34 حقيبة وزارية، وكأننا سنشد الرحال إلى الصين!! 7 منها أنثوية على سبيل التجديد، وغالبيتها من التقنوقراطيين، وثلثها من الفاسيين.. مع تكريس لوزارات السيادة، وبقاء للعديد من الوجوه التي لن تتغير إلى يوم الدين..
هذه هي الخلاصة إذا لم تحب قراءة الملل أدناه..
لقد تم مخاض الحكومة التي انتظرناها طويلا حتى ظنناها لن تنزل قط، وقررت الانتظار في رحم “الوطن” حتى تستقر الأوضاع أو تشتعل مع غلاء الأسعار.
ويالها من مفاجأة عظمى لم تفاجئ أحدا قطعا: عباس الفاسي، الوزير الأول ذي الفضيحة الشهيرة السابقة (فضيحة النجاة)، مني بلائحة وزراء هبطت عليه من السماء كالقدر المستعجل تماما، حاملة رغم ذلك له خلاصا من براثن الأحزاب السياسية التي ما فتئت تحاول أن تنهش هنا وهناك في أعظم فضيحة تشكيل حكومة عرفها المغرب.. ربما لأنها أول مرة تتم فيها المشاورات علنا وعلى الملأ.. المشاورات السطحية طبعا..
الحقيقة الوحيدة التي ثبتت أخيرا هي أن البلاط ترك لعبة المزايدات مفتوحة لأنه يملك الأوراق الرابحة في النهاية، مما يجعلنا كشعب نكرس في أذهاننا عبثية النظام الانتخابي بأسره، والذي وصلت نسبة مقاطعته في الانتخابات الأخيرة حدا خرافيا.. لاحظوا معي ان نسبة المصوتين والتي أعلن أنها 37 بالمائة، هي نسبة من المسجلين فقط باللوائح الانتخابية. وهذا ما لا يقولونه قط علنا.. تصوروا فضيحة الرقم الحقيقي وتعالوا لنولول جميعا!!
34 حقيبة وزارية.. منها ما ثقل، ومنها ما خف حمله، ومنها الفارغ.. وهذه هي النكتة التي لم أفهمها بعد: ما معنى وزير بحقيبة فارغة؟.. عباس الفاسي نفسه كان يحمل واحدة في الحكومة السابقة، وكان يتكلف بالاسقبالات الرسمية وما شابه. وزير الحفلات والمناسبات والجنازات كان.. وهاهو ذا يسلمها مع تحياته لـ(اليازغي) الذي حول الاتحاد الاشتراكي إلى مهزلة دعت أعضاء المكتب السياسي للحزب إلى التفكير جديا في إقالته رفقة نائبه، عبد الواحد الراضي (وزير العدل)، بعد أن ظن الأخيران تفسهما هما الحزب ذاته.
وهنالك تصريح كوميدي لليازغي، مفاده أن قطاع العدل يحتاج إلى الإصلاح والاستقلالية، وإلى خزعبلات أخرى لا أذكرها، وإن كانت من نوعية “الأدوات البنيوية” و “أدوات الاشتغال” وأشياء تحمل ذات الرنة.. ثم أتى (الراضي) ليكرر نفس الأسطوانة.. وغير المتابع للأحداث سيظن أن وزير العدل السابق (بوزوبع) كان من حزب بالقوقاز، وليس منتميا إلى نفس الحزب الاتحاد الاشتراكي الرأسمالي ذاته. لماذا الرأسمالي؟ فقط لأن من كان جالسا بوزارة المالية من هذا الحزب قد طبق أسس الرأسمالية بأعتى صورها المتجلية في الخصخصة..
أليس هذا الحزب مصابا بفصام خطير في الشخصية؟
ولعل من خطف الأضواء والانتقاد في نفس الوقت هو وزيرة الثقافة الجديدة “ثريا جبران”، التي أعياها اللعب على المسرح الخيالي، فقررت دخول المسرح السياسي الكبير ببلدنا.. وحينما أتكلم عن القرار هنا فأرجو أن تعتبروا الكلمة هنا لمجرد البيان فقط لا إسقاطا حقيقيا.. أراهن أن الفنانة قد أصيبت بصدمة المفاجأة لساعات قبل أن تستوعب أن الوزارة قد عرضت عليها بالفعل. ولكن نظرية أخرى تتلاعب بتلافيف مخي، وتتعلق بتأثير “فؤاد عالي الهمة” على اختيار الحكومة الجديدة، خصوصا لو علمنا أن (ثريا) قد شدت الرحال أيام الانتخابات لتنسانده مساندة تامة إلى جوار مجموعة من الفنانين الذين قرروا فجأة دخول لعبة السياسة من باب السوق الكبير.
وحكاية (فؤاد عالي الهمة)، وهو صديق شخصي للملك بالمناسبة، مثيرة بالفعل.. فبعد نجاحه الملفت للنظر في الانتخابات التشريعية، بدأ يكون حاليا تكتلا برلمانيا مكونا من نواب الأقليات، أو الذين يتركون أحزابهم ويغيرون جلودهم للالتحاق به. شيء أشبه بعبارة “الدين لله و الوطن للجميع” مع بعض التحوير إلى “البرلمان لأصحابه، والتكتل للجميع”..
أما المثير، فهو أن تغيير الجلود أخر ما أصاب أصاب السادة الوزراء أنفسهم.. فبعد أن تم إسقاط اللائحة الوزارية العجيبة كان هنالك وزراء محسوبين على أحزاب معينة.. وفي اليوم الموالي، على ما أظن، تم إعلانهم من جديد كمستقلين.. حتى الثعابين لا تغير جلودها بهذا الشكل الحماسي السريع..
وجدير بالذكر أن ثريا جبران أعلنت عن اهتمامها بالثقافة الشعبية، و سعيها إلى دعم المجال، وكأن باقي فروع الثقافة تعاني من إفراط في الانتعاش.. لم تبق سوى الأغاني الشعبية والجذبات والشيخات وما إلى ذلك مما يمثل 90 بالمائة مما اصطلح على تسميته بالثقافة الشعبية.. شخصيا لست معترضا على (ثريا جبران) من منطق “ما الذي اتى بها إلى هناك؟” والذي يتبناه الحاسدون. فأنا أسمع انها امرأة تعمل بصدق وجدية.. مشكلتي معها هي أن المنصب القيادي لا يصلح إلا لأشخاص ذوي مقومات واضحة لست أدري إن كانت تملكها.. وإلا فستصبح وزيرة بالاسم فقط، ويتم تحريكها من وراء الكواليس..
هذه الحكومة الجديدة عبارة عن نكات لا تنتهي، فـ(ياسمينة بادو) المحامية تسلمت حقيبة وزارة الصحة.. حلل وناقش؟ ما علاقة المحاماة بحيثيات الصحة ومشاكل موظفي القطاع؟
أما الفصل المؤثر في هذه المسرحية الكوميدية المبكية فكان بطله حزب “الحركة الشعبية” الذي أصبح مثيرا للشفقة بعد أن أستبعد من الحكومة، وسيضطر للعب دور المعارضة. الحزب هنا لعب دور الكلب الذي عض يد سيده بعد أن أكثر في مساومة الوزير الأول وهو غافل عن أن أنه يساوم المؤسسة الملكية في الحقيقة.. وقد أرسل أمينه العام رسالة “استعطاف” للملك.. تلك الرسالة التي تم تجاهلها تماما..
ماذا سيفعل الحزب بعد أن ألف لعب دور الخادم الأمين المساند التام للمؤسسة الملكية؟
الحاصول.. مشينا خلا!!
4 تعليقات