تجاوز المحتوى

الكاتب: عصام

مباراة موفقة لمصر، وتعثر موفق للمغرب!!

أعاد المنتخب المصر إحياء المل لدى شعبه في تحقيق إنجاز ما بالبطولة..
فقد أعلن (حسن شحاتة) مدرب المنتخب أنه يهدف إلى تحقيق الكأس هذه المرة مجددا، وكان هذا واضحا من القتالية التي خاض بها منتخبه مباراته الأولى ضد ليبيا..
الحقيقة أن ضخ الأموال الليبية لتطوير كرتها قد ساهم نوعا ما في رفع مستوى منتحبها، لكن فارق الخبرة الواضح كان له اليد الطولى في المباراة التي لعبت تقريبا في منطقة الليبيين..
في البداية كان ضغط المنتخب المصري غير مركز تماما، مع ارتباك وعشرات التمريرات الخاطئة.. لكن وصول الهدف برأس أحمد حسام (ميدو) كان له في تثبيت خطى المنتخب والاستقرار في أدائه.. ميدو الذي استبعد من قبل من المنتخب، الشيء الذي أثار ضجة لا بأس بها باعتباره أحد النجوم التي لا يمكن الاستغناء عنها.. الجميع يعتب عليه كون أدائه في المنتخب ضئيل للغاية مقارنة بأدائه المبهر مع الفرق المحترفة التي يلعب معها، وآخرها توتنهام التي استنكرت أخد ميدو منها لأكثر من خمس أسابيع، دون أن ينتبه هؤلاء النقاد إلى الفرق بين الجو وأداء هذه الفرق وبين أداء فرقنا ومنتخباتنا.. طبعا لن يجد اللاعب المحترف نفس الظروف الاحترافية، ونفس الكرات التي تصل بالميليمتر..
ثم أتى هدف (محمد أبو تريكة) -أهكذا تكتب؟ 😀 – كي يحقق ارتياحا كبيرا وسط صفوف الجماهير.. ضربة خطأ ملعوبة على الطريقة الاحترافية بشكل لم يسمح للحارس الليبي المستورد بأي ردة فعل..
وانخفض بعد ذلك أداء الفريقين رغم الهدف الثالث للمنتخب المصري من ضربة جزاء..

الخلاصة أن المصريين عرفوا كيف ينتزعون الفوز بحصة عريضة تحقق لهم ثقة وارتياحا كبيرين سيضيفان لرصيدهم الكثير في مبارياتهم اللاحقة..

نأتي الآن لأحد مسببات الجلطة الدماغية: مباراة المغرب ساحل العاج..

لم يكن منتخب ساحل العاج بحجم الدعاية الإعلامية التي سبقته على الإطلاق.. وقد كان كاللقمة السائغة بين أنامل المنتخب المغربي، اللهم إلا بعض الهجومات المضادة..
ثم ماذا يحدث.. الهجومات المغربية.. والمزيد المزيد من الهجومات.. يوسف حجي قام بثلاثة محاولات تقريبا كانت أصلا عبارة عن ثلاثة أهداف تقريبا.. و الشعب المغربي يمضغ أصابعه حسرة.. ثم تأتي ضربة الجزاء التي هي أصلا عبارة عن ضربة حرة مباشرة فوق خط مربع العمليات.. ذلك النوع من الفرص التي لا يضيعها (دروغبا) طبعا..
وبعد ذلك واصل المنتخب ضغطه، وواصل معلق القناة الثانية ضغطه على الأعصاب.. حقا يجب إعدام هذا الرجل بدون أي وازع من رحمة أو ضمير.. إنه في مشكلة حقيقية.. لست أدري ما الذي تفعله نيجيريا في الملعب كي يقول أن الكرة مع منتخبها.. ولست أدري إن كان مصابا بالحول المزمن كي يخلط بين المنتخب المغربي ونظيره من ساحل العاج في شتى المناسبات..
ثم هناك العبارة الفذة التي قتلتني:”كادت تكون محاولة”.. ماذا تكون إذن؟ إن اللعب في وسط الميدان دوما يكاد يكون محاولة.. المباريات كلها عبارة عن محاولات وغير محاولات.. وكل ما هو ليس محاولة يكاد يكون محاولة..
لي عودة لاحقا بمقال عن التعليق الرياضيات، وعن المذيعين بصفة عامة بهذه البلاد السعيدة..

1 Comment

كأس إفريقيا للأمم..

كان حفل الافتتاح مبهرا بحق..
كان اللعب على نمط ثقافة الشعوب الذي ألفناه لدى الأخوة المصريين موفقا بحق.. ثم أتت الألعاب النارية في النهاية لتختم بلوحة فذة غاية في الاتقان..
وقد أحببت أغنية سميرة سعيد بالفعل 😀

الحق أن مصر أرادت أن تثبت أن عدم الاهتمام الذي حظيت به منافستها على احتضان كأس العالم كان في غير محله..

حاولت اللجنة المنظمة تجاوز كل العقبات رغم الوقت الوجيز الذي أتيح أمامها، وجاهدت لتوفر جميع الظروف المناسبة لمرور حفل كروي بهيج.. لكن ما حدث أن العقبات كانت من النوع الذي لا يتجاوز بسهولة.. فملعب القاهرة مثلا تم إغلاقه لمدة سنة لإعادة الهيكلة والتجديد.. وحينما رأيناه في حفل الافتتاح خيل إلينا أن لا شيء تغير في أرضية الملعب على الأقل.. ففعاليات الحفل فقط قد بدأت تؤثر على العشب..
هذا يذكرني بما حدث هنا بالمغرب مع ملعب محمد الخامس بالدار البيضاء الذي تم ترميمه، وفتح من جديد لنشهق أمام اخضراره، وكراسيه الملونة.. وبعد فترة بسيطة تحول اخضرار عشب الملعب إلى احمرار ترابه.. ومع أول زخة مطر بدأ اللاعبون بممارسة كرة الماء(الواتربولو) بدل كرة القدم..
يبدو أن هذه عادة دميمة بالملاعب العربية!

وجب الإشارة إلى أن أشغال الترميم بملعب القاهرة الدولي قد استمرت حتى صباح يوم الافتتاح! لا داعي للتعليق إذن..

1 Comment

حرمان الاتصال..

تبا!!

