تجاوز المحتوى

التصنيف: تخاريف حرة

مواضيع وخزعبلات عامة

حين تناديك الطبيعة، فلب النداء بسرعة!

لدي عادة قبيحة أخرى: أنني أتبول كثيرا.. كثيرا جدا في الواقع لدرجة أنني لو لم أكن شابا لشككت في إصابتي بتضخم (البروستاتا كما تعلمون)..
لا داعي لهذه الابتسامة التهكمية من فضلكم.. لا تشعروني بالضيق لأنني أكلمكم عن تفاصيل شخصية جدا لا يعرفها إلى “كل” من يجالسني لفترة طويلة تقريبا..
بيت القصيد من هذا الاعتراف الخطير هو أنني اليوم، وأنا بالمسجد لتأدية صلاة التراويح، أو بالأحرى خارج المسجد لأن شعب الله كله كان يصلي بالخارج تقريبا (ربع بالمسجد والثلاثة أرباع الباقية بالخارج)، حينما داهمني نداء الطبيعة الخارق، فكنت في مأزق حقيقي.. كيف يمكنني الخروج من وسط الجماهير المحتشدة؟

* * *

نادل المقهى يوليني ظهره.
سألته بلطف:
– “إحم.. أين تتواجد االمراحيض من فضلك”..
يرميني بنظرة من طراز ثلاثة أرباع خلفي (لو كنت من هواة التصوير)، ثم يتجاهلني..
أفترض حسن النية، وأعتنق نظرية مفادها أنه لم يسمعني لأنه أطرش أو أحول أو أي شيء من هذا القبيل.. أتجاوزه لأسأل العامل خلف المنضدة الرخامية:
-“أين المراحيض من فضلك؟”
يرمقني بلا مبالاة ويسأل:
– ” ستتوضأ؟”
في هذا على الأقل نوع من التجديد..
كانت صلاة التراويح قد شارفت على الانتهاء أصلا، لذا أجبته بكل فصاحة:
-“كلا.. سأمارس نشاطا آخر..”
بجهامة أردف:
-“خاص بالزبائن!”
إلى هذا الحد كنت قد استنفذت ما تبقى من طاقة التحمل:
-“ولماذا افترضت أنني لست زبونا؟ أم أن هنالك قاعدة شرعية تنص على أن على الزبون أن يستهل بالجلوس وطلب المشروبات قبل أن يقرر إتباع ذلك بدخول المراحيض؟ في المرة القادمة أرجو أن تضعوا على الواجهة نسخة من دليل استعمال المراحيض خاصتكم، كي يكون الزبون على بينة من الأمر قبل الدخول ولا يرتكب فعلتي الشنعاء بمحاولة دخولها قبل طلب المشروبات.. والآن، أين المراحيض؟”
كان الرجل قد صدم لهذه القصيدة التي تلوت على مسمعه دون سابق إنذار، فأشار إلى الطبقة العلوية دون أن ينبس ببنت شفة..
هذا جزاء من يعطل مثانة تكاد تنفجر.

wc
* * *

جلست أرتشف القهوة، التي طلبت بعد خروجي، فتذكرت المسلسل القصير الذي شاهدته على القناة الثانية قبل خروجي للمسجد..
لا تزال قنواتنا التلفزيونية مصرة على تعذيب المواطنين على مدار شهر رمضان كل سنة، وكأنهم يضيفون اختبار صبر آخر للمواطنين في هذا الشهر الكريم..
SITCOM (كوميديا الموقف) هو مصطلح يطلق على نوع من المسلسلات القصيرة التي تبنى على مجموعة من المواقف الكوميدية.. والحقيقة أن قناتينا الأولى والثانية أصبحتا تتنجان نوعا جديدا من المسلسلات يمكن تسميته بالسيترون(الحامض) لأن نسبة الحموضة (*) بها عالية جدا.. نوع من الفكاهة المرعبة لو سمحتم لي بالتعبير..
فمسلسل “مبارك ومسعود” مثلا…

ولكن هذا حديث آخر..

____________________________________________________________

(*) الحموضة في اللهجة الدارجة المغربية وفي سياق كهذا تكون كناية عن السماجة وثقل الدم.. (شرح خاص بغير المغاربة)

7 تعليقات

رمضان مبارك سعيد

إن لدي عادة قبيحة جدا.. عادة تقضي بضرورة توفر جو ملائم لأكتب.. وعادة التكاسل عن الكتابة كلما تأخرت أكثر فأكثر..
يبدو أنها أكثر من عادة واحدة..

