تجاوز المحتوى

الكاتب: عصام

Hight Tension.. فيلم لا انصحكم برؤيته!

تعليق خارج عن سياق الموضوع: أتمنى ان لا تتساقط الشهب، وتعصف رياح سوداء، وتقع زلازل في الموزمبيق، لان هذا هو العذر الوحيد الذي قد يبعدني عن المدونة مجددا في الوقت الراهن على الأقل..

—————–

Hight Tension أو Haute tension.. فيلم رعب فرنسي أو كندي -لست أدري بالضبط- لا أنصحكم برؤيته على الإطلاق.. وأنا لا أمزح هنا حقا!
الفيلم لا بأس به من ناحية الإخراج والتصوير حقا، لكنه -كفيلم فرنسي أو كندي- حاول أن يبرز كل شيء دفعة واحدة كي يثبث أنه فيلم رعب محترم لا يقل عن الأفلام الأمريكية في شيء:
الكثير من الصمت، حتى ليخل لي أن المخرج قد استغنى عن خدمات كاتب السيناريو تماما..
الكثير من الخلفيات الموسيقية التي تصيبك بالصداع، وكأن المخرج مصر على دمج كل ما أنتجته قريحة السينما بخصوص أصوات الرعب من النوعية التي تخرم طبلة أذنك من شدة الحدة..
الكثير الكثير من اللقطات والأفكار المنقولة من هنا وهناك، من أفلام كـ(جيبرز كريبرز) وغيره..
فياضانات من أنهار الدم حتى يخيل لك أن الشاشة ستنزف عند أول فرصة! وحينما نتحدث عن الدم، فلابد طبعا من أن ترافقه الكثير من الأطراف المبتورة والرؤوس المنزوعة وأشياء ممتعة من هذا القبيل..

القصة باختصار شديد تتعلق بفتاة تزور صديقتها في منزلهم الريفي بمنطقة نائية وسط حقول الذرة.. لاحظوا معي أن حقول الذرة تعد علامة مسجلة في أفلام الرعب الأمريكية، إذ أن كل المسوخ والكائنات المرعبة كلها لا تجد لها مستقرا سوى بأماكن مشابهة..
تستقر الفتاة الهادئة الوديعة في غرفة نومها مستمعة للواك مان الخاص بها، حينما يقرر شخص ما أن سصل إلى بوابة البيت ليلا بشاحنته الغريبة، ويطرق الباب بقوة.. وحين يفتح رب الأسرة الباب، يقرر الزائر لسبب من الأسباب أن يفقأ عين الرجل ويقتحم المنزل، ثم يطير رأس الأب بتقنية مبتكرة لا داعي لوصفها حرصا على شعور الفتيات الرقيقات..
وطبعا لابد للأم، ولسبب من الأسباب، أن تموت أيضا ميتة بشعة ملئية بالسوائل الحمراء كالعادة.. ثم، ولسبب من الأسباب أيضا، لا يسلم الطفل الصغير من الموت ببندقية صيد قديمة. وطبعا سيترك المخرج الفتاة وصديقها كي تعيشا، وذلك لكي يستمر الفيلم.. فلا يعقل أن يبقى الرجل وحيدا يرمق الكاميرا بغباء.. ثم من الذي سيضمن لنا ان لا يخرج للمشاهدين كي يكسر الملل وكنوع من التجديد..
المهم أن الرجل سيختطف صديقة الفتاة أي ابنة الأسرة، ويأخذها في شاحنته.. وطبعا للزيادة في التشويق عليه ان لا ينتبه للفتاة نفسها والتي كانت تجول في البيت كيفما تشاء وهي في غاية الرعب لما تشاهده أمامها.. ثم بعد ذلك، ولنفس الأسباب المجهولة، هنالك الكثير من المطاردات، والكثير من الـ(آآآآآآآع) والـ(أووووووووع) لزوم التشويق.. والكثير من الدماء لزوم الإرعاب.. ثم هنالك قاطعة الخشب التي تعمل بمحرك، ولا داعي للاسترسال..
وفي النهاية، وكنوع من التجديد القديم، لابد أن نكتشف أن ذلك الرجل الخشن الخلقة الشنيع البشع هو نفسه الفتاة الوديعة.. حقا كانت مفاجأة لابأس بها، لكن الجو العام للفيلم لم يسمح بالانتشاء بها..
الخلاصة أنه فيلم مقرف بالغ في كل شيء حتى أنني أفكر جديا في الدعوة بخراب البيت على المخرج..

وبهذه المناسبة، هذه مجموعة مقالات للساخر المبدع د. أحمدخالد توفيق، تعطيك حلولا عبقرية فذة للنجاة لو كنت أحد أبطال فيلم رعب.. وهي عبارة عن مجموعة من الملاحظات الذكية التي تجمع لك بشكل كوميدي فذ كل تيمات أفلام الرعب الشهيرة:
دليل النجاة لأبطال افلام الرعب

دليل النجاة لأبطال افلام الرعب2!

دليل النجاة لأبطال افلام الرعب3!

12 تعليق

غياب جديد..

يبدو أن سنة النحس هذه لا تريد أن تنتهي بسرعة..
حسنا.. يبدو انني اختفيت وسأستمر بذلك إلى حدود 23 من هذا الشهر..

هذه التدونية فقط لطمأنة بعض الأصدقاء الذين سألوا عن غيابي..

تحياتي

1 Comment

علم يحرق.. وزارويط ترفع.. وتمارين رياضية إجبارية..