لماذا نألف خيارات تلهينا عن خيارات أخرى؟
لماذا نصبح مترفين بأسرع من البرق دون أن نحرك ساكنا كي نقاوم؟..
لماذا نكون نحن في البداية، وبعد ذلك يصبحون هم؟.. هل لأننا أصبحنا أفضل أو أرفع؟

لماذا أتحدث عن هذا الآن؟ ربما لأن الموقف يذكرني بأحداث سابقة كثيرة أشنع وأكثر وضوحا..
الأمر هذه المرة بسيط: لقد ألفت الاتصال عبر مركز حاسوب المعهد.. فكرهت مقاهي الأنترنت.. كرهتها حتى النخاع، و بدأت أترفع عن الذهاب إليها باعتبار أنني ألفت الاتصال متى أردت، و أن الاتصال بالمعهد أسرع..
ثم أدخلت النت إلى البيت في مدينتي، أمضيت عطلة الصيف كلها أتصل مرتاحا هانئا.. هذه المرة كان الفارق هو أن الاتصال دوما مستقر وأنني أستعمل جهاز الكمبيوتر خاصتي..
حينما عدت بعدها للمعهد لم أعد أدخل مركز الحاسوب تقريبا..
لا نت كافي، ولا مركز حاسوب.. النتيجة: لم أعد أتصل تقريبا، واختفيت عن الجميع وعن أصدقائي وعن نفسي والمجتمع الخيالي الذي عشقته..

كل هذا بسبب ألاعيب النفس البشرية اللعينة..

الآن أنا أتعالى على نفسي و أقبل الاتصال من مركز الحاسوب بصعوبة.. وحينما تحدث به مشاكل من قبيل اقطاع الاتصال كما حدث في اليومين السابقين، فأنا أنقطع تماما عن النت..

Leave a Comment

ذكريات بَرَد..

إن الجلوس تحت زخات المطر قد يبدو شاعريا بالنسبة لبعض المصابين بداء الرومانسية.. لكنني أراهن أن الجلوس تحت زخات البَرَد لن تكون بنفس القدر من الإمتاع.. المتعة الوحيدة حينها هي متعة الاستلقاء بسرير معتبر بأقرب مستشفى بعد أن شجت رأسك..
أجلس الآن تحت حاجب شمسي أمام مقهى بالكامبوس (COMPUS)، ولا أجد ترجمة مناسبة للكلمة، و أنا أرمق ثاني أغزر زخة بَرَد رأيتها بحياتي.. هذا يذكرني بتجربة قديمة لم تكن سارة على الإطلاق..
كنت صغير السن حينها، وكنت في القرية التي ترعرع بها والدي، والتي ألفت قضاء عطلة الصيف بكاملها بها بصغري.. الحقيقة أن والدي كانا يتخلصان مني بعض الوقت حينها كي يتمتعا بعطلة هادئة.. لكنني كنت أستمتع حقا بالمقام هناك.. حيث الحرية والإنطلاق.. حيث تنظف أذنيك بتغريد ألف طير، وأنفك بعبير ألف زهرة..
لي ذكريات شجية هناك ربما أحكي المزيد منها لاحقا على أسلوب (طه حسين)، لكن هذه التجربة لم تكن أكثرها إمتاعا.
كان الجو هادئا حينما خرجت وابن عمتي (يونس) الذي أكبره بشهرين، في حين تصغر أختي أخاه بنفس الفارق. يبدو أن أمي وعمتي كانتا متفقتان على هذا الفرق الزمني بشكل يسمح لجدتي، أطال الله عمرها، بأن تهرول بين مراكش وتيزنيت كي تحضر الولادات الأربع.
كنا نسوق الحمارة التي كنا نحولها إلى حصان بشكل إجباري وذلك بممارسة جميع أنواع الشك والقرص والضرب بسادية طفولية لا بأس بها، بشكل كان سيسمح لمنظمات حقوق الحيوان بإعدامنا بضمير مرتاح.
و بعد أن حمٌلها عمي بالحشائش التي حصدها، عدنا ونحن نستلقي في الدور الرابع فوق الحشائش فوق الحمارة.
بدأت ألاحظ كتل الغيوم التي كان سوادها شديد القتامة، والتي تقترب بسرعة غير مريحة. لفت نظر (يونس) إلى ذلك، فأطلق عبارة ما عن أولاد المدينة المدللين، وعن هستيريا الرعب التي يعيشونها مع أول حدث غير مألوف.. فأقفلت فمي حانقا..
ولكم أن تتوقعوا ما حدث بعد ذلك.. زخة مطر من أعنف ما رأيت بحياتي، تلتها زخة برد من النوع الذي يخترق الجسد ذاته.. الإظلام تام، والحمارة أصيبت بالعته والحمد لله، فلم تعد تعرف شمالا من جنوب.. لم نعد ندري أين نختبئ.. كنا بعيدين عن البنايات، والحمارة لا تريد أن تتوقف كي نختبأ تحت جبل الحشائش ذاك..
تشتد موجة البَرَد على ظهورنا فنركض إلى الأمام في نفس اتجاهها قصد تخفيف ضررها..
صراخ.. بكاء.. عويل.. ضحك.. ونهيق..
كل شيء امتزج بشكل غير عادي.. تصوروا حمارة تحاول أن تنهق.. هذا يعطيكم فكرة عن الوضعية..
وفي النهاية وصلنا إلى البيت بمعجزة ما، ووجدنا الجميع قلقين، وقد خرج البعض للبحث عنا بعد أن استغرقنا أربع ساعات في رحلة عودة تستغرق نصف ساعة عادة..
الحمارة؟ طبعا تركناها وفررنا بجلودنا.. ماذا كنتم تتصورون؟ وقد وجدوها لاحقا في مكان ما تتقاذفها جذوع الأشجار..

الخلاصة أنها كانت ليلة أسود من البترول ذات نفسه.. ليلة حلمت فيها بجلاميد من مختلف الأحجام تمتع نفسها بشج رأسي واختراق ظهري..
أحلام مبهجة بالفعل..

8 تعليقات

جولة سياحية معتبرة (3)

سابقا في مذكرات طالب بالأقسام التحضيرية:
مذكرات طالب باﻷقسام التحضيرية
مسار الأف ميل:خطوة البداية (1)
مسار الألف ميل: خطوة البداية (2)
جولة سياحية معتبرة(1)
جولة سياحية معتبرة(2)

حسنا.. جاء دورنا لتجاوز بوابة المطعم لنلتحق بالطابور الداخلي..

لا تقلقوا.. لن يمنعكم أحد من الدخول لأنكم غير مرئيون.. وهذا يعني أيضا أنه لن يحق لكم الحصول على نصيب من الوجبة.. وهذا حسن حظ أحسدكم عليه..

إن الرائحة مقرفة.. أعرف ذلك.. هذا راجع إلى الخليط غير المتجانس الذي يصرون على أ، يطبخوه هنا.. تصوروا كيف يكون طعم ورائحة الفاصوليا المصبرة حينما يقرر أحدهم طبخها.. لا أستبعد أن نجد يوما سمكا مصبرًا مشويًا..