الخلاصة الواضحة للعيان هي أنني أختفي تماما حينما تضطرني الظروف لذلك، ثم تحلو لي الراحة البيولوجية فأتوقف عن الكتابة لمدة 59 يوما كما حدث الآن.
بعضكم سأل عني عبر صفحات المدونة وطالبني بأن لا أختفي كثيرا، وبعض القراء الجدد اكتشفوها مؤخرا وعلقوا على العديد من المواضيع بغزارة قبل أن يكتشفوا أن الكاتب صخرة صماء قررت فوق ذلك أن تصاب بالخرس. ولهؤلاء أنا شاكر جدا وممتن جدا.
الحقيقة أنني أقرأ كل الردود أولا بأول، وأسعد بها جميعا، إنما لا أرد كثيرا خصوصا لو كنت متوقفا عن الكتابة أصلا.. إنها عادة قبيحة فقط وليست نتيجة لتكبر أو ترفع عن ردود أحد لا سمح الله..
سأحاول أن أحيي المدونة من جديد خلال هذا الشهر الكريم، ولو بتدوينات قصيرة شبه يومية أتمنى أن تروقكم..
يبدو أنني نسيت شيئا..
آه.. العنوان..
رمضان مبارك سعيد أدخله الله علينا جميعا باليمن والبركة ومغفرة الذنوب..

رمضان
9 تعليقات

عدنا

smile.jpgعدنا.. والعود الحصان.. على رأي لهجتنا المغربية الدارجة..
يبدو أنه كتب علي الانقطاع المستمر عن التدوين لفترات لا بأس بطولها. والحقيقة أنني هذه المرة، وكما كل مرة، كنت مجبرا في فترة من الفترات، وملولا كسلانا في فترة تالية..
على العموم، يبدو أن غيابي هذه المرة لم يفتقد كثيرا، أو أصبح مألوفا، إذ أن أحدا لم يستفسر عنه كما جرت العادة.
جرت بعض الأحداث المثيرة نوعا ما على صفحات هذه المدونة، عبر ردود القراء.. أحداث لم ينتبه إليها الكثيرون لأنني قد قمت بحذفها بسرعة لأسباب لست في حل من ذكرها، ليس من بينها الخوف لو كان أصحاب الردود يقرؤون هذا الموضوع الآن.. وهذا شيء أشك فيه صراحة.. لو كان الأمر بيدي لكتبت التدوينة الأكثر سخرية في التاريخ على شرفهم!
أريد فقط أن أشير إلي بضع ملاحظات:
1- هذه مدونة شخصية بحتة، لا أكتب فيها إلا ما يهمني، أو أملك الوقت والبال الرائق للكتابة عنه. هذا “أنا” مجردا خاما بدون شوائب، ولا أنتمي إلى أي تيار كيفما كان نوعه، اللهم إلى لو كنتم تحبون خلق تيار “عصامي” خاص.
2- مستوى التدوين هنا يتعلق بمزاجي الخاص. قد أكتب عن موضوع يثير نقاشا فلسفيا عميقا اليوم، وأحاول أن أبدو بمظهر المفكر العبقري، وأتحذلق كما أريد.. ثم تجدني غدا أكتب موضوعا أخف من الأوكسجين، وأكثر سطحية من فتاة شقراء لا هم لها سوى لون طلاء أظافرها، وإخفاء بياض نصف ميليمتر من زغب شعرها بعمق فروة الرأس..
أنا ببساطة إنسان مغربي آخر..
متوسط في كل شيء..
متوسط الثقافة.. متوسط الحنكة.. متوسط الآراء.. متوسط المستوى المعيشي.. متوسط التوسط!
هدفي الأول والأخير هو إمتاع القارئ حينا.. رسم البسمة على شفته حينا.. ودفعه إلى النظر إلى الأمور من زاوية أخرى: زاويتي الخاصة..

هدفي أن تغلق الصفحة وانت في إحدة حالات الصورة جانبه.. هذا سيعني لي أنك تفاعلت مع المحتوى، وترك بصمة بداخلك..
من أحب مدونتي بهذا الشكل، فبه أرحب، وله قلبي يطرب.. (على رأي واحد صاحبنا قد يعرفه البعض منكم)..
أما من كان يبحث عن مدونة من النوع الذي يحوز الجوائز، ويتألق في مجاله، فأنصحه بالضغط على زر” x” في الركن العلوي الأيمن..
مع خالص محبتي.

