباعي الدفع، تمتع نفسها بتعذيب السكان واحدا بعد الآخر..
لم أخبركم من قبل انني أعشق السيارات؟ هذه هي الفرصة إذن..
هل سمعتم من قبل عن شخص لم يعد بتابع برنامج (Turbo)، الخاص بالسيارات الحديثة، فقط لأن ذلك يعذبه؟ أنا ذلك الشخص..
بالأمس كانت سيارة (نيسان)، رباعية الدفع أيضا، رائعة أيضا، وحديثة جدا بشكل يثير الغيظ! هل تحولت واجهة البناية إلى معرض سيارات حديثة نادرة أم ماذا؟ المشكلة أن المنطقة شعبية أصلا..

حسنا.. دعوني في حسرتي، ولنتحدث عن موضوع له علاقة بالسيارات أيضا..
إن الدار البيضاء ستنفجر عما قريب..
وقبل أن يذهب أحدكم بفكره بعيدا، ويبلغ عني أجهزة مكافحة الإرهاب، أستدرك وأقول انها ستنفجر من كثرة عدد السيارات..
سيارات.. سيارات.. سيارات..
أخرج إلى الشوارع تجد الآلاف منها.. اذهب إلى الأزقة تجد المئات منها.. أدخل إلى منزلك فقد تجد اثنتين في الدولاب، وواحدة تحت السرير..
الأمر لم يعد مطاقا.. والسياقة بالمدينة أصبحت رياضة تمتحن أعصابك وردود أفعالك، وعضلات يدك أيضا لو كان مقود سيارتك من النوع القديم غير المدعوم..
في مدينة كمراكش مثلا تخفف الدراجات النارية والعادية من الضغط بشكل ملحوظ.. اما في الدار البيضاء، فالنشاط الوحيد الذي يمارسه سائقوا الدراجات هو أن يدهسوا من طرف السيارات والشاحنات.. وهم يفعلون هذا بحماس مريب!
هكذا ترون أن اقتناء دراجة نارية يحتاج إلى شجاعة غير عادية، اللهم إلا لو كانت دراجة للزينة فقط ولا تغادر البيت..
وما زاد الطين بلة هو ثلة العروض الأخيرة التي أصبحت تسمح لك باقتناء سيارة ابتداء من 550 درهما، أي ما يعادل 71 دولارا، شهريا وبدون دفع تسبيق!
وما يزيد البلة بلة أخرى هو أنني أفكر باقتناء واحدة حالما أنتهي من اقتناء حاجياتي الأساسية.. إن هي إلا سيارة اخرى لن تضيف الكثير..
أظن أنها الطريقة التي يفكر بها الشعب كله.. هذا لو اكترث أحد أصلا.. ولي شرف الاكتراث! 😀

5 تعليقات

الاستيقاظ على مراحل

قهوة الصباح.. هي خزعبلات قصيرة أكتبها وانا ارشف قهوة الصباح في المكتب !

coffe-morning.jpg

منذ فترة لم أستيقظ صباحا على مرة واحدة.. فأنا للأسف من هواة الاستيقاظ على مراحل..
الوصفة بسيطة:
– اضبط منبه هاتفك النقال ليلا على ساعة أبكر من التي تنوي الاستيقاظ عندها..
– حينما يرن صباحا، اضغط زر التأجيل (8 أو 10 دقائق حسب نوع الهاتف)..
– غير الجانب الذي تنام عليه، ثم اسحب الغطاء فوق رأسك لإضافة المزيد من الدفء.. ولا بأس بأن تضم راحتيك المبسوطتين إلى بعضهما وتضعهما بين فخضيك إمعانا في التدفئة!
– سيرن الهاتف مجددا بسرعة خرافية.. كن على يقين من ذلك! لذا كرر العملية أربع خمس ست سبع مرات حتى تشعر بلذة الحصول على فرصة مرات عدة!

