تجاوز المحتوى

الكاتب: عصام

مطاعم صفر نجوم

مقال الأسبوع بجريدة المساء المغربية

restau

تجربة المدارس الداخلية تكون ممتعة دوما، قاتلة في بعض الأحيان، مدمرة للمعدة على الأرجح. لا أذكر الكثير من التفاصيل الخاصة بأول مدرسة داخلية قطنت بها، لكنني حتما لن أنسى أدق التفاصيل الخاصة بالوجبات المقدمة هناك، على غرار هذه النوعية من المدارس في كل أنحاء البلاد.

الأطعمة المقدمة تكون دوما على غرار: قطع خيار ديناصورية الحجم منقوعة في مياه محلاة.. وشرائح لحم بقري (مع قدر لا بأس به من الارتياب)، ذات سمك شبه منعدم، ملتصقة بشرائح جلد ذات سمك وصلابة لا بأس بهما بما يكفي للإيحاء بالكم.. والهدف من هذا تقوية أسنان الطلبة وعضلات أذرعهم عبر حركات الشد التي تهدف إلى تجزئة الشرائح لتيسير المضغ.. طريقة الاستعمال: ضع جزءا بين أسنانك، وامسك بكلتا يديك بالجزء المقابل.. ثم شد بكل قوتك نحو الأسفل.. حذار أن ينزلق الطرف من بين يديك لأن اللسعة التي سيستقبلها وجهك لن تكون محببة إلى النفس. وحين تصل يداك إلى أقصى اتساع لهما دون نتيجة، يمكنك حينها الاستعانة بقدميك لمواصلة الشد.. لذا ينصح بغسلهما مع اليدين قبل الدخول.. كما يمكنك أن تبتلع الشريحة قطعة واحدة لو كنت لا تملك الوقت لهذا الهراء، وتترك للمعدة إكمال البقية..

هناك قطع الدجاج التي تعد أفضل ما كان يقدم، فقط لو وجدت قطعة يتفوق فيها وزن اللحم على العظم.. فقط عليك أن تتجاهل مشهد صدر العامل المشعر الغارق في العرق، والذي يصر على إبرازه وهو ينحني ليحضر لك قطعة الدجاج المطلوبة.. اعتبر قطرات العرق هذه كنوع من التوابل أو المخللات لتحسين المذاق، واحمد ربك أنك لم تلتق بذلك الكهل الذي كره الدنيا وكرهك معها.. لو كنت فعلت فلا تحاول اختيار القطعة التي تروقك لو كنت من النوع المسالم، فهو يقدم لك ما يريد هو فقط، ويرميه في صفيحتك كأنه يقتطعه من لحمه الخاص.. ولا بأس بنظرة ازدراء عابرة لإتمام اللوحة.. في فترة من الفترات اختفى العجوز لمدة لا بأس بها.. فتساءل أحدهم عن مصيره. وحينما لم يجب أحد، قال الفتى إنه يشك في أن اللحم الذي يقدمونه لنا مؤخرا هو لحم الكهل لأنه هرم بالفعل.

إن مادة الصودا عنصر أساسي في كل وجبة وذلك كي تطهى بسرعة، لكن الكمية التي يضعونها في (الحريرة) خرافية بالفعل.. وللصودا لمن لا يعرف تأثير منوم رهيب.. ففي المساء– ما إن تشربها – عليك أن تصعد إلى غرفتك بأقصى سرعة، وتحضر سريرك وتتمدد كي لا تسقط في غيبوبة النوم وأنت في الطريق..

وكما جرت العادة، لا بد أن تمتع أذنيك بدوي صوت سقوط العشرات من الصفائح الحديدية التي يوقعها عامل النظافة أرضا كنوع من التقاليد.. يمكننا بشيء من التسامح أن نشبهه بصوت قصف الرعد.. ماذا يفعل الرجل بالصفائح؟ طبعا يغسلها بالمياه الساخنة وبمكنسة.. نفس المكنسة طبعا هي التي يستعملها غالبا لكنس العنابر..

بالهناء والشفاء يا شباب!

4 تعليقات

مدونات جميلة

أحس بالسعادة دوما حينما أجد مدونة مغربية مختلفة.. مدونة ذات أسلوب مميز يبتعد عن كلاسيكية المدونات المغربية التي نتابعها جميعا، والتي تعتبر أن المواضيع القومية أو السياسية ومواضيع الرأي أو المواضيع التقنية هي الشكل الوحيد الممكن في المدونات.. أنا لا أنتقد هذه النوعية من المدونات بالمناسبة، وإنما أحب التنويع والتغيير..

اليوم أقدم لكم مدونتين مغربيتين مختلفتين، وأخرى مصرية:

مدونة نوفل: الرجل يتمتع بلمسة جميلة من التكثيف تجعله يقول ما يريد في أقل بكثير من المساحة التي يحتاجها الباقون (هذه التدوينة كمثال).. كما أنه يتمتع بحس ساخر جميل..