20 تعليق

أخطاء بنكية وهبات مجانية

dh.jpg

أصبت بالرعب اليوم وأنا أطالع رصيدي البنكي من شباك إليكتروني (GAB).
على حد علمي، لم أبدأ تجارة المخدرات بعد، ولم أستول قط على محل بقالة مجاور، والأهم من هذا انني لست في وظيفة تسمح بأن يرشوني أحدهم ( ناهيك عن أن لا أحد يرشو أحدا من وراء ظهره، إلا لو كان عبقريا آخر لا يحب أن يكتشف أحد فعلته حتى المرتشي..).
حوالي 1700 دولار هبطت فجأة من السماء بجوار راتبي المعتاد!
المعتاد هو أن يجد المرء رصيده منقوصا.. هذه سنة الحياة على ما يبدو.. أما أن يجد زيادة كهذه، فهذا هو التجديد الحق!
في وكالة التجاري وفا بنك لم يستطيعوا أن يعطوني تفسيرا واضحا.. لم يستطيعوا أصلا أن يعطوني المصدر.. اكتفى موظف بأن يتصل بشخص ما على الهاتف، ثم يطالبني بوقاحة بأن أعود بعد 20 دقيقة.. الرجل يظن أنني أعمل في شركة عصام وإخوانه على ما يبدو.. وحينما طلبت منه رقم هاتفهم لأتصل لاحقا، لم يعرض علي قط أن يتصل كأي بنك أو مؤسسة تحترم عملاءها.
قبل مدة غيرت BMCE BANK لأسباب خدماتية مشابهة، بعد أن قضيت أسبوعا أحاول أن أقنعهم بأن يرسلوا لي تصريحا برقم حسابي البنكي لأجل تحول راتبي عليه.. ولكن في النهاية، وكما يقول المثل الشعبي: “ما تبدل صاحبك غير بما اكفس منو”..
سأخبركم لاحقا بمصدر هذه الهبة النقدية حالما أتعرف عليه، وإن كنت أخمن أنه لن يبقى في رصيدي طويلا، وأن هنالك شخصا ما ينتظر راتبه في مكان ما..

تحديث :

مساء الخير جميعا.. (أخبرني أحدهم للتو انه الصباح.. لا أصدق!)
اعتذر على اختفائي المريب، والذي إن دل على شيء فهو يدل على أنني أصبت بانهيار عصبي بعد أن أخذوا مني الـ 1700 دولار..

حسنا.. الأمر وما فيه هو انني تلقيت بالفعل راتب زميل لي، وأردت أن أذيقه العذاب ألوانا قبل أن أعطيه إياه دون المرور بالإجراءات الروتينية الرسمية.. لكنني اتقيت فيه وجه الله واعطيته شيكا بقيمة المبلغ.

سأعود للرد بالتفصيل على الجميع بإذن الله..
تحياتي

22 تعليق

طفل وحقيبة سوداء في آن واحد

حينما كنت صغيرا، كان الجميع يعتبرني ذكيا جدا، بل وعبقريا في بعض الأحيان. كل هذا فقط لأنني كنت في سن الثامنة أتحدث كالكبار تماما، وأناقش بدوري وجهات النظر. الربورتاج التالي يثبت لهم كم كانوا مجرد حمقى!
أنظروا إلى العبقرية الحقيقية المتجلية في الموهبة الربانية..

وللأشخاص الضليعين في اللغة الفرنسية (هذه مزحة بالمناسبة)، الربورتاج يصور قصة (إرفي جولي)، الطفل ذي السنتين من ساحل العاج، والذي يمكنك أن تساله بدون تردد عن الرئيس الثالث للموزمبيق (المعلومة التي أخبرتَه بها قبل مدة لمرة واحدة فقط) ولسوف يجيبك.. أتذكرون كم عانينا لنحفظ كم عدد أحرف “السين” في “موبوتو سيسيسيكو” ذات يوم؟

ذاكرة خرافية، وطفل يتابع نشرة الأخبار وهو في عمر العامين..
لن تتذكر الأنشطة التي كنت تمارسها أنت في هذه السن، ولكنني واثق أنها لن تتجاوز العبث في أنفك بأصبعك ولعقها فيما بعد!