في النهاية، كن على يقين بأنك سوف تتجاوز الوقت الذي قررت الاستيقاظ فيه بمراحل، وذلك لأن اللعبة قد راقت كسلك الفطري.. وربما سبحت في ملكوت الله لفترة أطول من اللازم لأن جهاز هاتفك النقال مبرمج لإعادة الرن لعدد محدود من المرات.. ثم كن على يقين أنك سوف تستيقظ مهشما تماما كارها للحياة وكل من عليها، ومفكرا بجدية بالاستقالة من عملك أو ترك مدرستك من أجل جرعة نوم إضافية فقط!
اليوم فعلتها بوصفة أبسط:
– ضبطت المنبه وأنا موقن على أنني سأستيقظ باكرا، وعلى مرة واحدة..
– رن الهاتف في الساعة السادسة والنصف صباحا..
– استيقظت مباشرة، وتنفست بعمق..
– صفقت بيدي قائلا: “إن اليوم سيكون رائعا!”
– كان لدي الوقت الكافي لآخذ حمامي وأصلي كما يجب (ألفت في وقت من الأوقات صلاة صبح ماراثونية بسبب ضيق الوقت!)..
– أفطرت بهدوء وانا أشعر أنني أسبق الوقت ولا يسبقني.. (إحساس رائع!!)

نشاط غير محدود وطاقة متجددة وحماس.. هذا ما ينقصنا فقط لنكون أفضل!

11 تعليق

يوميات بيزو خانز (2)

سابقا في مذكرات طالب مهندس: يوميات بيزو خانز (1)

