لدي عادة قبيحة أخرى: أنني أتبول كثيرا.. كثيرا جدا في الواقع لدرجة أنني لو لم أكن شابا لشككت في إصابتي بتضخم (البروستاتا كما تعلمون)..
لا داعي لهذه الابتسامة التهكمية من فضلكم.. لا تشعروني بالضيق لأنني أكلمكم عن تفاصيل شخصية جدا لا يعرفها إلى “كل” من يجالسني لفترة طويلة تقريبا..
بيت القصيد من هذا الاعتراف الخطير هو أنني اليوم، وأنا بالمسجد لتأدية صلاة التراويح، أو بالأحرى خارج المسجد لأن شعب الله كله كان يصلي بالخارج تقريبا (ربع بالمسجد والثلاثة أرباع الباقية بالخارج)، حينما داهمني نداء الطبيعة الخارق، فكنت في مأزق حقيقي.. كيف يمكنني الخروج من وسط الجماهير المحتشدة؟
نادل المقهى يوليني ظهره.
سألته بلطف:
– “إحم.. أين تتواجد االمراحيض من فضلك”..
يرميني بنظرة من طراز ثلاثة أرباع خلفي (لو كنت من هواة التصوير)، ثم يتجاهلني..
أفترض حسن النية، وأعتنق نظرية مفادها أنه لم يسمعني لأنه أطرش أو أحول أو أي شيء من هذا القبيل.. أتجاوزه لأسأل العامل خلف المنضدة الرخامية:
-“أين المراحيض من فضلك؟”
يرمقني بلا مبالاة ويسأل:
– ” ستتوضأ؟”
في هذا على الأقل نوع من التجديد..
كانت صلاة التراويح قد شارفت على الانتهاء أصلا، لذا أجبته بكل فصاحة:
-“كلا.. سأمارس نشاطا آخر..”
بجهامة أردف:
-“خاص بالزبائن!”
إلى هذا الحد كنت قد استنفذت ما تبقى من طاقة التحمل:
-“ولماذا افترضت أنني لست زبونا؟ أم أن هنالك قاعدة شرعية تنص على أن على الزبون أن يستهل بالجلوس وطلب المشروبات قبل أن يقرر إتباع ذلك بدخول المراحيض؟ في المرة القادمة أرجو أن تضعوا على الواجهة نسخة من دليل استعمال المراحيض خاصتكم، كي يكون الزبون على بينة من الأمر قبل الدخول ولا يرتكب فعلتي الشنعاء بمحاولة دخولها قبل طلب المشروبات.. والآن، أين المراحيض؟”
كان الرجل قد صدم لهذه القصيدة التي تلوت على مسمعه دون سابق إنذار، فأشار إلى الطبقة العلوية دون أن ينبس ببنت شفة..
هذا جزاء من يعطل مثانة تكاد تنفجر.
جلست أرتشف القهوة، التي طلبت بعد خروجي، فتذكرت المسلسل القصير الذي شاهدته على القناة الثانية قبل خروجي للمسجد..
لا تزال قنواتنا التلفزيونية مصرة على تعذيب المواطنين على مدار شهر رمضان كل سنة، وكأنهم يضيفون اختبار صبر آخر للمواطنين في هذا الشهر الكريم..
SITCOM (كوميديا الموقف) هو مصطلح يطلق على نوع من المسلسلات القصيرة التي تبنى على مجموعة من المواقف الكوميدية.. والحقيقة أن قناتينا الأولى والثانية أصبحتا تتنجان نوعا جديدا من المسلسلات يمكن تسميته بالسيترون(الحامض) لأن نسبة الحموضة (*) بها عالية جدا.. نوع من الفكاهة المرعبة لو سمحتم لي بالتعبير..
فمسلسل “مبارك ومسعود” مثلا…
ولكن هذا حديث آخر..
____________________________________________________________
(*) الحموضة في اللهجة الدارجة المغربية وفي سياق كهذا تكون كناية عن السماجة وثقل الدم.. (شرح خاص بغير المغاربة)
7 تعليقات