6 تعليقات

أين ذهب موقع جريدة المساء المغربية؟ (وترهات أخرى)

ascenseur.jpg

لأول مرة أشرب القهوة بدون سكر (سادة على رأي إخواننا المصريين)..
أرتشف رشفة، وأغمض العينين مستمتعا بلذة المرارة التي لم أجربها من قبل.. لربما أصبح مدمنا على القهوة بدون سكر عما قريب.. لم تكن التجربة على سبيل التحذلق أو رغبة شخصية في تجربة شيء جديد، وإنما السبب البسيط الواضح المباشر هو أنني لم أجد سكرا من جهة، وتكاسلت عن أخذ المصعد الفظيع للهبوط سبعة أدوار إلى الأسفل.
أجل! نحن الآن نعاني من نتائج عبقرية الشخص الذي وضع مصعدين فقط لبناء ضخم من ثمانية طوابق، وكل طابق يتوفر على ما لا يقل عن 100 موظف، يخرجون ويدخلون ويتناولون الغذاء في نفس الوقت تقريبا. مما يعني انك كقد تقف بانتظار المصعد لأكثر من خمس دقائق قبل أن يشرفك هذا الأخير بالحضور. وأنت قيد الانتظار قد تفكر في أنه من المستحب أن يضعوا إعلانات صوتية من طراز: “أيها السيدات والسادة.. المرجو الانتباه.. سيتأخر المصعد القادم من الطابق السادس، والمتوجه إلى الطابق الثالث، لثلاث دقائق كاملة. نعتذر لكم عن الإزعاج الناتج عن ذلك..”. هذا تيمنا بقطاراتنا التي لا يفرقها عن هذا المصعد إلا زمن التأخير.
هذا يحدث في إحدى أرقى البنايات بالدار البيضاء يا حسرة!

* * *

oiseaux.jpg

أن تضرب عصفورين بشجرة واحدة.. تحريف مثير للمثل الشهير، قاله أمس رئيس المشروع الذي أعمل معه، وجعلني أفكر في أن الجملة غير مبالغ بها، وأنها مطبقة ببلادنا بغزارة تثير الحسد. هنالك مثل فرنسي مشابه في المعنى يقول :”لا يجب استعمال (بلدوزر) لقتل ذبابة!”.. ورغم هذا النهي الواضح والمباشر والصريح تجد البلاد تسير دوما على النسق التالي:
-أين ذهبت الميزانية المخصصة للشيء X؟
– استعمالناها في ترميم الشيء Y..
– ألم يتم تخصيص ميزانية لترميم الشيء Y من قبل؟
– بالتأكيد! لكنها استعملت لترميم الشيء Z..
وهكذا ترى أن رأس الخيط X يستهلك كل الميزانيات بدعوى ارتباطه بأشياء أخرى.. وفي النهاية تجد ميزانية خرافية كافية لبناء مجمعات كاملة من X تستهلك كلها في X واحد. فعوض إتباع سياسية ضرب العصفورين بحجر واحد، تجدهم يضربونهما بشجر واحد كامل، وقد لا يحصلون في النهاية حتى على جناح عصفور!

* * *

أين ذهب موقع جريدة المساء المغربية؟
almassae.jpg

كنت في فترة قريبة أتابع يوميا بعض الأعمدة على الموقع الذي ركض وراءه القراء الإليكترونيون (نسبة إلى وسيلة القراءة وليس إلى القراء طبعا) لشهور طويلة، وهذا الأخير يمارس رقصة السامبا بين مجموعة من أسماء النطاقات والاستضافات.. ولمن يعرف منكم لعبة Ouverture-facile، التي تعتمد على حل أحجية وراء الأخرى لإيجاد وصلة صفحة الأحجية الموالية، فقد تمت إضافة وصلة موقع الجريدة كآخر وصلة في اللعبة (الربحة)..
نصحني أحد الأصدقاء بإدخال وصلة kiosque.ras.derb على غرار موقع del.icio.us الشهير فلم أفلح في إيجادها.. بحثت عن “جريدة المساءالمغربية” على google ، فأعطاني أن أجرب البحث عن “إذهب لدى بائع الجرائد”..
لدينا مشكلة عويصة بالمغرب، والبلدان العربية عموما، وهي قدرة غير طبيعية على تجاهل قوة الانترنت وأهمية الحصول الهيئات والمؤسسات على مواقع محترمة تمثل واجهات لها..
من وجد الموقع على إحدى الشبكات (حتى لو كانت شبكة صيد الأسماك) فأرجو أن يراسلني!