علي إذن أن أحمل صفيحة حديدية بها فراغات مختلفة المقاسات، من النوع الذي يستعمله المساجين عادة، و أن أتقدم في طابور طويل كي أحصل على تشكيلة من الأشياء التي يصرون على أنها تؤكل.. إن الفرق بين المكان وبين السجن البلدي ضئيل حقا.. ولو كنت ممن لم يألفوا ارتياد المكان لما استطعت أن تفصل بينهما..

المحطة الأولى: (منطقة السلطات، بتشديد السين وفتحها)..

هنا تقدم جميع أنواع السلطات المفتخرة، ولا تنسوا تشديد السين وفتحها كي لا أعاني من مشاكل سياسية .. فمن قطع الخيار الديناصورية المنقوعة في المياه المعدنية إلى قطع الجزر والبطاطس المسلوقة التي لا يمكنك أن تميز جزرها من بطاطسها. وتبقى السلطات على العموم إحدى العناصر القليلة التي تؤكل بضمير مرتاح..

المحطة الثانية: (منطقة أشباه اللحوم البيضاء والحمراء)..

هنا يقدم ما يلي:

– شرائح لحم بقري (مع قدر لا بأس به من الارتياب)، ذات سمك شبه منعدم، ملتصقة بشرائح جلد ذات سمك وصلابة لا بأس بهما بما يكفي للإيحاء بالكم.. والهدف من هذا تقوية أسنان الطلبة وعضلات أذرعهم عبر حركات الشد التي تهدف إلى تجزئة الشرائح لتيسير المضغ..

طريقة الاستعمال: ضع طرفا بين أسنانك، وامسك بكلتا يديك بالطرف المقابل.. ثم شد بكل قوتك نحو الأسفل.. حذار من أن ينزلق الطرف من بين يديك لأن اللسعة التي سيستقبلها وجهك لن تكون محببة إلى النفس. وحين تصل يداك إلى أقصى اتساع لهما دون نتيجة، يمكنك حينها الاستعانة بقدميك لمواصلة الشد.. لذا ينصح بغسلهما مع اليدين قبل الدخول.. كما يمكنك أن تبتلع الشريحة قطعة واحدة لو كنت لا تملك الوقت لهذا الهراء، وتترك للمعدة إكمال البقية..

– كويرات مجهرية من الكفتة مع طن من صلصة الطماطم.. مهمتك أن تبحث عن الكفتة وسط الطماطم لو كنت من أقوياء النظر.. أما لو كنت من ضعافه فابتلع الصلصة كلها فالكفتة فيها لا بد واجد..

– قطع دجاج.. وعلي هنا أن اعترف أنها أفضل أكلة تقدم من حيث جودة الطبخ.. فقط عليك أن تجد قطعة مناسبة يتفوق فيها وزن اللحم على العظم.. وهذا ممكن بشيء من العسر لو كان (عزيز) هو الذي يقدم القطع.. فقط عليك حينها أن تمحو من ذاكرتك مشهد صدره المشعر الغارق في العرق، والذي يصر على إبرازه وهو ينحني ليحضر لك قطعة الدجاج المطلوبة.. اعتبر قطرات العرق هذه كنوع من التوابل أو المخللات لتحسين المذاق.. أما لو لم تكن وافر الحظ فستلتقي بذلك الكهل الذي كره الدنيا وكرهك معها.. حينها لا تحاول أن تحتار القطعة لو كنت من النوع المسالم، فهو يقدم لك ما يريد ويرميه ف صفيحتك كأنه يقتطعها من لحمه الخاص.. ولا بأس بنظرة ازدراء عابرة لإتمام اللوحة.. وفي فترة من الفترات اختفى العجوز لمدة لا بأس بها.. فتساءل أحدهم عن مصيره، وحينما لم يجب أحد قال الفتى أنه يشك في أن اللحم الذي يقدمونه لنا مؤخرا هو لحم الكهل لأنه يبدو هرما بالفعل..

المحطة الثالثة: (منطقة الوجبة الثانوية)

– سواء كانت عدسا أو لوبيا، أنصح بالابتعاد عن المكان.. إن هما إلا سببان أساسيان لتعاظم غازات البطن.. وحينما يأتي يوم منحوس تكون فيه الوجبة الأولى مقرفة، ويقرر الجميع تناول أحدهما، حينها يلتزم الجمع بعدم إشعال أعواد الثقاب أو ما شابه في العنابر خشية انفجار نووي..

– ثم هنالك قطع البطاطس المقلية.. ومع هذه أنت وحظك.. فتارة تكون ذات حجم هائل لكل قطعة، مما يجعلها غير مطبوخة على الإطلاق من الداخل، مع ملاحظة إنك لن تحصل سوى على أربع او خمس قطع على الأكثر.. و تارة أخرى تكون عبارة عن نوع من الفحم الحجري الممتاز، وهذا حينما تحتج على أنها لا تطهى بما فيه الكفاية..

المحطة الرابعة والأخيرة: (منطقة الفواكه وأشباهها)..

هنا تجد، حسب المزاج، في كل مرة فاكهة من نوع ما.. والقاسم المشترك بينها أنها إما غير ناضجة دوما، أو من النوع الذي يتركه الباعة وراءهم بعد انتهاء السوق: تفاح عليه ندوب من مخلفات الحرب العالمية الثانية، أو موز معوق يمكن شربه مباشرة دون مضغه، وأشياء من هذا القبيل..

هذا في وجبة الغذاء.. أما في العشاء فتجد إما كأس زبادي، أو ما نصطلح على تسميته ب(دانون).. وهذا أفضل قطعة كاملة يمكنك الحصول عليها.. غير هذا هناك كأس مياه غازية، أو كأس أي مشروب حليبي.. وطبعا الكأس بلاستيكية تبدو كأنها كانت تستعمل من قبل التتار أيام مجدهم..

وكإضافة مجانية، يمكنك الحصول على (الحريرة)، وهي نوع من الشربات المحلية الثقيلة.. فقط على من شربها أن يصعد لغرفته بأقصى سرعة، ويحضر سريره ويتمدد قبل أن يسقط في غيبوبة النوم وهو واقف.. إن مادة الصودا عنصر أساسي في كل وجبة وذلك كي تطهى بسرعة، لكن الكمية التي يضعونها في الحريرة خرافية بالفعل..

سؤال وجيه: هل يضعون الصودا في المياه الغازية والمواد الحليبية أيضا؟ بدأت أشك بذلك حقا..