أسيرة أفكارها: مدونة ذات ملمس أنثوي جميل، مع لمسة ساخرة، مع أسلوب سلس بسيط جميل.. (هذه التدوينة كمثال)..مشكلة سيرين الوحيدة أنها لا تحدث مدونتها كثيرا.. نتمنى أن تبذل مجهودا أكبر..

مجاز مرسل: الرائع أحمد جمال غير مدونته موجة بحر لأسباب لن يفهمها سواه كالعادة، لكنه لم يحرمنا من متعة المواقف الرائعة التي يصورها ببراعة خرافية عبر هذه المدونة الجديدة..

هذا ما لدينا حاليا.. نلتقي بكم في نشرة أخبار الأدب القادمة..

فإلى هناك، عمتم (مساء/ صباحا/ بعد الظهر/ ساعة الفسق/ أي شيء…)..

11 تعليق

قواعد الكاميكاز

مقال الأسبوع بجريدة المساء المغربية
kamikaze

كان (الكاميكاز) اليابانيون يقتلون أنفسهم في سبيل تدمير هدف عسكري، وحينما انتهت الحرب العالمية الثانية تحول أغلبهم إلى سائقي تاكسي بطوكيو يقتلون الزبائن بسرعاتهم الجنونية.

بالدار البيضاء يقتلون الزبائن والمشاة وأنفسهم دون الحاجة إلى تربية عسكرية أو حرب عالمية.. هم يفعلون ذلك بالسليقة فقط.

كل من يقود سيارة بالدار البيضاء عليه مراعاة مجموعة فريدة من القواعد الأساسية المتفردة، كي يستطيع العيش مع هذه العينة من السائقين الذين صدروا عدوى طريقتهم بالقيادة للجميع:

  • القاعدة الأولى: قاعدة (القمقوم).. هذه أول وأهم قاعدة.. في أي وضعية كنت، في المحور، في تقاطع طرق، في وضعية أسبقية أم لا، احشر أنف (قمقوم) سيارتك أولا! هذا يكسبك حق الأسبقية بدون نقاش. تجاهل الصراخ الغاضب.. تجاهل أبواق السيارات.. تجاهل السباب الساخط الذي يتعلق بأنشطة والدتك الجنسية.. الأسبقية لديك بحق قانون (القمقوم).
  • القاعدة الثانية: قاعدة السيارة الأقدم.. كلما كان موديل سيارتك أقدم، وكان طلاؤها أكثر امتلاء بالشروخ، كان احترام الآخرين لك أكثر. بنفس مبدأ البلطجي الذي امتلأت خدوده بندوب الجروح الدامية، تكتسب سيارتك هيبة الخطورة أمام السيارات الجديدة ناصعة الألوان.

هنالك استثناءات في هاتين القاعدتين: السيارات رباعية الدفع (الكات كات)، وبعض أنواع السيارات السماوية ذات الأحجام الضخمة. ركاب هذا النوع من السيارات، القاطنون بأعالي طبقات (الستراتوسفير)، لا يروننا إطلاقا. فلا تحاول أن تتذاكى معهم بإحدى القواعد سابقة الذكر لو كنت ممن يهتمون بالمحافظة على ما تبقى من عمرهم ليعانوا أكثر في هذه الحياة السعيدة.

  • القاعدة الثالثة: الشرطي دوما على حق! كان الضوء أخضر أو أحمر، أكانت سرعتك تحت الحد الأقصى أو فوقه، الشرطي حفظه الله وأدامه نعمة على المواطنين على حق في كل قراراته. حتى لو أخبرك أنه أمسك بك فقط كي تدفع ثمن قهوته الصباحية، فكن دوما متأكدا أنك المخطئ. جهز دوما مجموعة أوراق خضراء مدها مع الكف المصافحة وابتسم كي تخرج الصورة جميلة.
  • القاعدة الرابعة: الإشارات البرتقالية (السينيالات) رجس من عمل الشيطان، فاجتنبه. لا أحد يستعملها بالمناسبة، فلماذا تحيد عن الموضة؟ ولو لم تكن أضواء التوقف (السطوب) أوتوماتيكية لنصحتك بعدم استخدامها هي الأخرى. الاختراع الوحيد الصالح في السيارة هما، المقود والدواسة فركز عليهما وانس أي شيء آخر..
  • القاعدة الخامسة: السيارات الأخرى يقودها مجموعة من المعتوهين الأنانيين الأوغاد. نصيحتي لك: «كن وغدا! كن أشنع الأوغاد وأكثرهم أنانية على الطريق!».

هكذا فقط تضمن أن تكون قيادتك بمدينة كهذه متوافقة مع القواعد المتبعة من الجميع. الله يعفو علينا جميعا!

10 تعليقات

مدونة جديدة

كلا.. لست من سيبدأ مدونة جديدة.. لا يوجد وقت.. فإما أن أصنع مدونة أخرى أقتلها بقلة النشاط، أو أقتل رئيسي بالعمل..