هذا يومك الثاني بالمعهد..
استيقظت مبكرا كي تخرج قبل أن يستيقظ الوحوش.. دغدغ الهواء البراد رئتيك، و…
ما سبب نظراتكم المتسائلة هذه؟
تتساءلون عما حدث بالأمس.. حيث توقفت الحلقة السابقة؟ الحقيقة أن هذا نوع من الفضول الحميد..
لقد ظننتَ الأمرَ لا يهم سوى من يعيش الحدث.. لا يهم سواك.. أنا أيضا ظننت ذلك..
على العموم لم يحدث شيء ذي بال.. اللهم إلا خمس أو ست طلبة جدد استحموا بالخراطيم المائية.. وآخرون مارسوا رياضة السباحة البرية فوق العشب.. وآخرون رسموا حرف بيتا بأجسادهم فكاد بعضهم يهشم عظامه.. الروتين المعتاد كما تلاحظون..
لكنك لم تجده معتادا حينها.. لم يكن روتينا، ولا أشياء مبهجة كما هي بالنسبة لي الآن.. الحقيقة أنني وأنت رغم كوننا نفس الشخص، إلا أننا مختلفان جدا.. دخلت أنت إلى المعهد وخرجت أنا.. خلال الأربع سنوات التي أمضينها معا، كنت تختفي أنت لأظهر أنا ببطء.. فلندع الأحداث تظهر الأسباب.. فلنتابع السرد..
* * *
مرعب!
مشهد مرعب حقا!
العشرات من العيون الملتصقة بك..
تلك الجدران الآدمية التي تتطلع إليك من عل، وأنت جاث على ركبتيك مجبرا، وتضع أصبعك الوسطى فوق أرنبة أنفك في وضع بذيء شهير..
إنه لمشهد مرعب حقا بالنسبة لشخص حديث لم تسخن قدميه موطئهما بعد بالمعهد..
حينما سحبك ذلك الطالب القديم من ذراعك أوقفك أمام دزينة من القدامى الذين كانوا يرمقونك كأنهم يرون مخلوقا فضائيا.. أجبرك على الوقوف على ركبتيك.. ثم…
– “هيا! قم بالتحية!”
قالها أحد الملتفين بك و هو يحاول أن يخرج عينيه من محجريهما على سبيل الإرعاب.
– “السلام عليكم ورحمة الله..”
قلتها أنت كمن أدى واجبه في الحياة..
يضحك البعض.. يبتسم البعض الآخر.. في حين يحتقن وجه السائل وهو يحاول كتم ضحكته كي لا يخرج من الدور.
يقول مجددا:
-“التحية أيها المتحذلق!”
يأخذ ذراعك الأيسر ليلفه من فوق رأسك، ثم يطالبك بأن تضع pi.png .. لقد ظننتَ أنك انتهيتَ من عالم المفتونين بالرياضيات كالمجانين، لكن هؤلاء أثبتوا لك العكس. تكتشف بعد ذلك بأن pi.png هذه ما هي إلا وضع الوسطى بشكل زاوية قائمة مع باقي الأصابع في وضعية بذيئة، ثم وضعها فوق أرنبة أنفك. تتساءل عن الوضع لو كان المطلوب هو ( Ω ).. هل سيكون عليك أن تكسر أصابعك؟
مستوى نظر غريب.. إحساس بالدونية تذوقه لأول مرة بحياتك..
أنت هناك، تحت مستوى بصر الأغلبية.. هم هناك، وليسوا بحلاقين كي تفسر انخفاض رأسك بمبرر كهذا. أنت منخفض لأنك مجبر.. لا شيء غير ذلك.. يا لها من مهانة!
تصرخ بأعلى صوتك: «Salut mes anciens supérieurs!!».. *
صرختك تحمل كل مشاعرك المتناقضة.. ذل.. ثورة.. سخط.. خنوع..
كم هو رائع هذا الصراخ.. لولاه لفقدت أعصابك.. لولاه لانقضيت تقضم أنف أحدهم.. ذلك الأنف الذي بدؤوا جميعا يحشرونه في شؤونك الخاصة وهم يسألونك بوقاحة.. إن مخترع هذه الصرخة لشخص عظيم.. شخص أنقذ ثلة من أنوف الطلبة القدامى التي إن لم تقضم لكانت ستهشم..
– “إنه ولد مطيع!”
يقولونها ويتركونك تذهب غير عالمين بما تضمره نفسك.. لقد قررت أن تعذب بعضهم مهما كلفك الثمن.. أجل! تلك النوعية التي تتمتع بتلك السلطة التي تمارسها عليك.. كيف يمكنك أن تفعل ذلك؟ هذا ما لا تعلمه بعد.. لكنك لن تعدم الوسيلة حتما..
تعلمت من ذلك الموقف أنك بقليل من التعامل الذكي بإمكانك أن تتجنب العديد من المشاكل.
ثم كان عليك أن تمر بلجنة (عبد القادر).. إنه طالب من القدامى أيضا.. ورغم أنه أوقفك إلى جانب بعض زملائك الجدد على ركبتيك أيضا، إلا أن نوعية حديثه كانت مختلفة.. كان يتحدث عن ثلاثية القوى بالمعهد: قوة الإدارة، وقوة الأساتذة، وقوة الطلبة.. تحدث عن ضرورة أن نكسب الأساتذة في صفنا لأنهم القوة العظمى.. لقد أثبتت الأيام لاحقا أننا كسبناهم بالفعل.. فقد كانت تلك السنة المباركة هي سنة المجزرة التي طرد فيها 18 طالبا، وكرر 24 السنة الأولى.. والله أعلم بما حدث بالنسبة لباقي السنوات.. سنعود إلى الموضوع لاحقا.. أما الآن فلتستبسل في تحمل الأخ (عبد القادر) لأنه كان يتحدث عن أشياء مهمة بالفعل..
وصلت الغرفة أخيرا بعد العديد من الكمائن ومحطات التفتيش والمراقبة و(البيزوطاج).. تتطلع إلى الأمتار المربعة الثلاثة.. لا بأس! لا بأس على الإطلاق! لا ينقصها سوى الحمام الفردي و(الدوش).. ذلك (الدوش) الذي اكتشفت أنه جماعي أكثر مما يجب.. فلا توجد هنالك أبواب تفصل الواحد عن الآخر.. صباح العري المكشوف!
وفي المساء.. تستلقي فوق السرير.. ذلك المعشوق الأبدي الذي لم تحب من قبل أحدا بنفس مقدار حبك له.. مريح!! وجديد أيضا!! انتهى عهد الأرجوحة الصيفية التي يسمونها مجازا بالسرير، في الأقسام التحضيرية.. هذا سرير صلب ذو نوابض حقيقية أخيرا..
تشغل شريطا موسيقيا.. الأخ (صابر الرباعي) يصرخ: “خلص تارك! طفي نارك! ملي شفتو قبل مني…”
يبدو أنه يدرس بمعهد به (بيزوطاج) هو الآخر! فهنالك دوما ذلك المنطق الذي يتخذه القدامى: “أنا أمارس (البيزوطاج) لأنه مورس علي من قبل”.. نوع من الانتقام ممن سبقوك.. هكذا كنت ترى الأمور.. أنا أعرف الآن أن الأمر ليس كذلك دوما، لكنك حينها كنت حديثا، غير ناضج، لا تعرف العديد من الحقائق.. لا أحد يلومك يا صاحبي..
إنه صراخ.. إن مصدره قريب جدا.. تطفئ جهاز تشغيل الأشرطة.. تقفز إلى الباب فتغلقه بلفتي مفتاح كاملتين.. لو كانت هنالك لفات أخرى لقمت بها حتما.. منعت نفسك بصعوبة من أن تضع السرير وراء الباب.. تبتسم في قرار نفسك لهذا الفكرة المرعوبة.. لكنك تتساءل بالفعل إن كانوا قد يصلون إلى حد تهشيم الباب لو لم تفتح.. إن كم الأشياء المرعبة التي سمعتها عن (البيزوطاج) وما يمارس به لكفيل بأن يجعلك تعيش في رعب دائم.. الصراخ يرتفع.. يبدو أن هنالك شجارا ما.. وهو قريب جدا.. ربما هي الغرفة المقابلة أو التي تجاورها..
تضع أذنك على الباب كي ترهف السمع وقلبك يدق بسرعة ألف دقة لو كان شيء كهذا ممكنا.. ثم اصطدم شيء ثقيل باب الغرفة بقوة غير عادية.. وقفزت إلى الخلف كأن الضربة كانت في وجهك مباشرة…