الرباط..
مدينة العرفان..
الساعة الحادية عشر ليلا..
منع رجال الشرطة سائق سيارة الأجرة التي أستقلها من تجاوز بوابة العرفان. فأنقدت السائق أجرته وأنا أتوجس خيفة، وعلى أتم اليقين أنني لن أمر من المنطقة بسلام.
العارفون بالمنطقة يعلمون أن وصولي للمعهد الذي أدرس به يستلزم مروري الإجباري ببوابة الحي الجامعي السويسي. تلك البوابة التي كانت البواجهة المقابلة لها ملغمة برجال القوات المساعدة (رجال مكافحة الشغب)، وكرواتيا (هذه لا أجد لها وصفا مناسبا)..
لم يكن لي في الأمر ناقة ولا حتى صرصار. بل لم أعرف أصلا ماذا يحدث وما سبب هذا الإنزال.
كان الوضع مستفز الهدوء، والقوات والطلبة يتراشقون بالنظرات. فقررت أنني لن أنتظر اشتعال الأمور، ومررت بكل صفاقة من أمام رجال الأمن وكأنني اللورد كرومر في أيام مجده. كنت قد حسبتها بمعادلة بسيطة: من الأفضل أن لا أكون في صفوف الطلبة مباشرة وقت الهجوم.
لم أكد أتجاوز رجال الأمن، والذين كانوا حتما قد حولي جسدي إلى غربال من شدة التحديق بوقاحتي، حتى سمعت صوت انفجار صغير قادم من جهة تجمع الطلبة، وشممت رائحة احتراق غريبة.
ذلك كان إيذانا ببدء الهجوم الكاسح!
اهتزت الأرض من تحت قدمي، فالتفت لأجد ثورا آدميا يندفع نحوي.. وقد كان هذا آخر مشهد لرجال الأمن رأيته. بعدها كنت قد وصلت إلى المعهد الذي يبعد بقرابة النصف كيلومتر عن مكان الواقعة. لم أكن أعرف أن بإمكاني المنافسة على اللقب الأولمبي لمسافة للنصف كيلومتر طيرانا، وليس ركضا، إلا لحظتها.
هذا عن قصتي الصغيرة!

نأتي الآن لما حدث بعد أن فررت بجلدي..
طبعا كان لابد من اقتحام للحي الجامعي (السويسي 2) كالعادة، وهذا تقليد متعارف عليه! التجديد الحق هنا هو اقتحام حرمة معهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة (IAV)، وهي سابقة خطيرة لم نسمع بها من قبل. فمن المعروف أن دخول القوات المساعدة لحرم جامعي أو دراسي يتطلب موافقة مدير المكان على الأمر، وهو الأمر الذي يوفره مدير الحي الجامعي السويسي عن طيب خاطر، لعجزه المزعوم عن السيطرة على الأوضاع. لكن مدير معهد مرموق كمعهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة، الذي لم يكن لطلبته علاقة بما يحصل، لم يكن قط ليعطي مثل هذه الموافقة. وهذا يفسر عدم اتلاف الممتلكات والأبواب، والاكتفاء بتهشيم رؤوس من يتجول في أروقة المراقد. هكذا لن يوجد إثبات على اقتحام القوات للمكان..

وطبعا لا داعي للحديث عن (الكامبوس) ومقاهيه، وما حصل بها بعد أن طوق المكان إلا مخرج وحيد تأخر رجال الأمن في محاصرته، فأفلت منه من كان هناك، سواء طلبة أو موظفون!

وجدير بالذكر أن هذه المواجهات، إن كان يمكننا أن نسميها كذلك، نتجت عن حرق بعض الطلبة الصحراويين للعلم المغربي، وهو ما يعد جريمة ضد الدولة بعد أن صادق مجلس النواب على الأمر.

هناك سؤالان يفرضان نفسهما حاليا:
ما علاقة كل من هشمت عظامه من طلبة وغيرهم بعيدون كل البعد عن بؤرة الأحداث بما يجري؟
كيف نريد للطلبة الصحراويين أن يحسوا بالانتماء لبلد يشج رجال أمنه رأس مواطنيه كنوع من الترفيه؟!

لست أنكر أن لا معنى حاليا لما يفعله الطلبة الصحراويين كحرق علم بلدهم، ولا أنكر أن هذا يبدو لي كنوع من الحنين إلى شيء من (الأكشن) المفتقد، ولكن يبدو لي أن الترفيه متبادل أيضا مع رجال الأمن الذين يستغلون الفرصة لبعض التمرين العضلي المفيد للصحة..
صحتهم طبعا!

8 تعليقات

تحية عودة، وحديث عن عرب الجنس، وإعلان عن تفعيل العضوية بالمدونة..

أخيرا انتهيت من الامتحانات! وهذا ممتع!
لا تزال هناك فترة تدريب، لكنها بعد شهر على الأقل.. وهذا رائع!

أخبرت الجميع أن لا يوقظوني قبل أن تقوم القيامة على أقل تقدير، لأنني كنت قد قررت أن أنام لسنوات قادمة كي أعوض تعبي! لكنني فوجئت بنفسي اليوم أستيقظ في الثامنة صباحا تماما كالمنبه!

على العموم، أنا الآن في مركز الحاسوب أستغل خواءه في التحميل، وأشعر بسعادة غامرة لعودتي للحياة الطبيعية البشرية.
لو سمعت من يقول، بعد هذا، أن المهندس شاب محظوظ يحصل على المناصب ببساطة، فسأفقؤ عينيه!