إنه صديقي الكاتب الجميل جمال، الذي افتتح رسميا مدونته بعد أن افتتحها من قبل لمجموعة من الأشباح تتضمنني وإياه..

جمال لا يهتم كثيرا بالتفاصيل الاجتماعية، لذا تلاحظون انه بدأ مباشرة دون أن يضع حتى اسمه.. دون أن يتحدث ببلاغة أولا، أو حتى يخبرنا من هو صاحب هذه الكلمات!
جمال ساخط على القوالب دوما، وأنا أحاول دوما إقناعه بأن بعض القوالب لا ينفع تجاوزها كي لا نصبح نشازا وسط المعزوفة.. يهز كتفيه ويتحدث عن أن "القواعد خلقت كي نتجاهلها"..

من سيقول أنني أعلن فقط عن مدونة صديق، فأنا أدعوه لقراءة أول ما كتب على مدونة جماليات، وليخبرني برأيه بمستوى كتابات وأفكار جمال..

7 تعليقات

تراجيديا!

مقالي بملحق الشباب الأسبوعي بجريدة المساء
targedi.jpg

صاحبنا موهوب.. أسرته أخبرته أنه موهوب.. أصدقاؤه أخبروه أنه موهوب.. (الكسال) في الحمام الشعبي أخبره أنه موهوب.. لم يتركوا له المجال إلا ليقتنع بأنه كذلك..

لم يكن موهوبا في الغناء، وإلا لكان قد أصبح مطربا حتما في زمن حولت فيه برامج المسابقات الغنائية الشعب كله إلى مطربين، وتركت نخبة بسيطة للعب دور المستمعين.
إنه موهوب لأنه يرسم البسمة على شفاه الجميع، ولا بأس بقهقهات بين الفينة والأخرى. صحيح أن الفنان الكوميدي بحاجة إلى ما هو أكثر من ذلك ليتميز احترافيا، ولكن حاول أن تقنعه بذلك بعد أن سجل اسمه في أول برنامج مسابقات كوميدي يقابله.

مقدم البرنامج يحاول جاهدا أن يكون ظريفا، ومتفرج في بيته يحاول جاهدا أن لا يخترق الشاشة ليهشم رأس المقدم. بينما يجلس الجمهور في الأستوديو على طاولات مستديرة مواجها المنصة بأسلوب الليالي الملاح الشهير. إنها محاولة ذكية لتهشيم انطباع جمهور الاستوديوهات الملقن الذي يعرف تماما متى يصفق، متى يصرخ، متى يضحك، متى يذهب إلى الحمام.

يجلس صاحبنا متوترا كقط، وصوت قلبه يكاد يصم أذنيه. أخبروه أن عليه، والمتسابقين معه، القيام بحركة حماسية خاصة كلما تركزت الكاميرا على طاولته، إمعانا في رسم جو مصطنع من الحماس. فكر في أن الحركة الحماسية الوحيدة التي يستحقها موقف كهذا هي حركة غير تربوية لن تروق المخرج كثيرا. وحينما تركزت الكاميرا عليه، ابتسم أشنع ابتسامة دبلوماسية ممكنة، ورسم بأصبعيه علامة الانتصار.. في حين كان بقية المتسابقين يتقافزون بجواره تعبيرا عن الحماس الشديد.

إنه دور صاحبنا.. لقد تخيل هذا الموقف كثيرا لدرجة أنه ظن أنه يمثل فوق الخشبة للمرة الألف. هنالك فقط مشكل بسيط: الجمهور لا يضحك في المواقف التي يجب أن يضحك فيها، ويضحك في مواقف لا علاقة لها بالكوميديا. لجنة التحكيم تبتسم في افتعال، والمتفرج الساخط في بيته يدعوا على البرنامج بأكمله.. وهو يتحرك في الخشبة كأفعى الجرس، ويتكلم بسرعة كأنه سيخرس إلى الأبد.. عرق وضحك وافتعال.. وفجأة سكت.. لحظات من الصمت، ثم ينتبه الجمهورإلى أن (الإسكتش) قد انتهى ويقومون بدورهم في التصفيق والصراخ.

لجنة التحكيم:
– (ابتسامة صفراء) زوين.. كلكم زوينين..
– (نظرة إلى ورقة تعليقات مجهزة مسبقا) تبارك الله عليك.. وسيم!
– (نظرة إلى الكرونومتر)عندك قدرات هائلة.. توقيت ممتاز..
كلكم رائعون.. كلكم أقوى من الهزيمة.. كلكم أطول من اليأس.. كلكم ناجحون.. كلكم أبو الحروف..
لكننا مضطرون إلى إقصاء البعض منكم.. هذا هو قانون المسابقة..

صاحبنا موهوب.. أصدقاؤه أخبروه أنه موهوب.. (الكسال) في الحمام الشعبي أخبره أنه موهوب.. لجنة التحكيم أخبرته أنه موهوب.. لذلك تم إقصاؤه من مسابقة (الزوينين).