29 تعليق

حرية التعبير على الطريقة الفرنسية

حرية التعبير لدى الغرب مفهوم عسير على الهضم والاستيعاب..
عندما يتعلق الأمر برسومات مسئية تمس مشاعر أمة كاملة، فالمسألة عبارة عن حرية تعبير لا تناقش..
أما لو كان الأمر يتعلق بمس بأصبع صغير للصهيونية أو اليهودية، فالقصة تنقلب بقدرة قادر إلى مبدأ أن للحرية حدود، وأن شعبا عانى من الحرق يجب أن تراعى مشاعره، وبلابلابلا…!
لدي هنا مقطع فيديو ذكي لشخص لم يعاني كثيرا ليثبت انفصام شخصية واضح لدي مذيع فرنسي في حلقتين مختلفتين من حلقات برنامج حواري..

ملحوظة1: شكرا لضياء على هذا المقطع..
ملحوظة2: أعتذر لمن لا يفهم الفرنسية..

7 تعليقات

داء التفنكيش

قهوة الصباح.. هي خزعبلات قصيرة أكتبها وأنا أرشف قهوة الصباح في المكتب!

debaras.jpg

حينما أتلفت مفتاحين من لوحة مفاتيح حاسوبي النقال، بعد محاولة خرقاء لإعادة تنظيم اللوح الألماني QWERTZ إلى لوح فرنسي AZERTY، تساءلت: لماذا نعاني نحن الذكور من داء “التفنكيش”؟ (*) (خلي باباه QWERTZ ولا حتى ZVERTZ .. مالك انت؟)..
بسبب داء كهذا شوهت منظر الجهاز، وأنا مضطر للبحث عن مفاتيح من نفس النوعية، وغالبا ساهمت في تقليص ثمنه لو أردت بيعه لان المشتري دوما من النوع الذي يخاف من ظله، ويحاذر بشكل مرضي أن يقوم أحد بخداعه.. (حتى واحد ما بغا يتقولب فهاد الزمان)..
الحقيقة أن هذه عادة موروثة من والدي.. إنه من النوع الذي يفتح أحشاء أي جهاز، ما إن يقول هذا الأخير “آي!!!”.. فإما أن يتم إصلاحه بمعجزة ما، أو يتم إعدامه بمعجزة أخرى.. كانت لديه حقيبة أدوات كاملة.. إلا أن والدتي كانت تصاب بالرعب من أداة واحدة : “الكواية”.. وهي أداة صهر الرصاص في الرقائق الإليكترونية.. والحقيقة أن “الكواية” ما إن تظهر حتى تقفز فرصة وفاة الجهاز إلى أعلى نسبها قاطبة..
هنالك أيضا عادة أخرى اكتسبتها، ولست أدري كيف أتخلص منها.. هي عادة وضع تلك الأشياء الصغيرة المتبقية بعد “التفنكيش” في مكان ما بالمنزل، على اعتبار أنني ولابد محتاج إياها في يوم من الأيام.. لقد تحدث (جاد المالح)، الفنان الساخر الرائع، في عرضه الأخير “L’autre c’est moi”، أو “الآخر هو أنا”، عن هذه الظاهرة باستفاضة وواقعية مثيرتان للإعجاب.. أجل! إنها علبة الأغراض القديمة التي نملكها جميعا، والتي نضع فيها أشياء من العصر الطباشيري الأول على اعتبار أننا سنستعملها لاحقا.. الفرق هنا هو أننا في البيت لم نكن نملك علبة كهذه، بل غرفة كاملة لهذا الغرض.. وحينما كنت أبحث عن شيء بالداخل، كنت امنع نفسي بصعوبة من ارتداء زي الكشافة وحمل معول صغير لتفتيت الصخور بحثا عن مستحثات..
هناك، تجد براغي مختلفة المقاسات والأنواع، ولكنك أبدا لن تجد برغيا واحدا يناسب احتياجك حينما تبحث..
تجد دوائر كهربائية تالفة.. تجد رقاقات إلكترونية بائسة.. تجد أسلاك صدئة.. تجد بطاريات انتهى عمرها الافتراضي يوم اغتيال (يوليوس قيصر).. أفهم الآن لماذا يسمون البطاريات في اللهجة الدارجة المغربية بـ “الحجر”..
لقد بدأت اتغير نوعا ما.. والتغيير بدأ من غرفتي بالمعهد الذي كنت أدرس به.. لقد تركت كل شيء ورائي ولم أحضر معي إلا الضروريات والملابس فقط.. إن هذا لتقدم عظيم بالفعل.. لكنني بين الفينة والأخرى أكتشف شيئا كنت أمكله ولم اعد أجده، فأقول لنفسي: “تبا! كان علي أن أحضر معي الغرفة ذات نفسها!”
لم أتعاف كليا كما تلاحظون..
—————————————————————–
(*) التفنكيش: البحث في كل شيء والعبث بأي شيء مهما كانت درجة علمك به..