حسنا.. لم أكن أظن يوما أنني سأفَعٌٍل خاصية ضرورة الاشتراك بالمدونة قبل التعليق لأنني لما أكن أرى لها من ضرورة، إذ أنها قد تشكل عقبة أمام التعقيب لمن يريد القيام بذلك سريعا دون تعقيدات.. لكنني فعلتها كما تلاحظون.. والسبب في ذلك قد يفهمه متابعوا المدونة في الأيام التي غبتها. فقد عدت لأجد العشرات والعشرات من التعليقات التي لا علاقة لها لا بالأمم المتحدة ولا بوزارة الأوقاف! فقد قرر البعض أن المدونة ستصبح مرتعا للاشهار للمواقع الإباحية، ومكانا لنشر قصص جنسية باللغة الإنجليزية. وكل هذا راجع لسبب بسيط هو تعقيب فتاة باسم لوليتا (ولن أكتبها بالإنجليزية كي لا أكرر المأساة). فماذا حصل؟ كل من يبحث حول هذا الاسم، مع بعض الإضافات والمحسنات البديعية التي لن تخفى عليكم، يجد نفسه في المدونة هنا، ويظن أننا عرب الجنس الفطاحل، فيقوم بوضع إعلان محترم عن أي موقع يروقه.
كنت في البداية أقوم بمسح المشاركات وحظر الوصلات، إلا أن تنوعها وعدم قدرتي على الاتصال بالنت طوال اليوم، جعلوني أقرر اللجوء لهذا الحل الأخير..
لذا أرجو من الراغبين بمشاركتنا بآرائهم عبر المدونة أن يتحملوا العناء البسيط للتسجيل.. والله لا يضيع أجر المحسنين! 🙂

تحديث:
قمت بتبيث فيلتر التعليقات الذي اقترحه م.س.احجيوج في موضوع تجنب خطر السخام وألغيت خاصية إجبارية التسجيل للتعليق حاليا، رغم أن أغلب التعليقات التي تحدث عنها لم تكن عبارة عن spam بالدرجة الأولى..
لكن لا بأس بالتجربة مع الشكر لاحجيوج.

9 تعليقات

فن تضييع الوقت

يا الله كم نحن محترفون في تضييع الوقت. أنا أعترف أنني خبير عالمي في هذا المجال. هذه التدونية مثلا مناسبة فذة لتضييع بعض الوقت هروبا من ضغط امتحان الغد الذي لم أنته بعد من المراجعة له، لكنني وجدت الوقت الكافي لآتي إلى مركز الحاسوب، وأتصفح مدونة سردالالتي لم أزرها منذ فترة، وأقرأ بها جديد المواضيع، محاولا إقناع نفسي أن لا ضرر من ذلك إذ أنني أفعل شيئا مفيدا.

في الكتاب الشهير إدارة الأولويات لستيفن كوفي نجد حديثا عن أربعة نطاقات للمهام التي علينا تنفيذها: العاجل والهام، غير العاجل والعام، غير الهام والعاجل، وغير العاجل غير الهام..
كتشفت مؤخرا أنني ألعب بكفاءة في نطاقين من أسوإ النطاقات الممكنة: الهام والعاجل، وغير العاجل غير الهام. بمعني أصح، أنا مدمن طوارئ ومدمن ممارسة فن تضييع الوقت فيما لا يفيد. وبالتأكيد مادمت هكذا فلن أكف عن الصراخ بأن لا وقت هنالك.

لم أضف جديدا في الفترة السابقة للمدونة بسبب دخولي في دوامة الامتحانات، لكنني لو كنت قد استثمرت وقت المجال الرابع (غير العاجل غير الهام) في المجال الصحي الثاني (العام غير العاجل) لما وقعت في مأزق الطوارئ الذي يرمي في النطاق الأول.

سأنهي الكتاب لاحقا حتما، وحينها سأقدم ملخصا عمليا في سلسلة مقالات لأفيد وأستفيد، علي وإياكم نفر من حاجز السلبية الخانق الذي يعاني منه الغالبية العظمى.

10 تعليقات

صحافتنا الجريئة تختبىء خلف ظهر الحصانة البرلمانية

من الرائع أن نرى بعد مرور أيام ان جريدة مستقلة كجريدة الصباح قد بدأت تتحدث عن السلب والنهب الذي حصلا في واقعة السويسي، ومن المفرح حقا أن نسمع الحديث عن خلع لملابس القاطنات وتهديدهن بالاغتصاب وكل هذه الحقائق التي مللنا من تكرار الصراخ بها..
كل هذا بعد ثلاثة أيام من الحوادث، وفقط بعد تفضل نائب برلماني بقص شريط البداية بالحديث المباشر عن الموضوع بعد ان طرح سؤالا كتابيا عن الموضوع على وزير الداخلية..
ولكني كاتب الموضوع السيد (رضوان الرمضاني) لن ينسى قط أن يدخل عبارة جوهرية في السياق… تلك العبارة العتيدة التي ألفناها من الوسائل الإعلامية البصيرة والتي يقولون بها ما يريدون دون أن يستطيع أحد يعرضهم لاختبار البيبسي.. عبارة “على حد تعبيره”.
وطبعا لن ينسى الكاتب الجريء أن يضع الجملة المعنية بالتعبير، وهي (التدخلات القمعية)، بين علامتي اقتباس..
المعنى واضح ومباشر: النائب البرلماني من قال وليس أنا.. فأرجوكم لا تقولوني ما لم أقله.. انا مجرد ناقل أمين للأخبار..

ويبدو أن الجريدة المذكورة ستستمر بالاعتماد على الصحفي الساخر (رشيد نيني) لأجل ضمان استقرار مبيعاتها، إذ أن الشعب المغربي كله يشتري الصباح لأجل عمود ثابت في صفحتها الأخيرة، يتمتع بقراءته، ويضحك على واقعه المر، ثم يرمي الجريدة لتستعمل في الأغراض التي تعرفونها جيدا..

على العموم، لا زلت من قراء نيني، ولا زلت أراه أجرأ صحفي بالبلاد، رغم تأخره بدوره في النشر، وانتظاره للصفارة البرلمانية.. لكن لا بأس.. كلنا في المغرب مكرهون..

42 تعليق

حادثة السويسي تعرض في البرلمان..