7 تعليقات

ملاك حساس.. يا للكارثة!

حينما قرأت هذا المقال للكاتب المتميز د.أحمد خالد توفيق، صاحب الأسلوب السهل الممتنع، تذكرت أننا نعيش في دنيا مليئة بهذه النوعية من الأشخاص الحساسين.. تذكرن أن بداخل كل منا بذرة شخص حساس لا يفهمه الآخرون دوما..
قررت إذن أن أشرككم معي بالمقال المأخوذ من موقع بص وطل..

angel1.jpg

كلما تلقيت مكالمة من (سلمى) عرفت ما سوف تقوله على الفور.. لابد من العبارة التالية:
“آه يا ربي.. أنا مرهفة رقيقة وسط كون لا يفهمني.. لا أحد يفهم كم أنت حساس رقيق..”.

هذه نقطة مهمة لدى هذه النوعية من الفتيات: الكون ينقسم إلى من لا يفهمون، وهؤلاء الذين لم تلقهم بعد.. الذين لم تلقهم بعدُ ينتظرون دورهم كي يصيروا ممن لا يفهمون..
ـ “الصداع يوشك أن يقتلني”.
الصداع وآلام المعدة جزء من أسلوب حياة تلك الفتيات.. من خبرتي الطبية أعرف أنهن يصبن بالصداع قبل أن يعرفن أن لديهن رأسًا..

تمشي معي (سلمى) في الشارع فيجري وراءنا ذلك الطفل الحافي ممزق الثياب ويطلب منها بعض المال، فتشخط فيه وتحمر عينها حتى ليوشك الشرر أن يخرج منها.. ثم تواصل كلامها معي:
ـ “الناس قد تغيرت، والنفوس لم تعد كما كانت. لي صديقة كنت أحبها وتحبني، ثم تغيرت، ونقلت عني كلامًا كاذبًا لواحدة أخرى، وهذه الأخرى كانت قد نقلت عني كلامًا لواحدة أخرى غير الواحدة الثانية.. قالت عني كلامًا سيئًا لكنه وصلني عن طريق صديق”.

نقف على باب كافتيريا، هنا نرى قطة صغيرة تموء من الجوع ويبدو أن سيارة يقودها وغد ما قد هشمت ساقها الأمامية.. تقول (سلمى) وهي تفتح باب المطعم:
ـ “أنا أحب القطط الصغيرة؛ لأنني مرهفة الحس.. كنت أحكي لك عن صديقتي.. لا أعرف كيف سمح لها ضميرها بذلك، ولا كيف استباحته لنفسها. قطعت علاقتي بها لكن الجرح مازال ينزف…”

نجلس إلى مائدة في الكافتيريا وأطلب الساقي.. نرفع رأسينا للتلفزيون المعلّق هناك والذي يعرض مشاهد من نشرات الأخبار. هناك من يبكون ويصرخون والدم ينزف من جراحهم في حرب غزة.. ثم تنتقل الكاميرا إلى ضحايا حادث قطار ممزقين في روسيا.. ثم نرى مشاهد من اضطرابات كينيا.. يقول التقرير إن القتل والاغتصاب في كل مكان هناك..

أطلب من الساقي أن يحوّل القناة.. لو كنا قد جئنا هنا كي نتعذب فمن الأسهل أن نفعل ذلك مجانًا في بيوتنا، لكن (سلمى) تواصل الكلام وهي ترمق الشاشة:
ـ “لقد تخلى عني أعز إنسان عندي وهو من وثقت به جدًا، فنقل عني كلامًا محرّفـًا لطرف ثالث لا يهمك أن تعرفه.. وما أندهش له هو كون النفوس تتغير من لحظة لأخرى..”

ثم بدأ الدمع يتجمد في عينيها.. وهمست:
ـ “مشكلتي هي أنهم لا يعرفون كم أنا حساسة.. أبي لا يفهم هذا.. أخي لا يفهم هذا.. أنت لا تفهم هذا..”
عندما خرجنا أخيرًا بعد نصف ساعة كان رأسي يرتج من الداخل من فرط ما سمعته، وشعرت بأنه يَزِن طِنّيْن وأن ساقيَّ لا تتحملان وزن رأسي..