————————————————————-

* تحية لرؤسائي القدامى!

5 تعليقات

من الذي يحب الدار البيضاء؟

“سوف تحب الدار البيضاء..”
“ما إن تألفها فلن تستطيع عنها فراقا..”
“سوف ترى!..”
ما الذي سأراه بالضبط؟ ما الذي سأحبه؟ وما نوع الألفة التي يمكنني أن أنسج مع مدينة كهذه؟
إن البيضاويين غريبو الأطوار بالفعل.. فكيف يمكن لإنسان يحترم نفسه وصحته وبدنه أن يحب مدينة كهذه؟

عن التلوث:
جرب أن تخرج في جولة بالمدينة وأنت ترتدي ملابس بيضاء مثلا، وأخبرني عن اللون الذي تراه بعد أن تخلعها مساء..
أفهم الآن لماذا نرى في إعلانات مساحيق الغسيل قمصانا بيضاء يضعها الزوج سوداء وكأنه كان في ورشة ميكانيكية. الحق أن جولة يوم واحد بالدار البيضاء لكفيلة بأن تجعل البقع لا تزول إلا برمي الملابس في القمامة.. هكذا تزول من أمام ناظريك فقط! كيف لا وأنت تتمتع بحمام دخان أسود كلما مرت بجانبك شاحنة أو حافلة من القرن الحجري؟
انظر إلى البنايات التي من المفترض بها أن تكون بيضاء.. لماذا لم يسموا المدينة بالدار السوداء؟

عن الأمان:
هاتف نقال جميل.. حلي أو مجوهرات.. أو حتى سترة جميلة المظهر.. كلها أشياء تخاطر أيما مخاطرة بحملها والمشي في الشارع.. سيوف من عصر الموحدين، وسكاكين جزارة، وأشياء ممتعة من هذا القبيل قد تستقبلك في أية لحظة، ومن وراءها تطل وجوه بأسنان نخرة تطالبك بجواز المرور..
منذ فترة تمت إعادة فتى إلى الرباط بملابسه الداخلية بعد أن وصل إلى (الدار البيضاء الميناء) في التاسعة ليلا.. أي أن الوقت لم يتأخر بعد وحركة البشر لم تخف وتيرتها..

عن العصبية:
إن سكان هذه المدينة المباركة من النوع الذي قد يقضم رقبتك لو قلت له صباح الخير.. هل تعرف وقود الكيروسين سريع الاشتعال؟ سكان المدينة يشتعلون أسرع، ولأقل سبب، ودون مبرر.. لذا عليك دوما أن تحفظ لسانك كي لا تعود يوما إلى بيتك مهشم الأنف، أو تهشم أنت نفسك أنف أحدهم وتقضي ليلتك في استضافة الشرطة اللطيفة المعشر..