وصلني من مصادر متطابقة أن واقعة الحي الجامعي السويسي قد تم طرحها أمام البرلمان من طرف نائب من حزب العدالة والتنمية..
الشهود يؤكدون متابعتهم لهذا المقطع من جلسة النواب الذي يبث يوم الأربعاء مساء على الهواء مباشرة بالقناة الأولى..

النائب البرلماني الذي لم يتذكر أحد اسمه، تحدث عن الواقعة ببعض تفاصيلها، وطالب بالمساواة في التعامل مع المواطنينن سواء كانت شخصيات سامية أو مواطن عادي، ومعاقبة المخطىء وفقا للقانون الملزم للجميع..
وبعد تدخل النائب البرلماني انقطع البث كما يحدث دائما قبل انتهاء الجلسة المطولة، ولكن هذه المرة تبدو المسألة مثيرة حقا لأننا نجدها مباشرة قبل ان يجب الوزير المعني بالأمر عن السؤال..

طبعا لا أؤكد رؤيتي الشخصية لهذا الحدث، لكن الشهود أثق بصدقهم..

12 تعليق

بدون عنوان

قبل قليل كنت قد حذفت التدوينتين الأخيرة وكلي خزي وأسف.. وذلك لسببن اثنين:

– عوامل شخصية لست في حل من ذكرها..
– معلومات مغلوطة على ما يبدو حصلت عليها من احد طلبة المعهد..

جالسا في غرفتي أفكر، اتصل بي احجيوج والزبد يقطر من شدقيه..
الحقيقة انني كنت قبل ذلك مباشرة ممزقا بين البقاء في الغرفة والعودة لإعادة الموضوعين..

الأمر ليس خوفا كما يمكنك متذاكين منكم أن يستنبطوا، بل هو يتعلق بالدرجة الأولى بالأسباب الشخصية التي قلت انني لن أذكرها..

على العموم لم يكن ضميري ليرتاح، لولا انني عدت الآن لاعادة الموضوعين..

وإيكم وصلة ثورة احجيوج بدوره على الأحداث: http://mshjiouij.blogspot.com/

10 تعليقات

أحداث السويسي.. صور ومقاطع فيديو وتعليق..

قبل أن تقرؤا بقية المقال، حملوا هذا الملف أولا .. واقرأوا المقالة السابقة: فيلم أكشن مرعب واقعي
شاهدو الصور والأفلام، ثم تعالوا لتكملوا القراءة..

ملحوظة: تستطيعون قراءة الأفلام ذات الصيغة .3gp باستعمال برنامج QuickTime..

الصور ملتقطة من الحي الجامعي بمخدع الفتيات.. وضعوا ألف سطر تحت كلمة الفتيات هذه.. فكل التخريب الذي ترونه استطاع رجال أمننا البواسل فعله في مخادع الفتيات فقط..
من الواضح أن مسمى “قوات مكافحة الشغب” لم يعد يناسبهم حاليا.. ما رأيكم بأن نحذف كلمة مكافحة من العبارة.. هكذا سيبدو الأمر مقبولا تماما..

تقول الشهادات الحية لفتيات تعرضن للهجوم، أن هؤلاء اقتحموا المخادع بدون إنذار، والحجة طبعا هي أنهم يتعقبون الفتيان الهاربين..
اقتحمت الأبواب بقوة هرقلية كما ترون في الصور، والفتيات بالداخل مرعوبات.. بعضهن تم جرهن من شعورهن، وهذا منظر رآه طلبتنا من شرفات المعهد.. بعضهن تمت محاولة سرقتهن، سؤاء ساعات او ما شابه..
فتاة حاولت منع رجل من أخذ جهاز كمبيوترها المحمول فرماه هذا الأخير من النافذة.. وهذا رآه شباب المعهد أيضا حيث قذف العديد من الكمبوترات المحمولة من النوافذ..
ثم إن الصور توضح لكم ما كان مصير الحواسيب الكبيرة..

تحدثت بالأمس عن الفتى الذي رمي من الطابق الرابع.. الحقيقة أنني كنت مخطئا.. فقد قفز المسكين بإرادته من بعد ما حاصره مجموعة من الوحوش الضارية وانهالوا عليه ضربا..
ما أنا مأكد منه الآن، هو أن هناك فتى آخر تم رميه حقا من الطابق الثالث.. شيء عادي طبعا..

من الأكيد أن السبب الوحيد للحركة التخريبة الواسعة من طرف رجال الأمن سببها المباشر إيجاد سبب مقنع لاختراق لاقتحام الحرم الجامعي الذي لم يعد حرما بل أصبحا خُرما تخترقه إبر السلطة متى أحسوا بالملل..

تلاحظون في أفلام ذات الصيغة 3gp ما تم تصويره من شرفات السويسي 1 الخاص بالذكور، حيث يظهر عجز القوات المساعدة عن التقدم السريع داخل الحي بعد المقاومة العنيفة للطلبة بالحجارة..

الأفلام غير واضحة لأن التصوير ليلي بأجهزة المحمول فقط.. لدي الكثير من الأفلام التي لا يمكن ن يستنبط منها شيء..

تلاحظون أيضا في بعض الصور أن القوات المساعدة بقيت متأهبة في اليوم التالي، أي أمس، راكنة سياراتها بانتظار بداية المرح مجددا..

وقد قامت مع بداية المساء بفرض حضر تجوال حقيقي على طرقات مدينة العرفان بأكملها، وذلك بعد أن حاول الطلبة تنظيم بعض المظاهرات..

وطبعا كان هناك معتقلون.. سأحاول أن أصل إلى معلومات عما حصل معهم لاحقا..