حاملا صفيحتي المحملة بما لذ وطاب مما سبق ذكرهن سنتجه للبحث عن وجه من الوجوه التي اعتدت مجالستها.. هاهي ذي الشلة المعتادة وقد اكترت طاولة خاصة بها كالعادة..

أجلس و أتطلع بتقزز إلى الأكل.. أحاول أن أستخلص منه ما يصلح للأكل.. ثم أتطلع إلى السوق البلدي الذي يحيط بي.. نحن المغاربة لا نستطيع أن نجلس لنأكل بهدوء قط، فكل موضوعات الدنيا تناقش على مائدة الطعام.. وهذا لا يعني أننا نتوقف عن الأكل.. إن عادة الكلام بفم ممتلئ هي عادة صحية لدينا بخلاف كل ما يقوله الأطباء المتخلفون..

وكما جرت العادة، لا بد أن نمتع آذاننا بصوت العشرات من الصفائح الحديدية التي يوقعها (الحسن) أرضا كنوع من التقاليد.. لكم أن تتخيلوا قوة الصوت وتردده في قاعة كبيرة كهذه.. يمكننا بشيء من التسامح أن نشبهه بصوت قصف الرعد.. ماذا يفعل (الحسن) بالصفائح؟ طبعا يغسلها بالمياه الساخنة و بمكنسة.. نفس المكنسة طبعا هي المستعملة غالبا لكنس العنابر.. فبالهناء والشفاء يا شباب!

تابع القراءة: يوم أول!!

 

21 تعليق

الدور التثقيفي للإعلام العربي..

قرات موضوع الحقيقة و التاريخ و الإعلام العربي.. ثم أتبعته بالرد الذي ورد في موضوع الإعلام والتربية والتعليم.. وقد أثاروا لدي تساؤلا قديما عن علاقة الإعلام العربي المعاصر بثقيف الطبقة الشعبية العربية..

أصبحت مؤخرا أصنف أغلب من أحدثهم إلى ثلاثة أصناف:

شبح المثقف (أو قناة الجزيرة): هو النوع الذي يتحدث معك بطريقة نسخ لصق الفذة.. حينما يثار النقاش بشأن قضية ما، تجد فيصل القاسم أو أحمد منصور أو غيرهم يتحدث.. والعجيب انهم يدافعون عن تلك الآراء كأنها مسلمات، أو كأنها آراؤهم الخاصة.. ولكم يحلو لي أن أذكر المصدر الذي استقى منه هذه الآراء أمام الملأ..

نصف المثقف: هو الذي يستقي معلومات من مصادر عدة، ويكون ثقافة إخبارية لا بأس بها.. هذا النوع أيضا عبارة عن مجموعة من القنوات والجرائد دمجت في بعضها البعض لتخرج لك في بعض الأحيان بآراء متضاربة في مضمونها..

المثقف: هو من يستقي المعلومات والآراء ليتطعم بها فكره الخاص بعد تحليل وانتقاء وانتقاد..

وبما أن أشباح المثقفين هم الغلبة، فإن الإعلام يلعب دورا أساسيا في التوجيه الفكري للجماهير.. وهذا ما لم يعيه صناع القرار لدينا، مما يجعل الأمور في غالب الأحيان تهرب من بين أيديهم عبر قنوات خارجية تفضح الواقع حينا، وتقنعه بإيديولوجياتها الخاصة أحيانا..

نحن مسيرون بالإعلام، شئنا أم أبينا.. والدليل أن مشاعرنا تتهيج كلما ازداد الحركة الإعلامية اهتماما بآلامنا الشعبية،.. ثم تجمد مشاعرنا تماما حينما تغفل عنها.. وهذا ما حدث بعد غزو العراق مثلا، حيث نسي الجميع تماما ما يحدث بفلسطين..

3 تعليقات

جولة سياحية معتبرة (2)

سابقا في مذكرات طالب بالأقسام التحضيرية:
مذكرات طالب باﻷقسام التحضيرية
مسار الأف ميل:خطوة البداية (1)
مسار الألف ميل: خطوة البداية (2)
جولة سياحية معتبرة(1)