عن الازدحام:
أردت الذهاب إلى الرباط في نهاية الأسبوع، واحتجت للوصول إلى محطة القطار (الدار البيضاء الميناء) إلى ركوب الباص رقم سبعة. كنت أحمل حقيبة ظهرية.. أغلقت بوابة الباص وبقيت الحقيبة معلقة من ظهري خارج الحافلة.. تخيل معي وضع الحافلة إذن.. طبعا كوع هذا مدفون في بطن آخر.. وأصبع هذا يكاد يخرم عين هذا.. والكل يكاد ينتحر من نقص الأكسيجين ومن فرط الحرارة.. فتاة تجلس وظهرها لزجاج الباص الأمامي، والسائق يصرخ كمتسول محترف أن “ساعدوني من فضلكم!”.. تتساءل عن كنه هذه المساعدة، وحينما يرتفع صوت بجانبك هاتفا بأن الطريق خالية، تكتشف أنه يساعد بالنظر إلى المرآة الجانبية التي يستحيل على السائق رؤيتها إلا لو كانت نظراته من القوة لتخترق الحائط البشري بجانبه..

كيف إذن تريدون لشخص مثلي، ينحدر من مدينة صغيرة هادئة آمنة ألف التجول بها في الثالثة صباحا دون أن يسأله احد كم الساعة، أن يألف مدينة كالدار البيضاء، بل ويحبها؟
ما المميز بهذه المدينة غير الصراخ الذي لا ينتهي؟ غير البنايات المملة؟ غير الفساد وانعدام الأمن واللائحة طويلة؟
فليخبرني أحدكم!

32 تعليق

يوميات بيزو خانز (1)

ليلة أكثر سوادا من كحل العيون قضيتَها في الطريق من بلدتك الصغيرة إلى الرباط. حافلة يفترض بها أن تكون مريحة! لكنك دفعت ثمن هذا الافتراض غاليا.. دفعته على شكل مقعد لا ينثني، يجعلك تجلس كالبوم طوال الطريق.. دفعته على شكل محرك لا يكف عن العويل مضيفا مؤثرا صوتيا فذا ساهم في رسم سيمفونية الأرق التي تمتعت بعزفها لا محالة.

تصل إلى الرباط مهشم الأوصال. تبحث عن يدك اليسرى فتجدها وراء قفاك مباشرة.. تبحث عن كوعك فتجده مدفونا في بطن رفيقك بالرحلة، في حين يخرج هو يده اليسرى بصعوبة من فمك. تكتشفان أنكما بحاجة إلى دليل (Catalogue) لإعادة تركيب أشلائكما.

أمامكما الآن إحدى مهام (سيزيف) البطل الأسطوري: حمل جبال الأمتعة التي أحضرتماها معكما وكأنكما مهاجران من (تمبكتو)، والوصول إلى المعهد الذي ستبدآن به دراستكما.. “المعهد الوطني للإحصاء والاقتصاد التطبيقي”. لم تكفا طيلة الطريق عن الحديث عن (البيزوطاج) وعن الأساطير التي تحاك حوله، والتي شنٌفت آذانكما من مختلف المصادر. لذا توقعتما أياما أسود من كل قلوب كفار قريش مجتمعين.

تركبان سيارة شحن صغيرة، كان صاحبها الوحيد الذي قبل أن ينقلكما دون أن يحطم جيوبكما. أنتما أذكياء جدا، لذا تطلبان منه التوجه إلى بوابة الداخلية مباشرة وأنتما متأكدان أن الآخرين، الأغبياء، سوف يتجهون إلى الباب الرئيسي ثم يدخلون. لقد كانت لديكما معلومات أكيدة أن التسجيل يكون في باحة الداخلية. أنتما أول من يصل لدهشتكما، والساعة قد قاربت الثامنة إلا ربع. توقعتما أن تجدا طوابير طويلة كما حدث أول مرة في الأقسام التحضيرية، ولكن لا شيء.. الخواء هو عنوان اللوحة.. لا طلبة ولا موظفين ولا قطط حتى..

ترجعان الأمر إلى أن العقلية (الرباطية) ستكون مختلفة حتما عن عقلية منطقتكما.

تجلسان فوق أحد المقاعد الحجرية التي تعانق الجدار على طول البناية اليسرى من المدخل، وتنتظران أول الوافدين الذي لن يكون سوى أحد القادمين من مركزكما حتما.

وقد كان.. إذ دخل (عثمان) من البوابة مجاهدا في جر أمتعته.