أما الصحافة الوطنية فلست ملما بما نشر بها، اللهم إلا من ما نشرته جريدة الصباح في هذه الصفحة، والذي مر برأيي مرور الكرام بعبارات بسيطة على بشاعة الاقتحام الذي حصل لغرف الطالبات.
حملوا المقالة هنا.

15 تعليق

فيلم أكشن مرعب وواقعي

رغم أن السينما المغربية قد أثبتت هزالة مستواها في (الأكشن)، إلا أن سينما الواقع المغربي أعلنت عن طفرة خرافية أمس بمدينة العرفان الجامعية بالرباط..
لا زلت لحد الآن لا أستطيع تصديق مجريات الأحداث الأخيرة.. ولا يزال الجميع يتحدثون تحات تأثير الصدمة..
بدأ الأمر، بعد صلاة العشاء، بحادثة سير من النوع الذي لا نراه سوى على شاشات السينما.. سيارة مرسيدس يقودها صبي لا يجاوز السادسة عشر من عمره، مرافقا بأصدقائه، قامت باختراق أسطوري لسيارة أجرة صغيرة أمام الحي الجامعي.. ففي الوقت الذي استغرقته المرسيدس للوقوف وإخراج أكياس الحماية الهوائية، كانت سيارة الأجرة قد أخذت وقتها الكافي في أن تطير في الهواء لتلتف مرات عديدة، ويخرج الطالب الراكب من النافذة طائرا بدوره.. قبل أن تستقر السيارة في وضع كارثي، بعد أن توفي سائقها، وبقي راكبها خارجا في طور الاحتضار..
إلى هنا يمكن اعتبار الأحداث عادية قد تحصل في أي مكان رغم شناعتها.. لكن صدقوني.. لقطات (الأكشن) الأروع لم تبدأ بعد..
فبسرعة لم نألفها قط في وسائل امننا، كان المكان قد أحيط برجال الشرطة والمفتشين.. وكان والد الصبي السائق قد وصل ووسط ذهول الجميع تم استبدال السائق الطفل كمتهم بمرافق للوالد.. وذلك أمام عيون عشرات بل مئات الطلبة الذين يشاهدون المشهد.. وبع المشاهدين أكدوا أنهم رأوا الشرطة تخرج بعض قنانين الخمر من السيارة، في حين تجاهلوا تماما حالة الصبي السكران الذي خرج من السيارة بعد الفعلة مبتسما كأن شيئا لم يكن..
ولأننا في العرفان، ولسنا في منطقة شعبية ذات سكان بسطاء لا يحركون ساكنا، قامت ثائرة الطلبة، وبدؤوا يرشقون الشرطة بالحجارة في محاولة منعهم من نقل السيارة وإتمام المر بهذا الشكل..
فماذا حدث؟
بسرعة كبيرة، وبدون إضاعة وقت، تم إنزال جيوش من رجال مكافحة الشغب الذين لم يكتفوا بالسيطرة على الوضعية أمام الحي، بل قاموا بعملية هجوم مكثف على الحي ذاته، يصافحون كل من وصلتهم أيديهم وهراواتهم وأقدامهم.. ولم يكن ذلك كافيا.. فقد تم اقتحام الأروقة والغرف، وتكسير كل الأبواب.. واختلط الحابل بالنابل، كي تبطش يد (((حماة القانون)))) بكل من تواجد هناك سواء له علاقة بالموضوع أم لا..
وطلبة المعهد واقفون نراقب المشهد من داخليتنا من بعيد رأينا ما لم نفهمه على الاطلاق.. أجل! تم اقتحام حرمة الفتيات في غرفهم أيضا، وتم تكسير كل ما وجد بها حتى انك ترى أجهزة الكمبيوتر تطير محلقة بقدرة قادر.. ثم المشهد البديع لرجل أمن يمسك ثلاثة فتيات من شعورهن دفعة واحدة.. اثنتان في يد والأخرى كي لا تبقى اليد الثانية شاغرة.. ثم المشهد المؤثر لطالب معاق قفز بمعجزة عبر حائط عال ليصل إلى معهدنا طالبا الرحمة من هراوات لا تميز..
قفز مئات الطلبة غيره فارين من الاجتياح الغريب غير المفهوم، والكل لا يزال يصدق أن كل هذا بسبب صبي سكران في السادسة عشر من العمر!
كل هذا حدث بين التاسعة ليلا والخامسة من صباح اليوم.. ولخيالكم الواسع أن يتصور فداحة الأحداث..
ولا يزال الوضع متوترا حاليا في الأجواء، ولا احد يدري كيف ستكون ردود الأفعال..
هذا لو لم يتم كتمها..

أشعر ان هذا المقال أتى متخبطا.. لكن ذلك يعكس حالتي النفسية الحالية..
انتظروا بقية التفاصيل حالما يصلني جديد..
هذا لو لم تصل يد أحدهم إلي لتبطش بي بدوري..
من يدري فبعد ما رأيناه أمس، لا زلنا نتساءل عن كنه الصبي وعن رفعة مكانة أبيه في البلاد..

تحياتي..