10 تعليقات

الإنفجار الأوطوغرافي

قهوة الصباح.. هي خزعبلات قصيرة أكتبها وانا ارشف قهوة الصباح في المكتب!

auto-casa.jpg

قفزت تقريبا اليوم فوق سلالم العمارة وأنا انزل باكرا متحمسا..
وعند باب البناية أنقلبت مشاعري إلى الاحباط، ومنعت نفسي بصعوبة من التفكير بالانتحار..
السبب سيارة (بورش) رائعة، من النوع رباعي الدفع، تمتع نفسها بتعذيب السكان واحدا بعد الآخر..
لم أخبركم من قبل انني أعشق السيارات؟ هذه هي الفرصة إذن..
هل سمعتم من قبل عن شخص لم يعد بتابع برنامج (Turbo)، الخاص بالسيارات الحديثة، فقط لأن ذلك يعذبه؟ أنا ذلك الشخص..
بالأمس كانت سيارة (نيسان)، رباعية الدفع أيضا، رائعة أيضا، وحديثة جدا بشكل يثير الغيظ! هل تحولت واجهة البناية إلى معرض سيارات حديثة نادرة أم ماذا؟ المشكلة أن المنطقة شعبية أصلا..

حسنا.. دعوني في حسرتي، ولنتحدث عن موضوع له علاقة بالسيارات أيضا..
إن الدار البيضاء ستنفجر عما قريب..
وقبل أن يذهب أحدكم بفكره بعيدا، ويبلغ عني أجهزة مكافحة الإرهاب، أستدرك وأقول انها ستنفجر من كثرة عدد السيارات..
سيارات.. سيارات.. سيارات..
أخرج إلى الشوارع تجد الآلاف منها.. اذهب إلى الأزقة تجد المئات منها.. أدخل إلى منزلك فقد تجد اثنتين في الدولاب، وواحدة تحت السرير..
الأمر لم يعد مطاقا.. والسياقة بالمدينة أصبحت رياضة تمتحن أعصابك وردود أفعالك، وعضلات يدك أيضا لو كان مقود سيارتك من النوع القديم غير المدعوم..
في مدينة كمراكش مثلا تخفف الدراجات النارية والعادية من الضغط بشكل ملحوظ.. اما في الدار البيضاء، فالنشاط الوحيد الذي يمارسه سائقوا الدراجات هو أن يدهسوا من طرف السيارات والشاحنات.. وهم يفعلون هذا بحماس مريب!
هكذا ترون أن اقتناء دراجة نارية يحتاج إلى شجاعة غير عادية، اللهم إلا لو كانت دراجة للزينة فقط ولا تغادر البيت..
وما زاد الطين بلة هو ثلة العروض الأخيرة التي أصبحت تسمح لك باقتناء سيارة ابتداء من 550 درهما، أي ما يعادل 71 دولارا، شهريا وبدون دفع تسبيق!
وما يزيد البلة بلة أخرى هو أنني أفكر باقتناء واحدة حالما أنتهي من اقتناء حاجياتي الأساسية.. إن هي إلا سيارة اخرى لن تضيف الكثير..
أظن أنها الطريقة التي يفكر بها الشعب كله.. هذا لو اكترث أحد أصلا.. ولي شرف الاكتراث! 😀

5 تعليقات

الاستيقاظ على مراحل

قهوة الصباح.. هي خزعبلات قصيرة أكتبها وانا ارشف قهوة الصباح في المكتب !

coffe-morning.jpg

منذ فترة لم أستيقظ صباحا على مرة واحدة.. فأنا للأسف من هواة الاستيقاظ على مراحل..
الوصفة بسيطة:
– اضبط منبه هاتفك النقال ليلا على ساعة أبكر من التي تنوي الاستيقاظ عندها..
– حينما يرن صباحا، اضغط زر التأجيل (8 أو 10 دقائق حسب نوع الهاتف)..
– غير الجانب الذي تنام عليه، ثم اسحب الغطاء فوق رأسك لإضافة المزيد من الدفء.. ولا بأس بأن تضم راحتيك المبسوطتين إلى بعضهما وتضعهما بين فخضيك إمعانا في التدفئة!
– سيرن الهاتف مجددا بسرعة خرافية.. كن على يقين من ذلك! لذا كرر العملية أربع خمس ست سبع مرات حتى تشعر بلذة الحصول على فرصة مرات عدة!

