قهوة الصباح.. هي خزعبلات قصيرة أكتبها وأنا أرشف قهوة الصباح في المكتب!
حينما أتلفت مفتاحين من لوحة مفاتيح حاسوبي النقال، بعد محاولة خرقاء لإعادة تنظيم اللوح الألماني QWERTZ إلى لوح فرنسي AZERTY، تساءلت: لماذا نعاني نحن الذكور من داء “التفنكيش”؟ (*) (خلي باباه QWERTZ ولا حتى ZVERTZ .. مالك انت؟)..
بسبب داء كهذا شوهت منظر الجهاز، وأنا مضطر للبحث عن مفاتيح من نفس النوعية، وغالبا ساهمت في تقليص ثمنه لو أردت بيعه لان المشتري دوما من النوع الذي يخاف من ظله، ويحاذر بشكل مرضي أن يقوم أحد بخداعه.. (حتى واحد ما بغا يتقولب فهاد الزمان)..
الحقيقة أن هذه عادة موروثة من والدي.. إنه من النوع الذي يفتح أحشاء أي جهاز، ما إن يقول هذا الأخير “آي!!!”.. فإما أن يتم إصلاحه بمعجزة ما، أو يتم إعدامه بمعجزة أخرى.. كانت لديه حقيبة أدوات كاملة.. إلا أن والدتي كانت تصاب بالرعب من أداة واحدة : “الكواية”.. وهي أداة صهر الرصاص في الرقائق الإليكترونية.. والحقيقة أن “الكواية” ما إن تظهر حتى تقفز فرصة وفاة الجهاز إلى أعلى نسبها قاطبة..
هنالك أيضا عادة أخرى اكتسبتها، ولست أدري كيف أتخلص منها.. هي عادة وضع تلك الأشياء الصغيرة المتبقية بعد “التفنكيش” في مكان ما بالمنزل، على اعتبار أنني ولابد محتاج إياها في يوم من الأيام.. لقد تحدث (جاد المالح)، الفنان الساخر الرائع، في عرضه الأخير “L’autre c’est moi”، أو “الآخر هو أنا”، عن هذه الظاهرة باستفاضة وواقعية مثيرتان للإعجاب.. أجل! إنها علبة الأغراض القديمة التي نملكها جميعا، والتي نضع فيها أشياء من العصر الطباشيري الأول على اعتبار أننا سنستعملها لاحقا.. الفرق هنا هو أننا في البيت لم نكن نملك علبة كهذه، بل غرفة كاملة لهذا الغرض.. وحينما كنت أبحث عن شيء بالداخل، كنت امنع نفسي بصعوبة من ارتداء زي الكشافة وحمل معول صغير لتفتيت الصخور بحثا عن مستحثات..
هناك، تجد براغي مختلفة المقاسات والأنواع، ولكنك أبدا لن تجد برغيا واحدا يناسب احتياجك حينما تبحث..
تجد دوائر كهربائية تالفة.. تجد رقاقات إلكترونية بائسة.. تجد أسلاك صدئة.. تجد بطاريات انتهى عمرها الافتراضي يوم اغتيال (يوليوس قيصر).. أفهم الآن لماذا يسمون البطاريات في اللهجة الدارجة المغربية بـ “الحجر”..
لقد بدأت اتغير نوعا ما.. والتغيير بدأ من غرفتي بالمعهد الذي كنت أدرس به.. لقد تركت كل شيء ورائي ولم أحضر معي إلا الضروريات والملابس فقط.. إن هذا لتقدم عظيم بالفعل.. لكنني بين الفينة والأخرى أكتشف شيئا كنت أمكله ولم اعد أجده، فأقول لنفسي: “تبا! كان علي أن أحضر معي الغرفة ذات نفسها!”
لم أتعاف كليا كما تلاحظون..
—————————————————————–
(*) التفنكيش: البحث في كل شيء والعبث بأي شيء مهما كانت درجة علمك به..