23 تعليق

ظلال في جدران الزمن (5) (النهاية)

الفصلان السادس والسابع

الفصل الثامن
——————-

وجلسَت وحيدة على طرف المقعد, واعتراني الحنق منها ومن تصرفاتها الصبيانية. لكني لم أكن غاضبا حقا, لماذا أغضب مادامت هي الوحيدة التي تمكنت من إحياء روحي الذابلة. ومضيت أبحث عن زهرة بين الأعشاب الصفراء الجافة, وعثرت على واحدة فعدت أدراجي..
-أغمضي عينيك!…
-لماذا؟
-لا تكوني لحوحة, أغمضي عينيك فحسب..
ومددْت يدي إلى شعرها, وأدهشها ما فعلت بعدها. جثوت على ركبتاي ومددت يدي نحوها بطريقة مسرحية وتراخت الزهرة في قبضتي كأنها جسد ميت.
-ماذا تفعل؟
-انتظري!..
وزرعت الزهرة في شعرها, دنوت من خدها فلثمته. ولما تقابلت عينانا أدركت أن الأمر قد راقها حقا, وهمسْت حينها:
-لا تغضبي مني!.. تعرفين أني أحبك, لكني بالمقابل لا أريد أن تختبريني على هذا النحو..
-معنى هذا انك ترفض دعوتي..
-كلا, الحقيقة أنني أجهل تماما أين أصحبك!
-لا تقلق, سأدلك على مكان هادئ سيعجبك..
أحيانا تمنحنا الحياة قطرات من المتعة, لكنها للأسف لا تمنحنا ما يكفي لنطهر أنفسنا من بقايا الحزن.
لطالما فكرت أن القلوب المرهفة لعنة بقدر ما هي هبة, فالدموع التي يمنحها هؤلاء الحالمون الرومانسيون ليست سوى طريقة لتفريغ أزماتهم العاطفية, فحين يظهرون تعاطفهم بهمسات حنون أو دموع زاخرة فهم بذلك يريحون أنفسهم دون أن يتجرؤوا على منحك النصيحة الذي يعرفونه جميعا.
لا تبك لأن البكاء يجعلك تضعف!
وقد علمتني أمي ذات الشيء, فحين أخطأ أو أؤذي نفسي لم تكن تهتم بجرحي فتضمني, بل كانت تضربني حتى أني كنت أنسى ألم الجرح وأندم على ما فعلت, فلا أعاود الكرة من جديد, لأنني أدرك حينها سأذوق ألما مضاعفا. ألم الجسد والروح..

——————–

فاجأتني ذات مرة وقالت:
-هل تكره والدك؟
وتجمد الزمن لبرهة, فقد أذاب سؤالها المباغت ثلوج الحيرة في روحي.. أغرقت شواطئ نفسي واجتاحت كياني كله..
قلت بعد فترة:
-لست متأكدا!..
-وهل عرفت سبب انتحاره؟
-كلا! لطالما أخبرتني أمي أنني السبب وراء انتحاره, ولا زلت أجهل كيف.. كيف يمكن أن أتسبب في ذلك مادمت قد ولدت بعد انتحاره؟.. ماتت أمي قبل أن أعوام, لكنني لم أكن قريبا منها كفاية لتخبرني.. أنا متأكد أنني السبب حتما, فلطيفة تكن لي الكثير من الكره أيضا…
-يجدر بك أن تسألها إذن!.
-لا, لا أستطيع!..

—————–

كم أكره الوحدة في هذه اللحظات الكئيبة من حياتي! تلك اللحظات اليتيمة التي أشعر فيها برغبة في مصالحة الأشياء.. لا أستطيع أن أعيش حياتي وحيدا, لا أستطيع أن أكمل الدرب بروح منطوية وحيدة, لأنها ستموت في أية لحظة!..
لا أريد من الدنيا سوى الشعور بالسعادة, لست سعيدا هكذا! ولن أجد السعادة في اختلاطي بالآخرين, فماذا أفعل؟.
وتشردت أفكاري على قارعة الملل, وتشربت منه روحي فشلها كما الصدأ, واحتشدت في رأسي أفكار كثيرة, وتمنيت لو أتقياها فأرتاح. ونزلت إلى الشارع ابحث عن لذاتي الكريهة عن متنفس..
جلست في أحد المقاهي لأول مرة.. رحت أنصت لضحكات الآخرين وشكواهم, لأصواتهم الصاخبة وهمساتهم المنكسرة..

—————–

وصلتني رسالة شكر من لطيفة. وجدتها تحت الباب لذا عودتي, ألقيتها على الطاولة بجوار التلفاز, والغريب أن الأمر لم يدهشني بقدر ما بث الذعر في نفسي..
كنت قد اشتريت للمولود المنتظر مهدا وأرسلته, لكني لم أتوقع أن تراسلني لطيفة وهي التي لم تشعرني أبدا بشيء.. رحت أرمق المظروف بكثير من الحيرة. لا أذكر أن أختي لعبت معي يوما, حتى أنني لم أكن أناديها باسمها.. ولما رفعت المظروف من جديد تفحصت كتابتها الرقيقة, حروف صغيرة متلاصقة..
ثم فطنت إلى أمر آخر, هذا الخط يشبه خطي تماما!..
وترددت بحيرة: هل أفتحه؟
وفي وقت متأخر من الليل تلقيت اتصالا من زوجها, أخبرني أنها ماتت وهي تلد..
-والمولود؟
-لم تكتب له الحياة!!

——

الفصل التاسع
—————
كنت استحم عندما هالني مظهر الندوب على صدري, جروح قديمة تعود إلى طفولتي.. بعضها بسبب أمي, وأخرى تعمدتها لعل الألم يعوض ما أحس به من كراهية حيال نفسي!.. والغريب في الأمر أن الألم كان يتلاشى بسرعة مما دفعني لأزيد جرعة التعذيب.. لكن, هل يستطيع الألم أن يحل مكان المتعة؟
ربما يكون الألم مصدر المتعة, فالألم في حد ذاته تعبير عن إحساسنا بشيء ما, شيء لا نستطيع وصفه بكلمة أخرى غير الألم.. فالأسماء مجرد كلمات من قاموس جاهز مسبقا, ولا ننسى أننا من يمنح الأشياء أسمائها..
كنت أخرج في الليل لأتسكع في طرقات مدينتي النائمة. أحاول أن أحصي النوافذ القليلة التي يتسرب منها النور. واعتقدت في البداية أن ساكنيها يحبون السهر, وفكرت ذات مرة أنهم ربما نيام, وبسبب خوفهم من الظلام كانوا يتركون الأنوار مضاءة كما كنت أفعل صغيرا..
كنت أخشى الظلام في صغري, وأدركت حينها أن السواد لا يعني الخوف فحسب بل الحزن أيضا. لكني لم أمتلك الشجاعة الكافية لأعترف بذلك, كنت خائفا من إظهار خوفي ومشاعر مركبة مربكة لذاتي الصغيرة التي لا تستطيع أحلامها أن تتجاوز الحصول على قبلة نوم..
فكل ما أردته من أمي هو القليل من الإهتمام, القليل من الحب.. لكن وحين نفتقد أشيائنا الصغيرة نعوضها بأشياء أكبر وأضخم وأكثر أهمية. والأيام منحتني أكثر مما رغبت به يومها..
منحتني الاستقلال!..
فلماذا لا أشعر بالندم على أيامي الماضية؟ ألأنني لم أفق بعد أم لأنني كنت مستيقظا طوال فترة غيبوبتي..