في النهاية، كن على يقين بأنك سوف تتجاوز الوقت الذي قررت الاستيقاظ فيه بمراحل، وذلك لأن اللعبة قد راقت كسلك الفطري.. وربما سبحت في ملكوت الله لفترة أطول من اللازم لأن جهاز هاتفك النقال مبرمج لإعادة الرن لعدد محدود من المرات.. ثم كن على يقين أنك سوف تستيقظ مهشما تماما كارها للحياة وكل من عليها، ومفكرا بجدية بالاستقالة من عملك أو ترك مدرستك من أجل جرعة نوم إضافية فقط!
اليوم فعلتها بوصفة أبسط:
– ضبطت المنبه وأنا موقن على أنني سأستيقظ باكرا، وعلى مرة واحدة..
– رن الهاتف في الساعة السادسة والنصف صباحا..
– استيقظت مباشرة، وتنفست بعمق..
– صفقت بيدي قائلا: “إن اليوم سيكون رائعا!”
– كان لدي الوقت الكافي لآخذ حمامي وأصلي كما يجب (ألفت في وقت من الأوقات صلاة صبح ماراثونية بسبب ضيق الوقت!)..
– أفطرت بهدوء وانا أشعر أنني أسبق الوقت ولا يسبقني.. (إحساس رائع!!)

نشاط غير محدود وطاقة متجددة وحماس.. هذا ما ينقصنا فقط لنكون أفضل!

11 تعليق

من الذي يحب الدار البيضاء؟

“سوف تحب الدار البيضاء..”
“ما إن تألفها فلن تستطيع عنها فراقا..”
“سوف ترى!..”
ما الذي سأراه بالضبط؟ ما الذي سأحبه؟ وما نوع الألفة التي يمكنني أن أنسج مع مدينة كهذه؟
إن البيضاويين غريبو الأطوار بالفعل.. فكيف يمكن لإنسان يحترم نفسه وصحته وبدنه أن يحب مدينة كهذه؟

عن التلوث:
جرب أن تخرج في جولة بالمدينة وأنت ترتدي ملابس بيضاء مثلا، وأخبرني عن اللون الذي تراه بعد أن تخلعها مساء..
أفهم الآن لماذا نرى في إعلانات مساحيق الغسيل قمصانا بيضاء يضعها الزوج سوداء وكأنه كان في ورشة ميكانيكية. الحق أن جولة يوم واحد بالدار البيضاء لكفيلة بأن تجعل البقع لا تزول إلا برمي الملابس في القمامة.. هكذا تزول من أمام ناظريك فقط! كيف لا وأنت تتمتع بحمام دخان أسود كلما مرت بجانبك شاحنة أو حافلة من القرن الحجري؟
انظر إلى البنايات التي من المفترض بها أن تكون بيضاء.. لماذا لم يسموا المدينة بالدار السوداء؟

عن الأمان:
هاتف نقال جميل.. حلي أو مجوهرات.. أو حتى سترة جميلة المظهر.. كلها أشياء تخاطر أيما مخاطرة بحملها والمشي في الشارع.. سيوف من عصر الموحدين، وسكاكين جزارة، وأشياء ممتعة من هذا القبيل قد تستقبلك في أية لحظة، ومن وراءها تطل وجوه بأسنان نخرة تطالبك بجواز المرور..
منذ فترة تمت إعادة فتى إلى الرباط بملابسه الداخلية بعد أن وصل إلى (الدار البيضاء الميناء) في التاسعة ليلا.. أي أن الوقت لم يتأخر بعد وحركة البشر لم تخف وتيرتها..

عن العصبية:
إن سكان هذه المدينة المباركة من النوع الذي قد يقضم رقبتك لو قلت له صباح الخير.. هل تعرف وقود الكيروسين سريع الاشتعال؟ سكان المدينة يشتعلون أسرع، ولأقل سبب، ودون مبرر.. لذا عليك دوما أن تحفظ لسانك كي لا تعود يوما إلى بيتك مهشم الأنف، أو تهشم أنت نفسك أنف أحدهم وتقضي ليلتك في استضافة الشرطة اللطيفة المعشر..