كانت القطة الصغيرة الجائعة تنتظرنا على الباب فركلتها (سلمى) ركلة قوية بطرف حذائها لتبعدها وقالت:
ـ “أنا أحب القطط والأطفال فعلاً.. أحيانًا أشعر بأنني ملاك مرهف جاء من عالم آخر إلى هذا العالم الذي يعج بالشياطين.. ألا ترى هذا معي؟”
(هذا المقطع من قصة قديمة لي ولا علاقة له بالواقع على فكرة!)
ثمة مقولة لأوسكار وايلد على لسان بطل من أبطال قصصه: “الإنسان الحساس هو الشخص الذي لأنه يشعر بألم في قدمه، لا يكف عن وطء أقدام الآخرين”. كالعادة هذا الرجل عبقري. لقد قدّر لي الحظ أن أتعامل مع عدد هائل من الحساسين في حياتي، وكنت أعتبر نفسي منهم في فترة من الفترات، لكني وجدت أن معظم الحساسين الذين نقابلهم هم أولئك الأشخاص المنغلقون على ذواتهم.. يلتهمون أنفسهم طيلة الوقت ويرونها محور الكون. مهمتهم أن يُشعروا الآخرين أنهم أوغاد وأن يمنحوهم الشعور بالذنب وعدم الراحة طيلة الوقت.. يمكنهم أن يسهروا عدة أيام يبكون من أجل كلمة غليظة قيلت لهم، وفي هذا نوع عارم من التلذذ الماسوشي المريض.. لكني تعلمت كذلك أنهم قد يرون طفلاً يموت جوعًا في نشرة أخبار فلا يهتزون شعرة، بينما كنت أحسب الشخص الحساس هو الذي لا ينام بسبب آلام الآخرين..

ها هو ذا الواحد منهم يجلس وحده حزينًا دامع العينين يتذكر في استمتاع مرعب كل الإساءات التي سببها الناس له.. كم هو رائع شفاف.. لا يوجد شيء جيد في العالم.. لا يوجد شيء جميل.. السعادة لا وجود لها على الإطلاق.. كم أن هذا رائع!.. كم أن هذا ممتع!

عندما أراجع المدونات التي تكتبها الفتيات أو الأسماء اللاتي يستعملنها في المنتديات وبرامج الثرثرة (الشات)، فإنني أندهش من الصورة التي ترسمها الفتاة لنفسها عندما تتخذ اسمًا.. الملاك الحساس.. بسكويتة.. القطة الشقية.. الحلوة..

نرجسية لا توصف.. وإعجاب بالنفس لا حد له. من الصعب أن تقنع نفسك بأن هذه الفتاة تخاطب نفسها وإنما تحسبها عاشقًا يغازل فتاة.. فقط العاشق هو من يطلق على حبيبته اسم (القطة الشقية) أما أن يطلق الشخص على نفسه هذا الاسم، فتصرف غريب يدل على أنه يعاني حالة عشق للنفس مفرطة.. والسبب معروف هو أن كل تلك الفتيات حساسات كذلك!، لهذا أحمل احترامًا شديدًا للبنات اللاتي يطلقن على أنفسهن أسماء مثل (بنت عبيطة) و(مصاصة الدماء) و(النبات السام).. إلخ..

ثمة صديقة أرسلت لي خطابًا مهذبًا تطلب فيه أن أكون لها صديقًا وأبًا، فرددت عليها بأنني أرحّب طبعًا.. هل يمكنك قول شيء آخر؟.. هنا جاء ردها: “هل فهمت ما أعنيه؟.. أنت كنت مهذبًا وبرغم هذا واضح أنني لا أمثل لديك أية أهمية!”.

رددت عليها في شيء من الحدة قائلاً: “أرجو أن تكوني مكاني.. لم نتبادل سوى خطاب واحد فصارت هناك مشاكل سوء فهم و (قعدات صلح).. إلخ. فعلا أنا مررت بهذا الموقف ألف مرة من قبل. قلت إنني سأكون أبًا لك وهذا يشرفني، لكنك تردّين بأنني لا أهتم.. طيب.. ماذا أفعل؟.. وفي النهاية أنا أعرف ما سينتهي له الأمر: كنت أحسبك تختلف عن الأغبياء الآخرين، لكن للأسف أنت مثلهم أو ألعن.. نفس الرسالة تلقيتها ألف مرة من قبل ونتيجتها واحدة حتمية. يذكر د. (عادل صادق) في كتابه الرائع (ألعاب نفسية) نفس اللعبة، ويقول إن نهايتها أن تشعر بأنك غبي لا تفهم والطرف الآخر يستمتع بشعور أنه حساس لا يفهمه أحد! بصراحة الحياة أبسط من هذا.. أنا تحت أمرك في أي شيء. فقط أتمنى من الشخص الحساس أن يرفق بالآخرين كذلك وأن يحاول أن يفهمهم ولو مرة كما يطالبهم بفهمه..”

الإنسان الحساس يدوس بلا توقف على أقدام الآخرين.. “لا أحد يفهمني.. كلهم أوغاد.. إن ما حدث لي هو شيء فريد لم يحدث مثله من قبل ولا من بعد”.. باختصار هؤلاء القوم مرهفو الحس هم زبانية الحياة الدنيا.. يعذِّبون المحيطين بهم بلا توقف..

ما سيحدث لك يا صديقي الشاب هو أنك ستبحث عن فتاة حساسة، وأنت تشعر بأنك الفارس الشجاع الذي سينقذها من كل هؤلاء الأوغاد.. بعد أعوام ستكتشف أنك قد صرت من هؤلاء الأوغاد!. لا تصدقني؟.. إذن نلتقي بعد عشر سنوات لتخبرني أو تخبر قبري بما حدث لك!