عناق.. فالقبلة الرباعية الشعبية الشهيرة الشنيعة.. ثم تجلسون لتتسامروا حول الموضوع الشائق الشائك الذي يشغل تفكيركم جميعا: (البيزوطاج) طبعا.

يخرج رجل نصف حليق من بوابة بناية الداخلية..

طول بعرض بكرش بارتفاع.. هذا هو الوصف المناسب له. يتطلع إليكم بنظرة غريبة، ثم يتجه نحو (عثمان) مباشرة، و يغمغم بصوت متحشرج:

– ” أعطني أوراقك !”

يتطلع إليه (عثمان) باستهجان، ثم يبتسم بسخرية قائلا:

– “أعطني أوراقك أنت أولا!”

يعقد الرجل حاجبيه في ما يشبه الغضب، ويقول:

– “لا تريد أن تتم التسجيل؟”

– “ليس بعد! سأنتظر أن تفتحوا المكتب أولا..”

– “أنا من سيقوم بذلك أصلا..”

– “لا بأس.. أعطيني علامة.. إمارة.. رخصة قيادة.. ورقة رمادية.. أي شيء…”

– “تهرج؟ حسنا.. لن تتم تسجيلك لهذا اليوم!”

– “هذا ما سنراه!”

يحملق الرجل نصف الحليق فيكم بنظرة شذرة تبادلونه إياها بأخرى مشمئزة، فيترككم ويرحل متوعدا إياكم بالعودة لاحقا.

هو طالب إذن كما توقعتم.. ياللهول!! لو كانت هذا الفحل كله طالبا، فكيف سيكون مسئولو وإداريو المعهد؟ عمالقة أسطوريين؟

 

تصل في تلك اللحظة فتاة ترافقها والدتها وتجر معها حقيبة مرعبة الحجم. تسألكم الأم إن كان التسجيل قد بدأ، فتجيبون بثقة أن “ليس بعد!”. هنا يخرج طالبان آخران لا يزال العمش يطمس عينيهما. يتطلعان إليكم في دهشة، ثم يسألانكم إن كنتم قد أتممتم التسجيل بالخارجية أولا. تحركون رأسكم نفيا بشمم لم يتمتع به اللورد (كرومر) نفسه، فيبتسمان في سخرية، ويشيران إلى الطريق الداخلي المؤدي إلى الخارجية.. يشرحان المسألة لكم في بضعة كلمات لطيفة تذيب حاجز التوتر نحوهما، لكنها ترفع من حاجز الإحساس بالغباء إلى سقفه العلوي.. التسجيل يتم بالخارجية أولا.. يالهول!! ستجدون شعبا هناك..

تهرولون جميعا إلى المكان تاركين أمتعتكم بيد الله (لا أتحدث هنا عن الوزير السابق طبعا). وكان ما خشيتموه.. كان مدرج صغير شبه ممتلئ ينتظركم.. تدخلون وأنتم تتوقعون أنكم لن تخرجوا قبل الظهيرة على أحسن تقدير.. إلا أن المفاجأة السعيدة كانت بالانتظار: التسجيل كان يتم بالترتيب الأبجدي.. هذا يعني أن كل من بدأ لقبه بحرف “Z” قد حكم عليه بالإعدام مللا، و بأن تصل لحيته إلى الأرض بانتظار دوره. إنه الغباء الإداري في أشنع صوره..

كان رفيقك (عبد الله) هو أول من استفاد من ذلك الغباء، وخرج وهو يحييك بابتسامة من نوع “لقد سبقتك”.. فتجيبه بدورك بابتسامة من نوع “تبا لك!”..

وحينما تتم العملية بدورك، تهرع لتلحق بما تيسر من غرف مناسبة.. و هناك، في ممر ضيق يفصل الملاعب عن باحة الداخلية.. حيث صواريخ الهواء التي تقتلع صدرك وأنت واقف.. هناك كان (عبد الله) واقفا على ركبتيه وهو محاط بأكثر من ستة طلبة قدامى.. إنه أول ضحية لهذه السنة كما ستعرفون فيما بعد.. هذا هو ما يسمى بحظ الدجاجة.. تظهر أولا، فتذبح أولا!تتظاهر بأنك الرجل الخفي، وتمر بجوار الجمع المنشغل وكأنك غير معني بالأمر. ولدهشتك لا يهتم أحدهم لأمرك وكأنهم انغمسوا تماما في ما يمارسونه على صديقك من أوامر.