لو قارنتم غرفتنا بأي غرفة أخرى بداخلية المركز فستكتشفون فورا أنها ذات طابع منزلي محبب إلى النفس.. ربما يفسر هذا سر تجمع الشباب الدائم لدينا في جلسات سمر، متحلقين حول براد شاي ثقيل ساخن من الذي يتقنه صديقنا (محمد)..
لقد جعلنا من الغرفة مكانا أليفا خصوصا مع آيات قرآنية لخطاط فنان علقت بالحائط بجوار صورتين كبيرتين متقابلتين، إحداهما للكعبة والأخرى للقدس.. بالإضافة إلى (الموكيت) الأخضر – ولا أجد ترجمة مناسبة للكلمة – الذي يكسوا الأرضية..
حاولوا أن تتمتعوا بالغرفة بهذا الشكل قبل أن تعود إلى الحالة الطبيعة لها، والتي تتلخص في كويرات متعددة من مواد مختلفة مرمية هنا وهناك: كويرات من ملابس، وكويرات من أوراق، وكويرات من قشور، وكويرات من أشياء لا تدري كنهها لكنها موجودة..
اعتبروا الغرفة لكم إذن.. فقط عليكم أن لا تنسوا أنها غرفتنا.. وهذا يحتم عليكم نزع أحذيتكم قبل الدخول..
لا داعي لأن تخجلوا من منظر أصابعكم وهي تجاهد كالمساجين للفرار من الجوارب المثقوبة، فما نحن إلا طلبة نتفهم مثل هذه الأمور.. كما لا داعي للقلق بشأن رائحتها القتلة لأن المراحيض تكفلت بقلب مفاهيم الشم لدينا بشكل يجعل أي رائحة كانت تبدو أشبه بالعطور الباريسية الفاخرة بالمقارنة..
تفضلوا بالجلوس.. فليشغل اثنان منكم الكرسيين الخشبيين، وليصطف الباقون فوق السريرين.. حاولوا فقط أن تتركوا منتصف فارغة حتى لا تتقوس تحت ثقل أوزانكم.. إن نوابضها ليست على ما يرام.. وقد يبدو سريري على ما يرام نوعا، لكن سرير (عبد الله) قد بدأ بالتحول إلى نوع من منامات المخيمات التي تعلق بين شجرتين.. تعرفونها طبعا..
الحقيقة أن لا شيء يهم حينما تكون هنا.. فبعد يوما دراسي حافل، ومع تأثير أطنان الصودا التي يصرون على وضعها في الطعام، يكفي أي وضع أفقي أو حتى عمودي، كي تغرق في سبات يتفوق على عمق سبات الدببة القطبية.. (يقول (بعد الله) أنه يغرق في النعاس بمجرد وضع رأسه على المخدة.. أما أنا فلا أذكر يوما متى وضعت رأسي على المخدة مما يجعلني أظن أنني أغرق في النعاس ورأسي في الطريق إليها..
إن النوم هو الخصم اللدود والمرض الشعبي بالمركز.. يمكنك أن تظن، وأنت مرتاح الضمير، أن المركز مليء بمستعمرات ذبابة تسيتي، ولن يخالفك أحد الرأي.. لكن التأثير المميت يختلف فقط من شخص لآخر..
ذات يوم قررت و(عبد الله) أ ن نأخذ قيلولة من النوع الطويل.. قيلولة من النوع الذي يستمر حتى الساعة الرابعة بعد الزوال.. ضبطنا كل شيء.. منبهات الهواتف المحمولة.. منبه ساعتي اليدوية.. وآلة إيقاظ الموتى التي يصر (عبد الله) على تسميتها بمنبه.. تعرفون ذلك النوع من المنبهات الذي يمكنه أن يكسر الزجاج بصوته؟ هو ذاك..
سبحنا في ملكوت الله حتى الرابعة.. فطفق كل شيء يرن.. زلزال صوتي لا يبقي ولا يذر..
وهناك، بجانب كل هذا الضجيج كان مخلوقان متمددان لا يحركان ساكنا، وكأنهما ينامان تحت صوت موسيقى كلاسيكية هادئة..
صدقوني.. لقد حاولت أن أقوم.. لكنني فشلت فشلا ذريعا..
انطفأت منبهات الهواتف بعد أن ملت، ولم يجد منبه الساعة اليدوية، بصوته الضعيف، مكانا وسط الصخب المدوي، فخرس بدوره.. لكن آلة إيقاظ الموتى كانت مصرة على الاستمرار.. والمشكلة أننا وضعناها في منتصف المسافة بيننا كي لا نخرسها ونعود للنوم..
تمكنت بصعوبة من أن أفهم أن الصوت المزعج هو صوت المنبه.. وحينما قررت أن أقوم لأخرسه انطفأ الضوء الإلهي من أمام عيني.. ثم أحسست أن هناك صوتا مزعجا بالمكان.. وحينما فهمت مجددا أنه صوت المنبه كنت قد غرقت مرة أخرى في النعاس..
ما فهمته بعدها هو أن المنبه بقي يرن لربع ساعة، لابد أننا حصدنا فيها كل اللعنات الممكنة من طرف الجيران، قبل أن يتمكن (عبد الله) بمعجزة ما من أن يقوم بمجهود خرافي ليصل إلى المنبه ويخرسه، قبل أن يعود ليواصل النوم حتى الليل..
هناك حكايات أخرى من هذا النوع لدى العديد من الأصدقاء، أتركها للتفصيل في حلقة أخرى..
دعونا ننزل.. فهذا وقت وجبة العشاء..
لا داعي للدهشة! أجل.. اعرف أنها السادسة والنصف فقط.. و أعرف أن أية دجاجة تحترم نفسها تنام بعد هذا الوقت بكثير.. لكنها الحتمية (البعبولية) التي تلعب دورها..
أخخخخ!!
لقد وصلنا متأخرين.. فهاهو ذا الطابور الثعباني قد تشكل وتلوى حسب المسار المفروض..
أزواجا.. هكذا نقف للأسف كتلاميذ المدارس الابتداية قبل الدخول للمطعم.. وهي تشكيلة إجبارية من طريف الناخب الوطني (بعبول الزاكي) الذي يقف بنفسه رفقة لجنة مراقبة رسمية مكونة من بعض المعلمين..
وطريقة الدخول إلى المطعم تكون عبر مجموعات.. يقومون بدور السدود التي تسمح بمرور كمية من الطلبة حتى يبدأ الصف الداخلي بالامتلاء ثم يوقفون التدفق..
أجل.. كما سمعتم.. هناك طابور بالخارج وطابور بالداخل، وكأننا نستخرج أوراق إدارية في مصلحة سريعة الأداء بشكل قاتل..
ولكم أن تخمنوا أنهم سيوقفون التدفق حينما أصل شخصيا إلى المدخل.. إن هذا حتمي كما يحدث في الأفلام الأمريكية الرخيصة..
إن بطني تزغرد.. لكن الرائحة المنبعثة من الداخل غير مشجعة على الإطلاق!
تبا مجددا!

تابع القراءة: جولة سياحية معتبرة(3)

 

4 تعليقات

ثورة الأكباش..

عندما يقترب عيد الأضحى، تبدأ الخرفان بالشعور بالأهمية أولا، ثم الخطورة لاحقا.. الأعلاف تتزايد بشكل غير طبيعي، والزيارات البشرية تتوالى بشكل مثير للريبة، والكل ينظر إليهم بنظرة غير مريحة، والمباحثات والمشاورات مع صاحب المزرعة تدور على قدم وساق..
لذا فمن الطبيعي أن يحس الأكباش بالخطورة، ولا أحد يلومهم إن بدءوا بتسنين قرونهم استعدادا للدفاع عن النفس.. ويبدو أنهم قد يقيمون اجتماعا سيفضي بهم بعد مباحثات طويلة، وبعد تكوين لجان تنبثق عنها لجينات، إلى اتخاد قرار خطير بالإضراب عن الطعام، وذلك كي يقضوا على آمال أكلة لحوم الأغانام (الكانيبالات البشرية)..

لماذا أضع مثل هذه التصورات؟ لأننا حينما فتحنا بطن الكبش أمس وجدنا معدته شبه خاوية، وقد يبس البراز على جدران (الكرشة) كأنه لم يأكل منذ قرون.
طبعا لن أتهم صاحب المزرعة بشيء، فالرجل يؤكد أنه يقدم العلف الممتاز لقطيعه دوما، وهو –زيادة على ذلك- علف مستورد.. فالأغنام عنده تربوا على العز.

الحقيقة أن العديد من الظواهر غير الصحية تنتشر قرابة عيد الأضحى.. فمن نفخ الكباش بالملح والمياه، إلى نفخها الفعلي بمنفاخ العجلات، وقفل الفتحات بالأشرطة اللاصقة (وأنا لا امزح هاهنا)..