————-

“أدرك يا حبيبي أنك إلى كلمات العشق..
يحملك الشوق..
كما إلى مروجها, تحن الزهور
كما إلى أعشاشها, تحن الطيور
لكني أخطها هنا, لتضيع بين السطور..”

قلت لها ذات مرة:
-ألا تجدين هذا غريبا؟
-ماذا؟
-أليس أنا من يجدر به أن يكتب لك شعرا؟
وهزت كتفيها بلامبالاة, وقالت:
-وماذا عساني أفعل؟ لا حيلة لي, ثم إن هذا ليس عيبا!
ولوحْت بالورقة في يدي, وقلت متظاهرا بالضيق:
-هل تحسبين أنك الوحيدة القادرة على هذا؟
-لم لا تريني ما تستطيع فعله إذن؟
وفطنت أن كل عباراتنا السابقة أسئلة, مجموعة من الأسئلة الخرقاء طبعا. لكنها تحدتني ولا أريد أن أفشل.. صحيح أنني لا أجيد الكتابة مثلها, لذا فكرت أن أعزف لها قطعة من القطع المفضلة لدي..
وجال بصري عبر الحديقة بحثا عن أولئك الصبية الذين رأيته قبل قليل, كانوا يعزفون في الركن البعيد..

——————-

ترددت كثيرا قبل أن أدخل. كانت هناك صالة صغيرة تتوسطها طاولة زجاجية, جلست على الأريكة ورحت أقلب المجلات بكثير من الملل.. الجدران مطلية بلون برتقالي, لون دافئ جميل أشعرني بالإسترخاء, وكانت الموسيقى الهادئة تتردد عبر المكان لتروي قلقي..
ثم انفتح الباب, رآني فأشرق وجهه بابتسامة كبيرة ودعاني لأدخل..
-يجدر بك أن تملأ الاستمارة!..
قالها بحزم بعد أن مزْقت الورقة, ولكن صوته الحاد لم يتمكن من محو ابتسامتي. ظل يحدق بي من وراء نظاراته الطبية لبرهة ثم اتكأ على كرسيه الكبير. وتابع بعد أن عجز عن فهم سر صمتي:
-كيف تريدني أن أساعدك مادمت أجهل كل شيء عنك؟
-أريد شخصا يسمعني فحسب..
-ولم أنا بالذات؟ لست مضطرا لتحمل كلفة استشارتي, بإمكانك أن تكلم أي شخص آخر, أحد أصدقائك مثلا!..
-ليس لي أصحاب!..
ومضت نصف ساعة وأنا أتكلم, وفي النهاية استوقفني وقال:
-ولماذا تستغرب الأمر؟
-لأنه من غير المنطقي أن تموت لطيفة في ذات اليوم الذي تسلمت فيه رسالتها.. اعتقدت في البداية أنها صدفة ربما, كأنها استشعرت الأمر ورغبَت عبر رسالتها في مصالحتي.. تماما كصحوة الضمير التي تصيب المرء وهو يحتضر, لكني فطنت إلى السبب أخيرا… أنا قتلتها!
ظل يرمقني بهدوء مصطنع, لكني عرفت أن عبارتي قد صدمته, فلماذا ارتعشت يده إذن؟
وهنا أخرجت صورة لي وأنا صغير, كنت أفق فيها إلى جوار أمي بينما أختي في حضنها.. والغريب أن أختي كانت أكبر من أن تُحمل على عكسي, فقد كنت صغيرا جدا, فرحت أتشبث بفستان أمي وأحدق فيهما!
منحته الصورة, وقلت:
-هذه أختي..
-لا أراها!
-ماذا تعني؟ إنها هنا في حضن أمي..
ورأيت نظرة الغضب التي لمعت في عينيه, وبعدها صاح:
-هل تسخر مني؟ لا يوجد سواك في هذه الصورة!
-أعرف!أردت أن أتأكد من صحة ظني فحسب..

—–

الفصل العاشر

———————

لم أكن يوما راضيا عن نفسي, وكأن حياتي كلها في النهاية ندم كبير, وتمنيت لو تلعق كلمات ناهد كل اللحظات المريرة التي عشتها..
واحتضنتها برفق, ولما رفعت وجهها نحوي قبلتها.. وشربت من نبيد شفتيها حتى الثمالة, لكن القبلات الأولى التي سرقناها من الزمن ومن الناس لم تسقني بل تركت في روحي عطشا أكبر..
ركبت الباص لأول مرة هذا الصباح, وجلبت وردة حمراء وضعتها على مكتب ناهد. انتظرتها طويلا لكنها لم تحضر. وطال غيابها هذه المرة, أربعة أيام مضت دون أن أعرف عنها شيئا. وبقيت في المكتب وحيدا, ولم تكن الوحدة تزعجني بقدر ما يزعجني غيابها..
ربما كانت مريضة!
قالت لي آخر مرة:
-هل ستفتقدني؟
-ماذا تقصدين؟
-لو قررت أن أرحل يوما, هل ستحزن؟
-بالتأكيد! لكني لن أجرؤ على منعك, والدك رحل دون أن يودعني بدوره.. كنت أحبه حقا!. وربما كان تعلقي به محاولة يائسة مني لأذوق مشاعر الأبوة التي لم احظ بها قط..