عن الازدحام:
أردت الذهاب إلى الرباط في نهاية الأسبوع، واحتجت للوصول إلى محطة القطار (الدار البيضاء الميناء) إلى ركوب الباص رقم سبعة. كنت أحمل حقيبة ظهرية.. أغلقت بوابة الباص وبقيت الحقيبة معلقة من ظهري خارج الحافلة.. تخيل معي وضع الحافلة إذن.. طبعا كوع هذا مدفون في بطن آخر.. وأصبع هذا يكاد يخرم عين هذا.. والكل يكاد ينتحر من نقص الأكسيجين ومن فرط الحرارة.. فتاة تجلس وظهرها لزجاج الباص الأمامي، والسائق يصرخ كمتسول محترف أن “ساعدوني من فضلكم!”.. تتساءل عن كنه هذه المساعدة، وحينما يرتفع صوت بجانبك هاتفا بأن الطريق خالية، تكتشف أنه يساعد بالنظر إلى المرآة الجانبية التي يستحيل على السائق رؤيتها إلا لو كانت نظراته من القوة لتخترق الحائط البشري بجانبه..

كيف إذن تريدون لشخص مثلي، ينحدر من مدينة صغيرة هادئة آمنة ألف التجول بها في الثالثة صباحا دون أن يسأله احد كم الساعة، أن يألف مدينة كالدار البيضاء، بل ويحبها؟
ما المميز بهذه المدينة غير الصراخ الذي لا ينتهي؟ غير البنايات المملة؟ غير الفساد وانعدام الأمن واللائحة طويلة؟
فليخبرني أحدكم!

32 تعليق

بداية الحياة

حقا!!
إن الحياة قاسية جدا!
سيسخر أحدكم من عبارة كهذه.. وسيقول الآخر “هل اكتشفت ذلك للتو؟”.. و لربما ابتسم أحدكم في امتعاض قائلا: “لم يات بجديد!”..
بالفعل.. إنه كلام مكرر.. مللنا سماعه أو قوله.. ولو قال أحدهم أمامي العبارة من قبل، لأجبت ساخرا: “بالفعل.. الحياة قاسية، والسماء زرقاء.”..
ما الجديد في الأمر إذن؟ لا شيء سوى أنني بدأت حياتي العملية للتو، ورغم أن راتبي كمهندس مبتدىء يعتبر مرتفعا نوعا ما مقارنة بالمتوسط العادي، إلا أنني بدأت مؤخرا أصاب بالرعب حينما أبدا بوضع حساباتي لمصاريف الشهر القادم، وما علي من ديون مرتبطة ببداية العمل واستئجار الشقة وما إلى ذلك..
ياللهول! كلما خرجت لشراء بعض الأغراض المنزلية، عدت للبيت محملا بالأثقال التي تختفي تماما ما إن تدخل للشقة.. ثم أكتشف المزيد والمزيد مما علي شراؤه..
هنالك نظرية في علم الاجتماع تتحدث عن الانتقال الاجتماعي.. تقول النظرية ببساطة أن المنحدرين من طبقة اجتماعية معينة يجدون صعوبة خارقة في الانتقال إلى طلبقة اجتماعية أعلى، وذلك لأنهم يعانون من قوى خفية تجرهم إلى الطبقة الاجتماعية التي ينتمون إليها.. هذه القوى عبارة عن الأسرة والعائلة التي تحتاج منك دوما إلى دعم مادي أكبر متى انتقلت إلى مستوى مادي أفضل.. مما يجعلك تعود بفعل قوة القصورهذه إلى طبقتك المعهودة.. الحل حسب علم الاجتماع هو القطيعة التامة مع أصولك.. وهذا ما يفعله بالفعل أغلب الأغنياء الميسورين..
على العموم.. هذا الحل غير مقبول على الاطلاق بالنسبة لي، وعلي البحث عن سبل أفضل لتكون قوة الجر لدي أكبر من مقوة الطبقة الاجتماعيى التي انتمي إليها.. شيء أشبه بجر الطبقة إلي.. 😀
ما أتساءل يخصوصه حاليا هو الكيفية التي يتعامل بها أصحاب الأجور الضعيفة مع مرتباتهم الهزيلة في مدينة كالدار البيضاء مثلا؟ كيف يتعامل من يحصل على 2000 درهم شهريا مثلا، ويعول أسرة من أربعة أو خمسة أفراد، ويظل حيا يتنفس في نفس الوقت؟
كيف؟
10 تعليقات