13 تعليق

كوميديا المغاربة المرعبة

comedia.jpg

ويستمر مسلسل إملال المشاهدين خارج شهر رمضان أيضا. ألفنا أن ندمج طقوس التعذيب – التي يمارسها علينا “الفنانون المغاربة” بمسلسلاتهم “الكوميدية” – مع طقوس الصبر ومجاهدة النفس الرمضانية. الآن أصبح علينا أن نصبر طيلة السنة، أو نتوب توبة نصوحا، ونقلع عن مشاهدة برامجنا الوطنية تماما.

من شاهد الحلقة السابقة من برنامج (كوميديا) على القناة الأولى يفهم تماما عن ماذا أتحدث. من المفترض أن يقدم البرنامج فرصة للمواهب الكوميدية الشابة لتتبارى فيما بينها، وهي في حد ذاتها فكرة لا بأس بها. المشكلة تبقى دوما في طريقة التنفيذ.

كل المتبارين تقريبا كانوا متوترين. أحدهم ينتصب مهتزا كأفعى الجرس، وآخر يبالغ في الحركة كأن هناك من أخبره أنه سيشل عما قريب، و آخر يتحدث بسرعة من سيخرس بقية حياته.. باختصار، الروتين المعتاد.. هذه أشياء متوقعة من مبتدئين تحت الأضواء للمرة الأولى. هنالك رائحة موهبة لدى البعض، لكن الحس الكوميدي العالي شيء صعب المنال.. كما أن الكوميديا الراقية النظيفة، الكوميديا العائلية التي لا تداعب أعضاء المشاهدين الحميمية، هي أصعب أنواع الكوميديا قاطبة.

أما مقدم البرنامج، فهو شخص ظريف حد الملل، ولم يتوقف قط عن الإيماء برأسه بآلية مع كل كلمة ينطقها كأنه ذراع صناعية في مصنع للتعليب.
لكن عنصر الكوميديا الأول بامتياز كان لجنة التحكيم: فبغض النظر عن أن لجنة التحكيم هي بحاجة إلى لجنة تحكيم، فإن (محمد الخياري) قد امتعنا بمجموعة فذة من النظريات من قبيل “الحبكة الدرامية” لـ(سكتش) أحد المتبارين، و كون هذا الأخير مسرحي أكثر منه كوميدي.. وهي نظريات لا نفهم في أي كتاب فني درسها حقيقة.. يجب على الرجل أن يفتتح مذهبا مسرحيا جديدا ينافس به المذاهب العريقة كمذهب (ستان سلافسكي) مثلا.

وهنالك السيدة (أمينة رشيد) التي – مع احترامي – لا علاقة لها بالكوميديا سوى مشاركتها في بعض الأعمال التي تدعي الصفة ظلما وعدوانا. والمشكلة هنا هي تعليقاتها المقتضبة التي تطلقها بمبدأ السحب العشوائي كيفما كان المرشح، وكيفما كان أداءه..

وفي النهاية هنالك (ياسين زيزي)، منتج البرنامج الذي لا نعرف شيئا عن المؤهلات التي تسمح له بالجلوس للحكم على المستوى الفني للمتبارين، والذي لا ينفك يلعب لعبة القط والفأر بمناوشات لا تنتهي مع (الخياري)، وهمه الوحيد أن على المتبارين احترام الوقت.

الخلاصة أن المتبارين “كولهوم زوينين” دوما، و “تبارك الله عليهم” أبدا، كيفما كان أداءهم.. سواء كان متوسطا، أو يرفع الضغط أويقصر العمر أو يقتل المشاهدين فقط.

حفظنا الله وإياكم من تراجيديا برنامج (كوميديا).