———————–

-أخبرتَني في البداية أنها ماتت وهي تلد, فلماذا تقول أنك قاتلها؟
-لأنها موجودة هنا! في رأسي وحسب.. لقد اختلقتها!!.. لقد لقيت معاملة قاسية من قبل أمي. لم تشعرني بأنني ابنها يوما, كانت تضربني وتسيء إلي طوال الوقت.. لكن وبدل أن أكرهها كرهت لطيفة أختي, فكانت الشماعة التي علقت عليها حقدي وكرهي كله..
-أهكذا تفسر ما حدث إذن؟
-لا تنس أنك الخبير هنا.. أنا أخبرك بما اعتقده فحسب, ما رأيك أنت؟
لم يجب, خلع نظارته وحك أسفل عينيه, ثم سألني:
-وماذا عن انتحار والدك؟
-ليس غريبا أن ينتحر أبي! كان مجنونا ولم يتوقف يوما عن أذية نفسه, بل تعدى ذلك وصار يضرب أمي.. ولما علم بحملها اعتدى عليها وكاد يتسبب في إجهاضها, لكني نجوت بأعجوبة, لذا خيرها بيني وبين حياته..
-وكيف عرفت ذلك؟
-قرأت ملفاته الطبية!..

———————–

وجاءني طلب من المدير, صعدت الدرجات المؤدية إلى مكتبه. طرقت الباب فدعاني للدخول.. ولوهلة ظل يحدق بي كأنما يراني لأول مرة, ولم استغرب الأمر فهو لم يرني منذ زمن.
-منذ متى وأنت تعمل في الأرشيف؟
-منذ ست سنوات ونصف سيدي!
-جيد! معنى هذا أنك تملك خبرة كافية لتتولى مهاما أخرى.. لكن أخبرني أولا, كيف تمكنت من تحمل العمل في ذلك المكان لوحدك؟
وحين غادرت مكتبه كنت قد تلقيت ترقية, لن أعود إلى الأرشيف بعد اليوم.. هناك مكتب بانتظاري, مكتب أوسع ذو نوافذ كبيرة ويعج بالموظفين!..

———————-

ماتت أمي في ذات اليوم الذي غادرت فيه المنزل لألتحق بالعمل, حين أخبرتها برحيلي لم تنبس ببنت شفة, فقد حسبت أنها سترفض ولم تفعل..
ولم أكن أقرب غرفتها في حضورها, وفكرت أن أودعها لكني خشيت أن أوقظها من النوم. وعرفت أنها ستضربني قطعا لو فعلت, فمزاجها يكون متعكرا في الصباح, ولن تهدأ قبل أن تدخن لفافتين أو ثلاثا فقد كانت تدخن بشراهة!..
فتحت غرفتها, تسللت بهدوء إلى السرير.. ولما دنوت من جبينها ولثمته أدركت أمرا.. كان جسدها باردا, وعلى شفتيها ابتسامة شاحبة!.
حملت حقيبتي وغادرت, وبعد أسبوع اخبروني بوفاتها.. قالوا أنها ماتت قبلها لكن أحدا لم يكتشف الأمر, ليس قبل أن تفوح رائحة جثتها وتزعج الجيران!..

—————–

وهنا قررت أن أنهي هذا الحوار الذي بدأ يثير أعصابي, فقلت:
-هل استطيع الإنصراف الآن؟
وظل يرمقني لوهلة..
-ليس قبل أن تعدني بالعودة!..
-لا تقلق يا دكتور!.. لن انتحر لو كان هذا قصدك! انتحر أبي لأنه لم يرغب بمجيئي إلى هذا العالم, وبعدها انتحرت أمي لأنها لم تتحمل ابتعادي عنها.. ربما كانت تحبني رغم كل شيء, لكنني كنت أذكرها طوال الوقت بأبي الذي كرهَته! وكل هذا يبقى مجرد احتمالات أحاول أن أضمد بها جراحي لأنني لن أعرف.. لن أعرف الحقيقة أبدا!!

———————–
النهاية
بوالخورص جمال
22/03/2006

1 Comment

شذرات(3) : أنصاف دوائر

إنهم في كل مكان..
ما إن تقف بجوار حجر المغناطيس حتى تجدهم..
افتح الباب يطل لك خمسة منهم..
افتح الصنبور يهرج لك عشرة منهم..
أغلق عينيك ترى الملايين..

منهم خيال المآتة..
يجلس كالأمانة لا يتحرك..
تسمعه نادرا لو كنت وافر الحظ..
لكنه دوما هناك ملتصق كالعتة..

منهم اللزج..
وهم كثر..
يتخذون الأخ كازانوفا مثلا أعلى..
يحاولون يائسين التفوق عليه..

منهم السمج..
يظن نفسه فلتة في المزاح..
أو كما يقال: “يقتل ضحكا!”
الحقيقة أنه يقتل فقط..

منهم البهلوان..
أدهى وأمر..
قد يبدو جذابا..
قد يبدو مرحا..
ثم ماذا بعد ذلك؟

إنهم في كل مكان..
أنصاف دوائر مركزها واحد..

أنظر إلى القوس..
أخفض بصري..
أنسحب بصمت..
قبل أن أتحول إلى نقطة في نصف دائرة..

سؤال: ما ذنب المركز؟

11/05/2005

Leave a Comment