هذا من جهة الباعة.. فماذا عن الزبائن؟
لقد تحول العيد من فريضة وشعيرة دينية إلى مأدبة لملء البطون، والبحث عن الأكباش ذات القرون:
-“من فضلك عزيزي.. لن أقبل بكبش أصغر من الذي أحضره زوج خديجة.. أنا أحذرك من الآن! لا أريد أن يقال عنا فقراء أو معدمون..”
-“حاضر!”
-“لا تنسى أن يكون من النوع البلدي الممتاز!”
-“حاضر!”
-“ثم يجب أن يكون ذا قرون طويلة ملتوية.. فهذا دليل على الصحة!”
-“هذا الوصف يناسب جديا أكثر مما يناسب كبشا.. ما رأيك بعجل وننهي النقاش؟”
-“حقا! العجل سيكون أفضل.. فليكن!”
يمتع الزوج نفسه بضرب رأسه بالحائط، ثم يفر هاربا..
هذا مشهد مألوف حاليا.. وأنا لا أقصد أن أنتقد الزوجات هنا، فهناك من الذكور من هو أكثر ولعا بالتفاخر وملء البطن..

ووسط هوس شراء الأضحية بأي ثمن كان، تفشت ظاهرة غريبة مؤخرا تتمثل في الإستدانة بالربا لشراء الأضحية.. هذا يشبه من يتوضأ بالخمر وهو معجب بنفسه..
في ملصق كبير بإحدى اللوحات الإشهارية بالرباط، رأيت عرضا من إحدى الأبناك يتلخص في قرض لشراء كبش العيد مقابل مئتي درهم شهريا.. وبغض النظر عن عن الرأي الشرعي في الأمر يبدو العرض مغريا.. فقط لو كنت تجيد الحساب ستكتشف أنك مع نهاية مدة السداد ستكون دفعت ثمانية آلاف درهم فقط.. هكذا تكون اشتريت خروفا بثمن عجل صغير بالفعل..

2 تعليقان

جولة سياحية معتبرة(1)

سابقا في مذكرات طالب بالأقسام التحضيرية:
مذكرات طالب باﻷقسام التحضيرية
مسار الأف ميل:خطوة البداية (1)
مسار الألف ميل: خطوة البداية (2)

منذ قرون وأنا أتمنى أن أبدأ يوما بكتابة يومياتي..
لست هتلر.. ولست طه حسين.. ولست شعبان عبد الرحيم.. لذا لا أجد تدوين يومياتي سيعود بفائدة أكثر من أن أستطيع تقديم إحصائية دقيقة عن عدد المرات التي نسيت فيها غسل أسناني، أو عدد حالات الإسهال وعسر الهضم التي أصبت بها عبر سنوات حياتي.. وهذه معلومات لن تهم سواي ووزارة الصحة على أبعد تقدير..
أنا فقط أجد أن بعض الذكريات التي تستحق أن لا تنسى تبدأ بالذوبان بهدوء وراء خلفية تسارع الأحداث المستقبلية..
أعاني الآن لاعتصار ذكريات السنتين اللتين قضيتهما بمركز الأقسام التحضيرية بأكادير.. و يبدو أنني سأبدأ عما قريب بالاستعانة بالذاكرة الجماعية..

سنقوم الآن بجولة بالمركز.. ستكونون سياحا مزيفين، و سأكون دليلا أكثر زيفا.. هكذا لا مجال لأن يتابعني أحدهم قضائيا..
علي من الآن أن أبدأ باستعمال أسماء مستعارة لبعض من سيرد ذكرهم خلال هذه المذكرات.. هكذا أتفادى أن يشج أحدهم رأسي في أول فرصة..
فلنبدأ الجولة أعزائي من مدخل الداخلية..
لا داعي للقلق من ذلك المخلوق الكلبي الذي يقبع هناك.. لقد سبق وحدثتكم عنه.. سنمر بجانبه بكل هدوء، وسيقوم هو بدوره بالنباح على سبيل تأدية الواجب، وذلك كي يعطيهم سببا كافيا للإبقاء عليه بالمركز..
هذا المخلوق يروقني.. ذات مرة طارد قطيعا من الأغنام يمر بالجوار البوابة دون أن تعيره أية شاة أدنى اهتماما.. إنه عديم الشخصية بالفعل، رغم أنه مغرم بأفلام الويسترن الأمريكية على ما يبدو..
أول مبنى على اليسار هو غرفة (الحسن).. و (الحسن) هذا هو سدادة ثقوب المركز.. هو في الأصل حارس البوابة، لكنه يمضي أوقات فراغه بشكل إجباري في غسل أواني المطعم وكنس ومسح أروقة العنابر، وممارسة جميع انشطة التجسس والمراقبة على الطلبة والموظفين على حد السواء..
إن (الحسن) رجل مستحيل المركز بامتياز.. وفي الليل أو العطل لا مانع من أن يشارك الأخوة السياح في ممارسة الفساد المحلي.. والغرفة الصغيرة بجانب البوابة تفي بالغرض.
غضوا الطرف عن المبنى المجاور على اليمين، حيث كتبت عبارة “المصالح الاقتصادية”.. دعوني صامتا فقد أقبل أي اسم عدا المصالح.. ما رأيكم بالمفاسد أو الفضائح؟
دعونا أيضا نتجاوز هذه السلالم اللولبية التي لم يفهم المسئولون أهميتها في الحياة، فأقفلوا الأبواب المؤدية إليها..
نمر الآن بجوار مكتب من غرفة واحدة وردهة تفضي إليه، حيث كتب بخط عريض: “مصحة”..
هذا هو مكتب الحارس العام للداخلية (رمزه الكودي بعبول)، ولا داعي لأن تسألوني عن العلاقة.. فمن البديهي أن (بعبول) يمارس النشاطين.. وعلى العموم يعد نشاط المصحة بسيطا ثانويا لا يثقل كاهله، فهو يتلخص في تقديم قرص سحري يسمى (فوٌار).. لا وجود لاسم تجاري عملي على غرار (باراسيتامول) أو (أسبيجك).. فقط كلمة (فوار) تستفزك فوق الغلاف اللامع للقرص..
كيفما كان مرضك، ففي فوار علاجك.. لدرجة أن بعض الفتيات قرروا استخدامه بدل حبوب منع الحمل، لكنه فشل في هذه النقطة.. وسأتحدث عن التفاصيل فيما بعد..
وبما أن هذا عصر التجاوز، فسنتجاوز المطعم والخزانة والنادي إلى أن نعود إليهم لاحقا.. سنتجه مباشرة إلى العنابر كي نمدد أجسادنا قليلا..
أنا أقطن بالطابق الأول لحسن حظكم، لذا لن تتعبوا للوصول إلى الطابق الثالث.. ما بكم تنظرون إلي بهذه الطريقة؟ لقد نشأت في بلدة صغيرة تعد فيها المباني ذات الطابقين ناطحات سحاب!!
لا داعي لإطالة الوقوف في الردهة المقابلة لبوابة الطابق، فمفعول صواريخ الهواء هناك قاتل..
إليكم خارطة الطابق: 犀利士
a9-%d8%b3%d9%8a%d8%a7%d8%ad%d9%8a%d8%a9-%d9%85%d8%b9%d8%aa%d8%a8%d8%b1%d8%a9/mara7id” rel=”attachment wp-att-847″>mara7id
نصيحة أخوية صادقة: اقطعوا أنفاسكم على طول الرواق الرئيسي الذي يمر بالمراحيض.. إنها تنظف مرة كل أسبوع تقريبا، وهذا كاف لجعلها منطقة تلوث إشعاعي، خصوصا مع الشباب الواعي المثقف الذي يمارس رياضة التبول عن بعد، والتي تتلخص في محاولة التصويب على ثقب المرحاض وأنت واقف على بعد متر من الباب..
ها قد دخلتم جناح (تيزنيت)، وها أنتم الآن أمام باب الغرفة.. سنحاول فتحها بهدوء لأن المقبض بدأ بالتشقق رغم أننا اشتريناه للتو.. لا أنا ولا (عبد الله) نملك أصابع هرقلية لو كنت تفكرون بذلك.. فقط هذا مثال عملي حي عن المثل الشعبي الذي يقول: “عند رخصو تخلي نصو”..
تفضلوا بالدخول!….