تجد مجموعة أخرى من الطلبة الجدد قد بدأت عملية التسجيل بالفعل، غير عالمين بما يحصل بالجوار، وإن كان جو من التوتر مخيما على المكان.. تضع أوراقك في مجموعة صف الانتظار، وتحاول أن تتوارى عن الأنظار بجوار شجرة (مزاح) كبيرة.

– “(بيزو).. تعال إلى هنا يا (بيزو)!”..

إن أحدهم ينادي على المدعو (بيزو)..

– “(بيزو) نظارات.. أنا أتحدث معك!”..

أنت الوحيد الذي يرتدي نظارات في المجموعة الواقفة، لكن من قال أن اسمك (بيزو)..

تتظاهر بأنك أعمى أصم أخرس أحول لو استدعى الأمر.. إلا أن تلك اليد التي توضع على كتفك، وذلك الوجه الذي يطالعك بابتسامة كريهة، وصاحبه يسحبك خارج الجماعة، ويتوجه بك إلى مجموعة من الطلبة القدامى.. كل هذه المظاهر تعلن لك بوضوح أنك قد وقعت!

تابع القراءة: يوميات بيزو خانز (2)

1 Comment

بداية الحياة

حقا!!
إن الحياة قاسية جدا!
سيسخر أحدكم من عبارة كهذه.. وسيقول الآخر “هل اكتشفت ذلك للتو؟”.. و لربما ابتسم أحدكم في امتعاض قائلا: “لم يات بجديد!”..
بالفعل.. إنه كلام مكرر.. مللنا سماعه أو قوله.. ولو قال أحدهم أمامي العبارة من قبل، لأجبت ساخرا: “بالفعل.. الحياة قاسية، والسماء زرقاء.”..
ما الجديد في الأمر إذن؟ لا شيء سوى أنني بدأت حياتي العملية للتو، ورغم أن راتبي كمهندس مبتدىء يعتبر مرتفعا نوعا ما مقارنة بالمتوسط العادي، إلا أنني بدأت مؤخرا أصاب بالرعب حينما أبدا بوضع حساباتي لمصاريف الشهر القادم، وما علي من ديون مرتبطة ببداية العمل واستئجار الشقة وما إلى ذلك..
ياللهول! كلما خرجت لشراء بعض الأغراض المنزلية، عدت للبيت محملا بالأثقال التي تختفي تماما ما إن تدخل للشقة.. ثم أكتشف المزيد والمزيد مما علي شراؤه..
هنالك نظرية في علم الاجتماع تتحدث عن الانتقال الاجتماعي.. تقول النظرية ببساطة أن المنحدرين من طبقة اجتماعية معينة يجدون صعوبة خارقة في الانتقال إلى طلبقة اجتماعية أعلى، وذلك لأنهم يعانون من قوى خفية تجرهم إلى الطبقة الاجتماعية التي ينتمون إليها.. هذه القوى عبارة عن الأسرة والعائلة التي تحتاج منك دوما إلى دعم مادي أكبر متى انتقلت إلى مستوى مادي أفضل.. مما يجعلك تعود بفعل قوة القصورهذه إلى طبقتك المعهودة.. الحل حسب علم الاجتماع هو القطيعة التامة مع أصولك.. وهذا ما يفعله بالفعل أغلب الأغنياء الميسورين..
على العموم.. هذا الحل غير مقبول على الاطلاق بالنسبة لي، وعلي البحث عن سبل أفضل لتكون قوة الجر لدي أكبر من مقوة الطبقة الاجتماعيى التي انتمي إليها.. شيء أشبه بجر الطبقة إلي.. 😀
ما أتساءل يخصوصه حاليا هو الكيفية التي يتعامل بها أصحاب الأجور الضعيفة مع مرتباتهم الهزيلة في مدينة كالدار البيضاء مثلا؟ كيف يتعامل من يحصل على 2000 درهم شهريا مثلا، ويعول أسرة من أربعة أو خمسة أفراد، ويظل حيا يتنفس في نفس الوقت؟
كيف؟
10 تعليقات