29 تعليق

I Dreamed a dream

حينما قرأت عن الموضوع لأول مرة لدى حمود، لم يكن لدي وقت لتحميل الفيديو ورؤيته.. لذا لم تترك كلمات شريف في نفسي أكثر من إعجاب بهذه السيدة.. لكن أن تقرأ شيء، وأن ترى وتسمع شيء آخر..
ألفت مؤخرا أن افطر فوق مكتبي قبل أن أبدأ العمل.. حملت الفيديو، وجلست أمضغ كسرات الخبز ببطء..
على شاشة الكمبيوتر تظهر سوزان.. مشاركة كبيرة السن بدينة مشعثة الشعر البد تبدو بطيئة البديهة بالفعل، ولديها توتر تخفيه بشجاعة رائعة لا تخلو من لمسة عته واضح.. سوزان تتحر على منصة برنامج Britain’s got talent، النسخة البريطانية من البرنامج الأمريكي..
لا زلت أمضغ، والجمهور يضحك.. ولجنة التحكيم تتهكم على المرشحة وعلى سنها.. والمثير أن مخرج البرنامج وضع موسيقى كوميدية مرافقة لحركة سوزان إمعانا في إعطاء التأثير المرغوب.. يسألها سايمون (منتج البرنامج وأحد أعضاء لجنة التحكيم) عن سنها.. تجيب بأنه 47..
ضحك وتهكم ومضغ..
-“ما هو حلمك؟”
-“أن أصبح مغنية محترفة..”
ضحك وتهكم ومضغ..
-“لماذا الآن فقط!”
-“لم تتح لي الفرصة من قبل.. لكن ها هي ذي الفرصة لأغير كل شيء..”
-“حسنا.. من هو نموذج النجاح الذي تودين الوصول إليه؟”
-“ألين بيدج”..
تهكم.. ضحك.. واحتساء قهوة..
تبدأ الموسيقى.. لحظات من الترقب المتهكم.. وانطلق الصوت الرائع!
لا ضحك.. ولا تهكم.. ولا مضغ.. توقف كل شيء للحظات، وانفتحت العيون على مصراعيها.. وشده من شده وصدم من صدم.. ثم ارتفعت الحناجر بالهتاف..
سوزان تخرس الجميع ثانية بعد أخرى.. صوت من أروع الأصوات وقوة أداء من أفضل ما يمكن عالميا..
وتتصاعد الموسيقى، ويتصاعد الأداء.. والدموع تظهر في مقل الجماهير.. حنجرة حكم تبتلع لعابه، وابتسامة خرس لا تستطيع مفارقته..
لقد حطمت سوزان شيئا عفنا ضخما بداخل الجميع.. ذلك الاحتقار الطبيعي لكل ما هو قبيح وغير كامل.. اختفت فجأة عبارة “ماذا تفعل هذه المغفلة البدينة القبيحة هنا!”.. هكذا ببساطة، ومن الثانية الأولى..
فاجأت دمعة غريبة تنساب من مقلتي شخصيا، وتذكرت استغرابي من قول شريف أنه بكي معها.. فابتسمت ساخرا من نفسي..
إن التطيهر النفسي ضروري بين الفينة والأخرى.. وما فعلته سوزان نوع من التطهير..
سوزان حلمت حلما، وغنته!
شكرا لك سوزان على هذه المشاعر!
شكرا!

5 تعليقات

المرض ممنوع!

مقالي بملحق الشباب الأسبوعي لجريدة المساء المغربية

medical.jpgنصيحة أخوية صادقة: إن لم تكن ابن فلان أو أن تكون فلانًا بنفسه، فلا تحاول أن تمرض في هذه البلاد السعيدة.
بداية، عليك أن تتعامل مع الشعور العارم بالأهمية، والذي يتمتع به حارس بوابة المستشفى الحكومي الذي تقصده. قد تحتاج في بعض الأحيان إلى شهادة طبية كي يقتنع هذا الأخير بمرضك، كي يسمح لك بالدخول للحصول على شهادة طبية.. حل أنت هذه الحلقة المفرغة!
حاول قبل كل شيء أن يكون مرضك في وقت مناسب.. لا تمرض في وقت الذروة، ولا في وقت المداومة الليلية ولا في وقت الغذاء، ولا بعد العصر، إلخ… امرض دوما في وقت مناسب.. مهمتك أن تبحث عنه..
لو وصلت في هذا الوقت، فربما وجدت ممرض الاستعلامات في مكانه.. وقد تحصل بشيء من العسر على ورقة عليها رقم ما، تاركا إياك تستنتج العلاقة الرياضية بينه وبين المصلحة الطبية المراد الوصول إليها..
وبعد أن تغرق في التوغل في مجاهل إفريقيا تلك، ستنتبه حتما بعد فوات الأوان إلى تلك العلامات و العبارات الموجهة التي تذكرك بالطرق السيارة، وقد تصل قبل أن تتوفى لو كتب لك عمر.
تصل أخيرًا أمام غرفة الطبيب، وهناك من المؤكد أنك ستجد الشعب كله بين الجالس والواقف بانتظار الدور.. تقف بدورك، و بمرور الوقت تجد نفسك جالسا فوق شي ما لا تدري كنهه.. ربما هي الأرضية الباردة .. تنام، وتستيقظ.. بجانبك امرأة حامل.. تضع حملها.. يكبر الطفل..يلعب بجانبك و أنت تتثاءب بملل..
أخيرًا يأتي دورك.. لا تدري كم قضيت في هذا المكان لكنك داخل غرفة الطبيب أخيرًا..
يسألك بضجر: «ماذا لديك؟»
تجيب: «لدي حمى و غثيان وأحيانًا أشعر بـ…»
يقاطعك أن «اصمت فقط فهمت».. يكتب فوق ورقة الدواء تشكيلة متنوعة من الأدوية.. تشكيلة كافية لعلاج نزلاء مستشفى كامل على ما يبدو.. لو كنت بحاجة إلى فحوصات أو ما شابه، فلا بد أن تكون قد حملت مذخراتك كلها معك لأنهم حذفوا كلمة العمومية التي كانت تلي «وزارة الصحة» من جهة، ولأنك بحاجة إلى (عصارة) قهوة كاملة لتحريك ملفك.. انتهى زمن القهوة الصغيرة يا أخي..
تتذكر قول صديق: إن الأطباء لا يعطونك الدواء الأرخص أو الأكثر مناسبة.. بل يعطونك الدواء الذي يرون وجه ممثل شركته بكثرة، حيث يتلقون المزيد و المزيد من العينات، والمزيد من الهدايا كالأوراق والأقلام وما شابه، بمجرد أن يرسلوا المزيد والمزيد من المرضى المطالبين بنفس الدواء إلى الصيدليات..
ستتوجه لأقرب صيدلية.. وبمجرد أن تطالع فاتورة الأدوية التي ستقـتـني سوف تشعر بالتحسن بالتأكيد.. وستتأسف عن عدم أخذك للدواء لأن الحاجة إليه انتفت..
لقد أصبحت منيعًا ضد جميع الأمراض..لن تمرض بعد الآن..