تابع القراءة: جولة سياحية معتبرة(2)

 

12 تعليق

الأريحية التحضرية في زمن العولمة الغربية..

العولمة..
في التلفاز.. في المذياع.. في الجرائد والصحف.. على الإنترنت.. على المقاهي.. في الحمامات ودورات المياه.. أصبح الأمر لا يطاق حقٌاً!!

لا أحد يعرف المعنى المحدد للكلمة، والكل يلوكها في حديثه في نفس الوقت!!
أنا سأقول لكم معنى العولمة.. انسوا السياسية.. انسوا الاقتصاد.. انسوا العبارات الرنانة من طراز الاجتياح الاقتصادي.. انسوا المقررات الجافة وتعريفات من طراز القرية الصغيرة التي لن يكون العرب فيها سوى النعاج ومن سواهم الرعاة أو الذئاب في أفضل الأحوال.. انسوا كل هذا.. العولمة هي كل شيء غير طبيعي يحدث حولنا!!

العولمة هي أن تدخل بيتك في منتصف الليل لتكتشف أنك أول الواصلين، وأن زوجتك لا تزال في عشاء عمل.. العولمة هي أن تحتاج لمرشح لقطات كي تستطيع مشاهدة التلفاز مع أسرتك بسلام.. العولمة هي أن توصل ابنتك إلى حفلة راقصة في التاسعة ليلا، وترجوها أن تعود إلى البيت قبل الواحدة حفاظا على سمعتك في البلد..

العولمة هي أن يكون الكلب الساخن هو وجبتك المفضلة مقدمة إليك من محلات (الأسطى) ماكدونالد.. والكلب الساخن هنا، لمن لم يتشرف بمعرفته بعد، هو ما يصطلح على تسميته بـ(الهوت دوغ).. هذه هي ثقافة التحضر الحق حسب آخر المعايير العالمية الأمريكية.. والدولة التي تعترض وتحاول الحد من هذه المظاهر ما هي إلا دولة متخلفة لا تستحق أن تعيش في عصر التحضر..

فلنترك كل هذا ولنلق نظرة على نافذة الشريحة الأكثر تأثرا بثقافة العصر.. دعونا ندخل أول مدرسة ثانوية تقابلنا.. أدر عينيك يمنة ويسرى! لقد تم فرض نظام اللباس الموحد منذ فترة قريبة لمحاولة الحد من مظاهر الفروق الطبقية.. هذا صحيح ويدل على بعد نظر كبير.. ففتياتنا يا سادة لا يجدن الدعم المادي الكافي ليسترن أجسادهن شبه العارية.. يبدو أن أزمة الأثواب قد وصلت إلى حد مستفحل حقا حتى مست أغنى الأغنياء في البلد.. فبعد أن كانت الفتيات يلبسن (الماكسي جيب).. ضاق الحال بهن فاضطررن إلى ارتداء (الميني جيب).. و حينما استفحلت الأزمة بشدة لم يجدن بدا من ارتداء (المايكرو جيب) وذلك حفاظا على ثروة الأثواب من الاستنزاف.. وأمام هذه الحال المزرية اضطرت الدولة إلى فرض اللباس الموحد في محاولة لكي لا تصل الظاهرة إلى مرحلة (اللا جيب)، و هي ظاهرة غير محببة إلى النفس خصوصا في بلد (((مسلم))) كبلدنا..

ولكن الضمير الحي لفتياتنا لم يترك الأمر يمشي على ما يرام، فقد أخذت الغالبية العظمى منهن لباسها إلى الخياطين، وطلبن منهم أن يختصروا ما استطاعوا وباقي الثوب حلال عليهم.. لذا فقد عمل الخياطون بكل حماسة طبعا وعادت (الميني جيبات) إلى الميدان من جديد..

والظاهرة غير الطبيعية التي عشتها بنفسي ولا زلت لحد الآن لا أصدقها هي أنه في إطار حملة الدولة للحد من مرض الإيدز، قامت بدورات توعية على مستوى المدارس الثانوية، وفي نهاية العروض كانت هناك حملات خيرية لتوزيع العوازل الطبية على المراهقين مجانا.. وهذا مجهود يشكرون عليه وسياسية فذة قد أثبتت نجاحها في الحد من نسبة المراهقين المصابين بالمرض، ونجاعتها في الرفع من نسب الفساد في آن واحد.. ومن دواعي السخرية أن نتحدث الآن عن شيء اسمه شرطة محاربة الفساد.. يبدو أن الشرطة من الآن فصاعدا ستدخل إلى بيوت الفساد، وتلقي القبض على كل المجرمين الذين لا يضعون عوازل طبية ويتركون المواطنين الشرفاء الواعين يمارسون حقهم المشروع في الحياة ما داموا يضعون العوازل.

من نوافذ الحياة سترى العجب!!
فعلى ماذا ستطل النافذة القادمة يا ترى؟
من يدري؟

5 تعليقات

شبكة مدونات مدارات

يبدو أنه قد حان الوقت لاتنازل قليلا وأقدم مجموعة الروابط الخاصة بمدونات شبكة مدارات..
منذ قرون والمحررون يتوسلون إلي، وخصوصا رئيس التحرير الهمام (على رأي داليا يونس )، وأخيرا استجبت لطلبهم بعد ان وقعوا على وصلات امانة وشيكات وطلبات ممهورة بتواقيع 125 موظفلا لاتقل مرتباتهم عن ثلاثة وعشرين قرشا وأربعة سنتيمات..