9 تعليقات

هؤلاء الرجال المحنكون

مقالي بالمحلق الشبابي الأسبوعي لجريدة المساء المغربية

mou7annak.jpg

الرجال المحنكون.. إنهم في كل مكان..
هم رجال وصلوا مرتبة اجتماعية أو سياسية أو أمنية لم يصلها أحد من وسطهم من قبل. وهم يعرفون هذه الحقيقة. لذا تجدهم يتعمدون التصرف ببراعة وحنكة دوما: يقفون بحنكة.. يتحدثون بحنكة.. يدخلون الحمام بحنكة..
الرجل من هذا النوع يبدأ يذاكر أبجديات السياسة الوصولية منذ بداية ظهور زغب شفتيه على استحياء. منذ كان يجلس في ذلك المقهى الشعبي المتهالك في رأس الشارع، ويضع قدما على قدم بخطورة، متجاهلا أن انقطاع الصندل ذو الأصبع الذي يرتديه ليس من الخطورة في شيء، اللهم إلا أن يسقط وتجش رأسه. لكنه رغم كل شيء يعرف أنه سيصل يوما. كل هذه الكائنات المتسخة المتخلفة التي تحيط به الآن هي السلم الذي سيتسلقه ليصل مبتغاه.
يجتمع بالطبقة البروليتارية الفقيرة، فيبدأ بالحديث عن أن الزمن زمن التغيير، وأن البروليتاريا في أوربا هي التي قامت بالثورة حتى وصلت إلى العدالة الاجتماعية. يخبرهم أنه قد آن الأوان لاختيار زعماء التغيير، ويقنعهم بشكل ما أنه أحد هؤلاء الزعماء.
يجتمع بطبقة التجار ليخبرهم بأن الطبقة المتوسطة هي مستقبل البلاد، وأن الحفاظ على مواردهم المادية وتطويرها هو المفتاح، وأنه بحنكته في المجالس البلدية سيحقق ذلك.
تجده داخل الحزب يصرخ والرذاذ يتطاير من شدقه بأن التنظيم أساس العمل الحزبي، وأن التشبيب ضروري للمشي قدما. يقولها وهو ينوي أن يعمر خالدا في المنصب الذي سيصله حتى يعتزل الدنيا.
أما الجهات الأمنية فتعاني على الأرجح من غزارة المعلومات التي يبعث بها متطوعا للحفاظ على أمن البلاد واستقرارها طبعا.
تجد الرجل عضوا بجمعيات لا تعرف لها نشاطا، وتحمل غالبا أسماء من طراز: “الجمعية الوطنية الديمقراطية لحماية الأطفال الرضع من التشغيل المتعسف والتنمية البشرية”. ففي هذا الزمن السعيد من الضروري إضافة “التنمية البشرية” لاسم الجمعية للحصول على الدعم المادي من المبادرة. كون جمعية “هواة جمع الطوابع البريدية والتنمية البشرية” وستكون لديك فرصة لا بأس بها بالحصول على الدعم.
الرجال المحنكون.. إنهم في كل مكان.. تجد الواحد منهم يتسلح بأعرض جبهة – )سنطيحة( في قول آخر – ويرتدي أكبرمقاس جزمة ممكن، على وجهه طبعا، و يطور لغة خشب أبنوسي معتبرة. فتجده في لقاء تلفزيوني يقول: “إن الإطار البنيوي للتنمية الديمقراطية بالبلاد ينبني على أسس من التواصل البيطبقي، خارج نطاق الحسابات الائتلافية”. هذا ما يسمى بالكلام الكبير! إنه يعرف تماما أن الإعلامية التي تستضيفه ستحرك رأسها علامة الموافقة، مع العلم أنه ذات نفسه لا يفهم كنه هذا “التواصل البيطبقي خارج نطاق الحسابات الائتلافية”.. ستتجاوز الأمر بسرعة لتسأله سؤالا آخر بعيدا تمام البعد.. فيجيب هو بمنتهى الحنكة والبراعة مجددا.
الرجال المحنكون.. إنهم في كل مكان.. لقد مللنا منهم حقا!

3 تعليقات