ماذا لدينا:

قصاص وكاتب صحفي مصري..مواليد القاهرة يناير 1948. عضو نقابة الصحفيين واتحاد كتاب مصر. حاصل على الدكتوراه في الأدب الروسي من جامعة موسكو عام 1992. عمل في الصحافة منذ عام 1964. عمل مراسلا لإذاعة (أبو ظبي) من موسكو خلال فترة الدراسة من 1989 حتى يناير 1998، ومراسلا لمجلات مصرية وعربية عديدة، ثم مراسلا لجريدة الاتحاد الإماراتية من 1991 حتى يناير 1998. متفرغ للعمل الصحفي. يكتب بانتظام عمودا أسبوعيا في جريدة أخبار الأدب المصرية، ويكتب لغيرها من المجلات العربية. مراسل مجلة الآداب البيروتية في القاهرة.

باختصار شديد: محترف المجموعة الذي نتشرف بأن نكون بجانبه في مكان واحد..

——————————————————
ثم نبدأ بالبيغ بوص، رأس الحربة، القاص والصحفي المغربي الشاب الذي لن يكف عن إبهاري يوما بكم المشاريع الخرافي الذي يخطط له.. يتمتع بأسلوب أدبي متمكن، وقد أنتج مجموعة قصصة مشتركة مع القاص عبد الواحد استيتو.. وهو يحضر لنشر المجموعة الثانية..

—————————————————–

مشروع فنان قدير، هو كذلك أصلا منذ الآن، يحملك معه عبر تصميماته وكاريكاتيراته إلى عوالم أخرى لم تكن تتوقعها.. تنظر لأعماله فتقول: تبا! أي حس فني يملكه هذا الشاب..
كاتب جيد يجيد فن الحديث عن الحياة.. يملك نظرة ثاقبة على مشاكل المجتمع، ويتمتع بأسلوب سلس بعيد عن البهرجة اللغوية المعهودة..

——————————————————

كريستوف كولومب المجموعة 😀

مغرمة بالتاريخ وبمسح الغبار المتراكم وراء أحداث قديمة، كي تستنبط لك ببراعة تحسد عليها تأثيرات ذلك على واقعنا وزمننا الحاضر..

الخلاصة: لو كنت تكره التاريخ فادخل الوصلة كي تحبه..

—————————————————–

قاصة موهوبة أخرى، موهوبة إلى حد لايطاق.. لست ادري لماذا كنت أقرأ لها القصص المشتركة فقط، الآن اتيحت لي الفرصة لمتابعة إبداعها كله لحظة بلحظة.. ومن الواضح أنها وضعت كل ما لديها في المدونة دفعة واحدة .. لا احد يطاردك يابنيتي، فخذي حساب أيام القحط الإبداعي وادخري..
لمن يريد ان يكتشف موهبة أدبية بديع نوه بها الروائي الشهير الدكتور أحمد خالد توفيق في محافل شتى.. إليكم الوصلة:

—————————————————

هذا ما لدينا لحد الآن، وجاري التحضير لمدونات أخرى من شبكة مدارات نعلن عنها حال بدء النشاط بها..

7 تعليقات

لم أعد أجد العنوان

وسط حملة تنظيف الغبار وجدت شيئا ما.. ربما أمكننا بشيء من العسر تسمتيه قصة قصيرة..
هذه فقط عينة من النوع الذي كنت أكتبه من القصص القصيرة قبل خمس سنوات حين كنت أبحث عن النهايات الغريبة..
الآن.. وبعد كل ما رأيت وقرأت، بدأت اكتشف أن نهاياتي حينها لم تكن مبتكرة للغاية كما كنت أظن 🙂

—————————————————————————————————————

تيت!! تيت!! تيييييييييييييييييييييت!!!
***
تضغط القدم على الدواسة.. تئن العجلات من شدة احتكاكها بالأرض.. و تنطلق..
عشرات السيارات تحوم حواليك مواكبة سرعتك..

***
خمسون كيلومترا في الساعة..

***
كل شيء على ما يرام..
تراقب الآخرين بعين خبيرة و ثقتك تزداد بازدياد السرعة..

***
تسعون كيلومترا في الساعة..

***

تنفسك طبيعي.. أعصابك باردة.. و تحكمك حديدي..
السيارات من حولك تبدأ بالتراجع..
إن محركك قوي بالفعل..

***
مائة و خمسون كيلومترا في الساعة..

***

تبدأ مشاعرك في التجرد مما حولها..
المسار.. السيارات.. المسار.. السيارات..
المرتبة الأولى..
الكأس..
لا شيء يهم بعدها..

***
مائتا كيلومتر في الساعة..

***

السرعة المشؤومة تقترب..
أنفاسك تتلاحق..
دقات قلبك تتسارع..
اضبط نفسك..
المسار.. السيارات.. المسار .. السيارات..
لا شيء بعد ذلك..

***
مائتان و أربعون كيلومترا في الساعة..

***

هذل هذه أصابعك التي ترتعد؟ أم أنه اهتزاز المقود الطبيعي؟
لو اهتزت المقود إذن فلماذا ترتجف شفتاك؟
ستظهر الآن..
أنت متأكد من ذلك..
إنها تفعل ذلك دوما..

***

مئاتان و سبعون كيلومترا في الساعة..

***

ها هي ذي أمامك تبدو من بعيد..
تحدق بك بعينين فيروزيتين كالزجاج..
لا بد و أنك ستصدمها حتما بهذه السرعة..
تضغط الفرامل بحركات متتالية سريعة كي لا تنقلب بك السيارة..
تهتز مشاعرك و تدمع عينيك و أنت تتصور الجثة تطير ممزقة كالعادة..
ذلك المشهد الذي طالما مزق هناء حياتك..

***
المسار.. السيارات.. الفتاة..السيارات.. المسار.. الفتاة..

***

لقد توقفت السيارة أخيرا..
ربما أسرع من اللازم بالنسبة لسيارة تسير بتلك السرعة..
لقد اختفت ذات العينين الزجاجتين..
لكنك متأكد من أنك لم تصدمها..
ثم انطلقت صيحة الظفر من حلقك..
تطلعت بابتسامة تهكمية إلى العداد الذي ألصقت به ترقيما خرافيا جديدا..
أزلت اللصقة ليظهر من خلفها العداد الحقيقي و الذي لا تتجاوز سرعته مائة كيلومتر في الساعة..
تنزل من سيارتك العتيقة و أنت سعيد بأدائك الرائع هذه المرة..
أجل.. أنت تصلح لذلك الدور بالتأكيد..
هذا ما ستثبته لهم في ساحة التصوير بعد طول غياب..
غياب نجم..

3 تعليقات